مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

درس رواندا فيه إدانة للسودان؟

الأمين العام للأمم المتحدة أثناء احياء ذكرى مرور 10 أعوام على مجزرة رواندا Keystone

بعد أن اعترف بتقصير المجموعة الدولية خلال المجازر التي حدثت في رواندا، فاجأ الأمين العام للأمم المتحدة الجميع بالتهديد بتدخل عسكري في منطقة الدارفور بالسودان

تصريحات كوفي أنان لقيت ترحيبا من ممثلي المعارضة السودانية ومن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، بينما رفضها سفير السودان في جنيف.

كان الكل يتوقع في حفل إحياء مرور عشرة أعوام على مجازر رواندا، الذي نظمته الأمم المتحدة يوم الأربعاء في جنيف، أن يكرر الأمين العام كوفي أنان اعترافه بتقصيره ي وتقصير منظمة الأمم المتحدة والمجموعة الدولية في وضع حد لحملة الإبادة الجماعية، التي عايشتها رواندا في عام 1994 وأدت إلى مقتل حوالي مليون شخص .

وهو ما حدث بالفعل. لكن الأمين العام فاجأ الجميع بالتطرق في نهاية خطابه إلى الوضع في منطقة الدارفور بالسودان.

فقد صرح قائلا ” إنه يشاطر رأي الخبراء المستقلين الثمانية الذين عبروا عن قلقهم أمام لجنة حقوق الإنسان بخصوص الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان، والأزمة الإنسانية التي تتطور في منطقة الدارفور بالسودان”.

وقد عبر كوفي أنان عن مخاوفه من أن تتفاقم الأوضاع إلى ما هو أسوأ متسائلا “عما إذا كان من اللائق استعمال عبارة التطهير العرقي لوصف ما يتم في المنطقة”.

وفي محاولة لإظهار الدروس المستخلصة من تقاعس المنظمة الأممية في الرد على التجاوزات التي بدأت بها أحداث رواندا، أوضح الأمين العام أمام لجنة حقوق الإنسان “أن ضرورة التدخل في مثل هذه الحالات تتطلب اتخاذ جملة من الإجراءات التي قد تصل إلى حد التدخل العسكري”.

لكنه أردف قائلا “إن الإمكانية العسكرية يجب أن تُترك كآخر خيار يتم اللجوء له في الحالات القصوى”.

ترحيب وتشجيع من المنظمات الإنسانية

وقد لقيت كلمات السيد كوفي أنان ترحيباً من منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان السودانية و العالمية على حد سواء، والتي سارعت كل من جهتها إلى تحديد الشروط والمواصفات التي يجب توفرها في لجنة تقصي الحقائق التي ينوي الأمين العام إرسالها إلى المنطقة للوقوف على حقيقة ما جرى ويجري فيها.

فقد رحبت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب التي مقرها في جنيف، والتي قدمت تقريرا مفصلا عن ما وصلها من معلومات حول ” مقتل حوالي 168 شخصا في اغتيالات جماعية من قبل الميليشيات الموالية للحكومة”، رحبت بتصريحات السيد أنان معتبرة “أن ما يجري في الدارفور يملي تلك الإجراءات”.

أما منظمة هيومان رايت ووتش (Human Right Watch) فقد اعتبرت ” أن الحكومة السودانية متورطة في جرائم حرب ضد الإنسانية ترتكبها الميليشيات الموالية لها في منطقة الدارفور”. كما أنها ترى أن قوات الجيش السوداني والميليشيات الموالية للحكومة ” ترتكب انتهاكات يومية وواسعة لحقوق الإنسان في منطقة غرب الدارفور”.

على حين ناشدت منظمة العفو الدولية لجنة َ تقصي الحقائق الأممية، التي يقودها باكر والي ندياي رئيس مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في نيويورك، التحقيقَ ” في مقتل حوالي 168 شخصا اعُدموا إعدامات جماعية، والذي وصفه مسؤولون أمميون بعمليات التطهير العرقي” على حد قول المنظمة الإنسانية.

أما السودانيون فبين مرحب ورافض!

تراوحت مواقف السودانيين من خطاب الأمين العام للأمم المتحدة بين مرحب ورافض.

فقد صرح المهندس هاشم محمد احمد عضو المنظمة السودانية لمناهضة التعذيب ومدير عام سكك حديد السودان سابقا في حديث مع سويس إنفو قائلاً ” إنه خطاب موضوعي وشافي وجاء في وقته”، مؤكدا بأن “ما يحدث اليوم في الدارفور يسير في اتجاه ما حدث في رواندا”.

ويرى السيد هاشم أن أهم ما جاء من نقاط عملية في الخطة، التي أعلن عنها الأمين العام للأمم المتحدة في الذكرى العاشرة لمذابح رواندا، تتعلق بوضع آليات إنذار مبكر، تسمح للأسرة الدولية وعلى رأسها الأمين العام بمعالجة الموقف والاحتياط له قبل حدوثه. وأعتبر أن ذلك الأجراء هو “صمام آمان هام جدا كنا نفتقد إليه”، على حد قوله.

أما سفير السودان لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة محمد حسن احمد الحاج فقد عبر في تصريحات صحفية عن ” نفيه لوجود عمليات تطهير عرقي”، رافضا المقارنة التي قام بها الأمين العام بين ما جرى في رواندا وما يجري في منطقة الدارفور السودانية.

ولفت السفير السوداني إلى أن رواندا كانت مغلقة تماما في وجه التواجد الخارجي، في حين أن منطقة الدارفور مفتوحة أمام العديد من البعثات التي زارتها، وشملت بعثة ترويكا أوربية ومبعوث للأمين العام للشئون الإنسانية إضافة إلى العديد من المنظمات الإنسانية.

وبعد أن أكد على أن ما يجري في الدارفور لا يمكن مقارنته مع ما يجري في عدة مناطق من العالم، تساءل السفير السوداني ” لماذا لم تتحدث الأمم المتحدة عما يجري في فلسطين … ولماذا لا تتدخل لحماية المدنيين في العراق الذين يقتلون اليوم في الشوارع؟”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية