مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زيارة أولى لإسرائيل دون لـقاء شارون

السيدة كالمي راي خلال لقاءها بعد ظهر الإثنين 7 فبراير بنائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز Keystone

شددت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي خلال لقاءها يوم الإثنين في القدس بنائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز على أهمية تحسين الجانب الإنساني في قطاع غزة.

وكانت الوزيرة قد زارت تحت أمطار غزيرة صبيحة الإثنين الواجهة الإسرائيلية من الجدار الفاصل دون أن تدلي بأي تعليق.

بعد اختـتام زيارة استغـرقت ثلاثة أيام في الأراضي الفلسطينية، بـدأت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي راي يوم الأحد 6 فبراير زيارتها الرسمية الأولى إلى إسرائـيل بالترحم على ضحايا “الهولوكوست” (المحرقة النازية) في متحف “ياد فاشيم” بالقدس.

وكتبت الوزيرة في السجل الذهبي للمتحف: “لقد أتيت هنا لتكريم ذاكرة ستة مليون يهودي قـُتلوا، وراحوا ضحايا للجنون وما لا يمكن تسميته. باسم الحكومة والشعب السويسريين، أعبر هنا عن ألمي وآمل ألا يتكرر ذلك أبدا”.

والتقت السيدة كالمي راي بعد ذلك مع الرئيس الإسرائيلي موشي كاتساف ثم وزير الخارجية سيلفان شالوم الذي حرصت على الحديث معه عن مبادرة جنيف غير الرسمية لإحلال السلام في الشرق الأوسط، والتي تحظى بدعمها القوي.

وقالت في تصريح لإذاعة سويسرا الروماندية: “أتحدث عن نشاطات سويسرا في المنطقة مع كافة المحاورين هنا، أنا فخورة بمبادرة جنيف”. وأضافت في هذا السياق: “بتكليف من الأمم المتحدة، قمنا باستشارة عدد من الدول بصفة غير رسمية، وإسرائيل هي من ضمن هذه الدول”.

وأوضحت وزيرة الخارجية السويسرية أن المرحلة القادمة ستشمل إجراء استشارات رسمية، ثم تسليم تقرير للجمعية العامة للأمم المتحدة، وربما عقد مؤتمر تشارك فيه الأطراف الموقعة”. لكن السيدة كالمي راي شددت على أن المؤتمر ليس أمرا أكيدا بل محتملا، لأنه سيعتمد على نتائج الاستشارات.

شد وجذب بين برن وتل أبيب

من ناحيتها، ذكّرت وزارة الخارجية الإسرائليلية في بيان أن العلاقات بين سويسرا والدولة العبرية شهدت فترات شد وجذب وأن “إسرائيل تدعو الحكومة السويسرية إلى العمل على تحسين أجواء هذه العلاقات، خاصة داخل البرلمانات الجهوية ووسائل الإعلام”، وذلك في إشارة إلى القرار الذي اعتمده برلمان جنيف في العشرين من يناير الماضي، والذي يدين بناء جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية.

وخلال مؤتمر صحفي في القدس، ردت وزيرة الخارجية السويسرية بأن “الحكومة السويسرية لم تحاول أبدا الإساءة لسمعة إسرائيل في وسائل الإعلام” مضيفة: “نحن مهتمون بالأحرى، وكثيرا جدا، بالسلام والحوار”. كما أوضحت أن الحكومة الفدرالية ليست مسؤولة عن قرارات حكومات مختلف الكانتونات أو الآراء التي ترد في الصحافة.

ولم تتمكن وزيرة الخارجية السويسرية خلال هذه الزيارة الأولى لإسرائيل من لقاء رئيس الوزراء أرييل شارون، إذ أوضحت أنه لم يتسن تنظيم هذا اللقاء وأنها ستكتفي بالتباحث مع أحد نائبي شارون. لكن معلقا من صحيفة هاريتز الإسرائيلية أعرب عن اعتقاده أن شارون لم يرد لقاء السيدة كالمي راي للتعبير عن استيائه تجاه سويسرا الداعمة لمبادرة جنيف التي تواجه معارضة شرسة من قبل الدولة العبرية.

وإثر لقاءها اليوم مع شيمون بيريز، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، صرحت السيدة كالمي راي في مؤتمر صحفي أن المحادثات تناولت على الخصوص الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة المقرر هذا العام. وشددت على أن نجاح المخطط يعتمد على ضمان الجانب الإنساني فيه، أي تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية للقطاع وحركة تنقل السكان. أما السيد بيريز، فاكتفى بالإعراب عن “اهتمامه” بالموقف السويسري.

زيارة بدون تعليق للجدار الفاصل

وبعد أن عاينت الجانب الفلسطيني من الجدار الفاصل الأسبوع الماضي، زارت يوم الإثنين الواجهة الإسرائيلية من الجدار المحيط بالقدس رفقة العقيد الإسرائيلي داني تيرزا، المكلف بـ”تخطيط مسار الحاجز المضاد للإرهاب” حسب التسمية الإسرائيلية. وأفاد مراسل لوكالة الأنباء السويسرية أن الوزيرة لم تدل بأي تعليق خلال معاينتها للجدار تحت أمطار غزيرة.

لكن الوزيرة أوضحت بعد ذلك أن محاوريها الإسرائيليين ركزوا خلال المباحثات على الجانب الأمني مؤكدة تفهمها لذلك الانشغال.

وكانت الوزيرة قد تحدثت أيضا عن مبادرة جنيف مع المسؤولين الفلسطينيين خلال زيارتها إلى الأراضي الفلسطينية حيث التقت برئيس السلطة الوطنية الجديد محمود عباس ونظيرها نبيل شعث.

وقد ذكر السيد شعث يوم السبت في غزة بالقرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليو الماضي الذي يطالب بهدم الجدار الفاصل في الضفة الغربية، وبأن القرار يدعو سويسرا إلى صياغة تقرير للأمم المتحدة لضمان احترام القانون الإنساني الدولي في المنطقة. وردّت السيدة كالمي راي على تصريحات السيد شعت بالتنويه إلى أن المباحثات غير الرسمية مستمرة، قائلة “سويسرا لا تنتهج سياسة قوة بل سياسة احترام للقانون الدولي”.

وتقوم الوزيرة يوم الثلاثاء بزيارة مدينة سديروت الصغيرة الواقعة على بعد كيلومتر واحد فقط من قطاع غزة والتي تستهدف مرارا من قبل القذائف الفلسطينية، وذلك قبل توجهها إلى مصر في زيارة خاطفة حيث ستلتقي صبيحة الأربعاء بنظيرها المصري احمد عبد الغيث حسب الوفد المرافق للسيدة كالمي راي.

إعادة تأهيل الأسرى..هدف سياسي أيضا

ويذكر أن الوزيرة قد قامت في بداية زيارتها إلى الأراضي الفلسطينية بتـفقد مركز تكوين وإعادة تأهيل السجناء الفلسطينيين في رام الله بالضفة الغربية. ويعد مركز أبو جهاد الذي شيد عام 1998 من المشاريع التي تشارك في تمويلها دائرة التنمية والتعاون السويسرية التابعة لوزارة الخارجية، إذ ترصد له 1,5 مليون فرنك سنويا. ومنذ إنشاءه، كون المركز قرابة 6 آلاف شخص في مجالات مختلفة مثل الإلكترونيات والميكانيك والتصميم على الحاسوب.

وفي تصريح لـ”سويس انفو”، شدد السيد ماريو كاريرا رئيس مكتب دائرة التنمية والتعاون في قطاع غزة والضفة الغربية، على أن زيارة ميشلين كالمي راي للمركز خطوة هامة جدا قائلا: “بزيارتها لشركاءنا الفلسطينيين سواء في رام الله، بيت لحم أو غزة، أعطت وزيرة الخارجية التي تشغل أيضا منصب وزيرة التعاون إشارات أمل وتضامن، هذا هائل”.

من ناحيتها، أوضحت السيدة أنيك تونتي، رئيسة قسم الشرق الأوسط وإفريقيا الشمالية في دائرة التنمية والتعاون السويسرية، أن فكرة برنامج إعادة تأهيل السجناء هي فلسطينية بحتة إذ قالت: “نحن كنا هنا لتقديم النصح والمشاركة في إقامة المشروع. لقد حددنا الميزانية ثم انضم إلينا الاتحاد الأوروبي”.

ويذكر أن السيدة تونتي كانت تدير مكتب التنمية والتعاون في الأراضي الفلسطينية وكانت أيضا ممثلة الحكومة السويسرية لدى السلطة الفلسطينية.

وقد أوضح السيد كاريرا أن الفين من السجناء الفلسطينيين السابقين يترددون حاليا على مركز أبو جهاد. لكن هل توجد بالفعل فرص حقيقية لإعادة اندماج الأسرى في ظروف فلسطينية تتفاقم أكثر فأكثر؟ في هذا السياق، أشار السيد كاريرا إلى أن “نصف سكان غزة وقرابة 30% في الضفة الغربية يعانون من البطالة، دون احتساب البطالة المخفية”.

ورغم هذا الواقع المؤسف، أشادت السيدة تونتي بالجوانب الإيجابية للبرنامج الذي ترى انه يوفر أيضا مجالا يسمح للشباب في مقتبل العمر والقوة بالتعبير بحرية عن مشاعرهم ليتمكنوا بعد ذلك من سرد قصتهم، إذ معظمهم يحتاج إلى مساعدة نفسانية حسب اعتقدها.

أما السيد كاريرا، فأشار في تصريحاته لـ”سويس انفو” إلى جانب هام آخر، إذ أوضح أن الهدف من برنامج إعادة تأهيل الأسرى الفلسطينيين السابقين هو سياسي بوضوح أيضا قائلا “إنه يهدف إلى توفير آفاق أخرى للشباب الفلسطيني لتفادي وقوعه في فخ التطرف”. وهو هدف تصفه السيدة تونتي بـ”طريقة تنتهجها سويسرا للمساهمة في بناء سلام دائم في المنطقة”.

سويس انفو مع الوكالات

تقوم السيدة ميشلين كالمي راي بأول زيارة لها وأول زيارة لوزير خارجية سويسري إلى إسرائيل منذ مارس 2001
تبلغ قيمة المبادلات التجارية بين سويسرا وإسرائيل 2,2 مليار فرنك
تقدم سويسرا مساعدات تنموية سنوية للفلسطينيين بقيمة 25 مليون فرنك:
15 مليون منها ترصد للجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”
أما 10 مليون المتبقية فتخصص لدعم برامج التعاون والتنمية لحوالي 20 منظمة غير حكومية فلسطينية

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية