مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الكرملين بين السندان والمطرقة

روسيا ترغب في الاستفادة من الأزمة الحالية شريطة وإن لم تستفيد فلا يجب أن تخسر شيئا على الأقل. swissinfo.ch

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أول رئيس أجنبي يتصل بالرئيس الأمريكي جورج بوش ليعزيه في الضحايا و يبلغه أن موسكو تقف إلى جانب الولايات المتحدة و تدعو إلى قيام جبهة عريضة لمكافحة الإرهاب العالمي إلا أن موسكو لم تتسرع في الاستجابة للمطالب الأمريكي بتشكيل تحالف عسكري و توجيه ضربة عسكرية إلى قواعد مفترضة للإرهاب في أفغانستان.

بل أن وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف أعلن أن بلاده تعارض بشدة استخدام قواعد في آسيا الوسطى، كرأس جسر لمهاجمة أفغانستان ، ومضى الرئيس بوتين إلى أن قال أن الشر يجب أن يعاقب ولكن لابد من قرائن تؤيد وجوده في أي مكن يتم تحديده.

وثمة أدلة على انقسام في صفوف الإدارة الروسية، إذ أن مؤيدي التقارب والتعاون مع الولايات المتحدة يرونها فرصة ذهبية تمهد روسيا للحاق بالقطار الغربي والحصول على قروض وتسهيلات مالية واقتصادية كبرى.

وقد تقدم واشنطن جزرات كثيرة منها إغراء روسيا بتسهيل انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية و التلميح إلى احتمال إجراء تعديلات في خطة الدرع الصاروخي الأمريكي، والإشارة إلى غض الطرف ما يحدث في الشيشان، و يتحدث المؤيدون لهذا التعاون بأن ضرب بن لادن يعني إغلاق قناة تمد المقاتلين الشياشان بالأسلحة والأموال.

إلا أن الفريق الآخر يحذر من عودة الروس إلى الدخول في المستنقع الأفغاني، ويضم أصحاب هذا الاتجاه عدد كبير من كبار الجنرالات الذين يرون إن العمل العسكري ضد أفغانستان قد يؤدي |ن توافد أعداد كبيرة من المهاجرين الأفغان إلى جمهوريات آسيا الوسطى التي لها حدود شفافة مع روسيا، و بالتالي فان ذلك سيؤدي إلى خلق مشاكل اقتصادية و أمنية واجتماعية كثيرة، وبالتالي فان دعم الولايات المتحدة قد يستثير مشاعر المسلمين في آسيا الوسطى ويعزز موقع الأحزاب الدينية المناوئة للحكومات العلمانية هناك بكل ما يترتب على ذلك من احتمالات ممكنة لتغيير أنظمة الحكم هناك.

انعكاسات داخلية مهمة

كما أن انضمام موسكو إلى جانب واشنطن قد يؤدي إلى مضاعفات داخلية في روسيا نفسها، نظرا لوجود عشرين مليون مسلم، و على نطاق أوسع فان المعارضين للتعاون العسكري مع الولايات المتحدة، فإن المعارضين يرون أنه لابد وأن تحافظ موسكو على علاقات طيبة مع العالمين العربية الإسلامي، حفاظا على مصالحها الاقتصادية والسياسية.
ويؤكد الكثيرون من الساسة الروس أن الهجوم الأمريكي على أفغانستان دون الرجوع إلى مجلس الأمن يعني القضاء على ما تبقى من هيبة هيئة الأمم المتحدة.

ويشير عدد من المحللين إلى أن الولايات المتحدة قد ترقب لاحقا في البقاء بصفة دائمة في تلك المنطقة التي تقع في قلب آسيا، ويعني ذلك أحداث تغيير كبير من موازين القوى الجيو سياسية في العالم وإحداث خلل في مربع تمتلك أضلاعه أسلحة نووية وهي الصين والهند وباكستان وروسيا ودخول الولايات المتحدة طرفا مباشرا سوف يخل بالمعادلات الاستراتيجية ويخل بوضع روسيا في المنطقة،

ويبدو الكرملين واقعا بين سندان أصدقاء أمريكا ومطرقة خصومها، ولم يتخذ الرئيس بوتين قرارا نهائيا بعد، لكن المحللين يرجحون أن يحاول إمساك العصا من الوسط، والموافقة على تقديم دعم معنوي للأمريكيين وتسليمهم معلومات عن أفغانستان ، ومعروف أن لموسكو إمتدادات عميقة داخل الأراضي الأفغانية وخاصة داخل تحالف الشمال بالتعاون مع طاجيكستان و بدعم ومباركة من روسيا.

وينصح عدد من مستشاري الكرملين بتطبيق المثل الصيني القائل ” اجلس على التل ريثما ينتهي صراع النمور في الوادي”

جلال الماشطة – موسكو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية