مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تجربة فريدة … ولكنها لا تكفي

حب الوطن لا يعني بالضرورة كراهية الآخرين، لكن النازيين الجدد يخلطون الاوراق ويبدلون المعايير Keystone

أعلن كانتون بازل – القروي عن افتتاح أول مركز في سويسرا لاستقبال "النادمين" على نشاطهم في الجماعات اليمينية المتطرفة، على غرار التجربة التي قامت بها بعض الدول العربية لاستقبال "التائبين" من الانخراط في الجماعات المتطرفة.

عددهم لا يقل عن خمسة وسبعين شخصا وأعمارهم لم تتخطى بعد مرحلة الشباب إلا أنهم اختاروا أن يكونوا من العناصر اليمينية المتطرفة، يكرهون كل ما هو أجنبي وينبذهم المجتمع لاستعمالهم العنف في التعبير عن أهدافهم، هؤلاء هم من يؤرقون كانتون بازل – القروي الصغير وبقية المنطقة، وذلك بسبب موقعها على الحدود مع دولتين تعاني من انتشار مثل هذه التيارات، حيث تساور الشرطة والسكان مخاوف من أن تصبح منطقة بازل الكبرى مركز تجمع لليمين المتطرف والنازيين الجدد من المانيا وفرنسا وربما أيضا من الدول الاسكندنافية.

ويرى الخبراء القائمون على عمل هذا المركز أن الشاب الذي يبدي ندمه على الانضمام إلى الحركات اليمينية المتطرفة يمر أولا بمرحلة يشعر فيها بعدم الثقة بالنفس والقلق والتردد، ويحتاج في هذه المرحلة إلى الحديث مع شخص لديه خبرة واسعة ويتمتع في نفس الوقت بالمقدرة على تقديم أجوبة على مئات التساؤلات التي تدور في عقله، وما يقدمه المركز هو بعض الأفكار والموضوعات والمقترحات التي تساعد على الخروج من دوامة التفكير.

خبراء هذا المركز يختلفون في تخصصاتهم فمنهم التربوي والنفسي والاجتماعي والقانوني أيضا، حيث يحاولون إعطاء المشاكل التي يتعرض لها “النادمون” أكبر قدر ممكن من الأهمية للخروج به من مرحلة القلق والتردد.

ويحاول المركز استقطاب هؤلاء الشباب في مشاريع تشغل أوقات فراغهم وتفرغ طاقاتهم مثل ممارسة الهوايات المختلفة أو الرياضة، مع الحرص على تجنب الرياضات العنيفة أو اللجوء إلى المشاحنات في التعبير عن السعادة بالفوز.

أما الجانب الآخر في عمل المركز فيتمثل في البحث في أسباب انضمام الشباب إلى الأوساط المتطرفة ومحاولة معالجة موطن الداء، ويتوازى عمل المركز مع نشاط مكثف من قبل الشرطة والأجهزة الأمنية التي تمنع مثلا تأجير قاعات الاحتفال لممارسة هذه الأنشطة العنصرية وتوزع معلومات حول تجمعاتهم.

مركز استقبال النادمين والراغبين في مغادرة ساحة اليمين المتطرف يقدم خدماته أيضا للأسر التي فشلت في السيطرة على أبنائها والمدارس التي يزورونها وكذلك أيضا إلى المسؤولين في الإدارات المحلية، كما بدأت المدارس تحرص على مراقبة سلوك التلاميذ وتنويه أولياء الامور حال ظهور بوادر عنصرية في تعاملاتهم مع التلاميذ الاجانب.

خطوة واحدة لا تكفي

الخطوة التي أقدمت عليها بازل جاءت في الوقت المناسب وربما تكون مثالا يحتذى به في بقية الكانتونات لاسيما وأن بعض الجماعات اليمينية المتطرفة بدأت في تكوين اتحاد لها تحت شعار وطني سويسري، في خطوة تبدو وكأنها تجميع لما تصفه بـ”القوى الوطنية الصغيرة” تحت مظلة واحدة، تخفي تحتها شعارات “النازية الجديدة” التي تكن أشد العداء للتيارات اليسارية والليبرالية والاجانب.

وخطورة هذا الاتحاد المتطرف تكمن في أنه سيكون إنقاذا للجماعات اليمينية الصغيرة من الاندثار ليس في سويسرا فحسب بل أيضا في دول الجوار وعلى رأسها ألمانيا.

مواجهة هذا الخطر اليميني لا يمكن أن يكلل لها النجاح بالاكتفاء فقط بمركز استقبال التائبين، وإنما أيضا بتشديد قوانين العقوبات على تلك الجماعات ومنع الرموز النازية كالصليب المعكوف والشعارات التي تحث على العنف في مواجهة كل ما هو أجنبي، كما أن الامر قد يتطلب منع اجتماعات هذه العناصر واغلاق مواقعها على شبكة الانترنت.

وإلى جانب هذه القوانين والاجراءات تدعو الحاجة إلى برنامج متكامل لتوعية الرأي العام بخطورة هذه المشكلة ويعمل على معالجتها إعلاميا وثقافيا وتربويا، فالمجتمع السويسري – الذي يشكل الاجانب فيه خمس عدد سكانه – يحتاج إلى مثل هذه الخطوة الآن أكثر من أي وقت آخر.

تامر أبوالعينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية