مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حماس.. خطوات أولى لفكّ الحصار

ندوة صحفية مشتركة لرئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية والأمين العام لجامعة الدول العربية في القاهرة يوم 29 نوفمبر 2006 Keystone

أخيرا، فتحت القاهرة وعواصم عربية أخرى أبوابها لإسماعيل هنية، رئيس الوزراء الفلسطيني، في حركة عملية تفيد بأن الحصار الدولي قد أخذ مدَاه ولم يحقق النتائج المؤملة منه..

في المقابل، هناك مؤشرات تفيد بأن حماس تغيّـرت جزئيا- على الأقل في خطابها السياسي، الذي بات عمليا نسبيا ومقتربا من الرؤية العربية العامة حول قيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967.

أخيرا، فتحت القاهرة وعواصم عربية أخرى أبوابها لإسماعيل هنية، رئيس وزراء حكومة حماس في فلسطين المحتلة، في حركة عملية تقول إن الحصار الدولي قد أخذ مدَاه ولم يأتٍ بنتائجه كما ينبغي، فبات ضروريا تجربة مسار آخر، ربما الانفتاح المحسوب والمتدِّرج على حماس وحكومتها، مع استمرار الضغط عليها من أجل تغيير بعض قناعاتها السياسية والفكرية.

وهناك بعض مؤشرات تقول إن حماس بالمقابل، تغيّـرت جزئيا على الأقل في خطابها السياسي، الذي بات عمليا نسبيا ومقتربا من الرؤية العربية العامة حول قيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967.

الفك الكامل ليس سهلا

لكن فكّ الحِـصار عن الأراضي الفلسطينية بصورة كاملة، ليس بالأمر السهل. فهناك شروط دولية وافقت عليها الدول العربية بلا جدال أو حاولت تجاوزها، اللّـهم إلا أخيرا، حين قرّر وزراء الخارجية العرب قبل شهر، وردا على مذبحة جنين، فك الحصار المالي من طرف واحد، وإن بقي التساؤل: كيف يتم ذلك دون الاستعانة بنظام مصرفي، سواء عربي أو دولي، يقبل التحويلات المالية للسلطة أو للحكومة الفلسطينية، في الوقت الذي يخاف الجميع من عقوبات أمريكية، إن حدث فكّ الحِـصار المالي دون ضوء اخضر؟

المعضلة لا زالت موجودة، في الوقت نفسه الذي ينجح فيه وزراء حكومة حماس في إدخال مبالغ مالية كبيرة عبر منفذ رفح الحدودي، في الأيام التي يُـفتح فيها، قُـدِّرت في حدود 60 مليون دولار، وهو مبلغ كبير، خاصة وأنه يُحمَّـل نقدا وعدا.

وآخر تجلِّّياته، ما حمله وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار قبل يوم واحد من بدء زيارة إسماعيل هنية إلى القاهرة، وذلك بقيمة 20 مليون دولار، كتَـب بها تعهُّـدا على نفسه حين مرّ من معبر رفح، ومؤكّـدا أن المبلغ سيذهب حَـتما إلى وزارة المالية الفلسطينية لكي تُـدفع رواتب الموظفين.

تساؤلات عن الضَّـمانات

جُـزئيا، يمكن القول أن الحِـصار المُـحكم آخذ في الانحسار، وما يُـقال عن شروطه الدولية، لاسيما تشكيل حكومة وِحدة وطنية لا تكون برئاسة حماس وبدون أشخاص سياسية بارزة منها أو من فتح، لم يعُـد يشكِّـل شرطا لازِما لرفع الحصار وحسب، ففي المقابل، تطرح حماس تساؤلات حول مدى توافر الضَّـمانات، التي ستقود إلى رفعٍ كامل للحصار الدولي والعربي، إذا ما تشكّـلت حكومة الوِحدة الوطنية بالفعل؟

وكأن حماس تريد أن تجعل حكومة الوحدة الوطنية بمثابة تحرك فلسطيني تقابله خطوة دولية برفع الحِـصار، على أن يكون الرفع أولا، وإعلان الحكومة ثانيا، وهو أمر يختلف في معناه عمّـا تطرحه فتح من أن حكومة الوحدة الوطنية سيكون عليها التحرُّك إلى رفع الحصار لاحقا.

أو بعبارة أخرى، ما تريده حماس هو أن يكون رفع الحِـصار مضمونا لحظة إعلان الحكومة، وليس مؤجّـلا لما بعد تشكيلها، كما تقول فتح وتستعجل من أجله، بل وترى على لسان الرئيس محمود عباس أن الأمور قد وصلت إلى طريق مسدود، في حين يقول هنية في القاهرة إن لا أحدَ أبلغه بذلك رسميا، وأنه قُطع شوط لا بأس به في مباحثات حكومة الوحدة الوطنية.

طريقتان للتفاوض

الرؤيتان تعكِـسان في واقع الأمر طريقتين مختلفتين في التفاوض والتعامل مع الضغوط الخارجية. فبينما تتمثل رُؤية حماس في أن المقايضة لابد وأن تكون على أسُـس واضحة منذ اللحظة الأولى وتتضمّـن ضمانات واضحة، حتى لا تتكرّر الأخطاء السابقة في التعامل مع الوعود الإسرائيلية والأمريكية، ترى فتح أن المطلوب، هو اتِّـخاذ خُـطوة فلسطينية تلبي شروط الخارج أولا، لاسيما الإسرائيلية والأمريكية، ثم بعد ذلك، ينتظر ردّ الفعل الخارجي، وهو التمشي الذي ترى حماس أنه قد ثبت عجزه سابقا عن تلبية الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

هذا التباين يعكس نفسه في أمور عدّة، من بينها تمسّـك حماس بأن يكون إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير شاليط، مُـتزامنا مع إطلاق سراح 1400 أسير فلسطيني أو على الأقل 400 منهم، بمن فيهم كل النساء والأطفال، وهو ما ترفُـضه إسرائيل، حتى اللّـحظة، وتقدِّم وعودا غامضة بإطلاق مجموعات من الأسرى الفلسطينيين بعد عودة جنديها الأسير.

أما الرئاسة الفلسطينية، ورغم إصرارها على فكّ الأسرى الفلسطينيين جميعا، من حيث المبدأ، ففي حالة الجندي الأسير شاليط، لا تُـصر على مبدإ التزامن وتقبل بعضا من وعُـود إسرائيل الغامضة.

حدود التجانس بين الحكومة والرئيس

الأمر الثاني يتمثل في أن فتح ومُـناصريها يَـرون أن المطلوب، هو أن تتنحَّـى حماس تماما عن الحكومة الجديدة حين تشكيلها، وأن تكون هذه الحكومة مُـتجانسة تماما مع رُؤية الرئاسة، خارجيا وداخليا.

ويصل الأمر ببعض رموز فتح إلى مُـطالبة حماس بان لاّ يكون لها حقّ الاعتراض على الأسماء التي ترشحها فتح في التشكيل الوزاري أو لرئاسة الحكومة، وهو ما ترفُـضه حماس وتُـصر على أن يكون لها حقّ تسمية المرشحين والاتفاق عليهم مع فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى، وتَـزيد أيضا في المطالبة بأن يكون وزير الداخلية من بين الحقائب العشرة المخصّـصة لها وأن تُـسمي المرشح لوزارة المالية، والمسألة على هذا النحو، ليست مجرّد خلاف على أسماء، بل على اختيارات، ذات توجُّـهات يجب الوثوق بها أولا، أيا كان انتماءها “الفصائلي”.

أما الأمر الثالث، فيتعلق بالخِـطاب الرئاسي لتكليف الحكومة، حيث تُـصر فتح على أن لاّ تتدخّـل حماس في بنوده أو مراميه، وأن يُـترك الأمر كله للرئيس محمود عباس، وصولا إلى خطاب تكليف يتوافَـق مع الشروط الدولية لفكّ الحصار، في حين ترى حماس أن من حقِّـها أن يكون لها دور في صياغة خطاب التّـكليف هذا، وأن لا يتضمّـن ما يُـوقف المقاومة أو يتناقض تماما مع رؤيتها للحلِّ بعيد المدى، أو يتضمّـن الاعتراف صراحة بإسرائيل.

وهناك مطالب أخرى تضعها حماس كجزء من شروط تشكيل الحكومة المنتظرة، من بينها اتِّـخاذ الخطوات العملية لإعادة بِـناء منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاح هياكلها، وفتح أبوابها لحماس ولغيرها من الفصائل غير المُـنضوية تحت لوائها، وأن يُـراعى في ذلك الوزن النسبي لكل طرف، حسب وجوده في الشارع السياسي الفلسطيني، وهو ما يُـزعج فتح إلى حدٍّ كبير ويدفع بأصحابها والمقرّبين منها إلى رفع الصوت الغاضب، بأنَّ ما يجري، أشبه بمُـنافسة في سباق يركَـب فيه الفلسطينيون السُّـلحفاة، بينما يركَـب الآخرون الصاروخ، بينما تراه حماس روية وتأنٍّ وتمسُّـك بالحقوق.

الحصار.. التآكل التدريجي

حكومة الوِحدة الوطنية على هذا النحو، تبدو مؤجّـلة إلى حين آخر، ومع ذلك، فإن مسار الحصار الدولي والعربي آخذ في التآكل التدريجي، وهنا يبدو التساؤل: كيف تحدُث هذه المفارقة؟ المرجح هنا، وِفقا لشواهد عديدة، أن الورطة الأمريكية في العراق دفعت بواشنطن إلى إيلاء بعض الاهتمام بالوضع الفلسطيني، لتخفيف الانتقادات التي توجَّـه إليها، وأيضا لإعادة جذب التأييد العربي لمواقفها المختلفة.

ومن هنا، يأتي ذلك الحديث الغامِـض حتى اللّـحظة، بأن ثمَّـة ترتيبا ما، دوليا وإقليميا، يُـجرى إعداده لإحداث اختراق كبير في الوضع الفلسطيني، ومن هنا أيضا، يأتي بعض التَّـساهل الدولي فى التعامل مع حكومة حماس، طالما أنها اتّـخذت بعض الخطوات المهمّـة من قبيل الالتزام بالتّـهدئة ووَقف إطلاق الصواريخ على داخل إسرائيل.

من جانبها، فقد أظهرت حماس قُـدرة كبيرة على مُـواجهة الضغوط والتمسّـك بحقّـها في تسيير الحكومة، وهنا، فقد نجّـحت في أمرين: توصيل رسالة، أنها قوّة مؤثرة في الشارع الفلسطيني وأن التخلّـص منها ليس بالأمر السهل، كما يظن البعض، والثاني، أنها طوّرت علاقاتها مع إيران، والتي باتت، حسب مصادر عربية عديدة، مصدراً للأموال التي أدخلَـها وزراء حماس إلى الداخل بطرق بدائية ومباشرة وبعيدة عن أي نِـظام مصرفي، وهو تطوّر بات مُـزعجا في عواصم عديدة، عربية وأجنبية على السّـواء، لأن النتيجة المُـباشرة، هي أن النفوذ الإيراني بات قويا داخل الأراضي الفلسطينية، ورُبّـما يزداد قوَّة، طالما أن العرب قد انكفأوا أو انسحبوا عن القيام بدورهم الطبيعي في دعم الشعب الفلسطيني.

خِـبرة السلطة

وإذا وضعنا في الحُـسبان أن حكومة حماس، التي خبرت السلطة تحت حِـصار قاس لمدة تسعة أشهر، اكتشفت أيضا أن الضّـرورة تفرِض عليها تغييرا في لغتها السياسية، فمن هو في الحكم ومُطالب بأن يوفِّـر الصحّـة والتعليم والغذاء وفُـرص العمل والأمن بصورة عملية، ليس كمن يطرح مجرّد تصوّرات برّاقة ورؤى نِـضالية واسعة المدى.

ومن هنا، تأتي أهمية التصريحات التي قالها خالد مشعل في القاهرة، وكذلك إسماعيل هنية حول قبول دولة فلسطينية في حدود 1967، فيما يعكِـس تطوّرا فِـكريا وعمليا أيضا. فمن الناحية الفكرية، فهذه الرُّؤية تختلِـف عمّـا هو معروف عن ميثاق حماس، الذي يرى أن كامل أرض فلسطين هي أرض وقف لا يجوز التّـنازل عن شِـبر واحد منها، وأن الجهاد فَـرْض مُـستمر لتحرير كامل تُـرابها.

أما عمليا، فالمرجّـح أن حماس وجدت أن قبُـولها رُؤية، يقول بها العرب جميعا، لا يمثل ضررا بقدر ما يوفِّـر أرضِـية تعاوُن وتواصُـل معهم ومع المجتمع الدولي من ورائهم، وفي هذا إفادة كُـبرى، على الأقل للمساعدة في تقليل الحصار أو كَـسره نهائيا، والأمران معا يؤشران لنَزعة براغماتية، تدلِّـل على تعلّـم درس الحكم.

وثمة من يرى أن إعلان الهُـدنة، التي قامت بناءً على جُـهود مصرية، وكجزء من تحرّك أكبر، يرمي إلى تبادُل إطلاق الأسرى وتثبيت تهدِئة تُـفيد لاحقا في جمْع إسرائيل والفلسطينيين على مائدة التفاوض، قد اثبت أن حماس ـ كحركة وكحكومة ـ يُـمكنها، ونظرا لشعبيتها وسَـطوتها على حركة جزء كبير من الشارع الفلسطيني، أن تقوم بخُـطوات صعبة إن اقتضى الأمر، وذلك على عكس الرئاسة الفلسطينية، التي تبدو قليلة الحِـيلة أحيانا أمام مُـفترقات الطُّـرق.

ونظرا لنجاح حماس في الالتزام بالتّـهدئة المُـعلنة أخيرا، بل ومطالبتها بأن تمتَـد إلى الضفّـة الغربية، فإن الرسالة قد تعني لكثيرين ربما أن التعامل مع طرف قوي، أفضل من التعامل مع طرف أقلّ قوّة.

د.حسن أبوطالب – القاهرة

غزة (رويترز) – رفضت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يوم السبت 2 ديسمبر 2006 دعوة وجهتها منظمة التحرير الفلسطينية التي تهيمن عليها حركة فتح المنافسة لاستقالة رئيس الوزراء اسماعيل هنية.

جاءت هذه الدعوة إثر انهيار على ما يبدو للمحادثات بين حركتي حماس الحاكمة وفتح لتشكيل حكومة وحدة يمكنها رفع الحصار الاقتصادي المفروض على الاراضي الفلسطينية بسبب رفض حماس الاعتراف باسرائيل.

وقال اسماعيل رضوان المسؤول في حماس ان الحركة ترفض بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصفا اياه بأنه دعوة لانقلاب ضد الحكومة الفلسطينية الشرعية.

كانت حماس فازت في الانتخابات الفلسطينية في يناير كانون الثاني على حركة فتح لكنها لم تتمكن من الحكم بشكل فعال لان رفضها الاعتراف باسرائيل أدى الى قطع القوى الغربية المساعدات عن الفلسطينيين والى تجميد اسرائيل تسليم ايرادات الضرائب المستحقة للفلسطينيين.

وبذل الرئيس محمود عباس الذي ينتمي الى حركة فتح ويرأس منظمة التحرير جهودا على مدى أشهر لتشكيل حكومة وحدة بين حماس وفتح لكنه قال الاسبوع الماضي ان المحادثات وصلت الى طريق مسدود.

وقال رضوان ان حماس كانت تريد مواصلة الحوار لتشكيل حكومة وحدة لكن عباس كرر يوم السبت ان المحادثات وصلت الى طريق مسدود.

والقت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالمسؤولية في فشل المفاوضات على هنية وحكومته وقالت انه يتعين عليه أن يستقيل لتسهيل تشكيل الحكومة الجديدة.

ويأمل الفلسطينيون ان يؤدي تشكيل حكومة جديدة الى رفع العقوبات الخارجية التي زادت من حالة الفقر بين معظم المواطنين وساهمت في تراجع الاقتصاد.

وتصف الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي واسرائيل حركة حماس بانها حركة ارهابية.

وقالت القوى الغربية واسرائيل انها لن ترفع العقوبات الا اذا اعترفت حكومة حماس بحق اسرائيل في الوجود ونبذت العنف والتزمت باتفاقات سلام. وتقول حماس انها لن تعترف مطلقا بحق اسرائيل في الوجود.

ونقلت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية عن هنية قوله في القاهرة يوم السبت 2 ديسمبر 2006 انه سيجتمع مع الزعماء من كل الفصائل الفلسطينية في دمشق الاسبوع القادم لمناقشة اعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.

وقال رضوان ان اللجنة التنفيذية الحالية لمنظمة التحرير الفلسطينية عفا عليها الزمن وتوفي كثير من أعضائها ولم يعين اعضاء جدد بدلا منهم وانها فاقدة للصلة مع الفلسطينيين.

(تقرير لوكالة رويترز بتاريخ 2 ديسمبر 2006 من نضال المغربي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية