مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دبلوماسيون أوروبيون يؤملون “اختراقا” في الخلاف مع ليبيا

22 فبراير 2010 السويسري ماكس غولدي يغادر سفارة بلاده في طرابلس ليبدأ تنفيذ محكوميته بأحد السجون الليبية Keystone

"من المفترض أن يغادر ماكس غولدي، المواطن السويسري الثاني الذي تحتجزه ليبيا والذي وضعه الإتحاد الأوروبي تحت "حمايته" السجن، في أجل أقرب مما هو متوقع"، طبقا لمصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة المستوى في بروكسل.

وبحسب نفس المصادر الدبلوماسية المطلعة، يبدو أن الرئاسة الإسبانية للإتحاد قد نجحت في التوصّل إلى “تسوية” مع طرابلس، لكن سويسرا مدعوة أيضا للتعاون بهذا الشأن.

الأزمة الليبية السويسرية سوف تكون أيضا على جدول أعمال وزراء داخلية فضاء شنغن الذين يجتمعون الخميس 25 فبراير في بروكسل بمشاركة إيفلين فيدمر- شلومبف، وزيرة العدل والشرطة في الحكومة الفدرالية السويسرية.

وعشية هذا اللقاء الوزاري، بدا بعض الدبلوماسيين الأوروبيين أقل تكتما بالمقارنة مع وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري التي اكتفت في ندوة صحفية عقدتها يوم الإربعاء 24 فبراير في برن على القول بأن “برن سوف تبذل كل ما في وسعها لكي يعود ماكس غولدي إلى بلاده”، وذلك “بدعم الإتحاد الأوروبي”، مضيفة “لكن الوضع يظل صعبا ومعقّدا”.

“جهود مكثفة” تقترن بـ “حذر شديد”

رغم “الحذر الشديد” الذي يبديه الكثيرون، أكّد دبلوماسي أوروبي على إطلاع بتفاصيل الملف السويسري الليبي، أن “جهود الوساطة المكثّفة” التي تقوم بها العديد من البلدان (الرئاسة الإسبانية، وألمانيا الاتحادية خاصة) متفقة على ضرورة إيجاد مخرج دبلوماسي لهذه الأزمة، وأن هذه الجهود “قد بدأت تؤتي أكلها”، حسب قوله.

وفي الوقت الذي سمحت فيه السلطات الليبية يوم 22 فبراير 2010 لرشيد حمداني، المواطن السويسري من أصل تونسي بمغادرة ليبيا عائدا إلى بلاده بعد 19 شهرا من الاحتجاز، يشير المصدر الدبلوماسي الأوروبي إلى أن إطلاق سراح ماكس غولدي “لن يستغرق عدة أشهر”، ويُفترض بحسب المصدر نفسه أن “يحصل غولدي (المحكوم عليه بأربعة أشهر سجنا نافذة) على عفو الزعيم الليبي معمّر القذّافي قبل منتصف شهر مارس القادم”.

تسوية مفترضة

التغير الذي طرأ على وضع رجل الأعمال السويسري المعتقل، والذي أصبح تحت “الحماية الدبلوماسية” لبلدان الإتحاد الأوروبي (وهو ما يضمن له معاملة حسنة في السجن في الانتظار)، يشكل جزء من “طبخة” توصّل إليها – حسبما يبدو – في نهاية المطاف كل من الإتحاد الأوروبي وليبيا لهذه الأزمة “التي تضع الجميع في وضع غير مريح”، منذ أن اتخذت بُعدا أوروبيا.

هذا التطوّر أكّده أيضا فرانكو فراتيني، وزير الخارجية الإيطالي، الذي صرح يوم الإربعاء 24 فبراير أمام لجنة برلمانية في روما أن كل “الظروف متوفّرة ومناسبة لتوقيع اتفاق بين سويسرا وليبيا يضع حدا لنزاعهما الطويل”.

وطبقا للسيد فراتيني: “لا تتضمّن بنود هذا الاتفاق أي إلتزام مالي من طرف سويسرا، لكنه يدعوها إلى التحقيق حول عملية تسريب الصور التي ألتقطت لهانيبال القذافي اثناء احتجازه في جنيف في 15 يوليو 2008”.

هذه التسوية التي تتضّح فصولها شيئا فشيئا كانت محور المفاوضات التي جرت بين وفديْن سويسري وليبي بوساطة المانية في الفترة المتراوحة بين 19 و21 فبراير 2010، وهي مستوحاة من “وثيقة تفاهم” أعدتها الرئاسة الإسبانية يوم 18 فبراير وعرضتها على وزيرة الخارجية السويسرية ونظيرها الليبي في اللقاء الذي جمعهما في مدريد، لكن الطرف الليبي رفض في ذلك الوقت توقيعها أو الموافقة عليها.

مراحل متعددة

تنص بنود هذه “التسوية” على أنه بمجرد مغادرة السويسري ماكس غولدي للأراضي الليبية، تلغي سويسرا “القائمة السوداء” التي تتضمّن أسماء 150 شخصية ليبية مقرّبة أو مشاركة في السلطة، فرضت سويسرا قيودا عليهم تمنعهم من الحصول على تأشيرات دخول إلى فضاء شنغن، وتتخلى عن معارضتها “بانتظام” لمنح هذه التأشيرات لرعايا ليبيين آخرين.

كذلك تلغي ليبيا بمقتضى هذا الإتفاق المزمع قرارها برفض منح تأشيرات دخول قصيرة الأمد للمواطنين الأوروبيين المقيمين في البلدان الواقعة ضمن فضاء شنغن.

أما المرحلة الثالثة، فتتمثّل في لجوء الدولتيْن المتنازعتيْن إلى هيئة تحكيم تتولى رئاستها الحكومة الألمانية، وتتحدد مهمّتها في فك طلاسم ما لف بعملية احتجاز هانيبال القذافي في جنيف يوم 15 يوليو 2008، مع التزام مُسبق باحترام قرارات هذه الهيئة من الطرفيْن.

الاعتذار لازال مطلوبا

في وقت لاحق أيضا تقدم سويسرا “اعتذارا صريحا” عن النشر “اللامشروع” لصور لهانيبال القذافي في صحيفة “لاتريبون دي جنيف” يوم 4 سبتمبر 2009، وعلى سويسرا التوصّل إلى هوية من سرّب تلك الصور، ومتابعته قضائيا، ثم فرض غرامة مالية عليه، لأن ليبيا تطالب بتعويضات، وأن يتم ذلك وفق جدولة زمنية محددة تلتزم فيها برن بالإعلان عما تتوصل إليه في أجل لا يتجاوز 30 يوما.

ويضيف دبلوماسي أوروبي لم يكشف عن اسمه: “الشيء الوحيد الذي يشغلنا في هذه المرحلة هو كسر الجمود الذي يلف القضية. وحتى الآن لم يحن الوقت المناسب للحديث عن السلوك السويسري”، وهو السلوك الذي وصفته كل من إيطاليا ومالطا بما سمياه “الإستخدام السياسي السيئ” لنظام شنغن من أجل حل نزاعها الثنائي مع ليبيا.

ورغم تأكيد السيدة سيسيليا مالمشتروم، المفوّضة الأوروبية للشؤون الداخلية على حق سويسرا في الحد من حرية التنقل في فضاء شنغن بالنسبة لبعض المواطنين الليبيين الذين يشكلون خطرا على إستقرارها، فإن دبلوماسيا أوروبيا آخر يستدرك بالقول: “مع ذلك تظل أسئلة عديدة مطروحة للنقاش. ألم يكن بإمكان سويسرا، وقبل أن تضع قائمتها السوداء، التشاور بشكل رسمي مع شركائها الأوروبيين؟”.

ورغم مشروعية هذه الأسئلة الأوروبية – الأوروبية، فإنه من الأكيد أن برن قد نجحت – مرحليا على الأقل – في دفع الإتحاد الأوروبي في الدخول على الخط لتسوية نزاعها المستحكم مع طرابلس.

تنغيو فيرهوزل – swissinfo.ch – بروكسل

(ترجمه من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

7 فبراير 2010: القضاء الليبي يبرئ رشيد حمداني من تهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” بعد أن برأه في محاكمة سابقة من تهمة “انتهاك قوانين الهجرة والإقامة” في ليبيا.

11 فبراير 2010: خفضت محكمة استئناف ليبية الحكم الصادر على ماكس غولدي بتهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” من 16 إلى 4 أشهر سجنا، بعد أن حكم عليه سابقا بغرامة تبلغ قيمتها 800 دولار في تهمة “انتهاك قوانين الإقامة والهجرة”.

14 فبراير 2010: ليبيا تباشر تنفيذ قرارها بمنع دخول رعايا الدول الأوروبية الأعضاء في فضاء شنغن، باستثناء بريطانيا.

18 فبراير 2010: وزيرة خارجية سويسرا تلتقي نظيرها الليبي بحضور وزير خارجية إسبانيا في مدريد وإشارة إلى تحقيق “بعض التقدّم” في المفاوضات بين البلدين.

19، 20، 21 فبراير 2010: تكتم شديد يحيط بمحادثات تحتضنها ألمانيا في برلين بين وفدين من المفاوضين الليبيين والسويسريين.

22 فبراير 2010: ماكس غولدي يغادر مقر السفارة السويسرية في طرابلس ليُودع سجنا في ضواح يطرابلس ورشيد حمداني يغادر ليبيا باتجاه تونس ويصل إلى مطار زيورخ في وقت متأخر من مساء 23 فبراير.

أبدى هانيبال القذّافي، الذي فجّر احتجازه من طرف شرطة جنيف يوم 15 يوليو 2008، أسوأ أزمة دبلوماسية بين سويسرا وليبيا، تعاطفه مع ماكس غولدي المواطن السويسري الذي يقبع حاليا في أحد السجون الليبية بعد أن حكم عليه بأربع أشهر سجنا نافذة بتهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها”.

ونقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية، اتصل هانيبال بصالح زحّاف، محامي المواطن السويسري ليبلغه تضامنه مع موكّله وعائلته في الظروف الصعبة التي يمران بها.

كذلك أعلن زحّاف أنه قام بزيارة موكله في السجن، وأكّد أنه يقضي محكوميته في “ظروف إقامة جيّدة”.

ويذكر أن غولدي محتجز في ليبيا منذ 19 شهرا، في ما يبدو أنه عملية انتقامية عما تعرّض له هانيبال، نجل الزعيم الليبي، من احتجاز على يد شرطة جنيف في شهر يوليو 2008، بعد أن اتهمه إثنان من خدمه بتعذيبهما وإساءة معاملتهما، وهي تهم أسقطت لاحقا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية