مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تركيا تحت المجهر الأوروبي

لا يزال حلم تركيا بالانضمام للاتحاد الاوروبي بعيد المنال والطريق أمام أنقرة طويلة Keystone

أكّـد تقرير المفوضية الأوروبية بشأن تركيا أن أنقرة أنجزت خطوات مهمة على طريق تأهيلها للانضمام للاتحاد الأوروبي، لكنها غير كافية.

وقد أعربت أنقرة عن ارتياحها لمضمون التقرير، واعتبرت أنه موضوعي رغم أنه لم يحدد موعدا لبداية المفاوضات حول الانضمام

أوضاع حقوق الإنسان وسيطرة الجيش وانقسام جزيرة قبرص، عوائق كبيرة أمام تطلعات تركيا.

سيتعيّـن على تركيا الانتظار مدة أطول، وخاصة السهر على تنفيذ الإصلاحات السياسية والقانونية التي التزمت بها، علّـها تقنع القمة الأوروبية في نهاية العام المقبل بتحديد موعد لبدء مفاوضات العضوية في الاتحاد.

وأكدت المفوضية في تقريرها السنوي بأن أنقره لا تستجيب “للمعايير السياسية” التي كانت البلدان الأعضاء حددتها في كوبنهاغن. ويمثل التقرير اختبارا راجعت فيه المفوضية كافة الإجراءات السياسية والاقتصادية التي اتخذتها حكومة رئيس الوزراء، رجب طيب اردوغان طوال العام الماضي.

وقال رئيس المفوضية إن تركيا أحرزت تقدما “يدل على تصميم حكومتها احترام المعايير المحددة”، ووعد رومانو برودي النواب في البرلمان الأوروبي بأن المفوضية “ستتابع جهود تركيا عن كثب”.

وقالت مصادر دبلوماسية إن المراجعة الأوروبية ستكون “من دون مهادنة”. ويرى عضو المفوضية، مسؤول ملف التوسيع، بأن رزمة الإصلاحات التي اتخذتها أنقرة “كان وقعها محدودا في الميدان”.

الممارسات المشينة!

وينتقد غونتر فورهيغن “استمرار ممارسات التعذيب في السجون والأوضاع السيئة التي يعيشها المعتقلون”، وكذلك استمرار ملاحقة النشطاء على أساس أفكارهم وعدم تنفيذ السلطات التركية قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وأيضا ثقل دور القيادة العسكرية في الحياة السياسية. كما ينتقد التقرير عدم تنفيذ السلطات التركية التشريعات المتعلقة بحقوق الأقليات العرقية والدينية.

وأقرت المفوضية الأوروبية تقارير في شأن البلدان الشرقية العشرة التي ستنضم إلى الاتحاد في مطلع مايو 2004، وكذلك في شأن البلدان المرشحة، مثل رومانيا وبلغاريا. وتؤكد التقارير وجود نواقص كثيرة في تشريعات الأعضاء المقبلين في مجالات مكافحة الفساد، وسلامة المنتجات الغذائية وإصلاحات القضاء والإصلاح الإداري.

إلا أن الملاحظات السلبية لن تعيق دخول البلدان العشرة في مايو 2004، وهي بولندا، والمجر، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، وجمهوريات البلطيق الثلاث (إستونيا، ولاتفيا وساتونيا)، وقبرص، ومالطا.

وتؤكد المفوضية في تقريرها الاستراتيجي حيال تركيا أن انعدام تأخّـر حل مشكلة قبرص “سيتحول إلى عائق كبير أمام تطلعات تركيا” للانضمام لعضوية الاتحاد. ويتهيأ الاتحاد لاستيعاب قبرص مُـجزّأة بين الطائفتين، لكنه يخشى من استخدام الأزمة من قبل الأوساط اليمينية العسكرية في تركيا للضغط على الاتحاد. لكن تركيا ترفض الربط بين مستقبل عضويتها في الاتحاد والمشكلة القبرصية.

الخوف من المحافظين الأتراك

وقال وزير الخارجية التركي عبد الله غول إن “حل مشكلة قبرص أمر منفصل ولا يمثل شرطا لعضوية تركيا”. وكان رئيس الوزراء اردوغان استبق نشر التقرير وعلّـق على بعض ما تسرب منه في الأيام الماضية، وقال إن انتقادات الاتحاد “تمثل أعذارا سيئة”. ويواجه أردوغان ضغوط القيادات المحافظة في صفوف القوات المسلحة والأوساط الاقتصادية التي تخشى من تأثير انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي.

وتؤكد المفوضية بأن “مصلحة تركيا تقتضي منها بذل جهود خاصة، تساعد على بلوغ الحل التفاوضي”، وتعتقد أن الظروف أصبحت ملائمة كي يتوصل الأتراك القبارصة واليونانيون القبارصة إلى حل عادل قبل شهر مايو 2004، موعد انضمام قبرص لعضوية الاتحاد الأوروبي. وتنتظر كافة الأطراف المعنية نتائج الانتخابات التشريعية التي ستجري في الشطر الشمالي من الجزيرة في منتصف الشهر المقبل.

ويعارض زعيم القبارصة الأتراك رؤوف دنكتاش مدعوما من قيادة الجيش في تركيا، الخيار الكنفدرالي الذي تعرضه الأمم المتحدة، ويطالب باستقلال الجزء الشمالي للجزيرة. وتعتقد مصادر أوروبية بأن دعم تركيا جهود توحيد الجزيرة يمثل عنصرا إضافيا يدعم طلبها، عندما سيعاود القادة الأوروبيون بحث تقرير آخر في شأنها في نهاية عام 2004. وسيُـعرض طلب تركيا في حينه من قبل البلدان الأعضاء في الاتحاد الـ 25.

إلا أن قائمة الإصلاحات قد تكون طويلة أمام حكومة رجب طيب اردوغان. وتشك مصادر دبلوماسية في قدرة أنقرة على الاستجابة لكافة الشروط السياسية والاقتصادية في غضون العام المقبل، والتهيُّـؤ لبدء المفاوضات في شتاء عام 2004.

مماطلة أوروبية؟

ويرى الخبير في معهد السياسة الأوروبية كاميرون فريزر بأن قيادة الجيش في تركيا “تضطلع بدور كبير في الحياة السياسية، وتتحكم في حل مشكلة انقسام جزيرة قبرص”. ويعتقد فريزر أنه من دون عودة الجيش إلى ثكناته، كما هو الشأن في البلدان الديموقراطية الأوروبية، ومن دون حل مشكلة انقسام جزيرة قبرص، فإن تركيا “لن تحصل على موعد لبدء مفاوضات العضوية”.

ويرفض الخبير الأوروبي تفسيرات رفض طلبات تركيا بدوافع الاعتراض على هويتها الإسلامية. وقال فريزر إن “أوروبا تعد الملايين من المسلمين، خاصة في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا، أين يفوق عدد المصلين يوم الجمعة عددهم في الكنائس يوم الأحد”. وأضاف أن “انضمام تركيا الديموقراطية والمسلمة سيكون إثراءً للاتحاد الأوروبي”.

إلا أن قطاعات واسعة من الرأي العام، خاصة في صفوف اليمين الديموقراطي المسيحي يشك في مؤهلات تركيا ومرجعياتها غير الأوروبية، ويحذر من اتساع حجمها الديموغرافي الكبير والذي سيفوق ألمانيا، أكبر بلد في الاتحاد.

وتثير المشكلة الديموغرافية خوف الأوروبيين من اتساع حركة الهجرة من تركيا إلى بلدان غرب الاتحاد الأوروبي، وبشكل خاص نحو ألمانيا التي تضم أكبر جالية تركية. ونادرا ما يصارح المسؤولون الأوروبيون الرأي العام في شأن تركيا خوفا من العواقب السياسية السلبية التي تثيرها تصريحات معارضة انضمام تركيا لعضوية الاتحاد.

ويعتقد كبير المستشارين المدير السابق في المفوضية اربيهارد رهاين بأن “مسألة عضوية تركيا لم تحسم بعد وذلك على رغم قبول القمة الأوروبية مبدأ ضمها يوما ما”.

نور الدين الفريضي – بروكسل

تركيا:
تأسست الجمهورية التركية عام 1923 على يد مصطفى كمال أتاتورك وعلى أنقاض الامبراطورية العثمانية
المساحة: 780,580 كلم مربع
عدد السكان: 68.000.000 نسمة
الديانة: الاسلام السني بنسة 99%
معدل الدخل الفردي: 7 آلاف دولار (2002)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية