مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سكوت كاربنتر: “لن يكون هناك انتقال سلمي سلس للسلطة في ليبيا”

سكان مدينة الزاوية يُرحبون يوم الأحد 27 فبراير 2011 بوصول مجموعة من الصحافيين الأجانب إلى مدينتهم المحررة من قبضة نظام القذافي Keystone

على عكس الخيارات الأسهل التي كانت متاحة لإدارة الرئيس أوباما في التعامل مع الثورة الشعبية المصرية من خلال الضغط العلني على الرئيس مبارك للاستجابة لمطالب شعبه والتأثير الأمريكي على دور القوات المسلحة المصرية من خلال العلاقات الخاصة والمساعدات العسكرية الأمريكية، يقف البيت الأبيض حائرا إزاء ما يمكن أن يفعله مع العقيد القذافي الذي يصر على أن ترتكب قواته المسلحة وميليشيات المرتزقة مذابح لقمع انتفاضة الشعب الليبي.

صحيح أن الرئيس أوباما فرض عقوبات اقتصادية على العقيد القذافي وأسرته وأعضاء حكومته، وصحيح أن الولايات المتحدة نجحت في حشد التأييد لاستصدار قرار بفرض عقوبات دولية على ليبيا بل واعتبار الهجمات على الشعب الليبي جرائم ضد الإنسانية تستدعي الملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية إلا أن البيت الأبيض استدعى مجموعة من الخبراء والدبلوماسيين السابقين لبحث خيارات أخرى.

مراسلswissnfo.ch  في واشنطن التقى بالسيد سكوت كاربنتر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشئون الشرق الأوسط عقب مشاركته في مناقشة تلك الخيارات مع مستشار الرئيس أوباما للأمن القومي توم دونيلون وأجرت معه الحوار التالي.

swissinfo.ch: الرئيس أوباما تحدث عن خيارات عديدة أمام البيت الأبيض للتعامل مع الوضع في ليبيا لكنه لم يشرحها فما هي الخيارات الحقيقية أمام الولايات المتحدة؟

سكوت كاربنتر: أعتقد أن هناك اختيارات كثيرة أمام الولايات المتحدة للتعامل مع الوضع المتردي في ليبيا، ولكن هناك أولويات: الأولى، المسارعة فوراً في تقديم مساعدات انسانية للشعب الليبي في المناطق التي سيطر عليها الثوار ابتداء من المنطقة الشرقية وهو ما انطوى عليه قرار مجلس الأمن، والثانية، المسارعة في ارسال مستشارين عسكريين أميركيين لمقر حلف الأطلسي والإعلان عن ذلك، والثالثة، أن تعلن إدارة أوباما بوضوح أن الولايات المتحدة لا تعتقد أنه بوسع العقيد القذافي أن يتمسك بالبقاء في منصبه أو أنه سينتصر على الانتفاضة الشعبية الليبية أو أنه سيُسمح له باستعادة المناطق التي سيطر عليها الثوار وهو ما أوضحه الرئيس أوباما، والرابعة أن تصر الولايات المتحدة على فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا وأن تناقش هذا الخيار بشكل علني ليتم انجاز قرار دولي أو إقليمي بشأنه. 

ولكن ما هي العوائق والعقبات التي قد تبقى حائلا دون تمكن الولايات المتحدة من استخدام خيارات حاسمة قد تنقذ الشعب الليبي من مجازر القذافي؟

سكوت كاربنتر: التحدي الرئيسي بطبيعة الحال يكمن في أن إدارة أوباما لا تريد اتخاذ إجراءات بمعزل عن المجتمع الدولي لذلك فهي تريد أن يصدر مجلس الأمن الدولي قرارات ترخص بفرض حصار بحري دولي على ليبيا أو فرض حظر للطيران فوق الأراضي الليبية ويدرك البيت الأبيض مدى صعوبة تمرير مثل ذلك القرار في ظل توقع رفض روسيا والصين الذي يعد حاليا العائق الرئيسي، ومع ذلك قد يمكن للولايات المتحدة اجتياز ذلك العائق في ظل الإجماع الدولي على إدانة ما يفعله القذافي بشعبه، وحتى إذا تعثر استصدار قرار من مجلس الأمن بسبب موقف روسيا والصين، فسيكون بوسع الولايات المتحدة فرض حظر على الطيران، أو حصار بحري أو كليهما بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

ولكن هل سيقدم البيت الأبيض على خطوة اتخاذ إجراءات أميركية منفردة إذا مانع حلف الأطلسي وتردد مجلس الأمن أو استخدمت روسيا أو الصين حق الفيتو؟

سكوت كاربنتر: لا أعتقد أن إدارة الرئيس أوباما مستعدة لاتخاذ إجراءات أميركية منفردة رغم أنها تستطيع ذلك، ولذلك سنرى جهودا دبلوماسية أميركية مكثفة لتأمين نوع من الرد الدولي أو الإقليمي القوي على ما يقترفه العقيد القذافي من جرائم ضد شعبه.

ما هو تصورك للتغير الأميركي المحتمل في التعامل مع ليبيا بعد سنوات من التقلب الأميركي بين الخصومة للنظام ثم تطبيع العلاقات والآن مساندة الثورة؟

سكوت كاربنتر: أعتقد أن الولايات المتحدة وقعت في تناقضات واضحة في تعاملها مع النظام الليبي، فخلال الفترة من 1980 وحتى عام 2003 كانت الولايات المتحدة أقوى خصم للنظام الليبي بقيادة العقيد معمر القذافي، ولكن بعد غزو العراق في عام 2003 غيرت الولايات المتحدة موقفها في مقابل تخلي النظام الليبي عن أسلحة الدمار الشامل ووقف تمويله للإرهاب الدولي. وصحيح أن خلو ترسانة النظام الليبي من أسلحة الدمار الشامل خفف إلى حد كبير من وحشية التعامل مع الانتفاضة الشعبية حيث كان يمكن أن يستخدم الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية ضد شعبه ولكن يتعين أن يرسل البيت الأبيض رسالة واضحة للشعب الليبي مفادها أن الولايات المتحدة تساند المطالب المشروعة للانتفاضة الشعبية، وتقف مستعدة تماما لمساندة من سيتولى حكم ليبيا بعد نجاح الانتفاضة الشعبية.

ما هي التغيرات المحتمل أن تطرأ على السياسة الأميركية في العالم العربي إذا نجحت الثورة الليبية في تغيير النظام وتمكنت مصر وتونس من إنجاح عملية التحول نحو الديمقراطية؟

سكوت كاربنتر: أعتقد أن الولايات المتحدة يجب أن تظهر للعالم حماساً أكثر إزاء سلسلة الانتفاضات والثورات الشعبية التي تكتسح العالم العربي الواحدة تلو الأخرى بدلاً من أن تظهر بمظهر من سيتخوف من القادم في أعقاب سقوط أنظمة حكم مستبدة وحليفة للولايات المتحدة، فالشعوب العربية أخذت زمام المبادرة في تحديد مستقبلها، وها هو الشعب الليبي قد أوشك على الخلاص من الحاكم المزمن معمر القذافي الذي رزح  تحت نير حكمه أكثر من 42 عاماً. وسيكون هذا أمراً رائعاً يجب ألا تخشى منه الولايات المتحدة التي ينبغي أن تساند وتشجع رياح التغيير والتحول نحو الديمقراطية في العالم العربي بعد أن أصبحت أفكار الشعوب العربية تتماشى مع المبادئ والقيم الأميركية.

ولكن مع فرض البيت الأبيض لعقوبات على النظام الليبي و استصدار قرار قوي من مجلس الأمن، لماذا لا يطالب البيت الأبيض العقيد القذافي بالتنحي؟

سكوت كاربنتر: لا أعتقد أن بوسع البيت الأبيض أن يطلب من العقيد القذافي أن يتنحى عن منصبه خاصة مع علم الجميع بأنه سيقاتل حتى النهاية، ولن يترك السلطة بمحض إرادته، ولكن يجب أن يدرك الشعب الليبي أن الولايات المتحدة ستبذل قصارى جهودها للحيلولة دون بقاء القذافي في منصبه، وإذا واصل التمسك بسيطرته على طرابلس، فإن الولايات المتحدة ستمارس ضغوطها بحيث تحول دون تمكن القذافي من التأثير على ما يحدث في شرق ليبيا أو في أي مناطق أخرى من ليبيا يتمكن الثوار من فصلها عن سيطرة القذافي.

في التعامل الأمريكي مع الثورة المصرية، طالبت الولايات المتحدة بعملية انتقال سلمي منظم للسلطة  في مصر، فكيف سيكون موقف البيت الأبيض إذا أمكن للانتفاضة الشعبية الليبية إسقاط نظام معمر القذافي؟

سكوت كاربنتر: بكل أسف لن يكون هناك انتقال سلمي سلس للسلطة في ليبيا لأنه بعد 42 عاماً من دكتاتورية العقيد القذافي تم إجهاض كل مؤسسات الدولة وحالت سلطويته دون بناء مؤسسات المجتمع المدني للاضطلاع بمهام البناء الديمقراطي، كما أن النظام الليبي لم يسمح حتى ببرلمانات وهمية كتلك التي أقامها النظام المصري البائد، لذلك ستمر ليبيا بعد سقوط القذافي بمرحلة بالغة الصعوبة، وستواجه الولايات المتحدة والمجتمع الأوروبي تحديا هائلا في غمار محاولتهما تقديم المساعدة لتأمين استقرار الأوضاع في ليبيا، وإعادة البناء السياسي والاقتصادي للبلاد. وسيواجه البيت الأبيض في ليبيا وضعاً أشبه ما يكون بوضع العراق في أعقاب سقوط صدام حسين، ومحاولة كل القوى داخل ليبيا تحقيق مكاسب على حساب بعضها البعض. ولكن الوضع سيكون أفضل من العراق لأن تعداد ليبيا أقل ولديها ثروة بترولية كبيرة تسمح إذا استخدمت بكفاءة بإعادة البناء بسرعة، وتوفير الإستقرار بشكل أسرع.

افادت صحيفة نيويورك تايمز مساء الاحد 27 فبراير أن الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين يدرسون إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا لمنع ارتكاب الطيران الليبي الموالي للزعيم معمر القذافي مجازر بحق المدنيين.

وأوردت الصحيفة نقلا عن مسؤول رفيع في الإدارة الاميركية طلب عدم كشف اسمه أن أي قرار في هذا الصدد لم يتخذ بعد.

واشارت نيويورك تايمز الى ان منع تحليق الطائرات فوق ليبيا يتطلب نقاشا وتصويتا من جانب الاعضاء الـ 15 في مجلس الامن الدولي.

ومن المقرر أن يلتقي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاثنين 28 فبراير 2011 الرئيس الاميركي باراك اوباما في البيت الابيض للتباحث في تدهور الاوضاع في ليبيا.

وذكرت الصحيفة بان الولايات المتحدة والحلف الاطلسي يملكان قواعد عسكرية عدة في ايطاليا قد يتم استخدامها لشن عمليات ضد ليبيا إضافة الى وجود مقر للأسطول السادس في البحرية الاميركية في مدينة نابولي (جنوب إيطاليا).

(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية ا ف ب بتاريخ 27 فبراير 2011)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية