مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بوتفليقة مترشح “حـرّ” لعهدة رئاسية ثالثة

جزائريات يرفعن شعارات مؤيدة لترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية ثالثة في اجتماع عام عقد يوم 12 فبراير 2009 في مركب رياضي في الجزائر العاصمة Keystone

للمرة الثالثة يقدم عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لرئاسة الجزائر، ولئن كان الأمر غير مفاجئ بالنظر إلى ما سبق الإعلان الرسمي عن ترشحه من مقدمات، إلا أن تقديمه لنفسه باعتباره "مرشحا حرا"، خلط الحسابات العاطفية لمؤيديه بشكل خاص.

فبعد تعديل الدستور الذي قام به البرلمان قبل حوالي شهرين، ومن دون المرور على استفتاء شعبي، تجد أحزاب الائتلاف الحاكم نفسها مدعوة إلى دعم مرشح وصف نفسه بالحر، وبأنه مرشح كل الجزائريين، وليس ممثلا للون أو اتجاه سياسي ما.

ولقد فاجأ هذا الإعلان، معظم المراقبين المحليين، على اعتبار أنهم كانوا منهمكين في انتقاد المشهد السياسي، الذي انغلق على شخص واحد، وأضحى باقي المرشحين (المحتملين) وعددهم يزيد على عشرة، مجرد “أرانب” على حد وصف صحف جزائرية تابعة للقطاع الخاص.

ويؤكد هذا السلوك من جانب بوتفليقة، أمرا لاشك فيه، وهو رغبته الملحة في التأكد من الولاء المطلق، من قبل من يدّعون أو يقولون بأنهم يؤيدون برنامجه. وهذا الأسلوب في ممارسة الحكم، متبع لدى المدرسة والجيل الذي ينتمي إليه الرئيس الجزائري، وهو الأمر الذي يفسر القطيعة المادية والمعنوية، القائمة ما بين المؤيدين والمعارضين له، على اعتبار أن تأييد بوتفليقة أو معارضته، إنما يؤكد الإنتماء إلى مدرستين مختلفتين.

وفي الوقت الذي كان فيها “المرشح الحر”، عن ثلاثة أحزاب تتبنى كلها أيديولوجيات متناقضة، يعرض إنجازاته وووعوده، تشكلت بطريقة عجيبة مجموعة من المعارضين للانتخابات، ومن كل أطياف التركيبة السياسية الجزائرية، وهي في مجملها ممثلة لنسبة هائلة من الجزائريين، قدرتها مصادر رسمية بأكثر من ثمانين في المائة من عدد الناخبين، إلا أن إطلاق اسم المعارضة عليها، يصغر حجمها نفسيا.

مؤيدون.. ومعارضون

تتشكل الأحزاب المساندة لبوتفليقة، من جبهة التحرير الوطني، التي يتزعمها عبد العزيز بلخادم، وحركة مجتمع السلم الإسلامية التي يرأسها أبو جرة سلطاني، وأخيرا التجمع الوطني الديمقراطي، بقيادة الوزير الأول أحمد أويحي.

ويضاف إلى هذا الائتلاف، جمعيات ذات وزن إداري وتنظيمي كبير، كجمعيات أبناء الشهداء والمجاهدين، والكشافة الإسلامية، ونقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين ونقابات طلابية ترضى أن تكون في زمرة المؤيدين لا المعارضين، حتى تنال مكانا تحت الشمس.

في الجهة المقابلة، وبعد أن تأكد ترشح عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية ثالثة، أصبحت مجموعة المعارضين، تضم كل الساخطين على اختلاف أصنافهم والجيل الجديد في جبهة التحرير الوطني، وغالبية التيار الإسلامي، ثم منطقة القبائل، بممثليها التقليديين (أي جبهة القوى الاشتراكية بزعامة حسين آيت أحمد المقيم في لوزان بسويسرا، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يترأسه الدكتور سعيد سعدي)، بالإضافة إلى بقية النقابات المستقلة غير المعترف بها، وجمعيات مستقلة أخرى تعنى بقضايا حقوق الإنسان والحياة العامة.

قد يبدو الخلاف بين الجهتين طبيعيا، بمقاييس ديمقراطية بسيطة، لكنه غير ذلك على أرض الواقع، فعلى خلاف حملة عام 2004 التي تنافس فيها بوتفليقة ضد رئيس حكومته حينها علي بن فليس، فقد فضل الجهاز التنظيمي لحملة بوتفليقة أن لا يحضر إعلان الترشح يوم الخميس 12 فبراير كل من هب ودب، بل كل من يعلن الوفاء والنصرة، ومن ضمن هؤلاء من لم يحضر بسبب ضيق مكان القاعة البيضاوية أعالي العاصمة الجزائرية.

ولم تتمكن أطقم الصحافة الدولية، من إدخال كاميراتها إلى القاعة، كي لا تصور ما قد يعكر جو الاحتفال بشكل عام، الذي أريد له أن يكون ناجحا من الناحية التنظيمية، كما أن المعارضين لبوتفليقة، لن يتمكنوا من تنظيم حفل كالذي نظم له، بسبب نقص الأموال لديهم. كما أن المعارضين لبوتفليقة، ونسب المقاطعة المتوقعة، ستشكلان هاجسا حقيقيا للإدارة بشكل عام، بل ولبقية المرشحين في الانتخابات، الذين درجت الصحافة الخاصة الجزائرية على تسميتهم بـ “الأرانب”.

“جزيرة اقتصادية”

في المقابل يسود جو عام في الجزائر، يعطي الانطباع، بأن بوتفليقة، سيفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، ما لم يحدث طارئ (كالوفاة أو المرض الذي يحول دون أداء مهامه الدستورية)، كما جاء في نص الدستور الجزائري، ومع أن هذه الصورة تبدو جميلة ووردية في أعين المرشح ومؤيديه، إلا أنها تطرح عليهم مهام ثقيلة تتعلق باستقرار نظام الحكم ككل.

فمرة أخرى يحظى الرئيس بفرصة تاريخية، كي يقود البلاد كما يريد، على أساس أن الخزانة مملوءة بأكثر من مائة وخمسين مليار دولار أمريكي، كما أن الدستور قد تغير ليمنحه صلاحيات واسعة كتلك التي حصل عليها الرئيس الراحل هواري بومدين عندما كان بوتفليقة وزيرا لخارجيته في ستينات وسبعينات القرن الماضي.

كما أن المشكلة التي واجهت بومدين آنذاك (التي تمثلت حينها في مجلس الثورة، وأدت إلى الحد من مجال تحركه، بسبب ضرورات توازن الحكم)، هي غير موجودة عند بوتفليقة، الذي عبر عنها أحسن تعبير عندما أعلن نفسه مرشحا حرا، وبالرغم ذلك فإنه يحظي بدعم أهم ثلاث أحزاب في البلاد، وبدعم إدارة واسعة الإنتشار قوامها من مليوني رجل و امرأة أوفياء.

لذا قد تكون النشوة التي يُعبر عنها المؤيدون لبوتفليقة في غير محلها، إذا لم تستثمر أموال البترول فيما ينفع البلد، الذي يمكن اعتباره “جنة” أو “جزيرة اقتصادية” قل نظيرها في عالم اليوم، لأن الجزائر من أندر البلاد على وجه الأرض ممن لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية بشكل مباشر، لأنها غير مرتبطة بالنظام المصرفي الاستثماري العالمي، كما أنها لا ترتبط به عبر مواد تصديرية قد لا يحتاج إليها المستهلكون في العالم الغربي، عدا البترول والغاز وهما مادتان حيويتان، لا غنى للعالم عنهما في المدى القريب، بالرغم من انخفاض أسعار الطاقة.

أوضاع استثنائية.. ومسؤولية أكبر

ليس هناك شك أن البلاد تتقدم، غير أن تقدم الحكومة إلى الأمام، سرعته أقل من سرعة تقدم المجتمع، ما يعني أن المواجهة بينهما قد لا يمكن تجنبها إذا ما عبر الجزائريون عن غضبهم بعد فوز بوتفليقة بعهدة رئاسية ثالثة.

إلا أن الغريب في أبجديات السياسة الجزائرية، هو ذلك الشعور الغريب بالرضى عن النفس، وإذا لم تهتز العاصمة الجزائرية بالغليان الشعبي والعنف المرافق له، دليل ذلك أن الكثير من الجزائريين خرجوا إلى الشوارع غاضبين في مناطق عديدة من الجزائر خلال العهدة الثانية لبوتفليقة بسبب سوء التسيير الإداري.

ولئن كانت المعارضة كبيرة هذه المرة، إلا أن الخطر الأكبر على سياسة بوتفليقة تجاه الجزائريين، – حسب نفس هذه المعارضة – قد يكمن في الكثير من الجموع المؤيدة لبوتفليقة، إذ أنهم يؤيدونه لحاجة في أنفسهم، وهو أمر يعرقل الامتيازات السياسية التي يتمتع بها بوتفليقة، ويذهب البعض إلى أنه قد يواجه نفس المأزق الذي وقع فيه بومدين، ولكن هذه المرة ليس بسبب توازنات السياسة بل بسبب “مصائب” المقربين.

لم يحدث منذ استقلال البلاد عام 1962 من القرن الماضي، أن تمتع رئيس باستقرار الحكم في يده، كما يتمتع به بوتفليقة حاليا، ولكن دهاءه السياسي وخبرته الدبلوماسية، تتعرضان للأذى بسبب عطفه وحنوه “الزائد عن اللزوم” برأي كثيرين على أفراد عائلته وأصدقاءه المقربين داخل وخارج الجهاز الحاكم، إذ لم يسجل على الرجل يوما واحدا أن آذى أحد المقربين إليه أو من يؤيده، وإن كانت هذه صفة وفاء حميدة، إلا أنها تتحول إلى مرض عضال إذا ما كان صاحبها ممسكا بالسلطة ورئيسا للبلاد.

صحيح أن العهد البوتفليقي قد شهد بناء المئات من المنشآت العامة والهياكل الأساسية، إلا أن الكثير منها بناه الصينيون، واقترن بسلسلة إجراءات إدارية لم تسلم من سهام النقد أو كتابة مقال صحافي أو تقديم شكوى تصفها بالصفقة “المشبوهة”، وبأنها كانت وراء رشوة فلان أو فلانة. وهؤلاء هم أعداء بوتفليقة والمعارضين له، وليس العنف أو عنف القاعدة في المغرب الإسلامي، التي أصبحت تتحرك في جيوب منعزلة، ويعترف قادتها بعجزهم عن تجنيد الشباب والمؤيدين.

وأخيرا، فإن حفل الترشح الذي نظم هذا العام، ولئن كان استعراضيا على الطريقة الأمريكية، إلا أنه أشبه ما يكون بـ “حفل يتامى” احتفلوا بين بعضهم بعضا، لأن حجم المقاطعين لهم جاء أكثر مما كان متوقعا. وخلاصة القول أن مسؤولية عبد العزيز بوتفليقة هذه المرة، أكبر بكثير من المرات السابقة لأن المعارضين لسياساته يتشكلون من المعتدلين والعنيفين، ومن المنتحرين ومن المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر إلى إسبانيا وإيطاليا، وهؤلاء في زيادة مستمرة، حسب أرقام وزارة الداخلية نفسها.

هيثم رباني – الجزائر

الجزائر (رويترز) – ذكرت صحيفة جزائرية يوم الاحد ان قوات الامن الجزائرية قتلت عضوا بارزا بتنظيم القاعدة في شمال افريقيا بناء على معلومات سرية من متشدد سابق قادتهم الى تحديد مخبأه.

ونقلت صحيفة “النهار” اليومية عن مصدر لم تذكر اسمه أن مراد بوزيد (65 عاما) الذي يعرف أيضا باسم عمي سليمان كان يتمتع بالقبول وله دور كبير في تجنيد واثارة حماس مقاتلي القاعدة الشبان.

وقالت الصحيفة المتخصصة في الشؤون الامنية إنه كان يختبيء في بلدة يسر على بعد 55 كيلومترا شرقي العاصمة الجزائرية وتم الوصول اليه بمساعدة سكان محليين.

ومضت تقول انه تم اقتفاء أثره باستخدام معلومات من علي بن تواتي الذي يعرف ايضا باسم امين ابو تميم وهو شخصية بارزة اخرى في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كان قد سلم نفسه في اواخر يناير كانون الثاني للاستفادة من العفو الحكومي الممنوح للمتمردين الذين يلقون السلاح.

وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي كان يعرف في السابق باسم الجماعة السلفية للدعوة والجهاد هو ما تبقى من تمرد أوسع نطاقا هز الجزائر في التسعينات وأسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 150 الف شخص.

وانحسر الصراع الى حد كبير بعد ان عرضت الحكومة العفو مرات متعاقبة على المتمردين في ظل حملة مصالحة وطنية.

لكن عدة مئات من المتشددين اطلقوا على انفسهم اسم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي قبل سنتين ونفذوا حملة تفجيرات قاتلة في مناطق حضرية انطلاقا من معقلهم في الجبال بمنطقة القبائل شرقي العاصمة الجزائرية.

وبعد شهور من الهدوء النسبي انفجرت قنبلتان على جانب طريق قرب الحدود بين الجزائر وتونس يوم الخميس الماضي بعد ساعات فقط من إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه سينافس في الانتخابات للفوز بولاية ثالثة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 15 فبراير 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية