مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شاب إماراتي يقوم بجولة على دراجة نارية عبر العالم.. “من أجل إثبات الذات”!

الرحالة الإماراتي إبراهيم أحمد بن سليمان أثناء توقفه أمام بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة في مدينة جنيف يوم 18 أغسطس 2010 swissinfo.ch

حل الرحالة الشاب الإماراتي إبراهيم أحمد بن سليمان بمدينة جنيف في إطار جولة تقوده عبر عدد من الدول الأوروبية للقيام برحلة حول العالم يؤمل من خلالها أن يصبح أول خليجي أو عربي يصل الى ثلوج ألاسكا على متن دراجة نارية. في الوقت نفسه، يهدف هذا الشاب إلى الهروب من واقعه والبحث بطريقته الخاصة، عن اعتراف ومكانة في مجتمع خليجي شهد تقلبات متسارعة.

في الوقت الذي تناقلت فيه وسائل إعلام أوروبية (في جنيف أو لندن وغيرها) هذا الصيف صورا ومقالات عن ظاهرة الشباب الخليجي الذي يفضل رصف سياراته الفاخرة المجلوبة خصيصا من بلده على جنبات أكبر الشوارع التجارية في المدن الغربية لاستعراض بذخه ورفاهيته، اختار الشاب الإماراتي إبراهيم أحمد بن سليمان تنفيذ مشروع جولة في القارة الأوروبية ثم في باقي أنحاء العالم سعيا منه لإنجاز رقم قياسي قد يجعل منه أول مواطن إماراتي ينجح في القيام بجولة عبر العالم على متن دراجة نارية.

ورغم بعض التشابه، إلا أنه لا يمكن المسارعة بالحكم على التجربة وإدخالها ضمن الظاهرة السالفة الذكر لأن الظروف التي انطلق فيها إبراهيم، والدوافع التي تحركه تختلف جذريا عن ظروف ودوافع الفئة السابقة الذكر من الشباب الإماراتي والخليجي عموما.

الفكرة والهدف

لدى سؤاله عن الدوافع التي شجعته على القيام بهذه الرحلة، يشير إبراهيم أحمد بن سليمان إلى أن “هذه الفكرة كانت تلازمني منذ فترة طويلة، ولم أكن أتوقع أن تأخذ هذا الحجم في البداية. ولكن مع الوقت تبلورت الفكرة واخترت أن أقوم بشي أنفرد به لأنه إذا لم يكن فيه تفرد فسوف لن يكون متميزا”. وبعد عرض الفكرة على الأصدقاء، “حصلتُ على الكثير من التشجيع والتحفيز والإنتقادات والتوجيهات”، على حد قوله.

أما عن الهدف من خوض هذه المغامرة، فيتمثل في “تحقيق حلمي وهو الدخول في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول رحالة عربي أو خليجي يصل إلى ألاسكا على متن دراجة نارية”، ومن خلال ذلك “أن تصبح لي مكانة في دولة الإمارات العربية المتحدة لأنه جميل جدا أن تكون لك مكانة في مجتمعك وأن يحتفظ التاريخ باسمك. ولكن حتى أبقى على قدر مستواي، يكفي أن يذكر المحيط المباشر الذي أنا منه، وأصدقائي في الحارة، أنني أول من خرج من الحي وعاش هذه التجربة وعاد”.

وعلى الرغم من أن الشاب إبراهيم لم يحصل على أي دعم مادي في بداية الرحلة، أو على تبني جهة من الجهات الرسمية في الإمارات لمشروعه “باستثناء تسهيلات وزارة الخارجية وتوصية جميع السفارات الإماراتية في الخارج، ودعم معنوي من وزارة الرياضة و الشباب”، فإنه اختار أن يُضيف هدفا آخر لرحلته يتمثل في التعريف بجهود المسؤولين في الإمارات في مجالي الإدارة والإعمار. ويقول: “كل دولة أصل لها أهدي ثلاثة كتب لأحد مسؤوليها: كتاب “إنجازات قائد” للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وكتاب “رؤيتي” لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بالإضافة الى كتاب “سرد الذات” للدكتور سلطان محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة”.

وفي حديثه مع swissinfo.ch، أعرب إبراهيم عن “أسفه لعدم تعميم توزيع هذه الكتب لكي تتم الإستفادة منها بشكل أفضل”، لذلك فهو يرغب “في الإسهام في توزيعها لإيصال هذه الانجازات وهذه الرؤية وهذه الحكمة”، على حد قوله.

جولة عبر العالم وموسوعة غينيس!

انطلق الشاب الإماراتي البالغ من العمر السابعة والعشرين، في 1 مايو 2010 من دولة الإمارات العربية المتحدة، بدون مرافق أو وكيل، وبدون دعم مادي من أية جهة كانت، معتمدا في إنجاز هذه المغامرة، على عزيمة لتحقيق حلم دفين، وعلى قوة دراجته النارية من طراز “هارلي دافيدسون” ومسلحا بخيمته ” النيلونية” وبضعة آلاف الدولارات لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة.

قادته رحلته إلى عبور المملكة العربية السعودية ثم الوصول إلى الأردن فسوريا فلبنان. ثم انتقل بعد ذلك إلى بلغاريا ورومانيا والمجر وبعدها حل بالنمسا فألمانيا وهولندا وبلجيكا وفرنسا ووصل أخيرا إلى سويسرا حيث قابلته swissinfo.ch يوم الأربعاء 18 أغسطس 2010.

ويقول إبراهيم أحمد بن سليمان: “بقيت لي دولتان في أوروبا يجب أن أزورهما هما إسبانيا والبرتغال، قبل أن أنتقل الى القارة الإفريقية أو بالتحديد بلدان شمال إفريقيا حيث سأزور المغرب ثم الجزائر فتونس وليبيا ومصر ثم إلى الأردن ومن هناك الى جميع دول الخليج”.

بعد هذه المرحلة الأولى التي تقوده في رحلة عبر 30 دولة، يعتزم إبراهيم الشروع في تنفيذ المرحلة الثانية في عام 2011 وتشمل أمريكا الشمالية حيث يزور ما بين 30 و40 ولاية في الولايات المتحدة، ثم كندا التي يجوبها الى حدود ولاية ألاسكا، بهدف “غرس علم دولة الإمارات هناك كأول رحالة عربي او خليجي أو على مستوى الشرق الأوسط يصل إلى منطقة ألاسكا على متن دراجة نارية وبمفرده وبدون مرافق”، وهو إنجاز يرى في تحقيقه ” فخرا بإذن الله”.

أما المرحلة الثالثة من الرحلة والأخيرة فستكون على مستوى قارة أوقيانوسيا في عام 2012 من خلال زيارة كل من أستراليا ونيوزيلندا، وهو ما سيعني “زيارة القارات الخمس وتحقيق حلمي وهدفي أي الدخول في “موسوعة غينيس” للأرقام القياسية العالمية”، على حد قول الشاب الإماراتي.

هروب من واقع.. ودروس مفيدة!

طوال الحديث الذي أجرته معه swisinfo.ch، شدد إبراهيم أحمد بن سليمان على أنه رغب في القيام بهذه المغامرة لوحده وبمجهوده الشخصي “لكي أعيش لحظة مغامرة الرحالين، ولأجرب الحياة البدائية لمن كانوا يترحلون قبل 100 سنة”.

وعندما يستحضر المرء أنه انطلق في رحلته هذه من أمام برج خليفة في دبي، لا مفر من طرح السؤال التالي: هل تمثل هذه المغامرة هروبا من مدنية مفرطة مثل التي تعيشها الآن بعض المدن في دولة الإمارات؟ لكن الرد الذي صدر عن إبراهيم يعطي بعدا آخر لهذه الرحلة عندما قال: “إنه هروب من الواقع صراحة”، وبعد أن صمت لفترة وجيزة واصل إبراهيم قائلا: “كل إنسان يمر بمراحل ويهرب من واقعه، يرغب في العودة إلى واقع ولكن أحسن”.

ومع أن الشاب الإماراتي لا زال في منتصف الطريق في هذه الرحلة إلا أنه يشعر بأنه استفاد الكثير واستخلص العديد من الدروس التي يقول إنها “سوف تكون مفيدة لبداية حياة سعيدة بعد إنهاء الرحلة والعودة الى البلد”.

من هذه الدروس، وبحكم اللقاءات العفوية الكثيرة التي عاشها في مختلف البلدان التي زارها، تعلم كيفية استكشاف الطبيعة البشرية من أول وهلة والتفريق بين الطيبين والأشرار، وعرف متى يمكن الإطمئنان لشخص ومتى لا يمكن ذلك، وعيش لحظات سعادة بحكم لقاءات عفوية، والتعامل مع سفراء وممثلي دولة الإمارات العربية المتحدة في الدول التي زارها.

في المقابل، بدا أن الدرس المهم والمؤثر يتعلق بذاته عندما بدأ إبراهيم يتحدث عن نفسه وقام باستعراض “تجربة الإحساس بالجوع.. أنا الذي لم أحس في حياتي بالجوع من قبل، وكيف كنت أفضل توفير المصاريف لتعبئة البنزين بدل صرفها في الغذاء. وعندها أحسست بما يحس به الفقير الذي يعاني طوال حياته من الجوع، كما أنني عشت ما يشعر به الإنسان المتشرد الذي بدون مأوى. ومرت علي أيام أسوق الدراجة في أيام ممطرة وبدرجات حرارة منخفضة مما جعلني أتصور معاناة من هم بدون مأوى في مثل هذه الظروف المناخية”.

واختتم إبراهيم حديثه مع swissinfo.ch بالقول: “الحمد لله.. أنا عشت هذه التجربة بجوعها وتعبها وبأمور كثيرة… ولكن الحمد لله حققت الحلم الذي كان يراودني”.

محمد شريف – swissinfo.ch- جنيف

إذا كان الشاب الإماراتي إبراهيم أحمد بن سليمان، الذي شرع في القيام بجولة عبر العالم على متن دراجة نارية، يبدي بعض المرارة من عدم إبداء الإعلام الإماراتي لكثير من الاهتمام بالرحلة عند انطلاقتها فإنه يثني على الإعلام في الأردن وسوريا ولبنان وقال “إنه خص الرحلة بتغطية لم أكن أتوقعها”.

يجد إبراهيم أن الإعلام في الدول الأوروبية التي مر بها أبدى قدرا من الإهتمام وهناك فرق تلفزيونية رافقته في فترات من رحلته وهو يعتبر أن “الإعلام الأوروبي هو الإعلام العالمي لأنه يعطيك حقك وزيادة بتوصيل فكرتك وتوصيل مشروعك بالعديد من الطرق والزوايا، ويهتمون بشخصيتك ونفسيتك بشكل لم أكن أتوقعه”.

هواية ركوب الدراجة النارية في دولة الإمارات
اختيار إبراهيم أحمد بن سليمان القيام بهذه الجولة على متن دراجة نارية يعطي صورة غير معتادة عن تصرفات الشباب الخليجي، ولكن الشاب الرحالة يُلفت النظر إلى أن التعلق بهواية قيادة الدراجات النارية يجب أن لا يُحكم عليه سلبيا من الوهلة الأولى. ويقول “إن استخدام الكمبيوتر يمكن أن يكون نحو الأفضل أو نحو الأسوأ أيضا”. ولذلك يعتبر أن “من بين أهداف هذه الرحلة إيصال رسالة بخصوص هواية الشباب الإماراتي في ركوب الدراجات النارية”.

كتاب عن الرحلة
يعتزم إبراهيم أحمد بن سليمان إعداد كتاب عن هذه الرحلة بعد اختتامها في عام 2012. وقد اختار أن يكون عنوانه “رحلتي” مضافا إليه العبارة التالية: “البحث عن الحلم الضائع”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية