مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تحرير نسبي في الفضاء الإعلامي المغربي

الضجيج الذي صاحب الإعلان عن تحرير الفضاء السمعي والبصري في المغرب من الناحية القانونية لم يتجدد مع الإعلان عن الجيل الأول من القنوات الإذاعية والتلفزيونية الذي سمح له بالبث في البلاد.

الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري اكتفت بإصدار بلاغ أعلنت فيه عن منح ترخيص البث لقناة تلفزيونية وحيدة ولعشر قنوات إذاعية.

أعلنت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، التي كُـلِّـفت وفق المرسوم الملكي المؤسس لها بتدبير الفضاء المغربي وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للولوج إلى هذا الميدان، في بلاغ وزعته يوم 17 مايو الماضي، عن منح ترخيص البث لقناة تلفزيونية واحدة و10 قوات إذاعية.

كان متوقعا أن تقدم الهيئة، التي يختصر اسمها مغربيا بـ “هاكا”، في حفل كبير يترأسه، حسب بعض المصادر الصحفية، الملك محمد السادس أو على الأقل في ندوة صحفية لا يكتفي فيها بإعلان عن المشاريع التي حظيت بالترخيص، بل يشرح فيها مسؤولو الهيئة أسُـس المنح وأسباب الحجب عمّـن حُـجِـب عنهم الترخيص.

لكن ذلك لم يحصل، حيث أعلن في بيان بلغ فيه عن المشاريع التي استجابت للشروط التي وضعت ومعها فقرة حول مسألة الترددات أو الذبذبات التي تتحكّـم فيها عوامل وجهات تقنية، مثل الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات السلكية واللاسلكية والاتحاد الدولي للاتصالات بجنيف لعلاقة الذبذبات بدوَّل الجِـوار.

الطلبات المقبولة قانونيا

الدفعة الأولى للطلبات، التي قبلتها الهيئة قانونيا، بلغت 34 مشروعا، 3 مشاريع تلفزيونية و31 مشروعا إذاعيا، ومن هذه المشاريع، قُـبل مشروع تلفزيوني واحد و10 مشاريع إذاعية، ومنحت حتى نوفمبر القادم مُـهلة قانونية لبدء بثها.

مشروع القناة التلفزيونية، هو قناة ميدي سات MEDISAT الوجه التلفزيوني لإذاعة البحر المتوسط الدولي المعروفة بـ “ميدي 1″، وهي مؤسسة شبه حكومية مغربية فرنسية مشتركة، وذات محتوى ترفيهي وإخباري محلي ودولي، مدعومة من القصر الملكي بالرباط وقصر الإليزيه بباريس.

وتقول أسبوعية الأيام المغربية “إن قرار الترخيص كان شكليا بعد أن أعلن عنه الرئيس الفرنسي جاك شيراك في وقت سابق”، ويشارك في رأسمال هذا المشروع شركة “اتصالات المغرب” وصندوق الإيداع والتدبير، وهما من القطاع شِـبه العمومي المغربي.

وكانت مؤسسة ميدي 1 قد بدأت ببث برامجها الإذاعية منذ عام 1980 من مدينة طنجة شمال المملكة المغربية برأسمال مشترك مغربي (51%) – فرنسي (49%) تحت إدارة فرنسية، ومنحت هامشا واسعا من حرية التعاطي مع الخبر المغربي والدولي.

تراخيص إذاعية

المشروعان التلفزيونيان اللذان لم يكن لهما حظ الترخيص، يشارك بها رأسمال فرنسي وإيطالي، لكنهما تبثان جهويا. الأولى، تقدمت بمشروع قناة Canal 3M ويقف وراءه الفرنسي بيير لومبير، المقرب من المستشار الملكي المغربي اندري ازولاي، ويقتصر بثها على الدار البيضاء ومراكش، فيما كان المشروع الثاني مشروعا فنيا بمساهمة رأسمال إيطالي. وأصحاب المشروع هم رجال الأعمال المغتربة فوزي الشعبي، وعبد القادر الجمالي، وديدجي ابديل. وتردد أن عدم منح الترخيص لهذا المشروع، يعود إلى خفض أصحابه رأس المال من 2 مليار درهما (220 مليون دولار) إلى 56 مليون درهما.

المشاريع الإذاعية العشرة التي منحت التراخيص، تتقاسم صفات الجهوية والخدماتية والموسيقى، أي أنه لم يمنح الترخيص لإذاعة تتعاطي الأخبار السياسية أو تبث على المستوى المغربي، وهي: إذاعة “هيت راديو ماروك” (الدار البيضاء، الرباط، مراكش)، وهي برأسمال مشترك بين يونس بومهدي ومجموعة start الأوروبية. وإذاعتي راديو أطلس (مراكش) وأغادير بلوس (اغادير)، وتهتم بمجال السياحة، ويُـشرف عليهما عبد الرحمن العدوي، الصحافي المغربي السابق في قناة أبو ظبي. وإذاعة لكل الناس (الدار البيضاء ومحيطها)، ومتعهدها رشيد حايك ومتخصصة بالموسيقى والأغنية المغربية. وإذاعة ايكوميديا إف. إم، ومتعهدها مؤسسة ايكوميدا الصحفية، التي تصدر “لوكومنيست” والصباح، وتولي اهتمامها للشؤون الاقتصادية والمقاولات والاستثمارات. ومجموعة فاس اف. ام ومراكش اف. ام وأغادير اف. ام، ومتعهدها كمال لحلو، صاحب المؤسسة التي تصدر أسبوعية la gazette du maroc، وإذاعة biz fm، التي يُـشرف عليها الإعلامي ورجل الأعمال التهامي الغرفي، وإذاعة كاب راديو في شمال المغرب، ويشرف عليها محمد لعروسي وعلي لزرق، البرلماني في البرلمان الهولندي.

تشدد في تطبيق الشروط

ويصعب القول بأن المشاريع التي منحت تراخيص البث، قد أدخلت المغرب إلى مجال الفضاء المفتوح، فالبنسبة للمتلقي، فإن الفضاء المفتوح لا يكون إلا بحموّلاته السياسية، أي أن تكون القناة عامة وتتعاطى الشأن السياسي المحلي أو الدولي، كما أن للمغرب تجربة مشابهة مع الإعلام التلفزيوني الخاص، حيث دشن 1989 القناة الثانية 2M التي كانت ملكيتها أساسا لشركة “أونا” الاستثمارية، إلا أن التجربة لم يكتب لها النجاح استثماريا، فدخلت الدولة على الخط واشترت المؤسسة عام 1996.

لكن الذي أثار الانتباه في مسألة التراخيص، بالإضافة إلى عدم منحها لقناة canal 3M لقرب صاحبها من اندري ازولاي أيضا عدم منح ترخيص للبث الإذاعي لمشروع تعود ملكيته لمنير الماجيدي، وهو مدير الديوان الملكي، وأيضا مشروع بملكية نجل رئيس الحكومة إدريس جطو، ومشروع لناصر حجي، الوزير السابق للبريد، ومشروع للصدّيق معنينو، الكاتب العام السابق لوزارة الاتصال، ومشروع بملكية عبد الرحمن عاشور، المدير العام الأسبق للإذاعة المغربية الرسمية.

تقول المصادر المقربة من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، إن عدم منح هذه المشاريع التراخيص بُـرهانا على التشدد في تطبيق الهيئة للشروط ودفتر التحملات المطلوبة للموافقة على أي مشروع، دون أن يعني ذلك ارتياح جميع الفاعلين في الوسط الإعلامي للنتائج المُـعلن عنها.

وقال يونس مجاهد، الأمين العام للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، صاحب مشروع الإذاعة المركزية، الذي لم يحصل على الترخيص إنه “يشتم رائحة ضغوط سياسية واقتصادية لصالح مشاريع معينة”، كما طعنت في مصداقية التراخيص صحيفة “البيان” الناطقة بلسان حزب التقدم والاشتراكية، الذي ينتمي إليه نبيل بن عبد الله وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة.

تتراوح مواعيد بدء البث لمن مُـنحت لهم التراخيص، بين بداية شهر أغسطس ومنتصف نوفمبر القادم، ويأمل المعنيون أن لا يكون مصير تلك المواعيد كمصير الإعلان عن نتائج التراخيص التي كان مقرّرا أن يُـعلن عنها في 5 ابريل الماضي، فإذا بها تُـعلَـن في 10 مايو الجاري دون أن تجد الهيئة نفسها مضطرة لتقديم شروحات لهذا التأخير.

محمود معروف – الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية