مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تحـوُّل مُلفت لسياسة الاشتراكيين في مجال الأمن الداخلي

يترأس كريستيان لوفرا الحزب الاشتراكي كريستيان لوفرا منذ مارس 2008 Keystone

لا يريد الحزب الاشتراكي السويسري ترك موضوع الأمن العام "حكرا" على اليمين، بحيث قدّمت لجنته التوجيهية يوم الإثنين 30 يونيو الماضي خلال مؤتمر صحفي في برن وثيقة تتضمن تصوُّرها الجديد لمفهوم الأمن جاء في 13 نقطة.

ويشتمل بيان الموقف الاشتراكي الذي سيـُعرض على قاعدة الحزب خلال مؤتمره في كانتون آراو في شهر أكتوبر القادم مقترحات تـُطالب، على سبيل المثال، بتكثيف الحضور البوليسي وبالمزيد من التشدّد إزاء المُتسوّلين. لكن يُتوقع بـعد أن تشهد صفوف الحزب خلافات داخلية بهذا الشأن.

“لقد تركنا حزب الشعب (يمين متشدد) يستخدم لمدة طويلة جدا مشكلة الأمن العام دون اقتراح حلول لها”.. تصريحٌ جاء على لسان رئيس الحزب الاشتراكي كريستيان لوفرا يوم الإثنين الماضي 30 يونيو أمام وسائل الإعلام في برن، وذلك غداة نشر صُحف يوم الأحد لمقتطفات من وثيقة للحزب تحمل عنوان “الأمن العام للجميع”، وتتضمن التوجه الاشتراكي الجديد في هذا المجال.

السيد لوفرا، الذي دافع عن حزبه إزاء “اتهامه” بتقليد اليمين، أقرّ بأن قيادة الحزب الاشتراكي أصبحت تعتمد على مقاربة مختلفة “أكثر هجومية ودِقـّة” تـمزج بين إجراءات وقائية وأخرى ردعية، مُعبرا عن قناعته بضرورة الأخذ في الاعتبار التحوُّلات التي يشهدها المجتمع والأخذ على محمل الجد مخاوف وانشغالات السكان.

كما أعرب عن اعتقاده بأن “الحزب الاشتراكي بإمكانه إجراء هذا النقاش أفضل من غيره”، مـُعـَرّفا مهمة الأمن كـخدمة عامة. وشدّد لوفرا إلى جانب النائبة الاشتراكية إيفي أليمان، رئيسية اللجنة التي صاغت وثيقة موقف الحزب من موضوع الأمن، على عدم وجوب ترك وسائل الحماية للأغـنياء فقط من خلال لجوئهم لشركات مراقبة خاصة. وقال رئيس الحزب في هذا الإطار: “إن الأمن ليس مُخصصا لنُخبة تستطيع أن تتزود بحراس خواص وأنظمة الإنذار”.

خلافات مُرتقبة داخل الحزب نفسه

وبالنسبة للنائبة أليمان (من كانتون برن)، يـمكن نعت الوثيقة بكافة الأوصاف سوى اعتبارها سياسة عدم تسامح رخيصة. غير أن كريستيان لوفرا اعترف بأن صفوف حزبه ستشهد خلافات بهذا الشأن لأن التصور الجديد يقترح إضافة إجراءات غير معتادة نوعا ما إلى الأساليب الاشتراكية القديمة في مجالي الوقاية والاندماج.

ومن الإجراءات المقترحة حظر التسول المُنظـّم، والتسامح مع باقي المُتسولين فقط إذا كان عددهم لا يثير الانزعاج. فضلا عن ذلك، تـدعو الوثيقة إلى تكثيف الحضور البوليسي وتعزيزه في القطارات أيضا، وإلى تقوية صفوف رجال حفظ النظام بـ 1500 موطن عمل إضافي، فضلا عن إنشاء جهاز شرطة مُكلف بالأحداث.

وتـُوافق الوثيقة أيضا على لجوء محدود لأسلوب المراقبة بالفيديو، كما تدعم جزئيا الإجراءات الحالية لمكافحة ظاهرة شغب الملاعب “الهوليغانز”: توسيع رقعة تطبيق حظر دخول الملاعب لتشمل عدم الاقتراب من محيط معين حول الملعب، والحبس الاحتياطي وتخزين المعلومات عن المعنيين في قاعدة بيانات خاصة بالذين يُكررون فعلتهم.

“لم يعد لدينا أي موضوع مُحرم”

وقد ذكـّرت صحيفة “لا ليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ)، غداة المؤتمر الصحفي للاشتراكيين، بأن “قيادة هذا الحزب كانت قد تعرضت لانتقادات لاذعة في عام 2002 عندما أدخلت فصلا حول الأمن في برنامجها الانتخابي. وتعيـّن عليها بالتالي التخفيف من حدة تصوّرها بتعويض الأمن العام بالأمن الاجتماعي بهدف إعادة الهدوء إلى صفوف الحزب. وبعد مضي ستة أعوام، وتكبد هزيمة انتخابية في أكتوبر 2007، عاد الموضوع من جديد إلى طاولة النقاش”.

أما صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف) فاختارت استعمال كلمة “القطيعة” لوصف اعتزام قيادة الحزب الاشتراكي “كسر تابوهاته حول الأمن”. وكتبت الجريدة “إن المقترحات (الواردة في وثيقة اللجنة التوجيهية للحزب) تبدو متوازنة، لكن لهجتها قد تحير جزء من النشطاء في صفوفه. فإذا كانت تُركز على الدولة الاجتماعية باعتبارها عاملا أساسيا للوقاية، فإنها تعتبر الأمن كذلك كحق إنساني، وزيادة الشعور بعدم الأمان كحقيقة، والحضور البوليسي كضرورة، والنسبة القوية لأعمال العنف المرتكبة من قبل الأجانب كأمر واقع”.

من جهتها، سألت صحيفة “لوماتان” (تصدر بالفرنسية في لوزان) السيد كريستان لوفرا إن لم تكن وثيقة “الأمن العام للجميع” بمثابة ثورة كبيرة بالنسبة للحزب الاشتراكي، فأجاب: “عندما انتـُخبت على رأس الحزب في مارس (2008)، تعهدت بأخذ مخاوف الناس على محمل الجد، فعلى اليسار أيضا أن ينشغل بموضوع انعدام الأمن والجريمة، لأن الحزب الاشتراكي لم يعد لديه أي موضوع تابو (مُـحرم)”.

وما إذا كان الحزب الاشتراكي بصدد تقليد أساليب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي ركز على موضوع عدم الأمن خلال حملته الانتخابية، رد السيد لوفرا في تصريحاته لنفس الجريدة: “لا هنالك أي علاقة بين الأمرين، لأن مسعانا غير شعبوي (…)، صحيح أن القاسم المشترك بيننا هو الحديث عن الأمن، لكن تصور اليمين عموما في هذا المجال هو ردعي في المقام الأول: أي محاربة الجنـوحية وعدم التسامح بتاتا. لكننا في الحزب الاشتراكي، نعتمد مقاربة أوسع تقوم على تصور يتراوح ما بين الإجراءات الوقائية والردعية والتنظيم العام للفضاء العمومي”.

سويس انفو مع الوكالات

“اليوم، لم يعُد العديد من مواطنينا يشعرون بالأمان في الأماكن العامة. ويأخذ الحزب الاشتراكي هذا التطور على محمل الجد ويعتزم – في المستقبل – تحمل مسؤولياته في هذا المجال. وهذا هو سبب صياغته لوثيقة أساسية بعنوان “الأمن العام للجميع” تقترح اتخاذ تدابير وقائية وقمعية على حد سواء (…)”.

“ليس هنالك شك في أن النتيجة المرجوة من تنفيذ هذه الإجراءات هي تقليص الشعور بعدم الأمان. وبعد المصادقة عليها من قبل اللجنة التوجيهية للحزب الاشتراكي، ستعرض الوثيقة (وهي بيان موقف) على المؤتمر العادي للحزب الذي سينعقد يومي 25 و26 أكتوبر القادم في كانتون آراو.

ويُعتبر الأمن بالنسبة للحزب الاشتراكي مفهوما عاما، فهو يعتمد في المقام الأول على حقيقة أن نفس فرص التنمية الشخصية وإمكانيات تحقيقها متاحة لعامة السكان، وهذا يفترض توفير تكافؤ الفرص، وحد أدنى للمعيشة، والأمن الاجتماعي، وسيادة القانون وضمان الحقوق الأساسية. (…) وتعد التدابير التي من المرجح أن تحقق هذه الأهداف الطويلة الأجل أساس السياسة الاشتراكية في مجال الأمن.

ومن بين تلك الإجراءات الطويلة الأمد، نجد أدوات محددة في مجال مكافحة الجريمة والعنف وانعدام الامن؛ وهي أدوات تركز عليها وثيقة الحزب الاشتراكي التي صاغتها لجنته المتخصصة “سياسة السلم والأمن” بقيادة النائبة البرلمانية إيفي أليمان (من كانتون برن). وتعرض الوثيقة 13 من مجالات العمل التي تشتمل على تدابير وقائية وردعية على حد سواء”.

تدعو وثيقة الحزب الاشتراكي إلى اتخاذ تدابير جديدة في المجالات التالية:

– المجال العام: تنظيمه من أجل دعم الأمن.
– المجتمع: على مدار الساعة، توضيح الحدود وتعزيز الخدمة العامة.
– النظافة الصحية: تحسين النظافة في الأماكن العامة.
– الأجانب: اتخاذ إجراءات خاصة لمكافحة الإجرام في صفوفهم.
– الشباب: تحسين الاندماج، ودعم الآباء، وإنشاء شرطة خاصة بالأحداث.
– المظاهرات: عدم السماح بالعنف خلال المظاهرات والمقابلات الرياضية.
– وسائل الإعلام: محاربة امتهان أو تقديس العنف فيها.
– العنف العائلي: التحرك من خلال الوقاية والردع والنصح.
– الأسلحة: إعادة الأسلحة العسكرية إلى الثكنات والحد من الامتلاك الخاص لها.
– الطرق: فرض تصور عدم التسامح “بدرجة صفر” على حركة السير من خلال تقييدات جديدة.
– النقل العمومي: تعزيز الحضور البوليسي فيه.
– الوقاية: تحسين التعاون على كافة المستويات.
– الشرطة: إبقاؤها خدمة عامة ورفض أي تخصيص لمجال الأمن.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية