مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ترسيم الحدود أم ترسيم التكامل الخليجي؟

طفل بحريني يعبر عن فرحته باسناد محكمة لاهاي جزيرة حوار لبلاده، فهل حان اوان التكامل الحقيقي في منطقة الخليج؟ Keystone

يطلق البعض على الاسبوع الاخير الذي مر على دول الخليج "اسبوع الاعياد"، لانه شهد حسم خلافين حدوديين مزمنين، احدهما بين قطر والبحرين، والثاني بين المملكة العربية السعودية وقطر.

وبذلك ينسدل الستار على فصل ظليل في العلاقات الخليجية، ولا يبقى سوى موضوع الحدود السعودية الكويتية الذي يظهر وينطفئ بسرعة، نظرا للظروف الخاصة التي يعيشها البلدان في مواجهة النظام العراقي، وهو ما دعا البعض الى توقع تأجج هذا الملف بمجرد نهاية الازمة العراقية.

لكن الاسبوع الاخير الذي شهد تطوران هامان، لا يغطي عن احداث مماثلة شهدتها السنتان الماضيتان، وخصوصا ترسيم الحدود القطرية الاماراتية، والاماراتية العمانية، و السعودية اليمنية، بما يجعل دول الخليج و كانها تسرع الخطى من اجل التخلص بصعوبة من القنابل التي خلفها الانتداب البريطاني، في اتجاه هدف التكامل الذي تطرحه على نفسها ضمن مجلس التعاون الخليجي، ذات الهيكل الذي فشلفي حل خلافات حدودية ضمن اطره، وذات الهيكل الذي اثقلت خطاه ملفات الحدود.

لكنها لم توقف سيره نهائيا ولا مؤقتا مثلما حصل في هياكل عربية اقليمية اخرى. وعلى هذه الخلفية يطرح المراقبون سؤالا مؤداه، هل يقف مجلس التعاون الخليجي فعلا على عتبات مرحلة اسرع من الاندماج بعد انهاء اهم الخلافات الحدودية؟

ورغم ان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قال وهو يوقع على خرائط الحدود مع قطر بان اياما سعيدة اصبحت الان في انتظار دول المجلس، وان رغبات القيادات والشعوب اصبحت على طريق سالكة، فان بعض المراقبين لا يهملون من حسابهم معطيات اخرى لا تقل اهمية عن عراقيل الحدود واهمها سياسي واقتصادي.

ففي الاونة الاخيرة لا يخطئ النظر تباينا سياسيا متصاعدا بين دول الخليج على المستويين الداخلي والخارجي، اما داخليا فان سرعة الانفتاح السياسي في قطر والبحرين مثلا، لا تتسق مع النسق المحافظ الذي ما زالت المملكة العربية السعودية تسلكه رغم بعض اشارات التغيير المحتشمة، وخارجيا فان النظر الى العراق والى ايران يختلف تماما بين الكويت والسعودية من جهة، وبين دول الخليج الاخرى، التي تملك بعضها مبادرات لرفع الحصار عن العراق.

ناهيك عما يمثله التقارب الايراني الخليجي من انزعاج لد دولة الامارات، على خلفية نزاعها حول الجزر مع طهران. ولذلك لاحظ المراقبون باهتمام ارسال ابو ظبي لمبعوث خاص الى لاهاي لحضور قرار محكمة العدل الدولية في النزاع القطري البحريني، وقراوا في ذلك اشارة قوية على رغبة الامارات في نقل مشكلتها ايضا الى لاهاي رغم المعارضة المتجددة من ايران.

اما اقتصاديا فلا يزال امام دول الخليج طريق طويلة للتكامل رغم الجهود المبذولة في الصدد واخرها محاولة التغلب على عراقيل توحيد التعريفة الجمركية وتنشيط التجارة البينية التي لا تزال بعيدة عن المامول، ورغم فتح باب الاستثمار والتملك في بعض القطاعات امام مواطني دول المجلس ببعض الشروط احيانا، فان الطريق ليست مفروشة بالورد، بالنظر الى الكم الهائل من القوانين والتشريعات التي تحتاج الى التماثل، لذلك قد يبدو التفاؤل جائزا للسياسيين.

لكن الامر ليس دائما على هذه الصورة الوردية بالنسبة للشارع الخليجي الذي مل بطء مسيرة مجلس التعاون، ولئن اغتبط هذا الشارع لترسيم الحدود هذه الايام فان ذلك سيعسر، بلا شك، مهمة القيادات التي اصبحت مطالبة بالتحرك على نسق اسرع، والتي فقدت الان شماعة تعلق عليها البطء.

وامام هذا الوضع الجديد فان حقائق اخرى لابد ان تظهر سريعا في المنطقة، يتمنى الكثيرون ان تكون ضمن روح ما عبر عنه وزير الخارجية السعودي بقوله، ان ترسيم الحدود يحمل نفس معنى ازالتها.


فيصل البعطوط – الدوحة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية