مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

طالبو اللجوء في سويسرا: واقع صعب فى ظل قوانين صارمه

لاجؤون من كوسوفو Keystone

للمرة الثالثة تم إستجواب ديفيد ذي الرابعة عشره من العمر. ديفيد ليس متهما بالسرقة او بتهريب البضائع. تهمته أنه فر من بلاده ولجأ إلى سويسرا للبحث عن الامان. لكن السلطات السويسرية لم تقتنع بعد بقصته.

هو يقول إن أمه ُقتلت فى إشتباكٍ بين القوات الحكومية والمتمردين. اما المحققون السويسريون فيشككون فى صحةِ قصته. فلماذا لم يلحق ديفيد بوالده ويختفى معه عن العيون؟ ثم كيف حصل على قيمة الرحلة التى اوصلته إلى حدودِ سويسرا؟ والصبى لايكاد يجد كلمة يرد بها، فلازال الرعب الذى عايشه وهو يطلق لساقيه العنان هاربا من القرية وتاركا والده خلفه يتملكه. صورة والده كانت اخر ماعلق بذاكرته من احداث ذلك اليوم.

قصة ديفيد لم تنتهى حتى اليوم. فهو لم يحصل بعد على حق اللجوء بالرغم من سماح السلطات الفيدرالية له بالبقاء فى الاراضى السويسرية. وإلى ان يحدث ذلك، عليه ان يتعلم الحياةَ فى أرضٍ غريبة دون اهلٍ او أحباء. ولأن ديفيد فى الواقع يمكن ان يحمل إسم عصمان او عزرا فهو لامحاله سيواجه بنظرات الغضب وكلمات التحيز.

هذه الكلمات، التى تحكى تجربة ديفيد، وردت فى منشورٍ للمنظمةِ السويسرية لاعانة اللاجئين وذلك فى إطارِ حملتها لنشر ثقافةٍ تحترم اوضاع اللاجئين وتفسر أسباب خروجهم من بلادهم والبقاء فى أرضٍ غريبة. وهى تعبرُ بصدقٍ عن واقعٍ صعبٍ يعايشه طالبُ اللجوء فى سويسرا. فالمشكلة لاتتصل فقط بمواقف التحيز التى قد يواجهها طالب اللجوء، بل تبدأ منذ اللحظة الاولى التى تطأ فيه قدماه ارض سويسرا وتستمر معه حتى يتم البت فى طلب لجوءه.


إجراءات إستقبال اللاجئين

هناك إجراءات محددة يمر بها طالب اللجوء إلى سويسرا. يشرح محمد جمعه، السودانى الجنسية، الذى يعمل كمشرفٍ إجتماعى فى مركزHintergraben لاستقبال اللاجئين، أنه من المعتاد عند وصول طالب اللجوء إلى الاراضى السويسرية ان يتم إستقباله فى أحدِ مراكز الاستقبال المتواجدة علىالحدود. بعد ذلك تجرى السلطات المختصة مقابلةً اولية معه يتم فيها سؤاله عن الكيفية التى وصل فيها إلى الكونفدرالية، عن اسباب لجوءه، وعن المعلومات الاساسية المتعلقه بأوراقه الرسمية وخلفيته الاسرية. وفى العادة، يمكث اللاجئ فترةً زمنية بسيطة فى المركز قبل ان تنقله السلطات إلى احدِ الكانتونات، وهناك ُيجرى المختصون مقابلة مطوله معه من جديد قد تستمر لمدة خمس ساعات يُسأل فيها بالتفصيل عن ملابسات تجربته. ثم يتم توزيعه إلى احد المراكز لطالبى اللجوء حيث يمكث حتى يتم الفصل فى قضيته.


تجربة شخصية لطالب لجوء

فيسيل دوير هو لاجئ كردى يقيم في سويسرا منذ ثمان سنوات. ولايزال ينتظر حتى اليوم قبول السلطات الحكومية طلب لجوءه. هو لا يعرف، كما يقول، سبب عدم البت في طلبه، لكن الشيء المؤكد بالنسبة له هو أن قوانين اللجوء السويسرية تظل معقدة ومحافظة مقارنة بدول أوروبية أخرى، كألمانيا والنمسا على سبيل المثال، وهى الدول المعروفة بسرعة إجراءات اللجوء فيها. أوضاعه صعبه كما يشرح. كان فى الرابعة عشره من عمره عندما فر مع والديه من كردستان إلى سويسرا لاسباب سياسية. وبسبب عدم قبوله بعد كلاجئ فإن الحقوق المتاحة له محدودة للغاية. فهو لايحق له المشاركة فى الدورات التعليمية او التدريبية، كما لايحق له السفر خارج سويسرا، هذا عدا أن المبلغ المالى المخصص لطالب اللجوء متواضع، والاهم من كل ذلك انه لفترة طويلة خلت لم يكن يحق له العمل. هذا الحظر، يقول فيسيل دوير، كان بمثابة حجر على حياته، فالانسان لايستطيع العيش دون عمل. هذا حق لكلِ إنسان.


القانون السويسرى وعمل طالب اللجوء

لاتتيح القوانين السويسرية المجال لعملِ طالب اللجوء. فمادام ملفه لم ُيبت فيه لن يحق له العمل. سببُ المنع، وهو حديث نسبيا، هو محاولة السلطات السويسرية الحد من الهجرة الاقتصادية. ففى فتراتٍ سابقه إزدادت نسبة توافد طالبى العمل فى الكونفدرالية الذين إستغلوا مرونة قوانين اللجوء للدخول إلى البلاد والعمل فيها أثناء فترة دارسة ملفاتهم من قبل الجهات المختصة. ولكثرة عدد المتوافدين على سويسرا لاسبابٍ إقتصادية برزت فكرة حظر عمل طالب اللجوء. لكن الرغبة فى حماية البلاد من تفاقم ظاهرة الهجرة الاقتصادية إنعكست بصورة سلبية ومباشرة، كما تظهر حالة فيسيل دوير، على الأفراد ممن لجأوا إلى سويسرا هربا بالفعل من أوضاع سياسية أو أزمات طاحنة. فهؤلاء يعانون كثيرا من حرمانهم من العمل لاسيما وأن عملية البت فى ملفاتهم وطلبات لجوءهم قد تستغرق سنوات عديدة. وهو الامر الذى قد يدفع بالبعض منهم إما إلى الجريمة أو إلى العمل بصورة غير قانونية وبإجور متواضعه.

إلهام مانع

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية