مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تعددت اللجان .. والحصيلة واحدة!

شعار اللجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق مثلما نشر في موقعها شبه الرسمي على شبكة الإنترنت swissinfo.ch

قبل ستة أسابيع من إطلاق أرئييل شارون يد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية "السور الواقي" في المناطق الفلسطينية، عقدت خمس عشرة شخصية دولية مرموقة في العاصمة الفدرالية برن الاجتماع السنوي الثالث عشر للجنة دولية قد يُـلتفت إليها الآن..

فبعد رفض إسرائيل التعامل مع لجنة تقصي الحقائق في ما شهده مخيم جنين، قرر الأمين العام للأمم المتحدة يوم الخميس حل اللجنة وسط “تأسف” أمريكي و”غضب” عربي. في المقابل اتجهت بعض الأنظار إلى برن، مقر “اللجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق” التي لا يكاد يسمع بها أحد.

لكن تصريحات نقلتها صحيفة هاريتز يوم الأربعاء عن مسؤولين إسرائيليين أعربوا فيها عن مخاوفهم من أن يؤدي حل اللجنة إلى إقدام مجلس الأمن الدولي على اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تحقيق جديدة بصلاحيات أوسع، جدّد الإهتمام بـ “اللجنة الدولية الانسانية لتقصي الحقائق” التي ظهرت للوجود كمؤسسة مستقلة منذ عام واحد وتسعين.

وقد بدأ الحديث عن هذه اللجنة منذ المصادقة على معاهدات جنيف في عام 1949، حيث تم التنصيص عليها في الفصل التسعين من البروتوكول الإضافي الأول المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية.

وعلى الرغم من أن ستين دولة (لا توجد ضمنها الولايات المتحدة ولا إسرائيل) قد اعترفت رسميا للجنة بشكل دائم بصلاحية تسمح لها بفتح تحقيق حول أي نزاع مسلح قد يندلع بين بلدين من الستين، إلا أن أحدا لم يتقدم إليها بأي طلب من هذا القبيل إلى حد الآن.

“مراقبة احترام القانون الإنساني الدولي”

وتفيد مصادر مطلعة في العاصمة الفدرالية أن أسلوب عمل هذه الهيئة (المستقلة عن الأمم المتحدة) والمتركبة من خمسة عشر عضوا دائما من بينهم خبراء قانونيون وديبلوماسيون معروفون، قد “ألهم” إلى حد ما، الذين أعدوا مشروع لجنة تقصي الحقائق في جنين.

وتشير الوثائق المؤسسة للجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق إلى أنها نشأت بناء على رغبة الدول الموقعة على معاهدات جنيف وعلى بروتوكولاتها الإضافية (التي تشكل المرجعية الأسمى في القانون الإنساني الدولي) في ضمان احترام تطبيق هذه المعاهدات التي سارع المجتمع الدولي إلى اعتمادها فور نهاية الحرب العالمية الثانية.

لكن اللجنة، التي أعربت في السنوات الأخيرة عن استعدادها للقيام بتحقيقات حول انتهاكات القانون الإنساني الدولي “ليس فقط في نزاعات دولية مسلحة بل حتى في نزاعات مسلحة غير دولية”، لم تتلق إلى حد الآن أي تكليف بتقصي الحقائق في أي نزاع من جانب الدول المصادقة عليها.

ويبدو أن البند الذي يشترط موافقة طرفي النزاع، سواء كانت دولا أو مجموعات مسلحة، على دعوة اللجنة للتحقيق قد شل عملها في حقبة التسعينات التي شهدت عددا كبيرا من الحروب والنزاعات المسلحة خرقت فيها كل بنود القانون الإنساني الدولي بشكل متعمد أو خطير.

ففي مناسبات عدة أوشكت على التحرك جديا لتقصي الحقائق في النزاعات التي اندلعت في منطقة البحيرات الكبرى وسط إفريقيا أو في الشيشان أو في جمهوريات ما كان يعرف بيوغوسلافيا سابقا أو في كولومبيا. لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع لأسباب متعددة.

هل تخرج من دائرة الظل؟

وعلى الرغم من أن القانون المؤسس “للجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق” يتوفر على ضمانات عديدة أهمها التنصيص على أنها ليست محكمة وعلى أن عملها يتركز على تقصي الحقائق دون إصدار أي حكم بالإضافة إلى عدم الإقدام على نشر نتائج تحقيقاتها بدون طلب واضح من طرفي النزاع، إلا أن استقلالية أعضائها المنتخبين من بين شخصيات حقوقية وديبلوماسية وعسكرية “مشهود لها بالنزاهة والكفاءة دوليا”، مثلت في نظر بعض المراقبين عائقا رئيسيا بوجه تفعيلها من طرف المجموعة الدولية.

وفيما يتردد سؤال يقول: هل سيؤدي أسلوب تعامل إسرائيل الفجّ مع لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة بناء على تكليف واضح من مجلس الأمن الدولي، إلى تفعيل هذه اللجنة وخروجها من دائرة الظل؟ يرى البعض أن الخطب الرنانة حول احترام القانون الإنساني الدولي والأدوات التي بلورتها المجموعة الدولية لمراقبة تطبيق معاهدات جنيف “لا تُـلـزم إلا من يصدّقـها” مثلما يقال عن وعود المرشّحين أثناء الحملات الإنتخابية.

وفي انتظار إجابة قد لا تأتي عن هذه التساؤلات، تواصل سويسرا، البلد المؤتمن على معاهدات جنيف، التكفل بتسديد نفقات الأمانة العامة للجنة منذ إنشائها، فيما لا زالت العديد من الجهات، من ضمنها منظمات غير حكومية كالفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية أو المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب، تجهل حتى مجرد وجودها!.

أخيرا، نشير إلى أن ثلاث دول عربية فقط وافقت على اللجوء إلى صلاحيات اللجنة الدولية الإنسانية لتقصي الحقائق وهي الجزائر وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. كما أن البروفسور الجزائري غالب جيلالي يشغل منذ عام واحد وتسعين منصب نائب رئيس اللجنة القاضي النيوزيلندي السير كينيث كايث.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية