طموح لتحسين ظروف العمل دون انتقاد للعولمة
تركز الدول الأعضاء المائة والخمسة والسبعون الأعضاء في منظمة العمل الدولية في دورتها السنوية الحالية المنعقدة في جنيف على محاربة أسوأ أشكال العمل من تشغيل الأطفال مرورا بالعمل القسري ووصولا إلى ضرورة توفير العمل اللائق كأحسن وسيلة لمحاربة الفقر. برنامج طموح يأتي في وقت تعاني فيه الطبقة الكادحة من تراجع المكاسب بسبب العولمة.
شرعت الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية في عقد دورتها السنوية التاسعة والثمانين بجنيف ابتداء من يوم الخامس يونيو حزيران لتستمر حتى الواحد والعشرين منه. هذه الدورة التي يحضرها ممثلو الدول الأعضاء المائة والخمسة والسبعون بعضهم على مستوى الوزراء، ستهتم بالدرجة الأولى بظروف العمل والعمالة، إذ سينكب ممثلو النقابات وأرباب العمل والحكومات على مناقشة تقرير المدير العام السيد خوان صومافيا المخصص “للعمل اللائق” أو بالأحرى لمناقشة أسباب الفشل في تحقيق العمل اللائق بالنسبة للعامة. وهو ما وصفه السيد صومافيا ” بالثغرة الكبرى ” في الاقتصاد العالمي المعاصر.
المعايير وحدها لا تكفي
يرى المدير العام لمنظمة العمل الدولية السيد خوان صومافيا أن منظمة العمل الدولية قد اتخذت في عهده سلسلة من القرارات وسنت بعض المعايير لتوفير “العمل اللائق كمطلب عام وشامل في تاريخنا المعاصر”. ويستشهد على ذلك بالقرارت التي اتخذتها منظمة العمل الدولية للقضاء على أسوأ أشكال العمل، كتشغيل الأطفال أو العمل القسري أو الإجباري . وسيقدم المدير العام أول تقرير حول وضع أسوأ أشكال التشغيل في العالم خلال هذه الدورة والذي سيستعرض فيه مدى تعاظم ظاهرة العمل القسري والعمل في ظروف عبودية والتهريب والمتاجرة باليد العاملة خصوصا في المناطق التي تعاني من الحروب.
لكن المدير العام لمنظمة العمل الدولية لم يجرؤ على وضع النقاط على الحروف بشكل دقيق بحيث اكتفى بالتلميح من بعيد إلى “أن التخفيف من العجز في تحقيق العمل اللائق يعتبر احسن وسيلة للقضاء على الفقر ولإعطاء الاقتصاد العالمي شرعية أكثر”. فهل يمكن الحديث عن شرعية الاقتصاد العالمي بدون التطرق للتأثيرات السلبية للعولمة على الجوانب الاجتماعية وعلى ظروف العمل وعلى مكاسب الطبقة الكادحة ؟.
المجازفة بتقنين قطاع العمل الفلاحي
تنوي منظمة العمل الدولية للمرة الثانية فتح النقاش حول ضرورة تقنين العمل الفلاحي على غرار ما يعرفه قطاع المناجم والبناء.فهذا القطاع لا يعرف أية معاهدات أو توصيات تعالج الإجراءات الأمنية والصحية للعاملين فيه والذين يفوق عددهم المليار وثلاث مائة مليون عامل.
كما يرغب المدير العام لمنظمة العمل الدولية فتح النقاش حول فوائد الضمان الاجتماعي كإحدى “الدعائم الأساسية للعمل اللائق”، مستندا في ذلك إلى تقرير يظهر جليا بأن بعض المناطق من العالم لا يتمتع فيها سوى ما بين خمسة وعشرة بالمائة من السكان بمزايا الضمان الاجتماعي.
وسيخصص مؤتمر العمل جلسات خاصة لعدد من المواضيع الحساسة. فالجلسة الخاصة حول وضع العمال في الأراضي العربية المحتلة ستشكل مناسبة أخرى لتبادل التدخلات المنتقدة بين الجانب العربي والإسرائيلي، كما ستخصص جلسة للعمل القسري في ميانمار، أما موضوع التأثيرات الاجتماعية للعولمة الذي عرف خمولا منذ ان ُعهد به إلى لجنة عمل منبثقة عن مجلس إدارة منظمة العمل، فسوف لن يعرف انتعاشا خصوصا وانه ُبرمج لليوم ما قبل الأخير من نهاية المؤتمر.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.