مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سفير أفغانستان في جنيف: “لن يقبل أي أفغاني بتواجد عسكري أجنبي فوق أرضه”

القائم بالاعمال الافغاني همايون تاندار في مكتبه في جنيف swissinfo.ch

في حديث خص به سويس إنفو، تطرق القائم بأعمال البعثة الأفغانية لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف، السيد همايون تاندار، للوضع العسكري خصوصا على الجبهة التي يسيطر عليها تحالف الشمال ولتصوراته لمستقبل الحكم في أفغانستان بعد إزاحة نظام طالبان. كما تحدث مطولا عن نظرة تحالف الشمال للدور الأمريكي ومكانة باكستان في أي تعايش مستقبلي، وما ينتظره من سويسرا في مرحلة إعادة البناء.

في مكتبه بمقر البعثة الدائمة لدى المقر الأوربي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف، استقبلنا القائم بالأعمال، السيد هومايون تاندرا، في مكتب علقت فيه صورة للرئيس الأفغاني المخلوع، برهان الدين رباني، التي تذكر بانه رئيس الحكومة الشرعية في البلاد والمعترف بها دوليا. كما وضعت على حافة مكتبه صورة المرحوم القائد أحمد شاه مسعود، الذي يجسم في الغرب كفاح الشعب الأفغاني طوال أكثر من أثنين وعشرين عاما.

س: سعادة القائم بالأعمال هومايون تاندار، صرح وزير خارجية حكومتكم أن أيام نظام طالبان أصبحت معدودة وأنها قضية أسابيع أو أيام، حسب آخر المعلومات التي توصلتم بها. ما هو تقييمكم؟

القائم بالأعمال الأفغاني : لقد استولينا على عدة نقاط تماس على الجبهة مع طالبان وإننا ننتظر الفرصة المناسبة للقيام بالهجوم، ولكننا لسنا مهتمين فقط بالتطورات العسكرية، بل نتابع أيضا التطورات على الساحة السياسية. وإننا نواصل توسيع رقعة المناطق الخاضعة لتحالف الشمال في المناطق الشمالية والغربية من أفغانستان. ولكن نظرا لصعوبة الاتصالات وتحطم شبكة الطرق، فإن ذلك يتطلب بعض الوقت من أجل تحقيق الربط بين الشمال والجنوب. وأملنا أن تتم إراقة اقل قدر من دماء شعبنا.

س: هناك حديث عن فرار وحدات من قوات طالبان وانضمامها إلى تحالف الشمال، هل لديكم تفاصيل أخرى عن هذا الموضوع؟

القائم بالأعمال الأفغاني: اتصل بنا قبل ثلاثة أيام، قائد وحدات طالبان، تمثل عشرة آلاف مقاتل. ونحاول قدر الإمكان التحكم في هذا الوضع، بحيث قمنا يوم الثلاثاء بترسيم أول انضمام في وسط أفغانستان، مما يسمح بقطع طريق الإمداد على قوات طالبان في شمال أفغانستان. ونعتقد أنه بعد إتمام هذا الانضمام ستلتحق البقية بدون أية معارك.

س: قوات طالبان تحدثت عن وقوع ضحايا في صفوف المدنيين. ما هي المعلومات التي وصلتكم فيما يتعلق بعدد الضحايا المدنيين؟

القائم بالأعمال الأفغاني: المعلومات التي توصلنا بها خلال اليومين الأولين من العملية التي قام بها الحلفاء في أفغانستان، لم تسفر عن أضرار جانبية، ولكن عمليات أمس (الثاء)، أسفرت مع الأسف عن مقتل أربعة موظفين تابعين لمنظمة غير حكومية. يجب أن أوضح بتعبير جاف نوعا ما أننا في حالة حرب وأن هذه الحرب تدور رحاها في أفغانستان منذ زمن طويل. وحتى ولو أننا نأسف لكون بلدنا يوجد مرة أخرى عرضة لحرب لا علاقة لنا بها ، ولكننا نأسف أيضا لكون العالم لم يأبه لحد الآن لمقتل مليون ونصف مليون أفغاني، وأن أحدا لم يحرك ساكنا، عندما قتلت جماعة بن لادن أكثر من عشرين ألف أفغاني، اغلبهم من النساء والأطفال، كما أن أحدا لم يتحرك عندما قامت جماعات بن لادن، بسبي النساء كغنائم حرب ووهبتهم لأنصار بن لادن، الذي يعتبر نفسه اليوم مسلما في خرق لكل ما ينص عليه الدين الإسلامي. لم يتدخل أحد أيضا عندما تم حرق المحاصيل وقطع الأشجار وتحطيم قنوات الري وعزل النساء عن الرجال وعمليات الاغتصاب التي تم ارتكابها خلال هذه العمليات. إن أخطار هذه الظاهرة كانت واضحة منذ البداية ولكن لا احد كان يرغب في رؤِية الواقع كماهو.

س: وكيف تفسرون اهتمام العالم اليوم بهذا الشكل بأفغانستان؟

القائم بالأعمال الأفغاني: إني آسف لكون بني البشر ليست لهم نفس القيمة ولا يحظون بنفس الاهتمام، يبدو أن موت مليون ونصف مليون أفغاني ليس له نفس وقع موت خمسة آلاف أو ستة آلاف أمريكي، ولو أننا ندين، وقد أدنا ارتكاب هذا العمل، ولكن يجب أن يعاد الاعتبار لقيم إنسانية عالمية فعلا وليس فقط قولا .

س: لقد أشرتم لتطلعكم للمستقبل أو بالأحرى مستقبل النظام الذي سيكون بإمكانه حكم أفغانستان بعد إزاحة نظام طالبان. كيف تتصورون هذا النظام ؟

القائم بالأعمال الأفغاني: الأوضاع ستكون لا محالة أصعب، لأن التحكم في الحرب اسهل بكثير من التحكم في مرحلة السلم. فبلدنا الفقير خاض حربا لأكثر من أثنين وعشرين عاما وواجه في حربه الأولى، أول أكبر قوة تقليدية في العالم آنذاك. وقد تم القيام بعد ذلك بفرض حرب ثانية علينا لمنع شعبنا من التمتع بانتصاره ولمنعه من إعادة بناء مستقبله. اما فيما يخص النظر للمستقبل فإن ذلك مرهون بالأسس التي سيقوم عليها بناء المستقبل. وذلك يقوم على مبادئ لا نقاش فيها وهي آن السيادة والشرعية ملك للشعب الأفغاني ولا احد غيره يملك ذلك . لذلك يجب على النظام الذي سينصب أن يقوم من البداية على أساس مراعاة إرادة شعبنا. أما عن مخلفات الحرب التي يجب تجاوزها فيجب على المجموعة الدولية أن تظهر موقفها مما يحدث في أفغانستان بنزاهة وصدق وأن يشرع في تطبيق برنامج شامل لإعادة بناء اقتصاد أفغانستان.

سويسرا مدعوة للمساهمة

س: لكن سعادة القائم بالأعمال هذا التحالف الذي يتم التحضير لتسليمه مقاليد السلطة في أفغانستان غدا ليس بالتحالف المتجانس خصوصا وأن خلافات الفئات الأفغانية المدعمة بالطبع بتدخلات أجنبية هي التي غذت استمرار الحرب طوال هذه السنوات. كما ان الحديث الدائر اليوم عن تحالف قادر على تسيير أفغانستان ما بعد طالبان يأخذ بعين الاعتبار فقط تحالف الشمال والملك السابق ظاهر شاه. لكن الفئة الأكثر عددا في أفغانستان وهي فئة الباشتون كيف تتصورون تمثيلها داخل التحالف القادم في غياب طالبان؟

القائم بالأعمال الأفغاني: إننا لا نبحث عن التجانس بل عن الوحدة وهذا هو الأهم بالنسبة لنا، الوحدة بالرغم من كل الفوارق والتباينات التي تميز شعبنا والتي تعد من خصائصه التي يجب أخذها بعين الإعتبار. وإن ما يسمى بتحالف الشمال في وسائل الإعلام لا وجود له في الواقع الأفغاني بل الموجود هو جبهة موحدة تجمع قدر المستطاع الباشتون والطاجيك والأوزباكيين والهزارة. وإننا نعلم قبل غيرنا أن أفغانستان بعد هذه الحرب في حاجة إلى وحدة كل ابنائه من أجل إعادة بناء مستقبله. أما فيما يتعلق بصاحب الجلالة الملك السابق لأفغانستان فقد تقابل معه وفد عن الحكومة الأفغانية قبل عشرة أيام. وقد اتفقنا على تأسيس مجلس أعلى للوحدة الوطنية في أفغانستان من صلاحياته الإشراف في المرحلة الأولية على الشرعية والسيادة. وهذا المجلس يشمل ممثلي كل الأعراق الأفغانية.

س: عندما تتحدثون في تحالف الشمال عن مشاركة الباشتون، من تقصدون بالتحديد؟

القائم بالأعمال الأفغاني: عندما نتحدث عن تحالف الشمال، هذا لا يعني أن لنا مواقع فقط في الشمال بل لنا موقع أيضا في الشرق من أفغانستان التي سكانها من الباشتون. كما أن لنا مناطق محررة وجيوبا في الجنوب الغربي الذي يعد أيضا موطنا للباشتون. وغياب تمثيل المناطق الأخرى التي سكانها من الباشتون يعود إلى صعوبات عسكرية وليس ناتجا عن رغبة سياسية لإقصائهم في الجبهة الموحدة.

س: مشاكل أفغانستان في معظمها تعود إلى تدخل قوى أجنبية إقليمية أو دولية. وقد صرح الرئيس الباكستاني، برويز مشرف، بأن أي نظام ينصب في أفغانستان لا يراعي مصالح أفغانستان فهوغير مقبول، كيف تنظرون إلى مستقبل التعايش مع النظام الباكستاني بعد كل هذه التطورات؟

القائم بالأعمال الأفغاني: من الناذر أن يعترف بلد علانية بتدخله في بلد آخر. وهذا ما يعترف به الباكستانيون اليوم وعلى المجموعة الدولية أن تفتح الأعين وأن تأخذ هذه التصريحات بعين الاعتبار. أما بالنسبة لنا فإننا نعتبر آن باكستان بلد جار لنا وأن شعبه شعب شقيق وأملنا أن ينعم هذا الشعب بالاستقرار والرفاهية. ولا ننسى اننا خلال كفاحنا في المرحلة الأولى ضد الاحتلال السوفياتي حظينا بدعم الحكومة والشعب الباكستاني وأن كفاحنا سمح بضمان السيادة الباكستانية . لكن مع الأسف تم ارتكاب أخطاء كبرى في باكستان فيما بعد ومن أكبر هذه الأخطاء، تحويل ملف أفغانستان الى جهاز المخابرات العسكرية الباكستاني. وهذا ما سمح بخلق دولة داخل الدولة. ونأمل آن يتمكن باكستان من حل مشاكله بنفسه مما يسمح بتحسين العلاقات بين الشعبيين. وقد بدأت تظهر بوادر تغير ملموس في هذا الشأن باستعادة الدولة الباكستانية لزمام السلطة في يديها.

س: تحدثتم كثيرا عن السيادة الأفغانية، هل قدمت لكم ضمانات من من عدم تواجد قوات أجنبية فوق التراب الأفغاني بعد إزاحة نظام طالبان؟

القائم بالأعمال الأفغاني: إن احسن الضمانات تتجسم فينا نحن أبناء المقاومة الأفغانية لأن نصف عمرنا قضيناه في المقاومة. وما يمكن تأكيده هو أنه لا يوجد أي أفغاني بإمكانه قبول تواجد أجنبي فوق ترابه. لأننا سنكون أول من سيطالب بالاستقلال وبالمقاومة.

س: تحدثتم عن قوى حاولت منع الشعب الأفغاني من التمتع بانتصاره في الحرب الأولى ضد الاتحاد السوفياتي. جانب من هذه القوى يوجد اليوم إلى جانبكم في معركتكم اليوم ضد طالبان وبالأخص الأمريكيين. فهل تثقون فيهم هذه المرة كل الثقة؟

القائم بالأعمال الأفغاني : مرة أخرى اذكر بأن ثقتنا في أنفسنا، لأن تدخل الأمريكيين اليوم كما نعرف وكما يقولون ليس بسبب الأفغانيين. ولكن هناك اليوم تطابق في وجهات النظر يجب الاستفادة منه قدر المستطاع.

س: وزير الخارجية السويسري اشار في أحد تصريحاته إلى ضرورة إيجاد حل سياسي للمشكل الأفغاني واقترح تقديم المساعي الحميدة لسويسرا في هذا المجال. فهل كانت لكم اتصالات مع الجانب السويسري وكيف يمكن لسويسرا الإسهام في الحل حسب تصوركم؟

القائم بالأعمال الأفغاني: توجد عدة طرق للإسهام. هناك أولا التعبير عن الإرادة السياسية وهذا ما قام به وزير الخارجية. أما فيما يتعلق بالمستقبل وبإعادة البناء في أفغانستان فإن المساهمة السويسرية يمكن أن تتم إما في اطار متعدد الأطراف تحت إشراف الأمم المتحدة أو بشكل ثنائي او الاثنين معا وهذا ما نفضله من جانبنا. ونعتقد أن سويسرا بإمكانها أن تلعب دورا هاما في إعادة إعمار أفغانستان مثلما قامت لحد الآن بدور هام في الميدان الإنساني عبر نشاطات اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وهذا الدور يمكن أن يتجلى من خلال إصلاح الهياكل الإدارية في أفغانستان او في مجال تكوين الإطارات الإدارية والتقنية أو في إعادة تأهيل المؤسسات الاقتصادية الصغيرة لخلق مواطن شغل.

اجرى الحوار محمد شريف في جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية