مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شرطة كانتون جنيف تحت مِجهَر مـرصد حقوقي أوروبي

تتعرّض سويسرا مرة أخرى إلى الانتقاد من جانب مجلس أوروبا، ولاسيما بسبب الاستخدام المزعوم للقوّة من جانب بعض ضبّـاط الشرطة في كانتون جنيف، خلال عمليات الاعتقال.

وقد أفرَدَت اللّـجنة الأوروبية لمنع التعذيب والمعروفة اختصاراً بـ CPT، شرطة مدينة جنيف في اتهامها، بسبب لجوء عددٍ من ضبّـاط الشرطة إلى الرَكل واللّـكَمات واستخدام الكلاب البوليسية خلال عمليات الاعتقال، فضلاً عن إستخدام “تقنيات الخَنق”، لاستخراج المخدرات من المُتّـهمين عن طريق التقيُّـؤ.

وقد وردت هذه التعليقات في تقرير رسمي، نُشر يوم الخميس 13 نوفمبر الجاري، بعد زيارة قامت بها لجنة منعِ التعذيب الأوروبية لسويسرا في الفترة ما بين 24 سبتمبر و5 أكتوبر من عام 2007.

كانتون جنيف والقلق الأكبر

وقد نصّ التقرير الصادر عن اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب أنه “في حين وُجِدت ادِّعاءات نادِرة جداً عن سوء المعاملة المُتَعَمّد”، من قِبل أٌناس محتجزين لدى الشرطة في كانتونات آرغاو وبَرن وسولوتورن وفالي وزيورخ، إلا أن الوضع في كانتون جنيف كان “مُـقلقاً بدرجة أكبر بكثير”.

وتراوحت إدِّعاءات سوء المعاملة ضدّ شرطة كانتون جنيف من “صفعة مُفردة” إلى “اتهامات أكثر خطورة، مثل الرّكل وتوجيه اللّـكَمات والضرب بالهراوات وإساءة استخدام الغاز المُسيل للدّموع”. وأضاف التقرير أن هذا العُـنف يستمرّ في كثير من الحالات، على الرّغم من أن الشخص المقبُـوض عليه قد أعتُقِل وتمّ تقييد يدَيْـه.

كما انتقدت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب “تِـقنيات” الخَـنق لإجبار المْوقوفين على تقيُّـؤ العقاقير من أجسامهم، واستُخدِمت هذه الوسيلة من قِبل ضباط شرطة جنيف، اثني عشر مرّة خلال فترة تسعة أشهر منذ عام 2007.

كما هاجمت اللجنة استخدام “الكلاّب العشوائي” في حين يكون المشتبه به مُقيّـداً أو على الأرض، كما هاجمت حالتين من “إغراق الشخص” بالماء أو قُربه من الاختناق.

ويبدو أن التقارير الطبّـية الرسمية تدعّـم هذه المزاعم. فبين شهر يناير وشهر سبتمبر من عام 2007، تم تسجيل حالات مختلفة، تتراوح بين الكدمات والإصابات وجروح تخُـص 136 مُحتجزا تمّ إدخالهم إلى سجن “شامب دولّون”، وهو مركز الحجز القضائي والاعتقال في مدينة جنيف.

وفي هذا الصدد، يقول مارك نيف، البلجيكي الأصل ورئيس مجموعة حقوق الإنسان التابع للجنة الأوروبية لمنع التعذيب “إننا نشعُـر بالدّهشة والقلق إزاء هذه النتائج”، وأضاف “نحن لم نُـواجه مشاكِـل من هذا النوع من قبـل في سويسرا”.

تدابير عاجلة

وفي رَدِّها الرّسمي على هذا التقرير، اعتَرفت السلطات السويسرية “بالأهمية الكبيرة للوِقاية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المُهينة”، وأضاف الردّ بأنه قد تمّـت المُباشرة ببعض التّـدابير، لتنفيذ توصيات اللجنة الأوروبية بعد هذه الزيارة.

كما تمّ الإعلان عن توجيه رسالتين تُـدينان سوء المعاملة، إلى كامل قوة الشرطة في كانتون جنيف، وذلك قَبل زيارة اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب.

وفي بيانٍ مكتوب، شدّدت الحكومة السويسرية على أن الغالبية العُظمى من المحتجَـزين، الذين تَمّت مقابلتهم من قِبَل الفريق الأوروبي لحقوق الإنسان، قد أخبَـروا هذا الفريق بأن الشرطة قد تعاملت معهم بشكلٍ صَحيح أثناء فترة اعتقالِهم واستجوابِهم واحتجازِهم.

الجدّية غير كافية

لكن السيدة دنيس غراف، وهي محامية تعمل في منظمة العفو الدولية في سويسرا، قالت بأن التدابير التي اتّـخذتها قوة الشرطة في جنيف، كانت غير كافية، حيث لا تزال حوادِث سوء المُعاملة تظهر خلال عمليات الاعتقال والتوقيف.

وفي حديث مع سويس إنفو، قالت السيدة غراف: “كانت لدينا عدّة حالات في هذا العام”، واستطردت: “إحدى هذه الحالات، كانت خطيرة للغاية وقد حدثت في شهر أبريل 2008، وكان يُـمكن لهذه الحادثة أن أن تودِي بحياة الشخص المُحتَجَز، ونحن لا نزال في انتظار الردّ من شرطة كانتون جنيف”.

وقالت السيدة غراف، إن السلطات المُختصّـة في جنيف لم تأخذ الادّعاءات الخاصة بسوء المعاملة من جانب الشرطة على محمل الجدّ، ويجب في هذه الحالة اتخاذ تدابيرَ إضافية، كما أن الإرادة السياسية مطلوبة على جميع المستويات.

لا مجال للتسامح

وقالت السيدة غراف، إن مسألة تدريب ضبّـاط الشرطة في جنيف حول حقوق الإنسان، ينبغي أن تُعزَّز ولا ينبغي أن يكون هناك أي نوع من التسامح إطلاقا فيما يتعلّـق بحالات الاعتداء.

واستطردت قائلة: “هناك مشكلة متعلّـقة بالإجراءات التأديبية وإجراءات الطّـعون في جنيف”، وأضافت: “التحقيقات الداخلية في الشرطة، لا تعمل بشكل صحيح، ونعتقد أنه من المُـهم أن تكون هناك هيئة مستقِـلة للتحقيق في حالات سوء المعاملة”.

ومن بين 30 شكوى رسمية خاصة بإساءة المُعاملة من قِبل الشرطة في عام 2007، تم اتخاذ إجراء تأديبي واحد فقط، وحسب الشرطة، لم تصل أية قضية إلى المحكمة.

وأضافت محامية منظمة العفو في سويسرا: أنه “من المهم للغاية أن تُقَدّم الشرطة في جنيف نِـظاماً للتسجيل، للمساعدة على التعرّف على ضبّـاط الشرطة على الوجه الصحيح”. ولم يتوفّـر هناك أحد من شرطة كانتون جنيف للتّـعليق على هذه الاتهامات وقت كتابة هذا التقرير.

ظروف الاحتجاز

وفيما يتعلّـق بالسجون، أولَت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب اهتماماً خاصاً لظروف احتجاز الأشخاص، الذين اتُّـخذت بِحَقِّـهِم إجراءات تحديد إلزامية أو الذين أمروا بالخضوع لتدابير عِـلاجية من قِبل مؤسَسات مُختصة، بالإضافة إلى اهتمامها بالظروف في الوحدات الأمنية. وقد قامت اللجنة كذلك، بدراسة حالة الأحداث والشبّـان البالغين في مراكِـز التعليم.

ومن بين المؤسسات التي تمّ تفتيشها، كان سجن “شامب – دولّون” Champ-Dollon، المعروف بكونه أكثر السّـجون اطتظاظا في سويسرا.

وعلى الرغم من عدم عثور اللجنة الأوروبية على أي دليل لوجود عمليات تعذيب أو إساءات خطيرة للمُعاملة في المواقع التي قامت بزيارتها، إلاّ أنها أصدرت عدّة توصيات، تهدِف إلى تحسين الظروف المعيشية، وخاصة في الحالات التي كانت فيها الزّنزانات صغيرة جدا أو التي تعاني من سوء التهوية أو سوء التجهيز.

وقد كان الغرض الرئيسي من عملية التفتيش هذه، تقييم الانجازات والتدابير، التي قامت السلطات السويسرية بتنفيذها عقِـب الزيارة السابقة التي قامت بها لجنة منع التعذيب في عام 2003.

كما قالت اللّـجنة الأوروبية لمنع التعذيب أيضاً، بأن الأشخاص الذين اعتُقِـلوا بعد رفض السّـماح لهم بالدخول إلى سويسرا، ينبغي أن يتمتّـعوا “بالظروف المعيشية التي لا تختلف عن تلك التي يعيشها الأشخاص الأحرار”.

سويس انفو – سيمون برادلي – جنيف

بموجب الاتفاقية الأوروبية لمنع التعذيب والمعاملة القاسية اللاإنسانية أو المُهينة أو إنزال العقاب، يكون للّـجنة الأوروبية لمنع التعذيب حرية الوصول غير المُقيّد إلى أماكن الاحتجاز.

كما أن لِلّجنة، الحق أيضاً في الوصول غير المقيّـد إلى داخل وحَـدات منيعة، ويحق لها مقابلة المحتجزين على انفراد.

الزيارة “الدورية” إلى سويسرا، هي واحدة من 11 زيارة قامت بها اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب في عام 2007، وقد شملت بلدانا أخرى، كإسبانيا وهولندا وكرواتيا ومولدافيا.

ترسل اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب بعد كل زيارة، تقريراً سرياً يتضمّـن استنتاجاتها وتوصِـياتها إلى البلد المَعني.

قامت اللجنة الأوروبية لمنع التعذيب بزيارة سويسرا في عام 1991، بالإضافة إلى الأعوام 1996 و2001 و2003.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية