مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية: “فرصة أخيرة.. على كف الإستيطان”

في نيويورك، التقى محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية يوم 20 سبتمبر 2010 بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز على هامش قمة الأمم المتحدة حول أهداف الألفية Keystone

اجتاح الغضب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، عندما سرّب مصدر فلسطيني خبرا حول عرض أمريكي يقترح تجاوُز معضلة وقف الإستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وهي القضية التي تحُـول دون إقلاع المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية التي أطلقتها إدارة الرئيس أوباما في احتفال مهيب مطلع شهر سبتمبر الجاري في واشنطن.

وفي رام الله بالضفة الغربية، حيث المقر الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية، يرفض أي مسؤول، قريب أو بعيد من المفاوضات، الحديث عَـلنا عن تفاصيل الحوار الإسرائيلي الفلسطيني الذي تديره الإدارة الأمريكية عن قُـرب.

ويتردّد جواب واحد، مفادُه أن اللقاءات الرسمية الأساسية، تتمّ فقط بحضور الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وأن الرئيس عباس كلّـف فقط المتحدث باسمه نبيل أبو ردينه للتعليق على المفاوضات، وهي في العادة تعليقات عامة تركِّـز على التزام الجميع بالعمل من أجل تحقيق السلام.

التكتّـم الشديد هذا، تصاحبه تأكيدات مُـتتالية حول رفض الفلسطينيين المحتوم مواصلة المفاوضات، إذا ما استمر الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.

ولم يتراجع المبعوث الأمريكي الخاص جورج ميتشل، قيد أنملة أمام إلحاح الصحفيين الذين كانوا يُـحاولون الحصول على معلومات حول جولات الحوار الأخيرة في شرم الشيخ والقدس الغربية. جولتان من اللقاءات على مستوى القمة في مصر وفي إسرائيل، إضافة إلى حفل البيت الأبيض، ولم تتمكّـن الأطراف المعنِـية من تحقيق انطلاقة.

ومع ذلك، وبالرغم من محاولات الأشهر الأربعة الأخيرة التي تخلّـلها ما عُـرف بمفاوضات التقريب بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن الإدارة الأمريكية مُـصِـرّة على مواصلة مسار هذه المفاوضات، التي باتت توصف بأنها مفاوضات “الفرصة الأخيرة” للخروج بتسوية بين الطرفين.

ولا يبدو أن النتائج المتوقّـعة لهذه المفاوضات ستفوق سقْـف التسوية، لاسيما وأن الطرفين لم يتَّـفقا بعدُ على جدول أعمال، إضافة إلى المُـعيقات والعقبات التي تطرحها مسألة الاستيطان. في حين يُـصِـر الفلسطينيون على الاتفاق، أولا على الحدود ثم الأمن، فإن فريق نتانياهو يُـصرّ على الإتفاق على الأمن والإعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي والتوصّـل إلى اتفاق إطار أو إعلان مبادئ عام، قبل التوقيع على معاهدة سلام نهائية.

التكتم من أجل التحكّـم

وفي حين يؤكد القائمون على هذه المفاوضات، لاسيما الجانب الأمريكي، أن التكتّـم والسرية ضروريان وأساسيان في إنجاح هذه المحادثات، فإن آخرين على الجهة الفلسطينية، يعتقدون أن التكتّـم يقود بالضرورة إلى التحكّـم واستبعاد الشفافية والرقابة على المفاوضات.

ويقول قدورة فارس، أحد قيادات حركة فتح المحليين في حديث لـ swissinfo.ch، “واضح أن القائمين على هذه المفاوضات يريدونها بعيدة عن أي رقابة أو شفافية، وهذا بالطبع يقود إلى التحكّـم في اتخاذ القرارات”.

لكن فارس، الوزير السابق وأحد مؤيِّـدي اتفاق أوسلو، الذي أفضى إلى قيام السلطة الفلسطينية، وبالرغم من أنه يُـقِـر بأن هذه مفاوضات الفرصة الأخيرة، فإنه يستبعد التوصّـل إلى معاهدة سلام نهائية. ويقول “إسرائيل وحكومتها الحالية ليست شريك سلام، وهي غير مستعدة للقبول بقيام دولة فلسطينية”.

وهذا ما أكّـده بشكل غير مباشر أحد المسؤولين المقرّبين من الرئيس عباس، والذي رفض الكشف عن هويته وقال، “إن المفاوضات الحالية إذا ما فشلت، لن تكون هناك مفاوضات لعقود قادمة”. ويضيف هذا المسؤول أن “الأمور غاية في الصعوبة، وأن المفاوضات يمكن أن تنهار بسبب معضِـلة الاستيطان”.

الانطِـباع العام على الجانب الإسرائيلي، لا يختلف كثيرا عنه على الجانب الفلسطيني. لا توجد معلومات ولا تصريحات مباشرة حول المفاوضات، والتكتم هو سيِّـد الموقف أيضا، بل إن التوقعات تكاد تكون ذاتها فيما يتعلق بما يمكن أن تؤول إليه المحادثات.

ويمكن الإشارة في هذه الصّدد إلى التصريحات الأخيرة التي أطلقها يوسي بيلين، الوزير العمالي وعضو الكنيست السابق وأحد مخططي اتفاق أوسلو، الذي قال “إن السلام غير مُـمكن في ظل الظروف الحالية، حيث رفض نتانياهو، والرئيس عباس في المقابل لا يستطيع قبول شروط إسرائيل للسلام”.

وكتب زئيف بارئيل، المعلِّـق البارز في صحيفة هآريتس “إن الحل المطروح مقابل ذلك، هو اتفاق انتقالي طويل الأمد، يعطي إسرائيل الحق في الاستمرار بصب الإسمنت والسكان (أي الإستيطان) في الضفة الغربية ومنع عودة اللاجئين الفلسطينيين وعدم تقسيم القدس، وحتى إمكانية وجود بند فارغ حول إقامة الدولة الفلسطينية”.

وفي المقابل، يقول بارئيل “سيحصل الفلسطينيون على رزمة امتيازات، تشمل رفع الحواجز وحرية الحركة والاقتصاد وتحويل مناطق “ب” و “ج” إلى مناطق سيادة كاملة، وإعلان يدعم حقّـهم في الحرية والاستقلال وإقامة دولة، لكن على مدار جيل أو جيلين”.

التاريخ يعيد نفسه

ما أشبه اليوم بالبارحة، عندما فرضت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون على الرئيس الراحل ياسر عرفات الذهاب إلى مفاوضات كامب ديفيد، التي انتهت باتهام الفلسطينيين بالمسؤولية عن فشل المفاوضات ومن ثَـمّ حِـصار عرفات الشهير في مقرِّه برام الله ووفاته وسط اتهامات بأنه تعرّض للإغتيال بسبب مواقِـفه.

اليوم، يعود الفلسطينيون إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل بعد أشهر من الضغوطات التي مارستها إدارة الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما، وفي ظلّ ظروف سياسية مشابهة، إن لم تكن مطابِـقة أيضا.

الفلسطينيون يُـصِـرّون على أنه قد آن الأوان لاتِّـخاذ قرارات وحسْـم مسألة الحدود، والإسرائيليون يُـقدِّمون مطالب جديدة تُـضاف إلى مطلب الأمن ومطلب يهودية الدولة، الذي وصفه ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بأنه بمثابة دعوة للفلسطينيين للإنضمام إلى الحركة الصهيونية.

الأمم المتحدة (رويترز) – التقى زعماء إسرائيليون وفلسطينيون في نيويورك يوم الاثنين 20 سبتمبر، بعد مرور أسبوع على أحدث جولة من محادثات السلام، التي انتهت دون علامات واضحة على تحقيق تقدّم نحو الخروج من مأزق الخلافات بشأن المستوطنات الإسرائيلية.

وقال مصدر دبلوماسي، طلب أن لا ينشر اسمه، إن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس التقى ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ولم يتّـضح متى يعقد الرئيس عباس جولة المحادثات القادمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، كبير المفاوضين الإسرائيليين في محادثات السلام المباشرة، التي استؤنفت في الثاني من سبتمبر بعد توقف دام 20 شهرا.

وكانت الولايات المتحدة، التي توسطت في استئناف المحادثات المباشرة، قد وضعت هدفا هو حلّ القضايا الرئيسية في الصراع في غضون عام وتأمل أن تكتسب المحادثات زخما، على الرغم من المأزق الذي تواجهه بسبب الخلافات بشأن بناء المستوطنات اليهودية.

ويهدّد الفلسطينيون بالتخلّي عن المفاوضات إذا لم تمد إسرائيل العمل بحظر جُـزئي مدته عشرة أشهر على مشروعات البناء الجديدة في الضفة الغربية، حينما ينقضي في 30 سبتمبر. ورفضت إسرائيل حتى الآن هذه الطلبات.

وأقر بيريس بأن مسألة الاستيطان تشكِّـل عقبة، لكنه قال إنه يحدوه الأمل في إيجاد حل لها. وقال للصحفيين في الأمم المتحدة “اعتقد أن الولايات المتحدة وكذلك إسرائيل جادّتان في البحث عن سبيل للتغلّب على المصاعب الحالية”.


وقال نتانياهو في تصريحات نشرتها الحكومة الإسرائيلية، إن المحادثات يجب أن تستمر دون أي شروط يفرضها الفلسطينيون. وقال “إني أريد أن أتيح لهذه المحادثات فرصة للنجاح. ويحدوني أمل كبير أن الرئيس عباس سيتّـخذ نفس هذا الموقف”. وأضاف قوله “لقد تخلّصنا من الشروط المسبقة قبل المحادثات، وينبغي أن لا نعيدها بعد بدء المحادثات بخمس دقائق”.


وبشكل منفصل، قال بيريس للصحفيين إنه ألغى اجتماعا مزمعا في نيويورك مع الرئيس التركي عبد الله غُـل، بعد أن طلب هذا الأخير أن يعتذر بيريس علانية عن غارة للكوماندوس الإسرائيلي في 31 مايو على سفينة مساعدات خلّـفت تسعة قتلى من الأتراك.

وكانت الغارة أدت إلى تدهور حادّ للعلاقات الإسرائيلية التركية وأجبرت إسرائيل على تخفيف حِـصارها لغزة، الذي تقول إنه لمنع مقاتلي حركة حماس من الحصول على قدرات عسكرية لمهاجمة إسرائيل.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 21 سبتمبر 2010)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية