مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حق الإعتراض الممنوح للمدافعين عن البيئة.. موضع تساؤل!

تحوّل مشروع تشييد ملعب هاردتورم (صورة افتراضية) في زيورخ، إلى القطرة التي أفاضت الكأس Keystone

في سويسرا، يمنح القانون للمنظمات المدافعة عن البيئة، الحق في الاعتراض عندما يتعلّـق الأمر بمشاريع بناء ذات أهمية. ممارسة هذا الحق، أدّت إلى حدوث تجاوزات حقيقية أو متخيَّـلة، وهو ما دفع الحزب الراديكالي (يمين) إلى التقدّم بطلب إلى الناخبين للحدّ من هذا الحق.

منذ سنوات طويلة، تتمتّـع المنظمات المدافعة عن البيئة بحق الاعتراض أو الاستئناف، الذي يسمح لها بمعارضة مشاريع عقارية أو بنايات تُـلحق الضرر بالمحيط. من جهة أخرى، يعترف القانون الفدرالي لحماية الطبيعة بهذا الحق.

في المقابل، تُـثير ممارسة هذا الحق دوريا امتعاض البعض، وخاصة في الأوساط الاقتصادية أو السياحية، التي تتضرّر في بعض الحالات من تعرُّض بعض المشاريع للعرقلة أو للإلغاء.

قصّـة ملعب لكرة القدم

في الواقع، كانت المعارضة التي لقِـيها مشروع تشييد ملعب جديد لكرة القدم في زيورخ، القطرة التي أفاضت الكأس، خصوصا وأنه سبق للسكان المعنيين بالتصويت لفائدة بناء ملعب جديد لاحتضان ثلاث مقابلات في إطار بطولة أوروبا لكرة القدم لعام 2008.

رغم ذلك، واجه المشروع التأخير مرات متتالية، نتيجة للمعارضة التي لقيها من طرف بعض الجيران ومن الفرع المحلي لجمعية النقل والبيئة، التي عبّـرت عن رغبتها في تخفيض عدد الأماكن المخصصة لوقوف السيارات المُقررة ضمن المركّـب التجاري الملاصق للملعب الجديد.

في نهاية المطاف، أضطرّ المقاولون الخواص إلى التخلي عن إقامة المشروع. ومع أن زيورخ تمكّـنت، رغم كل شيء، من استقبال بعض مقابلات اليورو، بفضل تجديد ملعب ليتسيغروند، إلا أن الاحتمال الذي كاد يتحقق بحِـرمان المدينة الرئيسية في سويسرا من بطولة أوروبا لكرة القدم، أحدث ضجّـة كبيرة وأدّى إلى إعادة النظر في حق الاعتراض الممنوح للجمعيات.

احترام الديمقراطية

في أعقاب هذه القضية، تقدّم نائب من زيورخ بمبادرة برلمانية، ترمي إلى الحدّ شيئا ما من حق الاستئناف هذا، وقد وافق البرلمان على إدخال بعض التحويرات، التي بدأت حيّـز التطبيق ابتداءً من 1 يوليو 2007. (أنظر التوضيح المرافق للنص)

هذه التحويرات لم تكن كافية، بنظر أصحاب المبادرة الشعبية، التي تحمل عنوان “حق الاعتراض للمنظمات.. كفى عرقلة – نريد مزيدا من النمو لسويسرا”، فهم يطالبون بأن لا يُـسمح للمنظمات في المستقبل، بإمكانية الاعتراض على مشاريع حظيت بالقبول من طرف الشعب أو نواب البرلمان (المحلي أو الفدرالي).

ويتعلّـق الأمر هنا ببساطة، باحترام الديمقراطية، مثلما يقول موريس شوفريي، الذي لا يُـخفي سُـخطه على الوضعية الحالية: “من غير المعقول أن يُـمنح، في بعض الأحيان، إلى شخص أو شخصين في سكرتارية، إمكانية وقف مشاريع كانت محل نقاشات وعمليات تصويت”.

من جهة أخرى، لا ينفي النائب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين)، أن حق الاعتراض الممنوح للجمعيات، كان مفيدا في الماضي، لكن القوانين المتعلِّـقة بحماية الماء والهواء أو الغابات المتوفِّـرة اليوم، شاملة بالقدر الكافي لتجعل من حق الاعتراض هذا “حقا عفا عليه الزمن”، على حد تعبير موريس شوفريي.

عمل أنجِـز سابقا

في صفوف المؤيدين لحق الاعتراض، هناك من يعتبر أن البرلمان قد قام بعمله من أجل الحدّ من التجاوزات المحتملة، ويقول الاشتراكي ألان بيرسي، عضو مجلس الشيوخ: “هذه المبادرة تأتي متأخرة جدا. ففي لحظة ما، كان من الممكن أن تصلُـح للتحفيز، لكنها الآن أصبحت غير ذات فائدة، إن لم تكن ذات نتائج عكسية”.

مع ذلك، لا مفر من الإقرار بأن البرلمان الفدرالي لم يحسِـم تماما مسألة الاعتراضات المقدَّمة ضد مشاريع حظيت بموافقة الشعب أو برلمانات محلية، لكن ألان بيرسي لا يرى أنه يجب وضع الحقوق الشعبية بالضرورة فوق كل اعتبار.

ويضيف عضو مجلس الشيوخ قائلا: “من غير الممكن أن تتغيّـر التهيئة الترابية من بلدية إلى أخرى، تبعا للقرارات المتخذة. بهذه الكيفية، سيؤول الأمر إلى تطبيق مختلف جدا للقانون الفدرالي”.

سويس انفو – أوليفيي بوشار

دفعت قضية بناء ملعب زيورخ هانس هوفمان، عضو مجلس الشيوخ عن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) إلى طرح مبادرة برلمانية، للحدّ من حق الاعتراض الممنوح للمنظمات المدافعة عن البيئة.

وافقت غرفتا البرلمان على إدخال تحويرات على التشريعات، ودخل حيّـز التطبيق يوم 1 يوليو 2007.

تبعا لذلك، لم يعُـد ممكنا النظر في معارضات ذات بُـعد تعسُّـفي واضح، كما لم يعُـد بالإمكان للمنظمات مقايضة سحبها لاعتراضاتها.

من جهة أخرى، سيُـصبح بالإمكان بدءُ الجزء من الأشغال، التي لا اعتراض عليها، قبل اختتام كافة إجراءات الاعتراض، وذلك بهدف تجنّـب تأخير كبير في الأشغال.

أخيرا، لن تتمكّـن المنظمات مستقبلا من الاعتراض، إلا في المجالات المُـضمّـنة في قوانينها الأساسية منذ عشرة أعوام على الأقل، كما سيتوجّـب عليها أن تتحمّـل مصاريف القضايا المرفوعة، حتى في صورة رفض طلباتها على المستوى الفدرالي، على أقل تقدير.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية