مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تحذيرات للسلطات الجديدة في ليبيا من تفاقم الإنتهاكات في مجال حقوق الإنسان

بعض الثوار يُوقفون أحد الأشخاص الذين يُشتبه في انتمائهم إلى كتائب القذافي في مدينة سرت يوم 12 أكتوبر 2011. Keystone

حذرت كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش من تعاظم الإنتهاكات المرتكبة من قبل ثوار المجلس الوطني الإنتقالي في ليبيا في حق المدنيين والأسرى من كتائب القذافي ومهاجرين من أصول افريقية.

تأتي هذه التحذيرات في الوقت الذي تشتد فيه المعارك حول آخر معاقل أنصار القذافي في كل من سرت وبني وليد. وهو ما دفع القيادة الحالية للمجلس الوطني الإنتقالي إلى تكرار النداءات المطالبة باحترام  المدنيين وحقوق الأسرى على غرار ما صرح به رئيسه المستشار مصطفى عبد الجليل مرارا بمؤكدا أنه “لن يقبل أي تجاوزات ترتكب في حق الأسرى وأنه سيقوم بفتح تحقيقات في كل الإدعاءات من هذا النوع”.

“إساءة لليبيا الجديدة”

فقد أصدرت منظمة العفو الدولية يوم 12 اكتوبر، تقريرا حول هذه الإنتهاكات تحت عنوان “انتهاكات حقوق المعتقلين إساءة لليبيا الجديدة” استعرضت فيه بعض الحالات التي ترى أنها “نمط متكرر من الاعتداءات بالضرب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الأسرى من جنود القذافي، والمعتقلين المشتبه في ولائهم له، والمرتزقة المزعومين من غربي ليبيا”. وذهبت المنظمة  الحقوقية إلى حد القول بأنه “في بعض الحالات تجلت أدلة على ممارسة التعذيب بغرض انتزاع الاعترافات أو معاقبة المعتقلين”.

وهو ما دفع نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا بالمنظمة السيدة حسيبة حاج صحراوي الى التصريح بأن “هناك خطرا حقيقا في أن تتكرر بعض تصرفات الماضي إذا ما لم يتم اتخاذ إجراء حازم وفوري …”.

اعتقالات “بدون ضوابط”

التقرير الذي أعدته منظمة العفو الدولية بعد زيارة ميدانية قامت بها إلى أحد عشر مركز اعتقال في مدينة طرابلس وضواحيها ومدينة الزاوية ومناطق أخرى من ليبيا ما بين 18 أغسطس و 21 سبتمبر 2011، سمح بهذه استنتاجات.

وما تنتقده منظمة العفو الدولية بالخصوص” كون أن جميع المعتقلين تقريبا احتجزوا بدون أوامر قضائية، وبدون تدخل في اغلب الأحيان للنيابة العامة، وأن الاعتقال تم من قبل المجالس المحلية، او المجلس العسكري المحلي، أو الكتائب المسلحة بدون تدخل من وزارة العدل”.

كما يتضح من المقابلات التي أجرتها المنظمة مع حوالي 300 سجين” أن ايا منهم لم يُطلع عند القبض عليه على  أمر اعتقال رسمي، كما تم اختطاف عدد منهم من بيوتهم  على ايدي أشخاص مجهولي الهوية دهموا منازل من يُشتبه في أنهم مقاتلي القذافي او من الموالين له”. كما جاء في التقرير.  وأوردت منظمة العفو الدولية ايضا شهادات بعض المعتقلين الذين يقلون أنهم تعرضوا للتعذيب.

وتطرق تقرير منظمة العفو الدولية إلى وضع الأفارقة والمواطنين من ذوي البشرة السمراء الذين “يتعرضون لمضايقات للاشتباه في كونهم من المرتزقة” حسب زعمها. وتفيد المنظمة الحقوقية أنه “قد تبين أن الأفارقة من دول جنوب الصحراء الكبرى الذين يشتبه في أنهم من المرتزقة يشكلون ما يتراوح بين ثلث ونصف المعتقلين”، لكنها أشارت أيضا إلى “إطلاق سراح البعض منهم لعدم توفر أدلة على تورطهم في القتال”.

وفيما دعت منظمة العفو الدولية السلطات الليبية الجديدة “لكي تكف عن اعتقال أي شخص بدون أمر من النيابة العامة”، حثتها أيضا على “إخضاع مراكز الإعتقال لإشراف وزارة العدل”.

وبعد الانذارات المتكررة للمجلس الانتقالي فيما يتعلق باحترام معاملة الأسرى، قالت حسيبة الحاج صحراوي، نائبة رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا بمنظمة العفو الدولية: “يجب على المجلس الوطني الانتقالي أن يترجم على الفور تعهداته العلنية الى إجراءات فعلية قبل أن تتعمق تلك الإنتهاكات وتلطخ سجلّ ليبيا الجديدة في مجال حقوق الإنسان”.

معاناة المدنيين في سرت وتاورغاء

منظمة هيومن رايتس ووتش تطرقت من جهتها إلى أوضاع المدنيين والمقاتلين في معارك سرت. وطالبت بضرورة “إسراع قوات المجلس الوطني الانتقالي بنقل الأسرى من المقاتلين في صفوف القذافي والمدنيين المتهمين بدعم هذه القوات إلى مراكز احتجاز تابعة للمجلس الإنتقالي في طرابلس أو بنغازي للحد من خطر الاعتداء عليهم  من قبل قوات المجلس الانتقالي المشاركة في القتال”

ومن جهته، قال مستشار المنظمة الخاص فراد آبراهامز “يجب على القادة الميدانيين في سرت الحرص على أن تقوم قواتهم بحماية المدنيين وتمكنيهم من الإبتعاد عن ساحة المعركة. ويجب معاملة جميع السجناء معاملة إنسانية وتسليمهم الى سلطات المجلس الانتقالي القادرة على ضمان سلامة هؤلاء الأشخاص بشكل افضل”.

واستنادا إلى تقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومصادر أخرى، تعتقد منظمة هيومن رايتس ووتش أن “حوالي عشرين الف شخص  فقط من سكان مدينة سرت التي كان يفوق عدد سكانها المائة الف نسمة قبل بداية الحرب، فروا من القتال الدائر في وسط المدينة، وأن الآلاف مازالوا عالقين بداخلها، وأن هناك العديد من العمال المهاجرين”.

واستنادا الى شهادة فارين من المدنيين أشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن “قوات المجلس الوطني الانتقالي قامت تكرارا بقصف أحياء سكنية خلال الأسبوعين الماضيين”. وأفاد بعض الشهود ايضا بأن “قصف حلف شمال الأطلسي خلف مقتل العديد من السكان المدنيين”.   

من جهة أخرى، أثارت المنظمة الحقوقية الأمريكية موضوع الحساسيات البادية بين السكان والمقاتلين المنحدرين من تاورغاء الموجودين حاليا في سرت، وبين المقاتلين المنحدرين من مصراتة والمتواجدين في صفوف ثوار المجلس الوطني. وتذهب المنظمة إلى أن سبب العداء “اعتقاد المقاتلين المنحدرين من مصراتة بأن سكان تاورغاء كانوا ضمن قوات القذافي التي ارتكبت جرائم فظيعة في مصراتة”.    

وفي السياق نفسه، أوردت هيومن راتس ووتش تقارير أخرى تشير إلى “تسجيل انتهاكات تشمل التعذيب تمت في بداية شهر اكتوبر في ضواحي وفي داخل مدينة مصراتة  قام بها مقاتلون من المدينة في حق أشخاص من تاورغاء”.    

تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر المنظمة الانسانية الدولية الوحيدة التي استطاعت لحد الآن الوصول إلى مستشفى سرت، وإخراج 25 جريحا إضافيا يومي الإثنين والثلاثاء الأخيرين (10 و11 أكتوبر 2011)”. وقد قامت لحد اليوم بثلاث رحلات الى مدينة سرت منذ بداية شهر أكتوبر الجاري.

تؤكد المنظمة الإنسانية التي تتخذ من جنيف مقرا لها أن الأوضاع في مستشفى ابن سينا “كارثية  وصعبة “. وفي بيان صادر عن المنظمة، يقول مبعوث اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتريك شفيرتسل “عندما وصلنا وجدنا مرضى يعانون من حروق خطيرة تسببت فيها شظايا القنابل. وبعضهم تم بتر أطرافه والبعض الآخر في شبه غيبوبة وسط أناس ينتظرون المساعدة”.

أشارت المنظمة أيضا إلى أن المستشفى الذي دُمّـر جزئيا لم يعد صالحا للاستخدام. وقد قامت بنقل 17 مريضا يوم الثلاثاء 11 أكتوبر الى مكان خارج سرت بغرض نقلهم لاحقا عن طريق الجو إلى طرابلس.

من جهتها، قامت جمعية الهلال الأحمر الليبية بنقل 18 عامل أجنبي من المصريين والفلسطينيين  واللبنانيين الذين كانوا يحتمون داخل المستشفى إلى خارج مناطق القتال.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية