مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تشارك في إزالة البقعة السوداء في لبنان

صورة التقطت في شاطئ بيروت في موفى شهر يوليو 2006 Keystone

منذ حرب الصيف الماضي، لا زالت الشواطئ اللبنانية ملوّثة ببقعة نفطية سوداء. سويسرا تساهم في عمليات التنظيف بهدف استباق العواصف الشتوية، التي قد تدفع بالنفط باتجاه أماكن لم تُلوّث بعد.

الدعم المقدّم لحماية البيئة، يندرج في إطار برامج المساعدة الإنسانية لفائدة لبنان، التي ترعاها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في هذا البلد العربي.

أصابت القنابل الإسرائيلية، التي ألقِـيت على الضاحية الجنوبية لبيروت، العديد من المباني والجسور والطرقات والمنشآت الاقتصادية، كما ألحقت أضرارا جسيمة بخزّانات كانت مملوءة بالنفط، الذي تسرّب بدوره إلى البحر، ما أدى إلى ظهور بقعة نفطية هائلة على الساحل اللبناني.

الرياح دفعت كميّـات النفط المتسربة باتجاه الشمال، بل وصلت “حتى الحدود مع سوريا”، مثلما يؤكّـد فريديريك شتاينمان، منسِّـق المساعدة الإنسانية السويسرية في بيروت. ويوضّـح ممثل الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون لسويس انفو أن “الشواطئ ملوّثة على طول الساحل وصولا إلى طرابلس”.

كما أن العواصف الشتوية تنذر بمزيد تدهور الوضع، حيث قد تؤدّي إلى توسع إضافي للبقعة السوداء، لذلك، تشتد الحاجة إلى التحرّك بسرعة من أجل تفادي هذا الاحتمال.

لكل بلد حصّـته من الساحل

على الرغم من الأزمات التي لا زالت تعصِـف بالحكومة اللبنانية، فقط تحرك وزير البيئة بسرعة للحدّ من انعكاسات هذه الكارثة البيئية، وخصص للبلدان المستعدة لتقديم المساعدة، جزءا من الساحل المتضرر لتتكفّـل بتنظيفه.

سويسرا، أسندت إليها السلطات اللبنانية الكيلومترات الـ 15 الملاصقة للحدود السورية الممتدة من أنفا إلى طرابلس. ويوضح شتاينمان أنه “في هذا القطاع، توجد أيضا محمية طبيعية، وهي جزيرة النخيل الملوّثة جدا”، يشار إلى أن هذه الجزيرة محمية أيضا في إطار معاهدة لمنظمة اليونسكو.

التنظيف بالأيادي والماء الساخن

تتعدّد الأساليب المستعملة لاستعادة النفط، تَـبعا لخصوصيات المناطق الساحلية المعنية، وتتراوح من تجميعه بالأيادي إلى استعمال آلات تعمل بالمياه المضغوطة.

ويقول شتاينمان، “في المحمية الطبيعية، لا يمكن عمليا سحب النفط، إلا باليد”، وقد تم تكليف صيادي المنطقة بهذا العمل، نظرا لفقدانهم، جراء البقعة النفطية الملوثة، مصدر عيشهم. فمقابل 20 دولارا في اليوم، يقومون بملء أكياس يتم نقلها بعد ذلك إلى البر.

كما يشير المسؤول السويسري إلى أنه توجد أيضا كميات كبيرة من النفط العائمة فوق سطح الماء وإلى أن بقايا النفط الجافة، تملأ الصخور. ولا تعاني الجُـزر لوحدها من هذه المشاكل، بل إن كميات من النفط تندفع باتجاه البر أيضا.

النفط يتسرّب إلى الرمل

على صعيد آخر، ظلت كميات كبيرة من النفط، الذي تسرّب من الخزانات، التي تعرضت للقصف الإسرائيلي، محبوسة في رمال الشواطئ، ومع أن شتاينمان يقول بأنه يمكن بكل بساطة سحب الرمل الملوث بواسطة البولدوزر، إلا أنه يتساءل: “ما الذي يمكن فعله بعد ذلك بهذا الرمل المضمّـخ بالنفط”؟

في نهاية المطاف، تم التوصل إلى حل آخر، حيث تقوم شركة متخصصة في ضخّ مياه حارة مضغوطة في الرمال، وهي طريقة تؤدّي إلى تفتيت كميات النفط الموجودة، ما يؤدي إلى صعودها على السطح وتسربها إلى البحر، حيث يتم شفطها إثر ذلك.

الولايات المتحدة تقوم بتنظيف الجزء الساحلي الممتد من أنفا إلى جبيل، أما إيطاليا، فقد تكفّـلت بجزء آخر من الساحل اللبناني. “فكل بلد يقوم بعمله، لكن كل شيء يتم بالتنسيق”، مثلما يقول فريديريك شتاينمان، الذي يضيف بأن “العملية ستتكلّـف إجمالا 400 ألف فرنك سويسري”، حيث تقوم الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون بتغطية النفقات بفضل منحة إضافية وفّـرتها الحكومة السويسرية.

خبرات سويسرية

بالإضافة إلى تنظيف جزء من الساحل، يمكن لسويسرا مساعدة لبنان بفضل خِـبراتها، وخاصة في مجال إعادة استعمال بقايا المباني المدمرة، كما “يمكن لشركة الإسمنت السويسرية هولسيم أن تقوم بحرق بقايا النفط المتسرِّب في أفران مصنعها بطريقة لا تُـلحق ضررا بالبيئة”. وتعمل شركة هولسيم في لبنان منذ 75 عاما ولديها حاليا مصنعان للإسمنت في بيروت وشكّـا.

في خاتمة حديثه مع سويس انفو، أفاد شتاينمان بأن لقاءات استكشافية تجري حاليا بهذا الخصوص، لكن الأكيد، هو أنه بغضّ النظر عن الجهة المشاركة أو عن الطريقة المستعملة، يجب التخلّـص من كميات النفط التي يتم تجميعها.

سويس انفو – ألكسندر كونزلي

(ترجمه وعالجه كمال الضيف)

خصصت سويسرا 14،4 مليون فرنك لتقديم المساعدة لضحايا الحرب، التي استمرت 33 يوما في صيف 2006 في لبنان.

يشكِّـل برنامج “العودة إلى القرية” المحور الرئيسي لبرنامج المساعدات السويسري، كما تشمل المساعدات إعادة تهيئة مدارس وإزالة الألغام ومساعدات طبية.

يمكن أن تتراوح المساهمة الإجمالية لسويسرا في عمليات تطهير الشواطئ المتضررة من البقعة السوداء، ما بين 400 و500 ألف فرنك سويسري.

تضع الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون على ذمة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، خبيرا في تقديم المساعدات الطارئة في مجال البيئة، كما تموِّل تقييما للوضع لاتخاذ إجراءات إضافية محتملة لحماية البيئة.

تشير التقديرات إلى أن القصف الإسرائيلي في منتصف يوليو 2006 لخزانات الوقود التابعة لمحطة توليد الطاقة الكهربائية في بيروت، قد أدى إلى تسرُّب 15 ألف طن من النفط، احترق جزء منها، في البحر المتوسط.
تقول مصادر الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون إن خبراء في مجال البيئة وصيادين محليين، تمكّنوا في ظرف أسبوع واحد من جمع أكثر من 6000 لتر من النفط و20 طنا من النفايات الملوثة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية