مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تجدد النقاش حول ربط المساعدات التنموية باستعادة طالبي اللجوء المرفوضين

طالبو لجوء يصطفون يوم 8 فبراير 2012 للحصول على وجبة الغذاء في المطعم التابع لمركز استقبال اللاجئين في مدينة كياسو جنوب سويسرا Keystone

يثور الجدل في سويسرا بين حزب الشعب اليميني ووزيرة العدل والشرطة بشأن مشروع مراجعة القوانين الخاصة باللجوء المعروضة على البرلمان حاليا.

ويتركز النقاش حاليا على مسألة الربط بين قبول البلدان المعنية استعادة مواطنيها الذين رفضت برن طلبات لجوئهم وبين حصولها على المساعدات التنموية.

وقد تناولت الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء 21 فبراير 2012 على اختلاف ميولاتها ولغاتها، بالتحليل المقترحات التي قدمها قادة الحزب اليميني في ندوتهم الصحفية المنعقدة يوم 20 فبراير بخصوص رؤيتهم لكيفية تشديد إجراءات اللجوء أمام الموجة الجديدة من المهاجرين القادمين في أغلب الأحيان من شمال افريقيا بعد ثورات الربيع العربي.

صحيفة لا تريبون دي جنيف (تصدر بالفرنسية في مدينة جنيف) تطرقت لهذه النقاط المقترحة من خلال تحليل شخصيتين مهتمتين باللجوء في سويسرا وهما بيات ماينر الأمين العام للمنظمة السويسرية لمساعدة طالبي اللجوء، وفيليب لويبا الوزير المكلف بملف اللجوء في الحكومة المحلية لكانتون فو.

وفي تعليقه على مقترح تقدم به الحزب الديمقراطي المسيحي (يمين وسط) يدعو إلى تشديد الرقابة على الحدود، قال بيات ماينر: “إنه اقتراح غير واقعي بالمرة، وغير مقبول أن يشرع بلد صغير مثل سويسرا في تطبيق إجراءات الرقابة في قلب أوروبا وفضاء شنغن”. أما فيليب لويبا فيرى أن على سويسرا أن تحتفظ بعضويتها في اتفاقية شنغن لأنها تتيح لها “الإحتفاظ بعشرة طالبي لجوء في حين تسمح لها بإعادة أكثر من 100 آخرين الى الدول الأخرى”.

وفيما يتعلق باقتراح حزب الشعب السويسري المنادي بتعزيز آليات الإحتجاز الإداري للمهاجرين وتوسعة المساحات المخصصة لأماكن الإعتقال المؤقتة لطالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم تمهيدا لترحيلهم، اعتبر فيليب لويبا أنه “مقترح تم تقديمه من طرف الكانتونات كخطوة لتعزيز الإسراع بعملية الترحيل”، فيما ذهب بيات ماينر إلى أنه “اقتراح غريب من قبل حزب يدّعي أنه يرغب في التوفير لأن نفقات الإحتجاز للشخص الواحد في اليوم الواحد تتجاوز 300 فرنك”.

جدل سويسري

“لاتريبون دي جنيف” وبعض الصحف الأخرى الصادرة بالفرنسية اقتصر تناولها للمسألة على الإقتراحات العامة الرامية لإصلاح سياسة اللجوء بصورة عامة، لكن جل الصحف الناطقة بالألمانية اهتمت بكيفية معالجة معضلة التوافد الكبير للمهاجرين في أعقاب ثورات الربيع العربي وبالأخص من تونس.

صحيفة برنر تسايتونغ (تصدر في برن) عنونت مقالها بـ “التضارب في لعبة البوكر التونسية”، وهي تقصد بالدرجة الأولى التضارب القائم بين أعضاء الحكومة الفدرالية بخصوص كيفية التفاوض مع تونس حول إعادة هذه الأعداد الضخمة من المهاجرين غير الشرعيين التي اجتاحت بعض الكانتونات الحدودية الجنوبية مع إيطاليا وأدت إلى بعض المضايقات للسكان في الأسابيع الأخيرة.  

في هذا السياق، ترى الصحيفة أن التصريحات الرسمية تترك انطباعا لدى الرأي العام بأن “المفاوضات مع الجانب التونسي تمت في جو بناء ومنفتح بخصوص مناقشة شراكة في مجال الهجرة، وقبول تونس لاستقبال مواطنيها المعائدين من سويسرا”، لكن – وبطريقة غير رسمية – “هناك أخبار من الداخل تشير الى أن مبعوث الحكومة الفدرالية ادوارد نيازا، المكلف بملف الهجرة الدولية، قد فوّت الفرصة من أجل المطالبة بضمانات واضحة، وبدل ذلك وعـد بالدخول في شراكة في مجال الهجرة دون الحصول على تعهدات مُلزمة من الطرف التونسي”. 

وأضافت صحيفة برنر تسايتونغ أن ديديي بوركالتر، وزير الخارجية السويسري “تعهّد للتونسيين يوم 26 يناير الماضي في المنتدى الإقتصادي العالمي (المنعقد في منتجع دافوس) بتقديم 24 مليون فرنك من المساعدات وهذا بدون أية شروط “، وهو ما أثار غضب زميلته ووزيرة العدل والشرطة سيمونيتا صوماروغا التي سارعت (حسب الصحيفة) قبل يوم واحد من بداية المفاوضات مع الجانب التونسي للتصريح بأنها “ترغب في الربط بقوة بين إعادة طالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم، وبين المساعدات المقدمة في مجال دعم التنمية أو بموجب اتفاقات اقتصادية”.

من جهة أخرى، عـدّد كاتب المقال اندرياس زومر مناسبات أخرى تطرق فيها الوزيران في الحكومة الفدرالية إلى هذه المسائل عبر تصريحات متعددة إلى وسائل الإعلام السويسرية واعتبره “جدلا عبر التصريحات الصحفية”.

حوار مع تونس

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الرصينة (تصدر بالألمانية في زيورخ) كتبت تحت عنوان بارز أن “التعاون مع تونس هو في طور البناء”، وتطرق كريستوف فيرلي إلى النقاش الدائر في سويسرا بخصوص الربط بين المساعدات التنموية أو الإتفاقيات ذات الطابع الإقتصادي وبين سياسة إعادة طالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم.  وذهب إلى أن الجهود المبذولة حاليا على المستوى الفدرالي تسعى لبلورة كيفية إدراج هذا “الربط” في السياسة الخارجية السويسرية بطريقة رسمية، ولكن بأسلوب مرن. وفي هذا الصدد، ترى الصحيفة المقربة من الأوساط الاقتصادية أن هذا الأمر “سيتم من خلال مناقشة مشروع اتفاق التفاهم مع تونس الذي يضم العديد من القطاعات بما في ذلك، مشروع قبول افواج من المتدربين التونسيين، وقبول تونس لطالبي اللجوء الذين تُرفض طلباتهم”. 

صحيفة تاغس انتسايغر (تصدر بالألمانية في زيورخ أيضا)، تطرقت بدورها إلى المطالب المنادية بالتسريع في معالجة ملفات طالبي اللجوء القادمين من تونس. ويؤكد دافيد شافنر أن وزيرة العدل والشرطة “تتعرض لضغوط متزايدة، ومن أكثرها راديكالية تلك التي تطالب بالتسريع بمعالجة طلبات اللجوء بدون فرص للطعن (في القرارات) من قبل الوافدين من بلدان معروفة بالهجرة لأسباب اقتصادية”، وليس المقصود هنا بلدان المنشأ فحسب بل أيضا بلدان العبور مثل إيطاليا.

وفي هذا السياق، ترى الصحيفة أن حزب الشعب اليميني المتشدد يسعى إلى “دفع الحكومة السويسرية إلى المسارعة بابرام اتفاق في غضون الأشهر الستة القادمة مع إيطاليا من أجل تطبيق صحيح لاتفاقيات شنغن (ومعاهدة دبلن) التي تقضي بإعادة طالبي اللجوء إلى البلد الأول الذي ولج منه اللاجئ إلى فضاء شنغن، وفي هذه الحالة إيطاليا، وإلا العودة الى تنفيذ المراقبة على الحدود بين البلدين”.

المرونة مطلوبة

صحيفة “بليك” الشعبية (تصدر بالألمانية في زيورخ) عنونت بصريح العبارة: “الملايين لتونس فقط في حالة التعاون في مجال اللجوء”. وتطرقت للموضوع على لسان مارتين داهيندن، مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون (التابعة لوزارة الخارجية) الذي شدد بمناسبة تحديد ميزانية الوكالة لعام 2012 بحوالي 11 مليار فرنك على أن “تقديم الدعم سيكون من الآن فصاعدا مرتبطا بالتعاون في مجال الهجرة” .

وفي رد على تساؤلات كاتبة المقال كلوديا غنيم عن كيفية تطبيق هذا التوجه، وعن أسلوب التصرف عندما يتعلق الأمر بدول لا يرغب مواطنوها في العودة إليها مثل نيجيريا، أجاب مدير الوكالة مشيرا إلى أن “الحوار مع بلدان مثل نيجيريا يتطلب طرح مصالح الطرفين على طاولة النقاش مثل قبول العائدين الذين رُفضت طلباتهم من جهة والعمل مع السلطات على تطوير برامج تسمح بالحد من الهجرة من جهة أخرى مثل برامج التكوين المهني”. وحذر مارتين داهيندن، من أن طرح الموضوع على شاكلة أنه “لا مساعدات بدون قبول العائدين قد لا يسمح بتحقيق أي شيء على الإطلاق”. 

ارتفع عدد طلبات اللجوء في عام 2011 في سويسرا إلى 22551.
 
يمثل هذا الرقم ارتفاعا بنحو 44,9٪ عمّا كان عله الأمر في عام 2010 وكذلك في عام 2002، الذي سجل أعلى نسبة تدفّق لطالبي اللجوء.
 
أكثر الأعداد الوافدة هي من إريتريا (3356 طلبا) ومن تونس (2574 طلبا) ومن نيجيريا (1895 طلبا).
 
تُعزى هذه الزيادة في أعداد طالبي اللجوء في الأساس، إلى الإضطرابات والثورات التي هزّت عددا من بلدان شمال إفريقيا في عام 2011.
 
سجل عام 2011 حصول 3711 شخصا على حق اللجوء في سويسرا، مقابل 3449 شخصا في عام 2010.
 
(المصدر: إحصائيات المكتب الفدرالي للهجرة)

يعد موضوع الهجرة واللجوء من المواضيع الأكثر إثارة للجدل في السياسة السويسرية.

فيما يضغط حزب الشعب السويسري (يمين شعبوي) باستمرار من أجل اعتماد قواعد أكثر صرامة في مجال اللجوء، تتمسّك أحزاب اليسار والوسط (وإن بتفاوت) بضرورة عدم انتهاك المبادئ الإنسانية وتقاليد سويسرا في هذا المجال.
 
آخر التعديلات التي شهدها قانون الهجرة واللجوء كانت في عام 2007.
 
 وقعت سويسرا على اتفاقية دبلن المنظمة لعمليات اللجوء في عام 2008، وتضم هذه الإتفاقية 20 بلدا أوروبيا.

تعد السلطات الفدرالية الجهة المسؤولة على ملف اللجوء، ولكن يترك الإختيار لحكومات الكانتونات البالغ عددها 26 حكومة الحق في اختيار الأسلوب الأمثل في تنزيل تلك السياسات.

تقترح وزيرة العدل والشرطة حاليا انشاء المزيد من مراكز استقبال اللاجئين من أجل تسريع عمليات دراسة الملفات واتخاذ قرارات القبول أو الرفض.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية