مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

طلب الإعتراف بدولة فلسطين يُعيد “مبادرة جنيف” إلى الواجهة

من اليمين، الفلسطيني ياسر عبد ربه والإسرائيلي يوسي بيلين بعد توقيعهما على مبادرة جنيف للسلام غير الرسمية عام 2003 Keystone

لا يزال الرئيس الفلسطيني محمود عباس مصرا على المضي قدما في خطته للمطالبة بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة رغم أن "القيامة قد قامت" عليه، على حد تعبيره، بسبب هذا المسعى.

وفي تصريحات لـ swissinfo.ch، أعرب في الأثناء صانــعا مبادرة جنيف للسلام لعام 2003، عن اعتقادهما بأن هنالك فرصة لاستخدام المبادرة المدعومة من قبل سويسرا كـ “نقطة مرجعية”، في ظل الظروف الراهنة.

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو يشد الرحال إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، إن الولايات المتحدة وإسرائيل تريدان إبقاء عملية السلام مقتصرة على “حوار ثنائي” تشرف عليه واشنطن من بعيد. ولكن هذا الحوار قد فشل ودفع نحو هذا التحرك لطلب العضوية الكاملة للفلسطين في الأمم المتحدة.

وأضاف: “لقد قررنا اتخاذ هذه الخطوة فقامت القيامة علينا”. وأوضح عباس أنه سيطلب من الأمم المتحدة يوم الجمعة 23 سبتمبر الجاري الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، والأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. غير أن مسعاه هذا محكوم عليه بالفشل بسبب معارضة الولايات المتحدة التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن.

وكان نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون قد صرح الأسبوع الماضي:”اذا كان الفلسطينيون سيمضون قدما بمثل هذا القرار أحادي الجانب، فإن ذلك من شأنه أن يضع نهاية لجميع الاتفاقيات، لـُيحرر إسرائيل من كافة التزاماتها، وسيتحمل الفلسطينيون المسؤولية كاملة”.

 وقد انهارت الجولة الأخيرة من المحادثات المباشرة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل عام تقريبا بسبب خلاف حول توسيع اسرائيل لمستوطناتها اليهودية في القدس الشرقية.

الوقت ينفذ

وفي نيويورك، قال الإسرائيلي يوسي بيلين والفلسطيني ياسر عبد ربه إن مبادرة جنيف لعام 2003 التي تفاوضا بشأنها ووقعا عليها، يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في أي اتفاق سلام يتم التوصل إلــيه.

وتــستعرض المبادرة التدابير العملية اللازمة لضمان نجاح تنفيذ حل الدولتين، إذ تتناول جميع القضايا الرئيسية، بما فيها الحدود والمواطنة في الدولة الفلسطينية الجديدة، ووضع اللاجئين الفلسطينيين خارج الحدود النهائية، ووضع المواطنين العرب في إسرائيل اليوم، فضلا عن مستقبل القدس الشرقية وحقوق المياه.

وكان بيلين، وهو وزير عدل سابق عن حزب العمل (وسط يسار)، وعبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومستشار محمود عباس، يحضران فعالية نظمها يوم الجمعة الماضي معهد السلام الدولي والبعثة السويسرية لدى الأمم المتحدة.

وبدأ اللقــاء بإشارة السفير السويسري لدى الامم المتحدة بول سيغر إلى أن تفاصيل الطلب الفلسطيني إلى الأمم المتحدة لا تزال غير معروفة، ولكن الوقت بدأ ينفد للتوصل بصورة سلمية لحل الدولتين، مضيفا أن الهدف من الاجتماع هو توفير منصة للتفكير والحوار العقلانيين.

الخيار الأخير

من جانبه، قال عبد ربه إن المقترح ليس بخيار الفلسطينيين المفضل، بل هو بالأحرى الخيار الأخير لتحريك وضع قد توقف من وجهة نظرهم.

ونوه ضمن هذا السياق إلى أن قرار الحكومة الاسرائيلية السماح باستمرار بناء المستوطنات اليهودية في عمق الضفة الغربية قد انضاف ببساطة إلى قائمة العوامل التي تجعل من المستحيل تحقيق سلام مستدام، مضيفا: “لم نعد نرى أي خيار آخر لإنقاذ حل الدولتين”.

من جهته، قال بيلين إن محاولة الحصول على العضوية في الأمم المتحدة هي “في الواقع تراجيديا لا ترضي أحدا” – سواء الفلسطينيين أو الإسرائيليين، أو الولايات المتحدة، بل أوروبا التي وجدت نفسها منقسمة حول هذه القضية. وأضاف أن لا شيء سيتغير في الشرق الأوسط حتى إن انضمت فلسطين إلى الأمم المتحدة.

وقال كل بيلين وعبد ربه إن الأمل مازال قائما، لكنهما أقرا بأن التحديات الهائلة المطروحة لا تترك مجالا للأوهام.

وأضاف بيلين: “نظرا للظروف الحالية، لا يمكن التوصل إلى حل الدولتين إلا من خلال التزام قوي من قبل المجتمع الدولي. فلا يمكن لإسرائيل والفلسطينيين بلوغ هدفهم بمفردهم”.

عناصر متطرفة في كلا الجانبين

واعترف عبد ربه أنه وبيلين أصيبا، بطبيعة الحال، بخيبة أمل لعدم رؤية تقدم ملموس بعد سنوات العمل الطويلة التي كرساها لمحاولة دفع عملية السلام.

وأوضح أن هنالك عناصر متطرفة قوية في كلا الجانبين كانت تعارض كافة الحلول مهما كان شكلها، مضيفا: “يجب أن ترى هذه القوى أن العالم يقول بصوت عال وواضح “لقد انتهت اللعبة””.

ويعتقد بيلين أن الحكومة الاسرائيلية الحالية ليست مستعدة لإيجاد حل دائم – لكنه يرى أن “الحلول المؤقتة قابلة للتصور”. وهو لا يزال متفائلا بشأن صياغة قرار بهذا الشأن، ويرغب في أن يتم إرسال إشارات إلى الجمهور الإسرائيلي من شأنها تقوية معسكر السلام هناك. ومن ضمنها، على سبيل المثال، عدم الاقتصار على وصف القدس الشرقية بعاصمة فلسطين، بل أيضا وصف القدس الغربية بمدينة إسرائيلية. “وهكذا يمكن أن يصبح قرارا هاما لكلا الجانبين”، على حد قوله.

وقد حرص عبد ربه على التأكيد بأنه لا ينبغي إضاعة المزيد من الوقت قائلا: “هذا يهدد سلامة إسرائيل وفلسطين، وآفاق التوصل إلى حل الدولتين تتراجع، واندلاع الحرب الأهلية أصبح مرجحا على نحو متزايد”.

“نقطة مرجعية”

واتفق بيلين وعبد ربه على القول أنه إذا ما توفرت الإرادة السياسية في العالم، وفي إسرائيل وفلسطين، للتوصل إلى معاهدة سلام، فإن تلك المعاهدة قد تُناقش جنبا إلى جنب مع مبادرة جنيف.

وقالا في هذا الصدد: “إن مبادرة [جنيف] أصبحت نقطة مرجعية. فهي لا تواجه منافسة كبيرة عندما يتعلق الأمر بمعاهدات السلام في الشرق الأوسط”.

أما عبد ربه فأضاف أن مبادرة جنيف تمثل “وثيقة ذات مصداقية، وواقعية ومفصلة تتناول جميع القضايا الرئيسية، من بينها مسألة الحدود واللاجئين أو الحق في الماء”. أما ما ينقص اليوم أن تتحول الوثيقة في نهاية المطاف إلى واقع سياسي.

يمكن لهم التقدم بطلب للحصول على الاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة وكاملة العضوية في الأمم المتحدة، ولكن عملية اتخاذ القرار بشأن أي طلب رسمي من المرجح أن تستغرق بعض الوقت.

فالأمين الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون سوف يدرس الطلب أولا ثم يقدمه إلى مجلس الامن الدولي لاتخاذ قرار. ولكن الولايات المتحدة الدائمة العضوية في المجلس قالت إنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد طلب فلسطيني من هذا القبيل.

كما يمكن لدولة أخرى عضو في الأمم المتحدة أن تقدم أيضا طلبا للجمعية العامة لمنح الفلسطينيين، صفة مراقب دائم، كدولة، في الجمعية العامة.

 
أما الصفة الحالية للفلسطينيين في الجمعية العامة فهي صفة مراقب كـ “كيان”، وليس دولة غير عضو.

ويرجح أن يحصل مثل هذا الطلب على تأييد الأغلبية في الجمعية العامة، ولكن القرار لن يكون ملزما قانونيا، كما أن الانعكاسات المترتبة عن قبول الفلسطينيين ليست واضحة.

  

وتمنح صفة المراقب الدائم الوصول إلى هيئات الأمم المتحدة المختلفة. وإذا ما حصل الفلسطينيون على ذلك الوضع، سيصبح لديهم الحق في تقديم شكاوى للمحكمة الجنائية الدولية.

يــُتوقع أن تعلن سويسرا عن موقفها من الطلب الفلسطيني خلال اجتماع الجمعية العامة هذا الأسبوع في نيويورك.

قال السفير السويسري لدى الأمم المتحدة بول سيغر إن موقف بلاده سيتوقف على الصيغة الدقيقة للطلب الفلسطيني، وعلى موقف الاتحاد الأوروبي منه وبعض الدول الأعضاء الرئيسية.

 
وكان لسويسرا صفة مراقب قبل أن تصبح عضوا في الأمم المتحدة في عام 2002.

 من جانبه، قال إيغال بالمور، المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية، في تصريحات لـ swissinfo.ch: “ننتظر من سويسرا، شأنها شأن كافة البلدان المشاركة في عملية السلام أو التي ترغب المساهمة فيها، بأن تشرح للفــلسطينيين أن الحصول على دولة مستقلة ومعترف بها بالشكل الصحيح والمناسب لا يمكن أن يتم بالاستغناء عن المفاوضات المباشرة. فلا يمكن أن تنشأ دولة إلا على أساس مفاوضات مباشرة واتفاقي ثنائي. ولن يقدم النهج أحادي الجانب في الأمم المتحدة أي شيء على الإطلاق للفلسطينيين. وحتى إن حصلوا على أغلبية الأصوات في الجمعية العامة، فإن القرار لن يغير شيئا على الميدان وسيجعل من الصعب للغاية استئناف محادثات السلام”.

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية