مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الهجوم الإسرائيلي على غزة متواصل.. وكل الإحتمالات لا زالت قائمة

شهدت العديد من البلدان العربية والإسلامية احتجاجات شعبية واسعة وغاضبة على الهجوم الإسرائيلي على غزة (في الصورة مظاهرة في الأردن يوم 27 ديسمبر 2008) Reuters

واصلت اسرائيل يوم السبت 3 يناير هجماتها على مقاتلي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في غزة لليوم الثامن ووصل عدد القتلى من الفلسطينيين الى 431 قتيلا على الاقل وألفي جريح في القطاع الساحلي المحاصر. وقتل أربعة اسرائيليين في هجمات صاروخية فلسطينية.

وقال شهود عيان على جانبي الحدود ان المدفعية الاسرائيلية قصفت قطاع غزة يوم السبت 3 يناير مما يشير الى تصعيد مُحتمل من خلال استخدام تكتيك جديد بعد مرور أسبوع على بدء القتال. وقال شهود عيان فلسطينيون ان القصف تسبب في انفجار كبير في مدينة غزة وسلسلة من التفجيرات بطول الحدود مع اسرائيل. ولم ترد على الفور أي أنباء عن عدد الضحايا وحجم الخسائر.

وعادة ما تستخدم اسرائيل قذائف مدفعية من عيار 155 مليمترا. واذا استخدمت هذه القذائف بصورة متواصلة فقد يزيد ذلك من عدد القتلى المدنيين جراء الحملة العسكرية التي تشنها اسرائيل والتي راح ضحيتها حتى الآن 433 فلسطينيا على الاقل. وتقول اسرائيل انها تحاول من خلال هذه الحملة وقف اطلاق الصواريخ من جانب حماس.

وحشدت اسرائيل قوات برية على الحدود مع غزة تحسبا لأي قرار بغزو المنطقة التي تسيطر عليها حماس. وأشار محللون مستقلون الى أن من بين العوامل التي قد تعوق تقدم الجيش القلق بشأن احتمال أن تكون حماس زرعت ألغاما أرضيا على الحدود.

فراغ سياسي في الشرق الأوسط

في سياق متصل، اعتبر مراقبون ومحللون أن الهجوم الاسرائيلي الذي دخل أسبوعه الثاني على غزة هو نتيجة تتسم بالعنف لحملة تقودها الولايات المتحدة بكثير من الدعم الاوروبي والعربي لمعاقبة حركة حماس على مقاومة “عملية السلام” بالشرق الاوسط التي فقدت كثيرا من مصداقيتها.

ومن المستبعد أن تقضي هذه الحملة على حركة المقاومة الاسلامية (حماس) او تسهل على الرئيس الامريكي القادم باراك اوباما بأي حال من الاحوال كسر دائرة الصراع وانقاذ الاحتمالات التي تتضاءل بسرعة شديدة للتوصل الى حل قائم على اقامة دولة فلسطينية تعيش مع اسرائيل جنبا الى جنب.

وتشدد اسرائيل قبضتها على الضفة الغربية بينما تواصل محاصرة سكان غزة. كما جعلت الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية من المحادثات المتقطعة التي تجري برعاية الولايات المتحدة بين الاسرائيليين والرئيس الفلسطيني محمود عباس مجرد فكرة في أحسن الاحوال.

وحدد الرئيس المنتهية ولايته جورج بوش هدفا بالتوصل الى اتفاق للسلام بحلول نهاية عام 2008 بعد اعادة اطلاق المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية التي تأخرت كثيرا في انابوليس في نوفمبر تشرين الثاني 2007 .

وشجع البيت الابيض – الذي وجد نفسه في مواجهة موجة جديدة من العنف – الاسرائيليين على المضي قدما في تنفيذ ما يصورونه على أنه محاولة لوقف الهجمات الصاروخية على المدنيين في اسرائيل و”تغيير الواقع” في غزة التي تسيطر عليها حركة حماس.

واكتفى الاتحاد الاوروبي – الذي يفتقر الى الطاقة والوحدة اللازمتين للتحرك في ظل الفراغ الدبلوماسي الذي تركته واشنطن – بتوجيه نداء لوقف اطلاق النار ووعد بمزيد من مساعدات الاغاثة الانسانية لسكان القطاع البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة والذين وجدوا انفسهم يعانون من حصار عقابي تفرضه اسرائيل وحدود مغلقة مع مصر.

اما الجامعة العربية – الواقعة بين مطرقة الاستياء الشعبي من أعمال العنف في غزة وسندان عداء الكثير من الدول الاعضاء لحماس والجماعات الاسلامية الاخرى المتحالفة مع ايران – لم تتفق الا على مطالبة مجلس الامن الدولي بالزام اسرائيل بوقف هجومها.

لكن المجلس لا حيلة له بدون موافقة الولايات المتحدة والدول الاخرى صاحبة حق النقض (الفيتو). ولم يصدر المجلس أي قرار حتى الان.

وحتى الان قتلت الغارات الجوية الاسرائيلية نحو 429 فلسطينيا ربعهم من المدنيين وفقا لتقدير “متحفظ” للامم المتحدة. وقتلت الصواريخ التي أطلقت من غزة أربعة اسرائيليين.

وبدأ الزعماء الاسرائيليون – الحريصون على تعزيز مسوغاتهم الامنية قبل انتخابات العاشر من فبراير شباط – الهجوم في 27 ديسمبر كانون الاول بعد ثمانية ايام من انتهاء تهدئة مع حماس استمرت لستة اشهر وجرى التوصل اليها بوساطة مصرية.

وتصاعد اطلاق الصواريخ بعد أن أعلنت حماس أنها لن تسعى الى تجديد التهدئة التي لم يتم الالتزام بها على نحو تام. وشددت اسرائيل الرقابة على حدودها وشنت غارات قاتلة على الناشطين الذين لم يوقفوا هجماتهم الصاروخية.

وتمثل هذه الحرب ذروة محاولات لسحق حماس تكثفت بعد فوز الحركة الساحق على حركة فتح التي يتزعمها عباس في انتخابات 2006 .

وردت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي اللذان يصنفان حماس كجماعة ارهابية بطريقة حادة على نتائج الانتخابات.

وقاطعا حكومة الوحدة التي كانت تقودها حماس وأوقفا معظم المساعدات حيث أصرا على أن تعترف حماس بحق اسرائيل في الوجود ونبذ العنف وقبول اتفاقات السلام التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية المستبعدة منها.

ودعمت الولايات المتحدة قوات الامن الموالية لفتح لكن حماس طردتها من غزة في يونيو حزيران 2007 . ومنذ ذلك الحين يغدق الغرب التمويل على الضفة الغربية لتقوية سلطة عباس.

وكتب يوسي الفر محلل الامن الاسرائيلي في الرسالة الاخبارية الالكترونية بيترليمونز دوت اورج “لا اسرائيل ولا اي احد اخر لديه استراتيجية فعالة للتعامل مع حماس في غزة”. وقال إن حماس سيطرت على جزء من أراض فلسطينية لكنها ترفض التصرف كقوة ذات سيادة و”تتباهى بسقوط ضحايا او شهداء من شعبها”.

وأضاف الفر أن الهجوم الاسرائيلي سيأتي ببضعة اشهر أخرى من التهدئة على أفضل تقدير. وعلى أسوأ تقدير من الممكن أن يشعل غضب العرب والمسلمين ضد اسرائيل والغرب ويدفع الفلسطينيين الى القيام بأعمال شغب ويثير صراعا جديدا مع حزب الله اللبناني.

والهجوم على غزة مصدر احراج شديد لعباس الذي تتهمه حماس الان صراحة بأنه متواطيء مع اسرائيل. وكان قد وضع كل رهاناته على جهود السلام الامريكية المتعثرة التي تجسدت في خطة “خارطة الطريق” لبوش عام 2004 . لكن استراتيجيته فشلت في تقريب حلم اقامة الدولة الفلسطينية.

وتتحكم اسرائيل في كل منافذ الدخول الى قطاع غزة بينما تتوسع في المستوطنات والحواجز في الضفة الغربية مما يسمح لحماس وغيرها بالقول ان هذه المفاوضات غير مجدية.

وكتب المحلل الفلسطيني غسان الخطيب في موقع بيترليمونز دوت اورج “الهجوم الاسرائيلي على غزة يقوي حماس سياسيا ويزيد من الدعم الشعبي للحركة”، وأضاف أن هدف حماس الرئيسي هو إجبار مصر على فتح معبر رفح ورفع الحصار دون سيطرة السلطة الفلسطينية والمراقبين الاوروبيين كما كان الوضع سابقا. وترفض القاهرة هذا خشية تقويض عباس وتجنبا لتحمل مسؤولية طويلة الاجل عن غزة.

وتستغل ايران وحزب الله أزمة غزة لاشعال الغضب الشعبي ضد الحكام العرب مثل الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل السعودي الملك عبد الله اللذين يعتبران حماس وغيرها من الحركات الاسلامية مصدر تهديد لنفوذهما، لكن وصفة الناشطين لصراع مطول مع الصهيونية لا تنطوي على تخفيف معاناة الفلسطينيين الراغبين بشدة في أن يعيشوا حياة طبيعية بعيدا عن الاحتلال والسيطرة الاسرائيلية.

وقال بول سالم مدير مركز الشرق الاوسط في بيروت التابع لمعهد كارنيجي “من العدل ان يلوم الشارع العربي مبارك والملك عبد الله لعدم قيامهما بأي شيء تجاه غزة لكن لا ايران ولا سوريا أو حزب الله يفعلون أي شيء”، وأضاف “ومن المؤكد أن السياسة الاسرائيلية تقود الى طريق مسدود هي الاخرى”.

العفو الدولية: رد أمريكا على أزمة غزة بأنه “غير متوازن”

من جهة أخرى، اتهمت منظمة العفو الدولية المعنية بحقوق الانسان يوم الجمعة 2 يناير الولايات المتحدة باتخاذ موقف “غير متوازن” تجاه الأزمة في غزة ودعت وزيرة الخارجية الأمريكية الى الضغط على كل الأطراف للتوصل الى وقف فوري لاطلاق النار.

وفي رسالة الى وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس قال فرع منظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة انه لا يجب على حكومة واشنطن ان تتجاهل ” الرد غير المتناسب” من قبل اسرائيل ضد غزة وكذلك السياسات التي قالت المنظمة انها وضعت غزة على حافة “كارثة انسانية”.

وقالت المنظمة لرايس في الرسالة التي أرسلت نسخة منها الى وسائل الاعلام “شعرت منظمة العفو الدولية فرع الولايات المتحدة بخيبة أمل على وجه الخصوص إزاء موقف الحكومة الامريكية غير المتوازن تجاه العنف الاخير وإزاء جهودها الفاترة لتخفيف الأزمة الانسانية في غزة.”

وقالت منظمة العفو الدولية انها تشعر أيضا بقلق بالغ إزاء ما قدمته واشنطن لاسرائيل من عتاد وأسلحة ذكرت المنظمة انها استخدمت في الضربات الاخيرة على مناطق سكنية كثيفة السكان في غزة.

واضافت منظمة العفو “يجب على الولايات المتحدة ان تعلق ارسال الاسلحة الى اسرائيل فورا وتجري تحقيقا فيما اذا كانت الاسلحة الامريكية استخدمت في انتهاكات لحقوق الانسان.”

وتعرضت الولايات المتحدة لانتقادات شديدة خلال الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان في عام 2006 لقيامها بتزويد اسرائيل بقنابل عنقودية جرى استخدامها في الصراع.

وتشير تقديرات الامم المتحدة الى ان اسرائيل أسقطت بضعة ملايين من القنابل العنقودية على لبنان.

ولم تنفجر مئات الالاف من هذه القنابل واستمرت في تشويه أفراد وحصد أرواح بعد انتهاء الحرب.

وحثت منظمة العفو الدولية ايضا الولايات المتحدة على ممارسة الضغط على اسرائيل لفتح المعابر الحدودية مع غزة أمام موظفي حقوق الانسان والصحفيين والسماح بادخال مواد الاغاثة الانسانية.

ورفض مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية طلب عدم الكشف عن هويته الادعاءات بأن رد فعل الولايات المتحدة كان مؤيدا لاسرائيل او غير متوازن.

وعندما سُئل عن اتهامات بأن اسرائيل تستخدم القوة المفرطة قال “استخدام القوة يستند الى أهداف عسكرية. اسرائيل لم تقل قط ان ما تقوم به هو انتقام . انها تتطلع لإنهاء قدرة حماس على مهاجمة اسرائيل.”

خيارات إسرائيلية مفتوحة

تطالب القوى العالمية بوقف دائم لاطلاق النار حقنا للدماء في غزة لكن بعض الزعماء الاسرائيليين يبحثون خيارا أقل الزاما يمنحهم حرية الحركة لضرب حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) مجددا في المستقبل.

وأسفرت الحملة الاسرائيلية التي دخلت يوم السبت 27 ديسمبر 2008 يومها الثامن عن سقوط 431 قتيلا على الاقل حتى الان. واذا شن هجوم بري وسبب خسائر بشرية كبيرة تتوقع اسرائيل التعرض لضغط دولي لانهاء القتال.

ويقول مسؤولون قريبون من المشاورات انه يجب أن يتم التوصل الى توافق في الاراء بين رئيس الوزراء ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الدفاع ايهود باراك بشأن ما اذا كان يجب الوصول الى وقف لاطلاق النار يلزم اسرائيل وحماس او السعي الى حل مفتوح.

وقال دبلوماسي اوروبي بارز “اسرائيل تريد أن تكون لها الحرية بأقصى قدر ممكن. وبالتالي لا يبدو التوصل لحل دبلوماسي أمرا واقعيا نظرا لانعدام الثقة القائم.”

وشجعت ليفني المرشحة البارزة لتحل محل اولمرت كرئيسة للوزراء في الانتخابات التي تجري في 10 فبراير شباط سرا اتباع منهج أحادي الجانب تصعد اسرائيل بموجبه الهجوم وتقرر متى توقف اطلاق النيران دون الحاجة الى اي هدنة ملزمة معترف بها دوليا.

وقال مسؤول بارز طلب عدم نشر اسمه ان هذا السيناريو “قد يثني” حماس عن اطلاق مزيد من الصواريخ عبر الحدود بسبب التهديد بشن اسرائيل مزيد من الغارات في المستقبل. وأضاف “سنقول لهم (في المرة التالية فكروا مرتين).”

واكتسب هذا الخيار بعض الجاذبية داخل الحكومة الاسرائيلية في الايام الاخيرة لانه سيبقي حماس على الهامش بدلا من اضفاء شرعية على الحركة الاسلامية قد ينطوي عليها الاتفاق لوقف رسمي لاطلاق النار.

ويقول مدافعون ان هذا لن يلزم اسرائيل بكبح نيرانها في المستقبل مع الوضع في الاعتبار أن الحملة العسكرية الحالية تهدف الى اضعاف حكومة حماس المقالة في قطاع غزة وليس الاطاحة بها.

كما يسمح لاسرائيل بالاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على المعابر الحدودية لغزة بينما يتطلب وقف رسمي لاطلاق النار من الدولة العبرية الموافقة على الارجح على فتح المعابر لفترات أطول وهو أحد الاهداف الرئيسية لحماس.

وتساءل دوف فايسجلاس مدير مكتب رئيس الوزراء السابق ارييل شارون “وقف اطلاق النار سيمدهم (حماس) بانجاز. لماذا نفعل هذا؟”، وأضاف “كل محاولة للاعتداء من جانبهم سيتم الرد عليها بقوة شديدة”.

وقال نيكولاس بيلهام المحلل البارز بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات “اسرائيل خاضت الحرب معلنة أنها ستنتهي بنموذج جديد. لكن هذا سيترك غزة والمنطقة (في حالة) أبعد ما تكون عن هذا مع استمرار وجود كل عناصر زعزعة الاستقرار.”

وقال مسؤولون ان أشخاصا مقربين من وزير الدفاع باراك الذي حقق حزبه وهو حزب العمل اليساري مكاسب في الايام الاخيرة لكنه ما زال متأخرا في استطلاعات الرأي يشجعون اتفاقا رسميا لوقف اطلاق النار يتمتع بدعم دولي. وأحجم مارك ريجيف المتحدث باسم اولمرت عن التعليق بشأن موقف رئيس الوزراء المستقيل.

واي اتفاق لوقف اطلاق النار ستعقده مسألة أن حماس واسرائيل لا تعترفان ببعضهما البعض ولا تخوضان محادثات مباشرة. وقد يحول التوتر المتزايد بين حماس ومصر بشأن الهجوم الاسرائيلي دون لعب القاهرة دور الوسيط الرئيسي مثلما كان يحدث في الماضي.

وربما تلجأ اسرائيل الى محمود عباس الرئيس الفلسطيني المدعوم من الغرب كممثل في اي اتفاق لوقف اطلاق النار. لكن حماس التي هزمت حركة فتح بزعامة عباس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 ثم سيطرت على قطاع غزة بعد ذلك بثمانية عشر شهرا ستقاوم تهميشها على الارجح.

ويرى دبلوماسي غربي أن اسرائيل تكسب وقتا وهي حذرة تجاه الاقتراحات التي يمكن أن تحد من مساحة المناورة التي تتمتع بها. وقال الدبلوماسي انه مع اقتراب الانتخابات “تريد اسرائيل أن تتمتع باكبر قدر من حرية الحركة. ماذا اذا وافقوا على مبادرة دبلوماسية وبدأت الصواريخ في السقوط مجددا؟ سيكون هذا انتحارا سياسيا”. وتحبذ اسرائيل نوعا من المراقبة الدولية غير أن الشكل الذي قد تأخذه غير واضح.

وذكر المسؤولون أن اسرائيل لا تعتبر نشر قوة حفظ سلام دولية خيارا واقعيا في هذا الوقت لأن من المستبعد أن تعرض الدول ارسال قوات نظرا للمجازفة بوقوع مزيد من أعمال العنف في القطاع.

وكان المراقبون الاوروبيون متمركزين عند معبر رفح المعبر الوحيد بين غزة ومصر الى أن سيطرت حماس على القطاع في يونيو حزيران 2007 . وقالت اسرائيل ان البعثة كانت معيبة لأن المراقبين لم يتمتعوا بالصلاحيات اللازمة لمنع تهريب الاسلحة والاموال.

سويس انفو مع الوكالات

بعد أيـام قليلة من سلسلة أولى من التجمعات والتظاهرات المستنكرة للهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، تجمع حوالي 1000 شخص يوم الجمعة 2 يناير 2009 في العاصمة الفدرالية برن.

وعلى اللافتات المرفوعة، ندد المتظاهرون (ومن بينهم العديد من العائلات) بالهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ يوم 27 ديسمبر 2008، وأمكن قراءة بعض الشعارات مثل “إسرائيل إرهابية” و”هل سينتهي الأمر بغزة إلى محتشد اعتقال؟” مثلما نقلت صحفية من وكالة الأنباء السويسرية كانت متواجدة على عين المكان وقدرت عدد المشاركين في التظاهرة بألف شخص في حين قالت شرطة كانتون برن إن العدد لم يتجاوز 800.

وفيما لوح العديد من الأشخاص بالأعلام الفلسطينية، رفع المشاركون في المظاهرة (التي نظمت استجابة لنداء صادر عن “الشبكة السويسرية من أجل سلان عادل في فلسطين/إسرائيل”) شعارات مؤيدة لفلسطين حرة. وسجل حضور بعض السياسيين في التجمع من بينهم النائبان البرلمانيان عن حزب الخضر جيري موللر ودانيال فيشر.

وفي يوم 31 ديسمبر 2008، سبق أن تظاهر حوالي 800 شخص (600 منهم في زيورخ) للتعبير عن تضامنهم مع فلسطين في مسيرات جابت شوارع بعض المدن السويسرية مثل جنيف وبازل وزيورخ.

س – أين وصلت الامور الان؟

ج – تواصل اسرائيل هجماتها ضد حماس بشن غارات جوية بالاساس تستهدف المباني الحكومية وبيوت زعماء ومقاتلي حماس وبنيتها الاساسية كأنفاق التهريب تحت الحدود بين مصر وغزة التي تستخدم كخطوط امداد للجماعة الاسلامية ولقطاع غزة ككل. كما أطلقت سفينة تابعة للبحرية الاسرائيلية النار على أهداف من مسافة قريبة من الشاطئ ولكن لم يحدث الى الان أي تحرك للمدرعات وجنود المشاة الاسرائيليين المحتشدين على طول الحدود مع القطاع. وعلى الرغم من الهجمات تصيب صواريخ حماس أهدافا أبعد في العمق الاسرائيلي وأصابت مدينة بئر السبع التي تقع على بعد 40 كيلومترا من القطاع. والصواريخ غير دقيقة الى حد كبير كما طورت اسرائيل نظاما للانذار المبكر ساعد على تقليل حجم الخسائر البشرية.

س – كيف تمضي الحياة في غزة؟

ج – هناك نقص في الطعام لاسيما الارز والطحين (الدقيق) والسكر ومنتجات الالبان. ويرجع هذا جزئيا الى الحصار. ولا تعمل الكهرباء الا لفترة تتراوح بين ثلاث وست ساعات في اليوم. لا يوجد نقص في المياه كما أن المدينة لا تعاني من اظلام تام في الليل. ولا توجد في المستشفيات أسرة كافية ولا أدوية تكفي لعلاج الجرحى. وتقول انها أيضا تعاني من نقص خطير في حوالي 70 نوعا من الادوية لامراض خطيرة مثل السرطان والفشل الكلوي.

ولا يستطيع الفلسطينيون مغادرة القطاع الا اذا سمحت لهم اسرائيل أو اذا كان لديهم الاستعداد للمخاطرة في رحلة محفوفة بالمخاطر الى مصر عبر أحد الانفاق. وسمحت اسرائيل لبضعة مئات من حاملي جوازات السفر الاجنبية بالمغادرة وقبلت 16 فلسطينيا على الاقل لتلقي العلاج الطبي الخاص. ووضع السكان في مدينة غزة أشرطة لاصقة على زجاج النوافذ تحسبا للتفجيرات التي تحطم الزجاج. ويخشون الخروج والذهاب الى المساجد التي قد تكون هدفا للاشتباه في أنها مستودعات أسلحة لحماس أو مراكز للقيادة كما يخشون العيش بجوار أي شخص يتلقى تحذيرا تليفونيا من القوات الجوية الاسرائيلية يطلب منه “الخروج من المنزل لانه سيقصف.”

س – هل ستشن اسرائيل هجوما بريا؟

ج – هذا سؤال كبير طرح على مدى أيام عديدة مع تزايد الشائعات بأنه محتمل أكثر من أي وقت مضى وأنه بات وشيكا هذه الساعة. فالدبابات والمدفعية والقوات وناقلات الجند المدرعة تحتشد عند نقاط عديدة على الحدود مع غزة التي يبلغ طولها 40 كيلومترا بالاضافة الى مصفحات لازالة الالغام وجرافات لفتح طريق عبر دفاعات حماس.

س – ما الذي قد يؤجل الهجوم البري؟

ج – قبل أيام قليلة قلل هطول الامطار الغزيرة احتمال حدوث الهجوم البري لان الحقول في هذا القطاع الساحلي تحولت الى وحل. لكنها أصبحت جافة ليومين الان. ومن الواضح أن اسرائيل ترغب في تحقيق أهدافها دون أن تضطر الى ارسال قوات الى غزة حيث من المحتمل أن يقتل بعضهم وهي مخاطرة سياسية كبيرة بالنسبة للزعماء الاسرائيليين قبل ستة أسابيع من الانتخابات العامة. ومن ناحية اخرى تعهدت اسرائيل بوقف الهجمات الصاروخية التي تشنها حماس على اسرائيل ولا تريد أن تنسحب دون انجاز هذه المهمة. وقالت تسيبي ليفني وزيرة الخارجية للصحفيين يوم الخميس انه يجري تقييم الخطوة التالية بشكل مستمر. وجرى نفي تقارير أفادت بأن قادة الجيش حصلوا على ضوء أخضر للمضي قدما في الهجوم البري في الوقت الذي يختارونه.

س – كيف ستحاول حماس التصدي لتوغل؟

ج – يعتقد أن الحركة زرعت ألغاما ونصبت شراكا في أرجاء قطاع غزة لاستخدامها ضد المدرعات والمشاة ولدى حماس عدد لا يقل عن 25 ألف مقاتل مدرب. وغزة واحدة من أكثر الاماكن كثافة سكانية على الارض وقد تواجه اسرائيل حربا صعبة في المناطق الحضرية في مواجهة مع قوات حماس الذين يعرفون طريقهم في متاهات الشوارع والطرق الخلفية.

س – هل لا يزال التوصل الى هدنة ممكنا؟

ج – حثت كل من الامم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية وروسيا وتركيا على وقف لاطلاق النار. وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ان واشنطن تعمل على التوصل الى هدنة مستمرة وأصرت على ضرورة أن تتوقف حماس عن اطلاق الصواريح أولا. وقالت انها لا تعتزم زيارة المنطقة. ومن المقرر أن يبدأ وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي مهمة سلام يوم الاثنين كما انه من المقرر أن يتوجه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى القدس.

ورفضت اسرائيل نداءات لوقف اطلاق النار لمدة 48 ساعة للسماح بدخول مساعدات انسانية قائلة انها تسمح بدخول كميات كافية من الطعام والدواء. ولكن الزعماء منقسمون بشأن المسار الذي يتعين اتخاذه في أعقاب هجوم بري محتمل. البعض يقول ان وقفا لاطلاق النار تدعمه الامم المتحدة والقوى الكبرى سيكون الافضل. ويقول اخرون انه سيقيد فحسب أيدي اسرائيل اذا استمر اطلاق الصواريخ. ويعتقدون أن المسار الافضل هو وقف لاطلاق النار من جانب واحد ولكن عندما تقتنع اسرائيل بأن زعماء حماس تلقوا الرسالة التي مفادها .. ابدأوا من جديد وسنضربكم من جديد.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 3 يناير 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية