مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المغرب.. بداية مبكرة لحُـمّـى الانتخابات التشريعية

ناخب مغربي يدلي بصوته في أحد مكاتب الإقتراع في الدار البيضاء في الإنتخابات البرلمانية التي جرت يوم 27 سبتمبر 2002 Keystone

بدأت حمّـى الانتخابات التشريعية المغربية، المقرر إجراؤها في خريف 2007 قبل أوانها، بعد تباينات واضحة بين أحزاب الأغلبية وأحزاب اليسار الراديكالي، حول مشروع القانون المنظّـم للانتخابات.

ومن المقرر أن يُـعيد البرلمان مناقشة القانون بعد تأجيل مجلس وزاري برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس إقرار المشروع، فاسحا المجال لقراءة ثانية، يُـحقّـق خلالها كل طرف من أطراف المشهد السياسي المغربي “نقاطا” يحتاجها في المعركة الانتخابية القادمة.

فعليا، بدأت المعركة الانتخابية أثناء الإعداد لمشروع القانون الانتخابي حيث دفع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحزب الرئيسي بالحكومة (في إطار رؤيته الرامية للحدّ من “بلقنة” الخارطة السياسية المغربية، وتطويق ظاهرة “تفريخ” الأحزاب) بوضع اشتراطات للترشيح، تمحورت في الاستناد إلى الانتخابات التشريعية السابقة، التي جرت عام 2002.

الإشتراكيون اقترحوا اقتصار الحق في الترشيح على الأحزاب التي حصلت على أكثر من 3% من الأصوات، ومن لم يحصل على هذه النسبة أو لم يخُـض انتخابات عام 2002، فاشترطوا للقبول بترشيحه حصوله على تزكية حزب سياسي تحق له المشاركة بالترشيح.

وفيما يتعلق بنتائج الانتخابات القادمة، اقترح الاتحاد الإشتراكي أن يقتصر توزيع المقاعد على الأحزاب التي تحصُـل على أكثر من 10% من الأصوات في الدائرة التي تخوض فيها الانتخابات.

ائتلاف وطني مناهض للمشروع

اقتراحات الاتحاد الاشتراكي أثارت استنكارا شديدا في أوساط الأحزاب اليسارية الصغيرة، التي خاضت الانتخابات السابقة أو تخوضها الخريف المقبل للمرة الأولى، واضحي الحزب المحسوب على اليسار، بل والذي يعتَـبر نفسه حاضن كل فصائل هذا التيار، هدفا للسّـهام، دون أن يشعر حلفاؤه، إن كان في إطار الكُـتلة الديمقراطية أو الأغلبية الحكومية، بضرورة خوض المعركة إلى جانبه، بل انضم حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي سابقا) شريكه في الكتلة والأغلبية إلى صف المعارضين للمشروع، إلا أن كل ذلك لم يُـؤثر على موقف الاتحاد باستثناء قبوله تقليص الحد الأدنى من 10 إلى 7%.

من جهة أخرى، كان موقف السلطة من مشروع القانون مثيرا للتساؤل. فرغم أن المشروع في صيغته النهائية قدّمته وزارة الداخلية، وفق القانون، فإن المراجع العليا أبلغت المحتجّـين إمكانية القيام بتعديلات تُـرضيهم.

ورغم أن المجلس الوزاري أجّـل اتخاذ القرار بشأن المشروع وقرر إعادته إلى الحكومة والبرلمان، فإن أحزاب اليسار، والتي اصطفّـت معها أحزاب ليبرالية صغيرة، صعّـدت من احتجاجاتها، وأعلنت في بداية شهر نوفمبر الجاري، عن تأسيس تحالف معارض لمشروع القانون.

ويوم الثلاثاء 14 نوفمبر، أعلنت عشرة أحزاب سياسية مغربية أنها شكّـلت تحالفا لمعارضة مشروع قانون “يستبعدها من الانتخابات التشريعية” المقررة في خريف 2007، أطلقوا عليه اسم «الائتلاف الوطني لمناهضة الإجراءات الانتخابية الإقصائية».

“المشروع الإقصائي”

وقال محمد ساسي، منسق التحالف ونائب الأمين للحزب الاشتراكي الموحّـد، إن فرض شروط مشدّدة يعني إبعاد ثلاثة أرباع الأحزاب السياسية، التي كانت شاركت في الانتخابات التشريعية لسنة 2002، أي 17 حزبا من جملة 26.

ويضم التحالف، الذي يقوده الحزب الاشتراكي الموحّـد، جمعيات مثل النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومنتدى الحقيقة والإنصاف، فضلا عن أحزاب ذات توجّـه إسلامي، كالبديل الحضاري والحركة من أجل الأمة.

وأعرب السيد ساسي، وهو عضو نشط في الاتحاد الاشتراكي قبل أن ينشق عام 2001 ويشكّـل “الوفاء للديمقراطية”، عن أمله في أن تتراجع الحكومة عن مشروع القانون، خاصة وأنه تُـوجد طُـرق أخرى لمواجهة “بلقنة” الخارطة السياسية المغربية، التي أثارتها الحكومة في معرض تبرير مشروع القانون.

وأضاف، أن التشكيلات السياسية التي قاطعت الانتخابات الماضية أو تلك التي أنشئت بعد هذه الانتخابات، تجد نفسها، آليا، مُـستبعدة من الانتخابات المقبلة في مشروع القانون الحكومي، وأعلن عن تنظيم تجمّـع احتجاجي يوم الجمعة 17 نوفمبر أمام مبنى البرلمان في العاصمة الرباط.

وتتّـهم التيارات اليسارية، الحكومة وأحزابها، بإعادة البلاد إلى مرحلة الحزب الواحد واستنساخ أساليب وزارة الداخلية في عهد الوزير الأسبق إدريس البصري، في وضع الخرائط الانتخابية وتزوير إرادة الناخبين.

ويُـصر معارضو مشروع القانون الانتخابي على وصفه بالمشروع الاقصائي والمنافي للديمقراطية، بل والمتعارض مع توجّـهات المغرب الجديد، الداعي إلى توسيع المشاركة في الاستحقاقات الدستورية وتشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحزبي والسياسي.

تصاعد الأزمات

وكانت جُـل التيارات اليسارية الراديكالية لم تُـولد بعد في انتخابات 2002 أو قاطعت تلك الانتخابات، إلا أن موقف حزب العدالة والتنمية الأصولي المشارك بالبرلمان، يبقى الأكثر إثارة للتساؤل، حيث يبدو أن ثقته بقوّته وقناعته بأنه سيفوز بالمرتبة الأولى في تشريعات 2007، جعلته ينأى بنفسه عن التصدّي لمشروع الأغلبية الحكومية، وأيضا الدفاع عنه.

وحسب التقارير المحلية والدولية، فإنه من المتوقّـع أن يفوز حزب العدالة والتنمية في التشريعات القادمة بأكثر من 70 مقعدا من 325، هي عدد مقاعد مجلس النواب، ومن المعلوم أنه لم يتسنّ في تاريخ الانتخابات المغربية أن حصل أي حزب على هذا العدد من المقاعد مرة واحدة.

وكانت الاستعدادات للانتخابات التشريعية القادمة قد وُوجهت بأزمة أخرى كادت أن تربك الجهات المعنية، إذ وعد العاهل المغربي الملك محمد السادس، المهاجرين المغاربة بالمشاركة بالعملية الانتخابية على غرار انتخابات عام 1984 التي شهدت تخصيص 10 مقاعد للجاليات المقيمة في المهجر، إلا أن تلك التجربة دفعت المشرع المغربي فيما بعد للتغاضي عنها في الانتخابات اللاحقة، وهو ما استدركته الحكومة فيما بعد، ولم يتضمّـن مشروعها تخصيص مقاعد للمهاجرين واكتفت بمنحهم حق التسجيل والانتخاب والترشيح بالدوائر الانتخابية، التي ينحدرون منها في المغرب.

عدم تضمين المشروع ذلك، وصفه ممثلو الجاليات المغربية في الخارج، وأيضا بعض الأحزاب مثل حزب العدالة والتنمية، بالتراجع عن مُـكتسبات مُنحت للجاليات، وتراجع الملك والحكومة عنها، وشنّـت حملة ضد الحكومة وأحزابها، بل ذهب البعض إلى اعتبار أن تراجع الحكومة ناتج عن تخوّف أحزابها من قوة حزب العدالة والتنمية في أوساط المهاجرين المغاربة في الخارج.

يمكن القول إننا إزاء أزمات تتصاعد كلما اقترب الاستحقاق التشريعي المقبل، الذي يعتبره الفاعلون السياسيون المغاربة نقطة تحوّل في المغرب الجديد، إذ سيكون إعلانا عن نهاية المرحلة الانتقالية وبداية مأمولة للاندماج التام في العملية الديمقراطية واستحقاقاتها.

محمود معروف – الرباط

عرف المغرب أول انتخابات تشريعية عام 1963، ومنذ ذلك التاريخ والانتخابات تترافق مع أزمات سياسية تنتج أزمة ثقة بين الناخب والسلطة، إذ لم يستمر البرلمان الذي انتخب، بسبب ما عُـرف بأزمة مارس 1965، التي أسفرت عن حل البرلمان وإدخال البلاد في حالة الاستثناء/ الطوارئ، وبقيت الأحزاب السياسية، ذات الثقل في الشارع، أي الاتحاد الوطني (الاشتراكي فيما بعد) للقوات الشعبية وحزب الاستقلال والحزب الشيوعي المغربي، خارج العملية الانتخابية حتى برلمان عام 1977، الذي بقي الاتحاد الاشتراكي أقوى أحزاب المعارضة حتى عام 1997 يعلن احتجاجه على العملية الانتخابية ويتّـهم السلطات بتزويرها وتدبيرها من التسجيل في اللوائح الانتخابية حتى إعلان النتائج.

احتل حزب الاستقلال عام 1997 موقع المحتج واتّـهم السلطات بتحجيم تمثيليته عقابا له على تحالفه مع الاتحاد الاشتراكي، وتبنّـيه موقفا معارضا متشددا من إدريس البصري، وزير الداخلية آنذاك.

اعتمد المشروع المغربي منذ انتخابات عام 1963، الانتخابات لدورة واحدة على أساس الاقتراع الفردي. وتكوّن البرلمان المغربي من عام 1977 حتى 1997 من ثلثين منتخبين بالاقتراع المباشر، وثلث بالاقتراع غير المباشر، ويمثلون المجالس المحلية والغرف المهنية وممثلي العمال، إلا أن دستور عام 1996 اعتمد نظام الغرفتين، الغرفة الأولى (مجلس النواب) ويضُـم 325 منتخبين بالاقتراع المباشر لمدة ست سنوات، ومجلس المستشارين (275)، ويضم ما كان يُـمثله الثلث في البرلمان قبل التعديل الدستوري بالاقتراع غير المباشر، يتم تغيير الثلث بالقرعة كل ثلاث سنوات..

واعتمد المشروع انتخابات تُـجرى في الدوائر في دور واحد، واعتماد الرموز واللائحة المحلية، أي انتخاب لائحة على صعيد الإقليم (ما بين 3 و5 مقاعد)، وكانت هناك اقتراحات بأن تكون اللائحة على صعيد الجهة.

وكان المشروع قد اعتمد في الانتخابات التي جرت قبل 2002 على نظام الاقتراع الفردي المباشر ونظام الألوان، نظرا لتفشي الأمية في أوساط الناخبين.

المغرب دولة ملكية دستورية ديمقراطية واجتماعية، والملك أمير المؤمنين والممثل الاسمي للأمة ورمز وحدتها والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات، وشخص الملك مقدس لا تنتهك حرمته.

تتألف الحكومة من الوزير الأول والوزراء، وهي مسؤولة أمام الملك وأمام البرلمان. يتقدم الوزير الأول أمام كل من مجلسي النواب والمستشارين بعد تعيين أعضاء الحكومة، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه، ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخارجية.

يتكون البرلمان من مجلسين، مجلس النواب ومجلس المستشارين، ويستمد أعضاؤه نيابتهم من الأمة وحقهم في التصويت حق شخصي لا يمكن تفويضه. وينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس.

القضاء مستقل عن السلطتين، التشريعية والتنفيذية. ويعين الملك القضاة بظهير شريف باقتراح من المجلس الأعلى للقضاء، ويستمد النظام القضائي قوانينه من الشريعة الإسلامية وبعض القوانين الفرنسية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية