مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بـاكستان: ردُّ الفعل السويسري يتسم بالحذر

رجال شرطة بالزي المدني يلقون القبض على محام معارض كان ضمن المتظاهرين يوم 5 نوفمبر 2007 في لاهور ضد إعلان الجنرال برويز مشرف عن حالة الطوارئ في البلاد Keystone

تتواصل الممـارسات القمعية ضد المعارضة وعدد من وسائل الإعلام الباكستانية منذ إعلان الرئيس الباكستاني برويز مُشرف عن حالة الطوارئ في البلاد يوم السبت الماضي 3 نوفمبر.

وعلى غرار عواصم أخرى، عبرت برن عن قلقها من هذا الوضع. لكن الحكومة السويسرية لم تتخلى بعدُ عن توجيه صادراتها من الأسـلحة إلى باكستان.

“بتكميم وسائل الإعلام، وإلقاء القبض على مئات المعارضين المُنبثقين من الأحزاب السياسية والمجتمع المدني في باكستان، يسعى برويز مشرف قبل كل شيء إلى أن يخنق في المهد أيّ شكل من أشكال الاحتجاج على تحركه العنيف”.

جاء هذا التحليل على لسـان جيلبير إتيين، الأستاذ الفخري بمعهد جنيف للدراسات الدولية العليا والخبير في شؤون جنوب آسيا، الذي أضاف “في شهر مارس الماضي، فصل مشرف رئيس المحكمة العليا، وهو قرار أبطلته المحكمة ذاتها، وتلته مظاهرات هامة جدا في أوساط المحامين والنخب القيادية. ما دفع الرئيس الباكستاني إلى العدول عن قراره”.

ونوه الخبير السويسري إلى أنه “ربما يحاول مُشرف، من خلال هذه الاعتقالات الواسعة، تجنب تكرار هذا الحادث. ولا بد من القول هنا أن المجتمع المدني نشط ويتميز بقدرة جيدة على التعبئة”.

ويظل التنازل الوحيد الذي قدمه الجنرال مُشرف أمام الاحتجاجات داخل وخارج البلاد، وعده بإجراء الانتخابات في موعد “أقرب ما يمكن” من الموعد المُقرر، أي يناير القادم.

شخصية مُصابة بـ”جنون العظمة”

أما الأسباب التي دفعت الجنرال مشرف إلى الإعلان عن حالة الطوارئ في البلاد، فتبدو واضحة، وهو ما تشهد عليه غالبية التعليقات في الصحافة السويسرية والدولية التي تشير إلى أن التحرك القوي الذي أقدم عليه كان يهدف إلى منع المحكمة العليا من إبطال إعادة انتخابه في الشهر الماضي والاحتفاظ بمنصبه على رأس الجيش. وهو حكم كان يفترض أن يصدر هذه الأيام.

وبالفعل، طرد الرجل القوي في البلاد قضاة المحكمة العليا المعادين له وعوضهم بآخرين أكثر طوعا. وأدى أربعة قضاة جدد اليمين الدستورية يوم الثلاثاء 6 نوفمبر الجاري.

ويثير الخبير إيتيين الانتباه في هذا السياق إلى شخصية رئيس البلاد قائلا “يجب أيضا الأخذ في الاعتبار طبيعة برويز مشرف. فشخصية الرئيس الباكستاني لها جوانب مُقلقة، ومتعاظمة بعض الشيء، ويتضح ذلك من خلال مذكراته التي تعكس نرجسية مُزعجة”، على حد تعبيره.

بلدٌ تحت الضغط

ومع ذلك، لا يمكن استبعاد ببساطة الأسباب الأمنية التي يتذرع بها النظام الباكستاني لتبرير حالة الطوارئ، إذ يقول السيد إتيين “هناك تصعيد في الهجمات التي تشنها الحركات الجهادية. فلِوقت طويل، كانت الاضطرابات والهجمات الانتحارية والهجمات ضد الجيش تقع بالخصوص في المناطق الحدودية لأفغانستان. ولكنها اتسعت في الآونة الأخيرة لتشمل باقي مناطق البلاد”.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد حيث يذكر الخبير السويسري بأن “باكستان تظل بلدا يعيش تحت التوتر، سواء بسبب الحرب في المناطق التي تسيطر عليها طالبان بالقرب من الحدود الأفغانية، أو المعارك الدامية أحيانا بين الشيعة والسنة، أو التوتر بين البنجاب ومقاطعات أخرى في البلاد، أو الحركات الانفصالية في بالوشستان”

صادرات مُثيرة للجدل

وهذا هو السبب الذي دفع نائب حزب الخضر السويسري جوزيف لانغ إلى دعوة سويسرا لوقف صادراتها من المعدات العسكرية إلى باكستان، حسب ما كشفت عنه يومية “تاغس أنتسايغر” الصادرة في زيورخ يوم الثلاثاء 6 نوفمبر الجاري.

وكانت الحكومة السويسرية قد سمحت بالفعل في ديسمبر الماضي للشركة السويسرية “أورليكون كونترافس” ببيع معدات دفاع جوي للجيش الباكستاني مقابل 136 مليون فرنك. وهي معدات لم يتم بعد تسليمها بالكامل لإسلام أباد.

وردا على سؤال لإذاعة سويسرا الروماندية، أوضح جون – فيليب جانرا، رئيس قسم الاتصال في وزارة الخارجية السويسرية، أنه لم يتم التشكيك في الضوء الأخضر الذي أعطته الحكومة، مشيرا في المقابل إلى إمكانية التراجع عن هذا القرار حسب تطورات الوضع.

سويس انفو – فريديريك بورنون – جنيف

(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)

اعترفت سويسرا باستقلال باكستان منذ إعلانه عام 1947.

في عام 1949، أقامت الدولتان علاقات دبلوماسية.

في عام 1966، وقعتا اتفاق تعاون تقني، تمت تكملته في عام 1975 باتفاق حول المساعدات في حالات الكوارث.

بعد اختيار باكستان كبلد يحظى بالأولوية في برامج برامج المساعدات التنموية السويسرية، افتتحت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون مكتب تنسيق في إسلام أباد عام 1977.

خلال نزاع بنغلاديش بين الهند وباكستان (1971)، مثلت سويسرا مصالح باكستان في الهند ومصالح الهند في باكستان. وفي عقدي السبعينات والثمانينات، وقعت العديد من الاتفاقيات لإعادة جدولة ديون باكستان.

تحولت باكستان اليوم إلى شريك هام لسويسرا في القارة الآسيوية، إذ تجمعهما العديد من الاتفاقات الاقتصادية التي تسهل الأعمال بين البلدين. كما أن برامج المساعدات التنموية السويسرية في باكستان يقوم بدور هام في تعزيز علاقات الجانبين.

صرحت رئيسة الكنفدرالية ووزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري يوم الأربعاء 7 نوفمبر الجاري في نيودلهي، حيث تؤدي زيارة رسمية (من 5 إلى 8 نوفمبر) أن سويسرا تتابع عن قرب تطور الوضع في باكستان حيث أعلن الرئيس مشرف حالة الطوارئ.

وسيكون الوضع في باكستان بالتأكيد موضوعا ستثيره السيدة كالمي – ري خلال محادثاتها مع السلطات الهندية. وقد ذكرت رئيسة الكنفدرالية بالتزامات سويسرا في باكستان، خاصة في مجالات المساعدات التنموية والمساعدات الطارئة.

على صعيد آخر، يطالب الحزب الاشتراكي السويسري بوقف فوري لتصدير 21 نظاما للدفاع الجوي والذخيرة إلى باكستان. وهو قرار يعود للحكومة الفدرالية التي كانت قد وافقت على هذه الصادرات في ديسمبر الماضي.

وكان متحدث باسم الحزب الاشتراكي، جون – إيف جونتي، قد قال في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية يوم الإثنين 5 نوفمبر الجاري: “يتساءل الحزب الاشتراكي إلى أي حد يجب أن يتدهور الوضع في باكستان كي تقوم الحكومة الفدرالية بتحليل جديد للوضع وتوقف على الفور شحناتها (من الأسلحة).

swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية