مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

صعوبات تُـواجـه مسار التحوّل إلى إعـلام مستقل في تونس

بعد مرور 8 أشهر على سقوط نظام زين العابدين بن علي، لا زالت الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية والألكترونية تعاني من مخلفات الممارسات القديمة رغم محاولات متعددة للتحرر منها Keystone

تستعد وسائل الإعلام التونسية المرئية والمسموعة والمقروءة لتغطية انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011.

وفي سياق الإستعدادات الحثيثة لهذه الخطوة الحيوية في المسار الإنتقالي، تم إبرام عدد من الشراكات مع إذاعات ومنظمات غير حكومية من بلدان الشمال، مثل المؤسسة السويسرية “إيرونديل” (أو الخُطاف، السنونو).

فقد أقدمت هذه المؤسسة التي يُوجد مقرها في لوزان غرب سويسرا، والمعروفة بإشرافها منذ التسعينات على تأسيس عدة إذاعات في بلدان مزقتها الحروب (مثل البوسنة والهرسك وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وليبيريا، وكوسوفو)، في 24 أغسطس على توقيع اتفاق مع إذاعة الجمهورية التونسية (عمومية).

وجاء في توضيح وزعته “إيرونديل” في نشرتها الإخبارية الدورية أن “المدير العام للإذاعة الوطنية التونسية، المعين من قبل الحكومة الإنتقالية، اقترح على مؤسسة ” هيرونديل ” مساعدته في تغطية الإنتخابات المتوقعة في إطار المرحلة الانتقالية. لأن الصحفيين التونسيين يفتقرون للتجربة في هذا الميدان نظرا لكون البلد لم يعرف أية انتخابات ديمقراطية طوال الثلاثين عاما من الحكم الديكتاتوري. وهذا الطلب المقدم هو للحصول على دعم من أجل وضع ميثاق انتخابي وجدول برامج خاص بالإنتخابات”.

وأوضحت المؤسسة أنه “فيما يخص تمويل المشروع، فهو استجابة لعرض تقدمت به الحكومة الأمريكية إلى وزارة خارجيتها من أجل دعم المرحلة الإنتقالية في تونس، وهو العرض الذي يشمل خمسة محاور: دعم الإنتخابات وتعزيز نشاط مؤسسات المجتمع المدني وانفتاح وسائل الإعلام ودعم الإقتصاد وتعزيز دولة القانون”.

بالإضافة الى ذلك يقول صامويل تولبان، المشارك في المشروع “لا يتعلق الأمر بتأسيس محطة إذاعية جديدة مثلما فعلنا ذلك في مناطق أخرى، نظرا لكون شبكة الإذاعات العمومية في تونس تغطي التراب الوطني بشكل جيد بقنواتها العمومية التسع والتي تتكون من 4 قنوات وطنية، و5 قنوات جهوية. لكن دورنا يتمثل في تقديم المشورة والخبرة، والإسهام بتقديم الأفكار، مع اتخاذ القرارات بشكل مشترك مثلما ينص على ذلك الإتفاق الذي يربطنا”.

دعم ومساعدات .. ومصالح؟

على غرار مؤسسة ” إيرونديل”، هناك العديد من المؤسسات والإذاعات التي تعرض تكوينا للصحفيين التونسيين في مرحلة تأقلمهم مع التحول الديمقراطي. في هذا السياق، ترى عواطف المزوغي من القناة الثقافية بالإذاعة الوطنية التونسية أن “الحصول على التكوين أمر جيد، فقد حصلنا على تكوين من هيئة الإذاعة البريطانية ومن إذاعة مونتي كارلو. أما تكوين الصحفي فيتم في الميدان. لكن هذا الدعم المقدم من قبل المؤسسات الأجنبية، كثيرا ما يخفي وراءه بعض المصالح. فالثورة والمرحلة الإنتقالية التي نعيشها اليوم لهما خصوصياتهما التي تفرض علينا تحديد مصلحتنا بأنفسنا”.

وأضافت السيدة المزوغي “منذ سقوط نظام بن علي في 14 يناير، تولت هيئات التحرير بالإذاعة العمومية زمام الأمور بنفسها تحدوها في ذلك طموحات كبيرة. فقد أصبحنا نتناول بالتحليل كل المواضيع بدون أية “محرمات” (تابوهات)، وهذا على النقيض مما يحدث لدى زملائنا في التلفزيون العمومي المعرضين لضغوط أكثر ولهيمنة إطارات تابعة للنظام السابق”.

بقايا النظام السابق

هذا الموقف تشاطره نجيبة الحمروني، رئيسة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي قالت: “هناك تعيين لعدة مدراء عامين منذ قيام الثورة  على رأس هيئة الإذاعة والتلفزة العمومية. ولكن بقية الإطارات التي عينت في عهد بن علي ما زالت في مناصبها ومازالت تشرف على نظام رقابة مترسخ بشكل أكبر في التلفزة أكثر مما هو الحال في الإذاعة، بحيث تحاول هذه الإطارات التدخل أكثر في عمل الصحفيين”.

في المقابل، يُورد صامويل توربان موقفا مغايرا حيث يقول: “شركاؤنا التونسيون يصلون إلى قناعة، بأن بعد 14 يناير حدث تحرير للكلمة مع حدوث كل الإنحرافات الممكنة. وهذا ما أدى الى عدم إيجاد توازن والى ظهور توترات. وأصبحت بعض الملاحظات تبدو وكأنها عملية رقابة خصوصا عندما يتعلق الأمر بتوضيح هل يتعلق الأمر بمواقف معبر عنها، أو أهمية توضيح مصادر الخبر”.

ومن أجل ضمان حرية الصحفي، يتم الإعداد حاليا لميثاق جديد للعمل الصحفي من المقرر أن تتم المصادقة عليه قبل انتخابات 23 أكتوبر. وهو المشروع الذي يعارضه بعض الصحفيين.

وهناك عنصر آخر بإمكانه أن يزيد من تشجيع وسائل الإعلام الراغبة في الوصول الى الجودة في الأداء، حسب السيدة نجيبة الحمروني وهو “عنصر التعطش الكبير لدى المواطن التونسي للأخبار مما يجعله يقارن دوما أداء الصحافة الوطنية بما يتم لدى بعض المحطات الدولية”.

تأثير الوضع الليبي

وإذا كان الوضع الإقليمي لا يؤثر بشكل مباشر في مسار دعم استقلالية وسائل الإعلام، فإن بزوغ شمس الحرية في ليبيا المجاورة سوف لن يكون إلا مشجعا على استتباب الأمن وتعزيز الإقتصاد في تونس. وتذكـر السيدة الحمروني بأن “هناك العديد من اللاجئين الليبيين الذين تم احتضانهم  من قبل العائلات التونسية وهناك العديد من التونسيين الذين يعملون في ليبيا. فإذا ما تم استئناف المبادلات وتنقل الأشخاص بين البلدين المتقاربين على أكثر من صعيد، فإن ذلك سيفتح آفاقا مبشرة للغاية”.

مؤسسة ” هيرونديل” (أي الخُطاف أو السنونو) منظمة غير حكومية سويسرية تجمع صحفيين وعاملين في مجال الإغاثة الإنسانية.

تأسست في عام 1995 من أجل دعم وسائل الإعلام ذات الطابع العام المتميزة بالإستقلالية والتي تشرك المواطن، في مناطق الحروب والأزمات المزمنة او في المناطق التي تخرج من مرحلة صراع.

تسهر مؤسسة ” إيرونديل ” على تطوير وسائل إعلام شعبية وتحاول الوصول الى أكبر قدر ممكن من المستمعين.

تولي المؤسسة الأهمية الكبرى إلى مصداقية وسائل الإعلام التي تشرف عليها، وبممارسة مهنة الصحافة بصرامة في متابعة الأحداث. وتحظر على نفسها القيام أي تعليق على الأحداث على الهواء. في الوقت نفسه، لا يشتغل في البث بالمحطات الموجودة في دولة ما، سوى أبناء البلد نفسه.

(المصدر: مؤسسة إيرونديل السويسرية)

(بالتعاون مع إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية