مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تخفيف للعبء أم بداية تغيير؟

الحكومة السويسرية بنظامها الحالي تعود إلى مائة وخمسين عاما وأبدت نجاحا في عملها على الرغم من قلة عدد وزرائها Keystone

يبدو أن سويسرا مقبلة على إجراء بعض التغييرات في نظامها الوزاري الفريد من نوعه في العالم، حيث من المنتظر أن يعاون الوزراء السبعة الملقبون بـ"الحكماء" وزراء آخرون مع بقائهم في الظل.

الحكومة السويسرية تتشكل من سبعة وزراء يبقون في مناصبهم ما لم تعصف بأحدهم عاصفة سياسية كما حدث للسيدة كووب عام ثمانية وثمانين أو يستقيل كما فعل السيد أدولف أوغي في العام الماضي أو ينتهي به الأجل المحتوم، إلى جانب هذا فهم يتناوبون فيما بينهم منصب رئيس الكونفدرالية لمدة عام واحد.

وكان من البديهي أن يتساءل المرء كيف يمكن لسبعة وزراء الإمساك بزمام الأمور في كل قطاعات الدولة؟ فعلى الرغم من أن وزارات الاقتصاد والمالية والخارجية لها مسؤولياتها المحددة ويترأسها حاليا وزراء أظهروا كفاءات في مناصبهم، إلا أن الوزارات الأخرى تعتبر خليطا غير متجانس من المهام.

فوزير الدفاع مثلا مسؤول في نفس الوقت عن الشباب والرياضة والحماية المدنية، أما وزارة العدل فتقع ضمن نطاق مسؤوليات وزارة الشرطة، وتحت غطاء واحد نجد شؤون المواصلات والبيئة والطاقة والاتصالات، وهي بشعابها المختلفة تحتاج إلى جهد لا تستطيع وزارة واحدة أن تقوم به، في المقابل يتم العمل في الوزارات السويسرية من خلال “مكاتب فدرالية متخصصة” أو ما يمكن أن يعرف بـ”الإدارات” المعنية بتسيير الأمور، فنجد مثلا المكتب الفدرالي للإحصاء وآخر لشؤون البيئة وثالث للشؤون الثقافية وهكذا.

الاقتراح الجديد، الذي بدأ الحديث عنه للمرة الأولى منذ عشر سنوات، يمكن تلخيصه في إنشاء سبع حقائب وزارية تعاون الوزراء الحاليين في أعمالهم دون أن يكون لحاملي هذه الحقائب أية سلطات، والهدف منه هو تخفيف العبء على الوزراء الحاليين ومعاونتهم بتقديم المعلومات اللازمة المتخصصة في مجالاتهم، ولكن هذا المقترح في ظاهره لا يغير من الامر شيئا، إذ أن وزيرا معاونا جديدا سيتحتم عليه متابعة سير العمل في جميع القطاعات، ويرى البعض أن يكون لكل وزير معاون متخصص في كل مجال، وهو ما يعني أن وزير الطاقة والنقل والاتصالات والبيئة لابد وان يكون تحت يديه أربعة معاونين متخصصين كل حسب المجال الذي سيشرف عليه، ولكن هذه الرؤية لا تقدم الفرق بين مهام معاون الوزير ومهام مديري المكاتب الفدرالية المتخصصة.

ردود فعل وانتقادات

في المقابل يرى مؤيدو فكرة تطوير الحكومة أن معاون الوزير ما هو سوى حلقة الوصل بين الوزير والمكاتب الفدرالية المعنية بشؤون الوزارة وبذلك يخف العبء عن الوزير فلا يتحتم عليه القيام وحده بمهامه الوزارية المتعددة، بما فيها مقتضيات البروتوكول الرسمي، وإنما لديه من يعاونه في مهامه على صعيد الجانب المهني، ويمكن تكليفه بمتابعة ملف ما أو التأكد من سير العمل في مجال معين، بينما يمكن للوزير متابعة بقية برنامج عمله دون تشتيت للجهود.

الأحزاب السياسية في سويسرا تعاملت مع هذه المقترح بشكل متفاوت، فحزب الشعب اليميني رأى أن مثل هذا التطوير لا طائل منه استنادا إلى نتيجة استفتاء أجري عام ستة وتسعين رفض الناخبون من خلاله زيادة عدد مناصب “كتاب الدولة” وهو ما يعني، من وجهة نظر الحزب، رفضا لأي نوع من تغيير النظام الحالي.

الحزب الراديكالي أعلن أنه يجب على الحكومة أن تصرف النظر عن هذه الفكرة، أما الحزب الديموقراطي المسيحي فاعتبر أن تطوير عمل الحكومة السويسرية يحتاج إلى دراسة أعمق من مجرد تعيين سبعة معاونين جدد ، بينما يرى الحزب الاشتراكي مجرد طرح الفكرة بداية جيدة لمناقشة عملية تطوير وتحديث النظام الوزاري السويسري.

إحداث أي تعديل في نظام عمل الحكومة السويسرية يتطلب بالضرورة تغييرا في دستورها الاتحادي وستكون الكلمة الاخيرة في هذا الملف للناخبين، ولكن فتحه قد يفسح المجال للخروج بأفكار مختلفة وجديدة حول نظام الحكم في سويسرا، ولكن الثابت هو أن أي تغيير أو تعديل لن يمس جوهر الديموقراطية السويسرية.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية