مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خلافات يمنية حول “الحصص”!

يقترن الاستعداد للانتخابات النيابية القادمة في اليمن بخلافات بين الاحزاب السياسية حول نسبة تمثيلها في لجان مراقبة الاقتراع Keystone

لم يتوصل الفرقاء السياسيون في اليمن الى حدّ الآن الى اتفاق حول كيفية تشكيل لجان مراقبة الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في بداية عام 2003

وفي انتظار التوصّل الى حلّ وسط يرضي الجميع، يسود الاقتناع بأن إجراء انتخابات نزيهة وشفّافة سيكون صمّام أمان لليمن الذي يواجه تحدّيات ضخمة.

الانتقادات العديدة الموجهة للنقائص المتعلقة بسجلات الناخبين وما طرحته أحداث 11 سبتمبر الماضي من تحديات داخلية على اليمن وما ترتب عنها من توجهات جدية للسياسة الأمريكية في المنطقة بحجة مكافحة الإرهاب، وصلت إلى حد المطالبة والتهديد بتغيير النظم السياسية..أهم التحديات التي ترافق التحضيرات الجارية للانتخابات البرلمانية المقبلة في اليمن.

فالطعن بمصداقية القوائم الانتخابية، ظل على الدوام، القاسم المشترك لكل الأطراف السياسية في اليمن. إذ وصل التشكيك بسلامة ونزاهة سجلات الناخبين إلى أبعد مدى له، عندما ذهب مسؤولون كبار في الدولة إلى التأكيد، أكثر من مرة، أنها تتضمن ما يربو على نصف مليون اسم مكرر، علاوة على عدم صحّة أسماء المتوفين من الناخبين ضمن تلك السجلات منذ تاريخ اجراء الانتخابات البرلمانية الأولى في اليمن الموحد عام 1993.

هذه العيوب دفعت الجميع إلى المطالبة بوضع جداول جديدة للناخبين بغية إجراء انتخابات نزيهة وشفافية تكون مختلفة عن سابقاتها، وفقاُ لما ذهب إليه رئيس الحكومة اليمنية عبد القادر باجمال مؤخراً.

وعي بخطورة التحديات

ويرى المراقبون أن الظرفية الدولية التي أقرتها أحداث 11 سبتمبر وما تطرحه من تحديات داخلية على اليمن، عززت الرهانات على انتخابات حرة ونزيهة تضفي مزيداً من المشروعية على النظام السياسي وتجعله في منعة تمكّـنه من مواجهة تحديات المرحلة واستحقاقاتها المرتقبة، خاصة بعد أن ظهر معطى جديداً في السياسة الأمريكية يقوم على المطالبة والعمل على تغيير النظم السياسية، كما هو الشأن في حالتي العراق والسلطة الفلسطينية.

لذلك، فإن الاستناد إلى الخيار الديموقراطي وانتخابات حرة ونزيهة لا يطالها التشكيك بسلامتها، من شأنه أن يدعّـم موقف السلطة اليمنية في نظر المجتمع الدولي وهي تواجه الضغوط الأمريكية من أجل مكافحة ما يسمى بالإرهاب.

كما سيمكن هذا الخيار، في الوقت ذاته، من تحقيق الانسجام الشعبي إزاء مسار التعاون مع الولايات المتحدة في هذا المجال، لا سيما أن هذا التعاون لم ولن يكون في منأى عن ردود أفعال داخلية معارضة طبقا لما يخلص إليه العديد من المراقبين والمحللين السياسيين في اليمن.

خلافات بين الاحزاب

إذا كانت العوامل السابقة تقف وراء الرغبة المشتركة في التحضير لانتخابات حرة ونزيهة، فإن بوادر خلافات مبكرة حول الحصص الممنوحة للأحزاب السياسية في لجان القيد والتسجيل، تعتبر بمثابة “نذير شؤم” لمدى تحقّـق الآمال المعقودة على الانتخابات البرلمانية مطلع العام المقبل.

فمنذ بداية التحضير لمرحلة القيد والتسجيل، المنتظر انطلاقها مطلع الشهر المقبل، سُجّـل تزايد في الخلافات حول توزيع حصص المشاركة في إدارة الانتخابات بين المؤتمر الشعبي (الحزب الحاكم) والمعارضة من جهة، وبين هذه الأخيرة واللجنة العليا للانتخابات من جهة ثانية. وقد فشلت – الى حد الان – الجهود المبذولة من قبل هيئات معنية بتطوير التجارب الديمقراطية والانتخابية في التقريب بين وجهات النظر المتباينة.

والمنظمات التي بذلت مساعيها في هذا الشأن هي، منظمات “أيفس” والمعهد الديموقراطي الأمريكي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، حيث توصلت هذه الهيئات إلى وضع صيغة مقترح تقضي بتوزيع اللجان بواقع ثلث للمؤتمر الشعبي والأحزاب المتحالفة معه، وثلث لأحزاب المعارضة المنضوية تحت راية “اللقاء المشترك”، والثلث الباقي للمرشحين المستقلين.

بيد أن هذا الاقتراح اصطدم برفض أحزاب المعارضة تخويل اللجنة العليا توزيع نسبة المستقلين، معتبرة أن تفويضها توزيع تلك النسبة سيصب في صالح المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وشكل هذا الموقف ضربة موجهة للجهود الرامية إلى تقريب وجهات النظر من أجل إنجاح التحضيرات الجارية للانتخابات.

ويستمر البحث..

أمام هذه الوضعية المرتبطة بالظرفية الدولية الناجمة عن أحداث 11 سبتمبر وبالخلافات المتعلقة بتوزيع حصص الأحزاب السياسية في لجان القيد والتسجيل، بات من الضروري البحث عن معادلة توفيقية تتلاءم مع متطلبات تحقيق الوحدة الوطنية الداخلية تجاه التحديات المحتملة، وبين مقتضيات عدم التفريط في المكاسب الديموقراطية أو التضحية بها.

ويبدو أن هذه المعادلة هي الراجحة الى حدّ الآن. فقد أكدت مصادر رفيعة المستوى لـ “سويس إنفو” أنه بعد فشل مقترح التقسيم الثلاثي، ينظر الآن الى صيغة بديلة تحظى بإجماع ورضى مختلف أطراف اللعبة السياسية.

وتقوم هذه الصيغة على اقتسام عضوية اللجان بين الأحزاب السياسية وفقاً لعدد الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات الاخيرة على النحو التالي: 55% للمؤتمر الشعبي العام و28% للتجمع اليمني للإصلاح و9% للمستقلين و6% للحزب الاشتراكي اليمني، و 2،3% للتنظيم الوحدوي الناصري، مع توزيع بقية مقاعد اللجان على الأحزاب الأخرى.

وقد تكون هذه الصيغة، في صورة اعتمادها، الخطوة الأولى على طريق إجراء انتخابات حرة ونزيهة. غير أنها تظل رهينة بموافقة مختلف الفاعلين السياسيين وبعدم ظهور أي منـغّـصات جديدة تحول دون بلوغ الرغبة المأمولة في انجاز انتخابات نيابية، تكون بحجم التحديات المطروحة.

عبد الكريم سلام – صنعاء

الطعن بسلامة جداول الناخبين قاسم مشترك بين كل الأطراف السياسية في اليمن منذ فترة طويلة

تتركز الخلافات بين الاطراف السياسية حول توزيع حصص المشاركة في إدارة الانتخابات

المعارضة رفضت مقترحا يدعو الى منح المرشحين المستقلين ثلث المقاعد في لجان مراقبة الانتخابات

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية