مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حدث تاريخي.. بين جدل القُـرعة الهيكلية وأعباء الملفات السبعة

الأنبا تواضروس البابا 118 للكنيسة الأرثوذكسية بمصر Keystone

عقب انتهاء المرحلة الثالثة والأخيرة من انتخابات الكرسي البابوي، عن طريق إجراء القرعة الهيكلية، بمقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، يوم الأحد 4 نوفمبر 2012، تم الإعلان عن اسم البابا رقم 118 للكنيسة الأرثوذكسية في شخص الأنبا تاوضروس، أسقف عام البحيرة.

ومن المقرر أن يُـقام حفل التنصيب الرسمي للبابا الجديد يوم 18 نوفمبر الجاري، بمقر الكاتدرائية بمنطقة العباسية بمدينة القاهرة، والذي سيحضره حشد كبير من مسيحيي الداخل والخارج، فضلاً عن القيادات السياسية المصرية الرسمية والشعبية.

وكانت المرحلة الثانية من الإنتخابات، والمعروفة بـ “الانتخابات” قد أسْفرت عن فوز ثلاثة من المرشّحين الخمسة بأعلى الأصوات، وهُـم على الترتيب: الأنبا رافائيل، أسْقُـف كنائس القاهرة، جاء في المركز الأول وحصل علي 1980 صوتا، يليه الأنبا تاوضروس، أسقف عام البحيرة، جاء في المركز الثاني في الانتخابات، وحصل على 1623 صوتا، وأخيرا الراهب أفامينا، جاء في المركز الثالث في الانتخابات، حصل على 1530 صوتا.

فيما سبقتها المرحلة الأولى، والمعروفة بـ “التزكيات” والتي انتهت بترشيح عدد ممّـن وقع عليهم اختيار أعضاء المجمّع المقدّس أو المجلس الملي، وهُـم وحدهم الذين لهم حق الترشيح، حيث لا يصح أن يرشح أحدٌ نفسه. ثم قامت اللجنة المنظمة للانتخابات البابوية بتصفية المرشحين، بعد دراسة الطعون المقدّمة ضدهم، حتى وصل العدد إلى 5 فقط، حسب نص اللائحة، وهُـم الأنبا رفائيل والأنبا تاوضروس والأنبا رفائيل أفامينا والراهب سارافيم السرياني والأنبا باخوميوس السرياني.

هذا الحدث التاريخي، اقترن بجدل أثير حول طريقة اختيار البابا (القرعة الهيكلية)، كما حددتها لائحة عام 1957، ووفر فرصة لطرح أهم الملفات التي تنتظر البابا الجديد والمهام التي عليه القيام بها، والمحاذير التي يجب عليه الإنتباه لها، مثلما جاء في تصريحات ثلاثة من كِـبار رجال الدِّين المسيحي استطلعت swissinfo.ch آراءهم وتوقعاتهم وهُـم الأنبا الدكتور إكرام لمعي – أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت، والأنبا الدكتور يوحنا قلته، المعاون البطريركي بالكنيسة القبطية الكاثوليكية بمصر، وعضو اللجنة التأسيسية للدستور، والدكتور القسّ كمال يوسف، أحد قيادات الكنيسة الإنجيلية في مصر.

الانتخابات أولى من القرعة الهيكلية

في البداية، يعترِض الأنبا الدكتور إكرام لمعي على طريقة اختيار البابا بالقرعة الهيكلية، والتي تُـجرى بمعرفة طفل صغير معصوب العينين، ويقول: “المفروض أن يحسم منصب البابا عن طريق الانتخابات المباشرة من خلال أعضاء المجمّع المقدس، وليس بالقرعة الهيكلية”، مشيرا إلى أن “هناك مطالب بتغيير اللائحة المعمول بها، والتي طبِّـقت على انتخاب البابا شنودة الثالث عام 1971، والذي ظل جالساً على الكرسي البابوي 41 عاماً (1971 – 2012)، رغم أنه حلَّ ثانيا في الانتخابات بعد الأنبا صموئيل، أسقُـف الخدمات، الذي حصل على أعلى الأصوات وقتها”.

ويرى لمعي، في تصريح خاص لـ swissinfo.ch، أن “القرعة الهيكلية أمْـر غير عِـملي. فالبابا القادم، سيُـدير شؤون الأقباط في الكنيسة، ومن ثَـمَّ، يجب أن يتم اختياره بإرادة الناس المتمثلة في أعضاء المجمّع المقدّس أو المجلس الملي، والتي تحسمها الانتخابات التي تُـجرى بشفافية وعبْـر الصندوق، على مرأى ومسمع من الناس”، موضحا أن “القرعة الهيكلية لا يوجد ما يؤيِّـدها في الكتاب المقدس، ولكن تمّ اللجوء إليها لرفع الحرج عمّن قاموا بانتخاب البابا”.

وفيما رأى لمعي أن عملية اختيار البابا بالقرعة الهيكلية “لا يوجد ما يؤيِّـدها في الكتاب المقدّس”، علَّـق الأنبا الدكتور يوحنا قلَّـته على مبدأ القرعة الهيكلية قائلاً: “لا يسعني إلا أن أقول إذا غاب العقل، غلبت الأسطورة”، أما الدكتور القس كمال يوسف فرد بقوله: “نحن نحترم تقليد الكنيسة الأرثوذكسية، لكننا في الوقت نفسه، نؤمن بأن الله يرشدنا إلى الخير، ونحن نعيش عصر الديمقراطية في أبعد حدودها”، مطالبا البابا القادم بإعادة النظر في لائحة 57 التي يتم على أساسها اختيار البابا، لكونها “لم تعد مناسبة للعصر الذي نعيشه، خاصة بعد ثورة 25 يناير المجيدة”.

البابا الجديد والملفّات السبعة!!

وعن أبرز الملفات التي تنتظر البابا القادم، فيرى د. إكرام لمعي أن أولها، “علاقة الكنيسة مع الدولة”، حيث لا نريدها أن تظل علاقة فردِية. فالأقباط ليسوا هُـم الأرثوذكس فقط، ولابد للكنيسة أن تتعامل مع الدولة كمؤسسة. وثانيها، “ملف إدارة الكنيسة من الداخل”، والذي يجب أن يتِـم من خلال مؤسسات، وليس من طرف أفراد. ففي أيام البابا شنودة، كانت هناك مجموعة أشخاص أقوياء حوله، أما اليوم وبعد ثورة 25 يناير، فإننا نريد من البابا الجديد أن لا ينفرد بالقرار وأن يتخذه بعد حوار داخلي”.

ويضيف لمعي: وثالث هذه الملفات، “أقباط المهجَـر”. ففي عهد البابا شنودة توسّعوا حتى أصبحوا قوّة سياسية واقتصادية لا يُـستهان بها، وللأسف، فإن بعضهم يُـسيئ لإخوة الوطن (المسلمين)، ومن ثَـم فإن هذا الملف يحتاج للمراجعة، بحيث نستفيد من إيجابياتهم (توجيه الاستثمار في مصر)، مع الابتعاد عن سلبيتهم. ورابع الملفات، “لائحة 38″، الخاصة بالطّلاق والزواج، وهذه لابد من إعادة النظر فيها. فهذه اللائحة التي ألغاها البابا شنودة وجعل الطلاق مُـباحاً فقط لعلّـة الزِّنا، تسببت في العديد من المشكلات الأسَـرية، وأهمّـها الانفصال والانحراف”، وهو الرأي الذي يؤيِّـده القِـسّ كمال يوسف.

أما خامس هذه الملفات – حسب لمعي – فهو “الحركة العِلمانية المسيحية”، حيث كانت هناك مشكلة كبيرة بينهم وبين البابا شنودة، ولابد على البابا القادم أن يفتح هذا الملف، ويبحث مشكلاتهم ويتحاور معهم حولها، أملاً في الوصول إلى حلول جِذرية لها”، مشيرا إلى أن “أبرز هذه المشكلات، أن العِلمانيين المسيحيين، لا يجدون لهم دورا داخل الكنيسة، بينما يُـسيطر الكَـهَـنة على كل شيء، وقد سبق لهم أن طلبوا مقابلة البابا شنودة، لكنه رفض، وهم يريدون أن يحدِثوا نهضة حقيقية في الكنيسة”.

ويستطرد لمعي فيوضح أن سادس الملفات التي تنتظر البابا الجديد ،هو “التعامل مع الطوائف المسيحية الأخرى”، والمقصود بها (الكاثوليك – البروتستانت – …إلخ)، وهناك طوائف أخرى صغرى غير مشهورة، وهذه الطوائف جميعها تنظر إليها طائفة الأرثوذكس، على أنها تنافسهم وتخطف أولادهم”. والملف السابع والأخير، خاص بـ “إعادة بناء دور العبادة الموحد”، وهو ملف في منتهى الأهمية، ويحتاج من البابا الجديد إلى جُـهد مع الدولة، ليخرج إلى النور، وإلى جهد مع المسلمين، لإحياء منظومة الوِحدة الوطنية، عن طريق إقامة مشاريع واستثمارات ومصانع مشتركة، لإزالة الاحتقان بين المسلمين والأقباط، نسيج الوطن الواحد.

أمنيات ومحاذير من البابا القادم!

يحذِّر لمعي البابا الجديد من أن “يُستدرج للعمل السياسي”، وأن يبقي قيمة روحية “لا تلوِّثها السياسة”، وفي الوقت نفسه، فإن عليه أن يسمح للأقباط وأن يشجعهم على الإندماج في المجتمع والممارسة السياسية من خلال التفاعل مع الأحزاب، والإدلاء بآرائهم”. أما الأنبا يوحنا قولته، فيتمنى من البابا الجديد أن “يكون وطنياً بحق” قبل كل شيء وأن يكون “عاشقا لمصر قبل الكنيسة” وأن يكون “منفتحاً على جميع كنائس العالم”.

وفي تصريح خاص لـ swissinfo.ch، يطالب د. يوحنا قولته البابا الجديد، بأن يكون “سنداً وعوناً لجميع المسؤولين في مصر” وأن يلتفت إلى “الفقراء والمساكين والمعوزين فيوليهم اهتمامه، سواء كانوا من المسيحيين أو المسلمين”، مشيرا إلى أن “ثورة 25 يناير إنجاز تاريخي، ومن ثم فإن على البابا أن يتّخذ طريقاً جديداً، ألا وهو طريق الوِحدة الوطنية، خاصة بعدما غسلت دماء الأقباط والمسلمين، الفتنة الطائفية التي كانت تطلّ برأسها من آن إلى آخر، كما وضعت الثورة الأقباط على الدرب الصحيح مع إخوانهم المسلمين، وعلي البابا الجديد أن يعزِّز هذا الطريق وأن يستمر فيه”.

وأضاف قلته: “أما عن أقباط المهجر، فهم مصريون مخلصون يحبّـون مصر، لكنهم يريدون تطبيق الديمقراطية الأمريكية على (كفر البطيخ). فهل يعقل هذا؟!”، معتبرا أنهم “يستعجلون التطوّر”، ورغم هذا، فإنه يتمنى على البطريرك الجديد أن يحترمهم وأن يحتويهم، مطالبا الرئيس محمد مرسي ورئيس وزرائه هشام قنديل وشيخ الأزهر والبابا الجديد، بالإنتباه للتنمية التربوية قبل السياسة، وقبل كل شيء آخر”.

وصفات للنجاح.. ومقترحات

فيما يطالبه القِس كمال يوسف، بالانفتاح على الجميع (مسلمين ومسيحيين)، لأننا “في مرحلة حسّاسة من تاريخ بِـناء الدولة بعد الثورة، فضلاً عن كونه يأتي بعد شخصية في قامة البابا شنودة”، مشيرا إلى أن “الناس تنتظر منه أن يتّسع قلبه للجميع، وخاصة الطوائف والكنائس المسيحية الأخرى (غير الأرثوذكسية)”، متمنيا في الوقت نفسه أن يكون “عصر البابا الجديد، هو عصر التوحّد حول كلمة واحدة”.

ويدعو د. القِس كمال يوسف، في تصريح خاص لـ swissinfo.ch، البابا القادم إلى إعادة النظر في هذا المنصب الهام، بحيث “لا يكون إلى الأبد”. فهناك بالكنيسة مَن لديهم فِكر كهنوتي يقوم على فكرة أن (البابا تزوج الكنيسة). أما الإنجيليين، فإنهم يؤمنون بأن “السيد المسيح هو رأس الكنيسة”، مذكرا بأن “الأجيال تتغير، ومن ثم تتغير ثقافتهم. فكيف يظل البابا في منصبه أكثر من 4 عقود، وكمِثال على هذا، فإن البابا شنودة ظل على الكرسي حتى مات (1971 – 2012). فلا يمكن أن نفرض على الأجيال القادمة بابا معين، وهذا خير للكنيسة وللشعب المسيحي الذي يُـعَـد بالملايين”.

ويشير يوسف إلى أن “غالبية أقباط المهجر منفصلون ثقافياً عن مصر، ولهذا أتمنى من البابا الجديد أن يُـقيم جسراً ثقافياً بينهم وبين مصر”، مقترحا “تخصيص وزارة أو هيئة خاصة بأقباط المهجر، والذين هُـم أنفسهم منقسمون ومختلفون”، متمنيا منهم أن يكونوا “عامل دعْـم لمصر، وأن ينفعوا بلدهم وأن يضربوا المثل في ذلك، ولعل الدكتور مجدي يعقوب، جراح القلب المصري العالمي، هو خير نموذج لأقباط المهجر، الذين يجب عليهم أن يُـساهموا في بناء نهضة مصر الجديدة والحديثة”.

وعن علاقة الكنيسة بالدولة، يقول يوسف: “ألتمس عُـذراً للبابا السابق، حيث أن الظروف السياسية هي التي جعلته الممثل الوحيد للمسيحيين في الدولة”، متمنيا من الدولة أن “تفتح الباب أمام الكل، وساعتها لن يلجأ المسيحي إلى الكنيسة، وإنما إلى الدولة، طالما كانت الحريات متاحة والحقوق مُصانة”، رافضا أن “يكون للكنيسة دور سياسي”، أو أن “تعمل في السياسة”، وإن لم ينكر على المسيحي أن “يلجأ إلى الكنيسة أحيانا، وخاصة عندما تهضم الدولة حقوقه”.

ويختتم د.القس كمال يوسف، بقوله: “أقول للبابا الجديد: احذر المستشارين المغرضين. تجنّب العمل بعصبية. احذر اتِّخاذ القرارات بانفعال. اتخذ مجلساً استشارياً من المتخصصين والمخلصين، وأحسن الاستماع لهم. اتخذ مجلساً متخصصاً في الشؤون السياسية والوطنية. اتخذ جسرا بينك وبين الكنائس الأخرى في مصر. ابتكر عملاً مشتركا بينك وبين الكنائس الأخرى، لخدمة المواطن المصري، مسلمًا كان أو مسيحياً”.

أسقف عام البحيرة. جاء في المركز الثاني في الإنتخابات، وحصل على 1623 صوتا. اسمه الحقيقي وجيه صبحي باقي سليمان. يبلغ من العمر 60 عاما. حصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الإسكندرية عام 1975. ثم حصل على بكالوريوس الكلية الإكليريكية وزمالة الصحة العالمية من انجلترا. يجيد للغة الإنجليزية.

من أبرز تلاميذ الأنبا باخوميوس، قائم مقام البابا الحالي. التحق بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون في 20 أغسطس 1986. وظل طالبا للرهبنة حتى رسم قسا في 23 ديسمبر 1989. انتقل للخدمة بمحافظة البحيرة في 15 فبراير 1990. نال درجة الأسقف في 15 يونيو 1997.

يعتبر أن الكنيسة والبابا هما صمام الأمان لمصر. يؤمن باستمرار العلاقة الأخوية بين المسيحيين والمسلمين. يدعو المسيحيين للاندماج في المجتمع. يطالب بالاهتمام بفصول التربية الكنسية منذ الصغر. ويعتبر أن الخدمة هي التي ستصنع نهضة جديدة داخل الكنائس بالداخل والخارج. يتبنى فكرة إنشاء معهد لإعداد خدام كنائس المهجر. يؤمن بالحوار مع الشباب ويعتبره الطريق لتوطيد علاقة الكنيسة بهم بعد ثورة 25 يناير. يدعو لـ«لم الشمل» وجذب أقباط المهجر.

القاهرة (رويترز) – اختير اسقف عام محافظة البحيرة الأنبا تواضروس يوم الأحد البابا 118 للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر في قرعة استغرقت إجراءاتها ساعات بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة ليخلف البابا شنودة الثالث الذي توفي في مارس 2012.

ووسط صلوات ومشاعر دينية عبر عنها حضور القرعة اختار طفل -وضعت على عينيه عصابة زرقاء بحسب تقليد قديم- ورقة من ثلاث ورقات عليها أسماء ثلاثة مرشحين اختيروا الأسبوع الماضي في اقتراع للمجمع الانتخابي بالكنيسة التي تمثل معظم مسيحيي مصر.

ويضم المجمع الانتخابي أكثر من 2400 من رجال الدين والشخصيات العامة بالإضافة إلى خمسة يمثلون الكنيسة الإثيوبية التي تربطها صلات تاريخية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية.

وبعد أن اختار الطفل بيشوي مسعد جرجس الورقة التي كانت بداخل كرة شفافة عرضها الأنبا باخوميوس قائم مقام البطريرك معلنا اختيار الأنبا تواضروس الذي يوافق يوم الاحد عيد ميلاده الستين.

وأعلن الأنبا باخوميوس أن الأنبا تواضروس سمي البابا تواضروس الثاني. وقوبل إعلان النتيجة بالتهليل والتصفيق من الحضور الذين اكتظت بهم الكاتدرائية.

وتسمى القرعة التي اختير فيها البطريرك الجديد القرعة الهيكلية ووضعت خلالها أوراق المتنافسين في إناء زجاجي عليه غطاء ختم بالشمع الأحمر تأكيدا لسلامة القرعة.

وقبل أن يلتقط الطفل الورقة طلب الأنبا باخوميوس من الحضور أن يصلوا بأن يقولوا “يا رب أنت الذي تختار الراعي الصالح”. ولم يكن المرشحون الثلاثة بالكاتدرائية وقت اجراء القرعة.

وقال البابا الجديد في تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة مباشر مصر في دير الأنبا بيشوي إلى الشمال الغربي من القاهرة “أطلب من ربنا صلواته أن يعيننا على هذه المسؤولية”. وأضاف “أهم شيء أن الكنيسة تعود وتعيش في الخط الروحي… لأن دا (هذا) عملها الأساسي.”

والاثنان اللذان نافسا أيضا على المنصب الروحي الرفيع هما الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة (54 عاما) والقمص رافائيل أفا مينا (70 عاما). وبعد القرعة عرض الأنبا باخوميوس الورقتين اللتين كتب عليهما الاسمان الآخران تأكيدا فيما يبدو للشفافية التي تضمن للكنيسة نفوذا على أتباعها عبر العالم ويقدرون بالملايين.

والبطريرك زعيم روحي لنحو ثمانية ملايين مسيحي في مصر وفقا لتقديرات غير رسمية لكنه قد يتخذ مواقف سياسية إذا رأى أنها تخدم مصالح رعايا كنيسته. والأقباط في مصر هم أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط. ويأمل مسيحيون كثيرون أن يستطيع البطريرك الجديد الذي سيتم تنصيبه يوم 18 نوفمبر الحالي قيادتهم بأمان وسط قلاقل انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت في مصر بالرئيس السابق حسني مبارك.

ويقول بعض الأقباط إن البابا شنودة كان قريبا أكثر مما ينبغي من نظام مبارك. ويرى بعض المحللين لشؤون الكنيسة أن البابا الراحل اضطر لتأييد النظام في عهد مبارك بعد انسحاب العديد من الشخصيات القبطية من الحياة العامة احتجاجا على التمييز الأمر الذي بات معه المدافع الرئيسي عن الأقباط.

وقال يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطني القبطية إن البابا تواضروس يواجه قواعد مختلفة للعبة السياسية وإن الأقباط تشجعوا في الوقت الحالي كما تشجعهم الكنيسة على المشاركة في مجال السياسة.

ولوقت طويل شكا أقباط مصريون من التمييز ضدهم في البلاد التي يمثل المسلمون أغلبية سكانها. وقالت مارينا نبيل (20 عاما) وسط تهليل الحضور لإعلان اختيار الأنبا تواضروس “أنا سعيدة جدا. تعاملت مع الأنبا تواضروس قبل ذلك وهو رجل حكيم وهاديء.” ورحب بانتخاب البابا أيضا النشط والمحامي بيتر النجار قائلا “هذا الرجل لن يساوم على حقوقنا”. وقالت منى صالح وهي مسلمة عمرها 65 عاما تابعت تغطية حية للقرعة بثها التلفزيون المصري “أنا سعيدة بأن بلدي صار له بابا جديد.”

ويشعر أقباط بالقلق بعد الصعود السياسي للإسلاميين وانتخاب محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين رئيسا لمصر. وقال ميخائيل جورج قبل القداس “المسيحيون يخافون من حكم الإسلاميين خاصة أن وجودهم (في السلطة) يشجع المتشددين على العمل بحرية”. لكن مرسي شدد على أنه يحافظ على مصالح جميع المصريين.

وبعد هدم ما قيل إنها كنيسة في أقصى جنوب البلاد بأيدي متشددين إسلاميين العام الماضي قتل 27 مسيحيا خلال قيام قوات من الجيش بمنع تنظيم اعتصام للاحتجاج على الواقعة أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة. وقالت السلطات آنذاك إن المبنى الذي هدمه المتشددون كان دار ضيافة حولها أصحابها إلى مكان للصلاة. ويشكو المسيحيون منذ وقت طويل من عقبات في مجال بناء وصيانة الكنائس.

وبعث المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع ببرقية تهنئة إلى البابا الجديد الذي هنأه أيضا رجال الدين المسلمون ومنهم شيخ الأزهر أحمد الطيب وسياسيون مسلمون منهم الأمين العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومحمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان.

وتوفي البابا شنودة الثالث عن عمر يناهز 88 عاما بعد أمراض عانى منها لسنوات قام خلالها برحلات عديدة إلى الولايات المتحدة للعلاج. وحافظ البابا الراحل على علاقات طيبة مع مبارك وحكوماته لكنه بارك نجاح الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق والتي شارك فيها أقباط بالمخالفة لموقف الكنيسة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 4 نوفمبر 2012)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية