مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“تريغون فيلم” توسّع نشاطها وتتكيّف مع المتغيّرات

من أكثر الأفلام العربية التي لاقت نجاحا في سويسرا أفلام ناصر خمير، التي تتميّز بالشاعرية وبالثراء وبالطرافة trigon-film.ch

تُحيي مؤسسة تريغون فيلم المتخصصة في توزيع أفلام الجنوب في سويسرا هذا العام الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقتها. مناسبة انتهزتها هذه المؤسسة لإطلاق موقع إلكتروني جديد، ولتجديد عزمها على مواصلة دعمها للأعمال السينمائية غير التجارية، التي لا زال من الصعب مشاهدتها أو التعرف عليها خارج إطار المهرجانات المتخصصة.

وسعيا منها للتكيّف مع المتغيّرات الدولية والتكنولوجيا الرقمية، باتت أوروبا الشرقية ضمن دائرة الإهتمام، وأصبح بالإمكان تمديد عمر أفلام الجنوب، وإتاحة مشاهدتها للمُبحرين على شبكة الإنترنت، أو للمقتنين لها على اقراص فيديو مدمجة.

لتسليط الضوء على مستجدات هذه التجربة السويسرية الفريدة، وواقع أفلام بلدان الجنوب في سويسرا، إلتقت swissinfo.ch مارسيال كنايبل، الناقد السينمائي، والمدير الفني السابق للمهرجان الدولي للأفلام بفريبورغ، وكان لنا معه هذا الحوار.

swissinfo.ch: ما سرّ اهتمامكم بأفلام الجنوب وحرصكم على توزيعها؟

مارسيال كنايبل: أجيب على هذا السؤال بطريقتيْن: طريقة لا تخلو من طرافة، إذ بعد أن أنهيت دراسة االكيمياء، لم أجد عملا، أو بالأحرى لم أبحث بجد عن عمل، قررت السفر إلى افريقيا لمدة ستة أشهر، لكن الرحلة امتدت لثلاث سنوات كاملة. كان ذلك في عام 1974، وقادتني الرحلة إلى تنزانيا في عهد زعيم الإشتراكية الإفريقية يوليوس نيريري. في تلك المرحلة بدأ سحر الإشتراكية ينقشع ويتبخّر في القارة الأوروبية، وانتفاضة 1968 باتت في طيّ الماضي، وسادت القارة حالة من الإحباط. تزامن كل ذلك مع تحوّلات مهمّة في بلدان الجنوب، منها سقوط حكم الجنرال أوغستو بيونشيه في الشيلي، وسقوط حكم العسكر في اليونان، ثم سقوط حكم هايلي سيلاسي في أثيوبيا. كانت مرحلة تحولات كبيرة خارج القارة الأوروبية. ذهابي إلى إفريقيا كان من أجل تحسس دلالات هذه التغيرات.

خلال وجودي في افريقيا، عرضت أفلاما للجمهور الإفريقي، ولكن عندما عدت إلى أوروبا، طلب مني أصدقائي ان أحدثهم عن افريقيا، إلا أنني وجدت نفسي عاجزا عن فعل ذلك من خلال الكلمات، فالقارة الإفريقية مختلفة جذريا عن القارة الأوروبية، وبلدانها لا تقل اختلافا عن بعضها البعض مقارنة ببلدان في قارات اخرى. هنا اهتديت إلى أن أفضل طريقة لتقديم افريقيا إلى جمهور غربي هو عرض الافلام الإفريقية. أما الخلفية الفلسفية لهذا العمل، فتتمثل في الإعتقاد بأن عرض سينما الجنوب يسمح لأهل الجنوب بتقديم حقيقتهم لغيرهم بأنفسهم، ويسمح بفهم ثقافاتهم كما هي، وطرح الأسئلة حول وجهة نظرهم حول التنمية، والقضايا المطروحة على مجتمعاتهم.

ولد مارسيال كنايبل في ستراسبورغ بفرنسا. تابع تكوينا في مادة الكيمياء، قبل أن يعمل أستاذا في شرق إفريقيا وفي جمهورية إفريقيا الوسطى.

قدم إلى سويسرا في عام 1978 وعمل مساعدا اجتماعيا ومتعاونا مع منظمة « E-Changer » التنموية غير الحكومية.

في عام 1986، بدأ في التعاون مع مهرجان أفلام فريبورغ وأصبح مديرا فنيا له في عام 1992.

شارك بالخصوص في تأسيس “تريغون فيلم”، وهي شركة سويسرية متخصصة في توزيع أفلام الجنوب. وفي عام 2006 تحصل على جائزة السينما الكورية اعترافا بدوره في الترويج لأشرطة كوريا الجنوبية عبر العالم.

يقيم حاليا في مدينة فريبورغ، وهو متفرّغ للكتابة والتأليف، بالإضافة إلى مواصلته العمل مع شركة تريغون فيلم لتوزيع أفلام الجنوب.

swissinfo.ch: هذه تجربتكم الشخصية مع هذه الأفلام، ماذا عن السياق الذي نشأ فيه مشروع “تريغون فيلم”؟

مارسيال كنايبل: مؤسسة تريغون فيلم نشأت تقريبا في نفس السياق. وحتى عام 1986، لم يكن قد تم توزيع أي فيلم من بلدان الجنوب في سويسرا باستثناء بعض الأفلام في نوادي السينما المغلقة. وحتى ذلك العام أيضا لم يعرض إلا فيلم أمريكي لاتيني واحد في قاعات العروض العامة. كان هناك فراغ شامل. إذن برونو إيغي، الذي كان ناقدا سينمائيا يكتب بصحيفة “بازلر تسايتونغ” شعر بهذا الفراغ. لقد عايش بنفسه مفارقة كبيرة بين ما يعرض في المهرجانات حيث يرى روائع سينمائية من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن ناحية أخرى لا يستطيع تناول تلك الأعمال بالنقد لانها لا تعرض في سويسرا. يجب التذكير أيضا أن توزيع الافلام في تلك المرحلة كان يخضع لنظام الحصص: حصة لأفلام امريكا الشمالية، وحصة ثانية، للأفلام الاوروبية، وثالثة، لأفلام الإتحاد السوفياتي والكتلة الشرقية، واما الحصة الرابعة فمتروكة لثلثي الكرة الأرضية تقريبا. هذه الحصة الأخيرة لا تكفي حتى لعرض أعمال الرواد الكبار للأعمال السينمائية في الجنوب مثل يوسف شاهين، وسولاناس، وساتيا جيتراي. لقد كان واضحا أن هناك حاجة ماسّة لفعل شيء ما. من هنا أطلق برونو إيغي مبادرة انفتح بها على أصدقائه وكنت أحدهم، فأسسنا أوّلا “جمعية دعم توزيع أفلام الجنوب” ثم تحوّلت لاحقا إلى “مؤسسة تريغون فيلم”.

منذ ذلك الحين، وزّعت تريغون فيلم 390 فيلما من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية….في قاعات العروض السويسرية كما قامت بإعداد 250 قرص فيديو مدمج، والآن تقوم بعمل كبير بالنسبة للأعمال الكلاسيكية الرئيسية، وبذلك تساهم تريغون فيلم بفعالية في اثراء التنوّع والاختلاف في مجال السينما.

محتويات خارجية

لقطة اشهارية للفيلم الهندي “Lagaan”

swissinfo.ch: رغم هذه الجهود، يلاحظ المراقب أن الخطاب في سويسرا تجاه “الآخر” يزداد تصلبا مع مرور الوقت. ألا يمكننا أن نتساءل: ما جدوى عرض هذه الأعمال السينمائية إذا لم تغيّر العقليات السائدة؟

مارسيال كنايبل: سؤال شائك يلامس قضية جدّ معقّدة. ما الذي يثبت أن هذه الأفلام لا تغيّر عقليات الجمهور السويسري؟. أنا لا أثق في استطلاعات الرأي، ومن يقوم بها يريد الوصول إلى نتيجة محددة مسبقا، ولأنني عندما أرى أن فيلم Lagaan الهندي الشعبي للمخرج Ashutosh Govariker ، قد نجح في استقطاب اهتمام أزيد من 50 ألف مشاهد سويسري، أو فيلم ” séparation ” الإيراني، والذي يعالج قضية انسانية بسيطة جدا، تتمثّل في زوجيْن، أحدهما يريد الطلاق، والثاني لا يريد…هي قصة كونية بمعنى الكلمة، لكنها إيرانية في منطلقها، وقد شاهدها في سويسرا ما يزيد عن 55 ألف مشاهد، مثالان يدلاّن على انفتاح وتشوّف لمعرفة الآخر وثقافته. قد تقول لي طيّب، ولكن الناخبون السويسريون صوّتوا بكثافة قبل سنوات قليلة تأييدا لحظر المآذن! هذا صحيح، ولكن الأمر هنا لا يتعلّق بموقف من الثقافات الأخرى، إنها أعمق من ذلك بكثير، إنه تعبير عن مشاعر الخوف الذي ينتاب البعض بسبب العولمة الزاحفة وعدم وضوح المستقبل.

“السينما كما أراها، وسيلة لنقل الأفكار والتعبير عنها، وليس غريبا أنها تحوّلت بعد ظهورها وبسرعة إلى وسيلة للدعاية والبروباغاندا. إذا أردنا ان نكتشف عوالم أخرى، يكفي ان نتجه إلى سينما تلك العوالم، وهو امر يساعد على مستويات عدة: الفكري والفلسفي، والمجتمعي والتاريخي، والمعنوي والمادي المحسوس.

السينما تساعدنا في التعرّف على الشعوب الاخرى وكيفية تفاعلها مع واقعها، وتساعدنا على الإنصات إلى الآخر، وإلى لغته وإبداعيته. وكنت اصاب بالدهشة كل مرة أحلّ فيها ببلد جديد، سبق لي أن شاهدت عددا من أعماله السينمائية. ورغم أن الزيارة قد تكون الاولى من نوعها، لكن الشعور الذي ينتابني هو شعور من يعود إليها بعد زيارات سابقة.

السينما شكل ابداعي مهمّ جدا في إدراك الواقع وفكّ تعقيداته. وقد يقول الموسيقي نفس الشيء ايضا عن موسيقاه. كنت في إحدى المرات في زيارة إلى دبي، وعثرت في إحدى المكتبات في مطار الإمارة على سلسلة من الأفلام العربية، أفلام يبدو انه لا يعرفها إلا أصحاب الاختصاص، ومن هم من أصحاب المهنة. هي أفلام لم توزّع في أوروبا، ونادرا ما شاهدها أحد خلال المهرجانات، ولقد اصبت بالدهشة لمستوى أدائها الفني والقضايا التي تعالجها.

السينما بالنسبة لي كعلم الحفريات، فهي التي تضع المعالم والإشارات لكل مرحلة من مراحل التجربة الإنسانية، فتحدد سيمات كل مرحلة منها، وهي افضل مقياس ، رغم قصر عمرها، لمكاسب الحضارات، أو للبؤس أو الحيرة التي تصيب البشرية من حين لآخر.

ثمّ السينما مهمّة أيضا لأنها تمكّن المشاهد من ادراك واقعه وعالمه ومجتمعه في أجلى تعقيداته. فالأوضاع في أي بلد ليست كلها إما بيضاء ناصعة او سوداء قاتمة، وكذا الثقافات والمجتمعات… 

أنا لم أبحث يوما عن إجابات من خلال السينما، وكنت في المقابل أتحسس الاسئلة، أسئلة لم أفكّر فيها من قبل. هي أسئلة تضطرّ الإنسان إلى التوقف والتأمّل. الفيلم الجيّد هو الذي يدفع مشاهده إلى التساؤل والشك، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الأسئلة فلسفية ومعقّدة لأن جمهور السينما من كل الفئات.

swissinfo.ch: رغم كل ما ذكرتم لا يتجاوز حجم أفلام الجنوب الموزّعة في سويسرا 0.7% من السوق السينمائية؟

مارسيال كنايبل: هذه المؤسسة ليس لها وزنا اقتصاديا كبيرا بالمقارنة مع الآلتيْن الضخمتيْن لتوزيع الأفلام الامريكية أو الأوروبية، لكن “تريغون فيلم” هي في نفس الوقت في موقف ضعف، وفي موقف قوة. هي في موقف ضعف لأنه بات من الصعب مع مرور الوقت إدراج الأفلام في قاعات العرض، ليس بسبب عدم اقبال الجمهور، بل لأن هذه القاعات قد غمرتها الأفلام مع ظهور الرقمنة. من قبل لعرض فيلم لابد من توفّر نسخة من فئة 35 ممتر وتكلفتها عالية جدا، اما الآن فيكفي توفّر نسخة من الفيلم على الحاسوب ليسجّل على قرص صلب ثم يرسل في نفس الوقت إلى مدن مختلفة ليسجّل الفيلم على الحواسيب هناك ثم يعرض بالتزامن في العديد من القاعات. طبعا أفلام جيمس بوند تريد جميع القاعات عرضها لأن أموالا طائلة قد انفقت من أجل الترويج إليه، ولأن النقاد السينمائيين لم يقوموا بعملهم على الوجه الاكمل، لأنهم يتكلمون ويكتبون على الأفلام التي يتكلّم عليها الجميع، والجميع يهتم بما يكتبه أولئك النقاد، وهكذا نكون في حلقة مفرغة. إزاء هذا الوضع نحن في تريغون فيلم ندرك ان عملا كبيرا ينتظرنا مع توزيع أي عمل جديد. ولقد رأيت صفحات بأكملها في صحف واسعة الانتشار مخصصة لأفلام أمريكية للقول في النهاية أنها لا تسوى شيئا، مقابل حيّز صغير لا يتجاوز العشرة أسطر مخصص لفيلم من آسيا أو افريقيا او أمريكا اللاتينية للقول إنه من الروائع الفنية الكبيرة، ويدعو الجمهور للذهاب لمشاهدته. وكان الأولى أن يكون الحيز الممنوح لفيلم الثاني اكبر بكثير من الفيلم الأوّل وليس العكس.

swissinfo.ch: هل تعتقد أن لجوء تريغون فيلم إلى خيار عرض الأفلام عبر الإنترنت يمثّل استجابة مدروسة لتحدّي الرقمنة؟  

مارسيال كنايبل: أمام الصعوبات التي أشرت إليه سالفا، أصبح أي فيلم لا يحقق نجاحه في الأسبوع الأوّل من العرض مجبرا على ترك مكانه لعمل آخر. فأرتأينا إذن التمديد لهذه الأفلام عبر أتاحة مشاهدتها عبر الإنترنت. وهذا الأمر ممكنا نظرا لكون الغالبية العظمى (قرابة 80%) من القاطنين في سويسرا تتاح لهم خدمة الإنترنت في المنزل.

swissinfo.ch: توزيع أفلام الجنوب لأغراض إنسانية، أليس مضرّا بهذه الأفلام في وجه من الوجوه؟

مارسيال كنايبل: أنا لا أتفق معك. تريغون فيلم لا تعرض هذه الأفلام لأغراض انسانية. نحن نختار الأفلام ونعرضها لأنها من وجهة نظرنا أعمالا فنية رائعة، أوّلا لأنها ذات حبكة سينمائية رائعة، وثانيا لأنها تعالج قضايا مجتمعية وفلسفية جادة تمسّ حياة الجمهور السويسري. نحن لا نستجدي المشاهد لكي يحضر عروض هذه الأفلام خدمة للعنصر الأسود او الأصفر، او لتحسين صورة العربي أو الصيني،…بل نقول لهم تعالوا شاهدوا هذه الأفلام لانكم سوف تستفيدون من ذلك. العملية هنا عملية تبادلية، من جهة منتجو تلك الأفلام في حاجة إلى الجمهور للتعويض عن التكاليف التي تكبدوها في عملية التصوير والإنتاج، ومن جهة اخرى الجمهور في حاجة إلى اعمال فنية رائعة كغذاء فكري وتعزيز لوعيه بقضايا الإنسانية عموما. هذه العملية محكومة بجدلية القيمة التبادلية والقيمة الاستعمالية للأفلام.

swissinfo.ch: تعرضون قريبا فيلم “Take Off” للمخرج السويسري برونو مول، ما القضايا التي يثيرها هذا الفيلم؟

مارسيال كنايبل: هو فيلم يعالج قضايا جوهرية، تشغلنا جميعا. ولسان حال هذا المخرج يقول نحن هنا في الغرب لدينا نمطنا في التنمية، ورؤيتنا للتقدّم الحضاري،…ومع ذلك نحن بصدد ملاقاة الفشل، ونعاني من أزمات متتابعة، ولم نكتف بذلك، بل إننا سعينا إلى فرض هذا النمط التنموي الفاشل على الشعوب والأمم الأخرى. يتساءل المخرج، هل سألنا الأفارقة كيف هم يتصوّرون تنميتهم؟ وما الذي تعنيه هذه الكلمة بالنسبة لهم؟ ربما إذا ما طرحنا في يوم من الأيام هذه القضايا بجدية ستصبح مساعدات التنمية اكثر جدوى وفعالية.

فيلم “Take Off”، يظهر مجتمعا غانيا ليس متخلفا كما يتخيّل البعض. صحيح أن البلد يعاني من سوء الحوكمة، ومن محدودية البنى التحتية وغياب الصيانة الضرورية لما هو موجود منها، ولكن في المقابل، نحن بصدد شعب لا تنقصه المهارات، وقادر على معالجة المشكلات التقنية، وقادر على صناعة أجهزة وآلات، وتشغيلها وتطويرها، شعب لا يحتاج لمن يقول له ما الذي عليه فعله. هذا لا يعني أنه لا يحتاج ، ككل بلدان وشعوب العالم إلى التبادل والتعاون الخارجي. الفيلم دعوة إلى التوقّف عن وصم الشعوب الإفريقية بأنها شعوب متخلفة.

محتويات خارجية

لقطة اشهارية لفيلم “باب عزيز” للمخرج التونسي الناصر خمير

swissinfo.ch: من الأفلام الحديثة التي تزخر بها قائمة تريغون فيلم ، كذلك « About Elly »، للمخرج الإيراني أشقر فرهادي، وفيلم ”  Fausta la teta Asustado”، للمخرجة الإسبانية – البيروفية كلاوديا ليوزا. ما الرابط بين هذيْن العمليْن؟

مارسيال كنايبل: الرابط الوحيد الذي أراه بين العمليْن هو الحبكة السينمائية والبراعة الفنية. وما دون ذلك، من جهة نجد فيلم بيروفي، يعالج قصة فتاة شابة عاشت مأساة خلال طفولتها، واستبطنت مأساة أمّها التي تعرّضت إلى الاغتصاب زمن الدكتاتورية في البيرو. واما الفيلم الإيراني، فيعرض قصة أحد الأثرياء الذي يعمل على تنظيم احتفالات ولقاءات، من اجل التقريب بين رجل وامرأة بقصد تزويجهما، لكن كل الجهود التي بذلت فشلت في الجمع بينهما لأن العملية لم تأخذ بعين الإعتبار الحياة الجوانية لهذيْن الشخصيْن، ولم تراعي الأعراف الإجتماعية في إيران.

swissinfo.ch: قائمة تريغون فيلم تحتوي كذلك على 30 فيلما عربيا، ما الذي يلفت نظر المشاهد السويسري في هذه الأعمال؟

مارسيال كنايبل: من أكثر الأفلام العربية التي لاقت نجاحا في سويسرا أفلام ناصر خمير، التي تتميّز بالشاعرية وبالثراء وبالطرافة، بالمعنى الإيجابي جدا للكلمة، وليس الفلكلوري أو النشاز. ولناصر خمير قدرة عجيبة على الرواية والحكاية، فن عربي أصيل. في فيلم “شهرزاد”، يتحّول المخرج إلى حكواتي يروي قصص “ألف ليلة وليلة”. هذا الفيلم أعجبني بشكل كبير، وقد أعدت مشاهدته ثلاث أو أربع مرات، كما أستعمله لحكاية قصص لأبنائي قبل انصرافهم إلى النوم. وردّ الفعل نفسه رأيناه لدى الجمهور السويسري الذي لم يُخف اعجابه بتلك القصص الثرية والساحرة التي تعكس ثقافة ثرية لم يتناساها الغربيون فقط، حتى حتى العرب أنسهم، حيث أصبح الجميع يتعامل مع هذه الثقافة من منظور ديني، في حين أنها أوسع من ذلك وأشمل. ونفس الشيء يقال عن اللغة العربية وعن الخط العربي، وهي كلها أدوات تعبيرية تسمح بالتعبير عن المشاعر وعن الأفكار بطريقة خارقة للعادة. وناصر خمير هو من يقول بأن في القاموس العربي 70 كلمة للتعبير عن مشاعر “الحب”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية