مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ما سرّ اهتمام رواد التواصل الاجتماعي بسائقة شاحنة رفع النفايات السويسرية؟

نحو نصف مليون مشاهدة رابط خارجيحققها مقطع فيديو لسائقة شاحنة زبالة مغمورة في سويسرا على فيسبوك، ليصبح منطلق تندر ونقاش حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العالم العربي ومرآة تعكس الاختلافات الثقافية وحجم الفجوة القائمة بين سويسرا والعديد من الدول العربية. الفتاة السويسرية ناديا تحولت إلى كلمة السر بل إلى مصدر إلهام لحل أزمة تراكم القمامة في عدد من بلدان العالم العربي، حسب تعليقات متصفحي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أعادوا نشر المقطع بكثافة.

أكثر ما لفت انتباه متابعي صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي هو مستوى التقنية العالية لشاحنة القمامة، فكتب أبو أوس “هذه الشاحنة أكثر نظافة من سيارة الإسعاف عندنا وووووووووو” وقال ميد الـ : “شاحنة القمامة هذه أنظف من جميع حافلات الركاب الموجودة في بلادنا السعيدة”.

وعلّق إيهاب خ. “يعني إذا سائقة سيارة القمامة شكلها زي عارضات الأزياء…. وسيارة القمامة أنظف من سيارات الإسعاف عندنا……. عندما نبني ثقافة صحيحة …نحصل على بلاد نظيفة”.

مظهر ناديا كان محل اهتمام الكثير من المتابعين، ممن لم تخل تعليقاتهم من الطرافة على غرار غيث كيالي الذي كتب مناشدا:”أنا قمامةوالنبي قمامة 😢 خديني معك 🙏كيس اسود أنا”.

وتندر العربي “لوفي متلها عنا كانو الكل وقفو عل دور ليكبو زباله 😂

أما إبراهيم سعيد: “يازلمة عيونها بذلو الواحد ..بتصير بتقول لحالك… يا ريتني زبال 😂😂🤣🤣”.

ناديا وأزمات القمامة والسياسة في العالم العربي

البعض ذهب إلى حد الزعم بأن الفتاة السويسرية يمكنها معالجة أزمة تراكم القمامة بعد تفاقمها في عدد من الدول العربية ولا سيما لبنان، حيث كشفت هذه المشكلة بشكل صارخ فشل النظام السياسي في معالجة أكثر القضايا اليومية إلحاحاً وتوفير الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والتخلص من النفايات. 

وكانت أزمة القمامة السبب في اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية في عام 2015 والمعروفة باسم “طلعت ريحتكم” في لبنان للمطالبة برحيل وزير البيئة محمد المشنوق وإنهاء نظام المحاصصة الطائفية، الذي أضفى الشرعية و الطابع المؤسسي على ظاهرة الفساد المتفشي في لبنان. كما تزايدت المخاوف من أن تشعل هذه الأزمة شرارة صراعاً طائفياً في لبنان، بعد الفشل في تحديد مناطق كب النفايات ومطالبة كل طائفة بحصتها في النفايات وفق التقسيمات الطائفية ورفض مناطق استقبال النفايات القادمة من بيروت. 

facebook

في هذا السياق، تواصلت ردود الفعل بين رواد موقع فيسبوك ممن رأوا في ناديا من باب التندر “حلاً لمشكلة القمامة في العالم العربي”، بل ذهب البعض إلى أن “بيدها الحل للأزمات السياسية”، مطالبين إياها بإلقاء “سياسيين” شاركوا في المنتدى الاقتصادي العالمي في صناديق القمامة.

 فكتب عباس ترهيني مثلا: “يا ريتها رمت الوفد اللبناني بسيارتها.. نفايتهن أنظف من السياسين اللبنانيين بكتير”.

وكان رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية السابق جبران باسيل تعرض لانتقادات واسعة بعد مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس وتمثيله لبنان رغم أنه تم حل حكومته. وشجب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي سفره إلى سويسرا بعد تصريحه بأنه قدم على متن طائرة خاصة لصديق وذلك في إطار مقابلة مع صحفية أمريكيةرابط خارجي سألته “كيف وصلت إلى هذا المنتدى؟”، وتابعت المذيعة نقد الوزير اللبناني بسؤال آخر: “كيف يُمكن لوزير لبناني يتقاضى 5 آلاف دولار شهريا أن يستأجر طائرة خاصة؟، ليرد الوزير بأن الرحلة هدية من صديق. واستمر السجال بين الوزير والمذيعة، حتى تدخلت  سيغريد كاغ، وزيرة التجارة الهولندية والمنسّقة الخاصّة السابقة للأمم المتحدة في لبنان، فقالت: “عندما نكون في الحكومة يُمنع علينا أن يكون لدينا مثل هؤلاء الأصدقاء”.

وفي إطار هذا الجدل المتواصل، كتب أحد المتابعين “الله يسامحك يا ناديا كان جبران باسيل عندكم لو رميتي بطريقك مع القمامة كنا شكرناكي”😆

صورة لتعليق من موقع فيسبوك
Facebook

“ناديا رمز لمنظومة مجتمعية كاملة”

تحليل الاختلافات الثقافية شمل أيضاً صورة ودور المرأة في كل من المجتمعات العربية والغربية، فكتبت فاطمة صباغ “الحمد لله الذي كرمنا بالإسلام المرأة في الشرع غير مكلفة حتى بجلب حاجياتها فضلًا عن التخلص من قمامة منزلها… بينما يتباهون في الغرب بأن المرأة أصبحت سائقة لشاحنة قمامة !!هذه هي المساواة التي يدعون لها وذاك عدل الإسلام وتكريمه للمرأة”.

لكن غالبية المتابعين عبرّوا عن احترامهم وإعجابهم بممارسة فتاة سويسرية هذه المهنة باحتراف. وأكد العديد من القراء أن طريقة إتقان الفتاة السويسرية لعملها في جمع القمامة يعكس جملة العادات والمبادئ والقواعد السائدة في المجتمع السويسري من نظام وأمانة ودقة في تنظيم العمل واحترامه، مهما كانت درجة تعقيده أو بساطته:

نور الدين كتب على سبيل المثال “كل شئ جميل المضمون واﻷشخاص نظافه رائعة”.

أما محمد محمد فأضاف: “الجميل في الموضوع أن ناديا مصرة على أن تحافظ على إنسانيتها. فالإنسان خلق ليحافظ على القيمة الحقيقية للإنسان.. بهذا الاتجاه يرتقي بحياته كإنسان وإلا لن يكون هناك فرق بينه وبين أي مخلوق آخر”.

ورأى مصطفى قاسم أن “الكل عايش بسلام وبساطة الا دولنا العربية، ناس تأكل ناس”.

وكتب مروان على انستغرام “أكاد أجزم أن أفضل بلد هو سويسرا، ليس بأموالها -كما قد يُظن – ولكن برقيها، شعبا ودولة، ومدنيتها، حقا أنا معجب بها”!

وفيما حبّر علي حسن: “واضح الضمير المهني من نظافة السيارة أصلاً”، خلُصت نضال ارسلان إلى أن “قوتكم في بساطتكم”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية