مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زيارة وفد سعودي إلى سويسرا تسهم في تحريك بعض الملفات العالقة

أعضاء وفد مجلس الشورى السعودي الذي زار سويسرا (يتوسطهم سفير المملكة في برن حازم كركوتلي) ظهر الخميس 9 ديسمبر 2010 في العاصمة برن swissinfo.ch

أدى وفد من مجلس الشورى السعودي زيارة إلى سويسرا للتعرف على خصوصيات البرلمان الفدرالي وربط الإتصال بأعضاء جمعية الصداقة البرلمانية السويسرية السعودية وإجراء لقاءات مع العديد من المسؤولين السياسيين والإقتصاديين والجامعيين.

ومن بين النقاط التي يُـولي لها الجانب السعودي أهمية، مسألة التوصل إلى اتفاقية لتفادي الإزدواج الضريبي بين البلدين، في حين ينتظر الجانب السويسري مصادقة السعودية على اتفاقية التبادل التجاري الحر بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول “إيفتا”.







شملت الزيارة التي استمرت من السادس إلى العاشر ديسمبر 2010 منظمات دولية في جنيف ومؤسسات حكومية وبرلمانية وعلمية سويسرية في العاصمة الفدرالية برن وسمحت للوفد السعودي بإثارة عدد من نقاط الاهتمام.

وفي حديث خص به أعضاء الوفد سويس إنفو في برن، شرح رئيس الوفد الدكتور راشد بن حمد بن راشد الكثيري أن الزيارة “تدخل في إطار الاستجابة لدعوة من لجنة الصداقة البرلمانية السويسرية السعودية” وأضاف أنها “سمحت بمناقشة بعض القضايا التي تهم البلدين وبعض القضايا المستقبلية التي نخطط لها لدعم العلاقات البرلمانية وكذلك العلاقات السياسية والإقتصادية  والتجارية والتعليمية والصحية وغيرها، لأنه يهمنا استمرارية العلاقة بين المملكة العربية السعودية وسويسرا خاصة وأن سويسرا تحتل مكانة جيدة وعلاقاتها مع المملكة متميزة”.

اطلاع ومقارنة و.. تذليل للعقبات

في سياق متصل، سمح الإعداد لهذه الزيارة لأعضاء الوفد بتعميق معرفتهم بأسلوب عمل البرلمان السويسري، كما ساهمت اللقاءات التي جرت مع عدد من أعضائه في “التعرف بشفافية على كيفية عمل المجلس بغرفتيه وكيفية التوفيق بين مواقف المجلسين والتوقف عند النقاط المشتركة ونقاط الإختلاف عما نعرفه في مجلس الشورى”، على حد تعبير رئيس الوفد الدكتور راشد الكثيري.

ورغم التأكيد على “متانة العلاقات السعودية السويسرية” إلا أن هذه الزيارة لم تكن ترمي للتعرف على كيفية عمل البرلمانات الأخرى فحسب بل للتطرق أيضا إلى القضايا العالقة في العلاقات بين برن والرياض مثلما يوضح  الدكتور عبد الله بن حمود الحربي، نائب رئيس لجنة الصداقة البرلمانية السويسرية السعودية الذي أشار إلى أن الهدف الأساسي لوفد اللجنة يتمثل في “تذليل بعض الصعوبات التي تقابل بعض المسؤولين سواء في وزارة التعليم أو في وزارة التجارة أو في بقية الجهات ذات العلاقة مع الحكومة السويسرية مثل قضايا التأشيرات وقضايا الاستثمار وقضايا الملكية الفكرية”.

وكما هو معلوم، فإن التوصل الى اتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي بين البلدين (وهي الإتفاقية التي أثارها السيد جون دانيال غربر، كاتب الدولة السويسري للشؤون الإقتصادية في زيارته الأخيرة للمملكة)، تظل من الملفات العالقة في العلاقات بين البلدين.

وبخصوص هذه المسألة، يقول الدكتور خليل إبراهيم المعيقل، عضو مجلس الشورى السعودي: “لقد بدأت المفاوضات بخصوص اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي. وكما ذُكر لنا ربما خلال الستة أشهر القادمة سوف تكتمل هذه المفاوضات وتقدم للمصادقة أمام مجلس الشورى. ونحن في مجلس الشورى نعي هذه القضية كون المملكة الآن اتخذت خيار الاستثمار الأجنبي وفتحت الباب واسعا للإستثمارات الخارجية. فقد صادق مجلس الشورى خلال الخمسة أعوام الماضية على أكثر من ثلاثين اتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي”.

اهتمام سويسري باتفاقية التبادل الحر

من النقاط التي أثارها الجانب السويسري مرارا مع المسؤولين السعوديين، ما يراه “تباطؤا سعوديا في التصديق على اتفاقية التبادل الحر” التي وقعتها دول مجلس التعاون الخليجي مع البلدان الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر “إيفتا” التي تنتمي إليها سويسرا. 

هذه المسألة أثيرت مجددا أثناء زيارة وفد مجلس الشورى السعودي إلى برن. وفي هذا الصدد يشرح الدكتور خليل إبراهيم المعقيل أن “هذه الإتفاقية أخذت في الواقع وقتا طويلا ووصلت إلى مرحلة من عدم التقدم والتباطؤ بسبب الموقف الأوروبي من بعض القضايا التي كان الجانب الخليجي ينتظر أن يتنازل فيها الجانب الأوروبي مثل بعض الجوانب الضريبية وإجراءات النفاذ وبحقوق الملكية وكثير من القضايا التي تتعلق بهذا الاتفاق”.

وشدد الدكتور خليل إبراهيم على أن “مجلس التعاون الخليجي يحرص على إنجاح هذه الاتفاقية. ودورة أبو ظبي التي توقفت عندها هذه المباحثات كانت نقطة ننظر لها في مجلس التعاون الخليج أنها تراجع للخلف”. وبعد أن تم استئناف المباحثات بهذا الخصوص، يأمل السيد خليل إبراهيم في أن تتصرف دول الرابطة الأوربية للتبادل التجاري الحر (وتشمل سويسرا وإمارة الليختنشتاين والنرويج وأيسلندا – التحرير) بشكل أكثر مرونة حتى نصل الى اتفاق والمصادقة على هذه الإتفاقية”. 

نحو استقبال المزيد من الطلبة السعوديين

على صعيد آخر، عززت السعودية في الآونة الأخيرة ابتعاث طلبتها للدراسة في الخارج يوجد حاليا أكثر من 100 ألف طالب يتابعون دراساتهم العالية خارج المملكة، وخلال الزيارة طرح موضوع حصول هؤلاء الطلبة على تسهيلات إدارية لتمكينهم من مزاولة الدراسة في المعاهد العليا السويسرية.

وبهذا الخصوص قال الدكتور راشد بن حمد بن راشد الكثيري، رئيس الوفد السعودي: “من بين ما ناقشناه مع سعادة وزير الدولة للتعليم العالي والبحث العلمي هو قضية تيسير قبول الطلاب السعوديين في الجامعات السويسرية وكذلك تيسير قضية المعادلات. فالشهادات العلمية الصادرة عن المؤسسات السعودية  سواء فيما يتعلق بشهادات الثانوية العامة او الشهادات الجامعية  معترف بها في جميع دول العالم وهنا في سويسرا نلاقي بعض الإشكاليات من عدم الاعتراف ببعض الشهادات”.

كما أشار رئيس الوفد إلى الإهتمام السعودي بموضوع التكوين التقني وقال: “نحن مقبلون على تغييرات جوهرية في هذا الميدان في المملكة، لذلك نحرص على الاستفادة من خبرة الدول التي لها تاريخ قوي وعمل جيد في هذا المجال”. من جهته، تحدث عضو المجلس الدكتور عبد الله بن حمود الحربي عن “رغبة المملكة في تكوين إطارات لها في لغات أخرى غير الانجليزية مثل الفرنسية والألمانية وكذلك الاستفادة من خبرة المعاهد السويسرية في تكوين إطارات سياحية”.

من جهة أخرى، شدد أعضاء مجلس الشورى السعودي في تصريحاتهم لـ swissinfo.ch على أن المملكة “تتحمل نفقات طلابها المبتعثين للخارج بما في ذلك جميع متطلبات إقامتهم ورعايتهم الصحية وما إلى ذلك، وما تنتظره من تسهيلات هو في مجال الإجراءات الإدارية ومعادلة الشهادات”، غير أن أعضاء الوفد السعودي يعترفون مثلما أوضح الدكتور خليل إبراهيم  بوجود بعض الصعوبات في الاستجابة لهذا المطلب “لتعذر إبرام اتفاقية رسمية نظرا لكون التعليم في سويسرا من اختصاص الكانتونات وبالتالي يصعب التعامل في غياب مظلة رسمية  واحدة”.

ومن المنتظر أن يستمر النقاش حول هذه المواضيع خلال الزيارة التي سيؤديها معالي الشيخ عبد الله بن محمد بن ابراهيم آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي إلى سويسرا في شهر مارس 2011.

من خلال الإطلاع على برنامج الزيارات التي قام بها وفد مجلس الشورى السعودي، ندرك سبب إصرار رئيس وأعضاء الوفد على تقديم الشكر المتكرر لسفير المملكة في برن سعادة السفير حازم كركوتلي لأن البرنامج كان حافلا باللقاءات سواء على مستوى المنظمات الدولية في جنيف بمقابلة مدير منظمة التجارة العالمية باسكال لامي، أو الأمين العام المساعد للاتحاد البرلماني الدولي السيد مارسيلو بوستوس، أو من خلال اللقاءات الماراتونية مع مسؤولين سويسريين في العاصمة الفدرالية برن نذكر منهم رئيس البرلمان السويسري جان روني جيرمانيي، وكاتب الدولة للشؤون الخارجية بيتر ماورر، ولقاءا مع عدد من البرلمانيين بقيادة رئيسة مجلس الشيوخ السابقة كريستين  إيغرسيغي أوبريست. هذا إضافة الى لقاءات مع كاتب  الدولة للتعليم والأبحاث بوزارة الشؤون الداخلية ماورو مورتيزي، ومقابلة مع كاتب الدولة للشئون الاقتصادية جان دانيال جيربر ، ومع نائب عميد جامعة برن الدكتور غونتر ستيفان.       

شارك في وفد مجلس الشورى السعودي الذي زار سويسرا من 6 إلى 10 ديسمبر 2010 كل من الدكتور راشد بين محمد بن راشد الكثيري، رئيس لجنة الصداقة البرلمانية السعودية السويسرية ورئيس الوفد، والدكتور عبد الله الحربي نائب رئيس اللجنة، والدكتور خليل إبراهيم المعيقل البراهيم، والدكتور حاتم الشريف، والدكتور عبد الله الظفيري، والدكتور إبراهيم سليمان والأستاذ حسن الشهري. وكلهم أعضاء في مجلس الشورى السعودي وأعضاء في لجنة الصداقة البرلمانية السويسرية السعودية.

تعود نواة  تأسيس مجلس الشورى السعودي حسبما أوضح عضو المجلس الدكتور إبراهيم بن عبد الله بن ابراهيم السليمان إلى عام 1927 ميلادية.. لكن قرارا أصدره العاهل السعودي الراحل الملك فهد في عام 1993 أدخل عليه بعض التطوير والتحديث.

فقد أصبح يشتمل منذ سنة 1994 على 60 عضوا يعينون جميعا من طرف العاهل السعودي في دورته الأولى. وفي دورته الثانية تحول الى 90 عضوا لكي يصل في دورته الثالثة الى 120 عضوا ويستقر في دورته الرابعة في حدود 150 عضوا.

      

على غرار المجالس التشريعية، يشتمل مجلس الشورى السعودي على 12 لجنة كل منها مختصة في ميدان محدد مثل الشؤون الإسلامية والشؤون الاجتماعية والأسرة ، ولجنة الإدارة وحقوق الإنسان.

من خصوصيات مجلس الشورى السعودي أنه يتلقى المواضيع إما من الملك مباشرة او بموجب المادة 23 من قانونه الأساسي حيث يمكنه مناقشة هذه المواضيع و الاستعانة بالخبراء  بل حتى ودعوة الوزراء او وكلاء الوزارات للاستماع إليهم.  وبعد بلورة الموضوع ومناقشته، وعلى النقيض من البرلمانات التقليدية، يُرفع الموضوع الى الملك للبت فيه.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية