مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بوادر المرونة العراقية .. هل تكفي؟

محمد البرادعي وهانس بليكس أثناء متابعتهما لاجتماع مجلس الأمن الدولي المنعقد يوم 5 فبراير في نيويورك Keystone

مهد العراق لزيارة رئيسي لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش (الأنموفيك) هانز بليكس والوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إليها بإبداء قدر أكبر من المرونة.

ويبدو ان بغداد التي سمحت لعلمائها بإجراء مقابلات منفردة مع المفتشين الدوليين تسعى إلى إبداء أقصى ما يمكن من الإيجابية بما ينزع الكثير من ذرائع دعاة الحرب في واشنطن ولندن

مهدت بغداد لزيارة رئيسا لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش (الأنموفيك) هانس بليكس والوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إليها يوم السبت 8 فبراير بإبداء اكبر قدر من المرونة يمكن ان يغير من مسار الأمور إلى اتجاه آخر غير ما هو سائد حتى الآن.

ويبدو ان بغداد التي سمحت لعلمائها بإجراء مقابلات منفردة مع المفتشين الدوليين تسعى إلى بذل أقصى قدر من التعاون والإيجابية وبما ينزع كثيرا من الذرائع التي يتعكز عليها أنصار دعاة الحرب في واشنطن ولندن.

وتعكس هذه الخطوة التي جاءت بعد خطاب وزير الخارجية الأمريكي كولن باول في مجلس الأمن وقبيل زيارة بليكس والبرادعي، رغبة عراقية من أعلى المستويات لحل ما تبقى من قضايا عالقة بين الطرفين، وهي قضايا لم يتم حلها في الزيارة السابقة للمسؤولين الدوليين الشهر الماضي.

ومن شأن هذا التطور الجديد – الذي أشاد به بليكس – ان يكون علامة مهمة في مسار العلاقة بين العراق والأمم المتحدة التي دخلت مرحلة دقيقة.

فرصة أخيرة ام نقطة تحول؟

وطبقا لما يتردد هنا، تسعى بغداد أن تكون زيارة المسؤولين الدوليين إليها نقطة تحول حقيقية وليس مجرد محاولة دبلوماسية يقصد منها ذر الرماد في العيون أو مجرد محاولة تكتيكية تضاف فيها مزيد من النقاط إلى معسكر الحرب، لأن من شأن ذلك إذا ما حصل ان يعيد إلى الأذهان الدور الذي مارسه خافير بيريز دي كويلار الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي قام بزيارة إلى العاصمة العراقية في الساعات الأخيرة من يوم 14 يناير 1991، وهي الزيارة التي أعطت لعاصفة الصحراء حينذاك إشارة الانطلاق بدلا من ان تكون بوابة للسلام.

وما يعزز هذا الاعتقاد ما ذهب إليه مستشار الرئاسة العراقي عامر السعدي عندما أعرب عن أمله في ان يتم خلال زيارة بليكس والبرادعي حل القضيتين العالقتين، وهما قضيتا تحليق طائرة الاستطلاع الأمريكية اليو تو (U2) وقضية التشريع الجزائي والقاضي بأن تصدر بغداد تشريعا قانونيا يلزم الأشخاص العراقيين الطبيعيين منهم والمعنويين بعدم الدخول في ممارسات ذات صلة بأي من الأنشطة المحظورة بموجب القرارات الدولية. ومما لا شك فيه، ان تصريحات المسؤول العراقي في هذا التوقيت بالذات، لا تعبر عن رؤية شخصية بقدر ما تُـفصح عن توجه حكومي.

ويرى المراقبون ان مقدار المرونة التي ستبديها بغداد خلال الزيارة ستكون بالغة الأثر في رسم مسار جديد للعلاقة بين الطرفين، إذا ما تم نزع الأغراض السياسية التي طالما ترددت في الآونة الأخيرة، خاصة وأنها ستستجيب لبعض الشواغل التي كان بليكس والبرادعي يثيرانها في المرحلة الماضية وبما يضمن تعزيزا اكبر لنظامي التفتيش والرقابة في العراق.

ردا على كولن باول

من جانب آخر، وفي محاولة عراقية لتفنيد الادعاءات الواردة في خطاب باول، نظمت دائرة الرقابة الوطنية العراقية المسؤولة عن تنسيق مهام المفتشين الدوليين في العراق يوم الجمعة جولة للمراسلين الصحفيين المتواجدين في بغداد حاليا إلى موقعين آثار السيد باول شكوكا حولهما متهما بغداد بتطوير نظم صاروخية فيهما خرقا للقرارات الدولية ذات الصلة.

فقد زار الصحفيون موقع الرفاه في منطقة عامرية الفلوجة الواقع على بعد نحو 90 كيلومترا إلى الغرب من العاصمة العراقية، والمتخصص بإنتاج الصواريخ ضمن المدى المسموح به، وهو موقع قال عنه وزير الخارجية الأمريكي بأنه ينتج أسلحة محظورة، وفند علي جاسم مدير الموقع ادعاءات كولن باول بعرضه صورا عن الموقع “غير حقيقية ومضللة” حسب قوله.

وقال علي جاسم: “إنه تم إنشاء منصة للفحص الأفقي للصواريخ ذات الوقود السائل ولم تستخدم حتى الآن، حيث أنها تحتاج إلى معدات خاصة بها”، مشيرا إلى أن مفتشي لجنة ألانموفيك زاروا الموقع خمس مرات، كانت أولاها يوم 27 نوفمبر الماضي، وهو اليوم الذي شهد استئناف أعمال التفتيش الدولية في العراق بعد توقفها قرابة أربعة أعوام، موضحا ان الموقع المذكور مشمول بنظام الرقابة المستمرة في المرحلة السابقة، وانه سبق ان تعرض إلى قصف أمريكي مكثف في عامي 1991 و1998.

وأضاف ان المفتشين الدوليين يحضرون قبل وأثناء وبعد تجربة الفحص الصاروخي التي تتم على المنصة القديمة المثبتة أصلا في الموقع، ويزودون بكل المعلومات المطلوبة وانه لم يؤشر أي خرق للقرارات الدولية في أي من الزيارات الخمس التي قاموا بها.

كما زار المراسلون الصحفيون موقع المعتصم في ناحية جرف الصخر بقضاء المسيب الواقع على بعد نحو خمسين كيلومترا إلى الجنوب من بغداد والتابع لشركة الرشيد العامة، وهو موقع متخصص بإنتاج وفحص أجزاء الصواريخ ذات الوقود الجاف.

واستمع الصحفيون إلى شرح عن الموقع ومهامه وعمليات الفحص والإنتاج المستخدمة والزيارات التي قام بها خبراء لجنة الانموفيك لهذا الموقع طيلة الأسابيع الماضية.

ويذكر ان الموقع المشمول بالرقابة المستمرة تعرض إلى قصف عام 1991 وفي عام 1998 إلى عمليتي قصف أمريكيتين أسفرتا عن تدميره وأعيد بناؤه بجهود عراقية على مقتضى التعليمات المسموح بها في قرارات مجلس الأمن.

مصطفى كامل – بغداد

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية