مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عناصر “سريّـة” في تقرير الكونغرس عن 11 سبتمبر!

قرار إدارة بوش حجب بعض المعلومات من تقرير لجنة الكونغرس حول أحداث 11 سبتمبر يُـلقي المزيد من الظلال على التحقيق Keystone

تتصاعد الضغوط على إدارة الرئيس بوش للكشف عن الصفحات الـ 28 التي حجبتها من تقرير الكونغرس عن أحداث 11 سبتمبر.

وقيل إن مضمون هذه الصفحات يتعلّـق بدور مزعوم للمملكة العربية السعودية في مساعدة منفذي الهجمات

منع البيت الأبيض نشر 28 صفحة من تقرير يتضمّـن حوالي 900 صفحة أصدره الكونغرس عن التحقيق في هجمات سبتمبر الإرهابية قيل إنه يتعلّـق بدور بعض الحكومات الأجنبية، وخاصة المملكة العربية السعودية في مساعدة اثنين على الأقل من منفذي تلك الهجمات بحجة حماية مصادر وطُـرق الحصول على معلومات المخابرات.

وبعد قرار البيت الأبيض بساعات، طالب السناتور الديمقراطي بوب غراهام، الرئيس المناوب للجنة التي تولّـت التحقيق في هجمات سبتمبر، والمرشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة، بتمكين الشعب الأمريكي من الاطّـلاع على تلك الصفحات، التي قال إن عدم الكشف عن فحواها يعود إلى سببين:

الأول، رغبة حكومة الرئيس بوش في حماية العلاقات مع الدولة الأجنبية التي ساعدت الإرهابيين وقدمت لهم تسهيلات مالية.

الثاني، حماية الوكالات الفدرالية الأمريكية التي تسبّـب تقصيرها في نجاح تنفيذ هجمات سبتمبر.

ورغم حرص السناتور غراهام على عدم ذكر السعودية بالاسم، فإنه قال إن سفير المملكة العربية السعودية، الأمير بندر بن سلطان، انطلاقا من شعوره بأن بلاده ربما تكون الدولة الأجنبية المذكورة في التقرير، طالب بنشر الصفحات المحذوفة من التقرير لكي يمكنه التعامل مع الحقائق، وليس التكهنات والشكوك.

وأضاف السناتور غراهام قائلا، “إذا كان الرئيس بوش معنيا بالحفاظ على العلاقات مع المملكة العربية السعودية، ينبغي عليه الاستجابة لطلب السفير السعودي”.

وقال السناتور غراهام، إن الدولة التي ذكرها التقرير تورّطت في تقديم طائفة منوعة من المساعدات لاثنين على الأقل من الذين قاموا باختطاف الطائرات وتنفيذ الهجمات في سبتمبر، وأن مسؤولين على مستوى عال في تلك الدولة، ليسوا مارقين على الحكومة، قدّموا مبالغ كبيرة لمساعدة الشخصين في التخطيط وتنفيذ هجمات سبتمبر.

كما اتهمت النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكومة الرئيس بوش بأنها أسيرة الرغبة في التكتّـم على الحقائق وتغليفها بالسرية دائما، بحيث أنها ترغب في إخفاء معلومات يجب أن يطّـلع عليها الشعب الأمريكي، وخاصة أسر ضحايا هجمات سبتمبر الذين يتطلّـعون إلى إجابات شافية، وباقي أبناء الشعب الأمريكي الذين يريدون التأكّـد من أن تلك الهجمات لن تتكرر في المستقبل.

وقالت بيلوسي، لتحقيق ذلك الهدف، يجب ألا تسعى حكومة الرئيس بوش إلى حماية سُـمعة أي طرف بالإصرار على عدم الكشف عن فحوى تلك الصفحات، وأن تسعى بدلا من ذلك إلى حماية الشعب الأمريكي. فالسرية لا تخدم ذلك الغرض.

بماذا يتهم التقرير السعودية؟

ويقول بعض المسؤولين الذين اطّـلعوا على الصفحات الثمان والعشرين التي صنّـفتها إدارة الرئيس بوش في تقرير الكونغرس كمعلومات سرية، إنها تحتوي على شهادات عدد من المسؤولين الأمريكيين، دون ذكر أسمائهم، ينتقدون فيها الحكومة السعودية بعدم التعاون مع الولايات المتحدة في التحقيقات المتعلقة بالإرهاب، ولكن دون أي إشارة منهم لتورط الحكومة السعودية في تمويل الجماعات التي تساند وتدعم الإرهاب.

غير أن الفصل المحذوف من تقرير تحقيق الكونغرس في هجمات سبتمبر يمثل، كما قال من اطّـلعوا عليه، إدانة لدور الصفوة من أبناء الأسرة السعودية الحاكمة في توفير مئات الملايين من الدولارات لدعم المشاريع والجمعيات الخيرية الإسلامية، ومن خلالها وصلت الأموال للإرهابيين.

إلا أن مسؤولين أمريكيين آخرين ممّـن اطّـلعوا على الصفحات المحذوفة قالوا إن التقرير اقتفى أثار مسار التبرعات السعودية للمؤسسات والجمعيات الإسلامية، وتوصّـل إلى تأكيدات دون أي أدلة على أن المسؤولين السعوديين كانوا على علم بأن الجماعات التي تلقّـت التبرعات السعودية استخدمتها في تمويل الإرهاب.

ويتحدث تقرير الكونغرس عن هجمات سبتمبر الإرهابية بشكل مُـفصّـل عن علاقة وثيقة لمواطن سعودي كان يعيش في كاليفورنيا، اسمه عمر البيومي ويعمل في هيئة الطيران المدني السعودية، باثنين من مُـنفّـذي هجمات سبتمبر، هما خالد المحضار ونواف الحازمي اللذين نفّـذا الهجوم على مبني وزارة الدفاع الأمريكية بطائرة الخطوط الجوية الأمريكية المختطفة، وساعدهما في استئجار شقة بمنطقة سان دييغو في ولاية كاليفورنيا ودفع الإيجار.

وأشار التقرير إلى أن البيومي حضر اجتماعا في القنصلية السعودية في لوس آنجلس في يناير 2001، ومنها انتقل إلى مطعم قابل فيه المختطفين ثم ساعدهما في استئجار تلك الشقة.

وقد طالب السناتور الديمقراطي البارز، تشارلز شومر من ولاية نيويورك في رسالة بعث بها إلى الرئيس بوش بأن يطلب من حكومة المملكة العربية السعودية تسليم السيد عمر البيومي المقيم حاليا في السعودية للتحقيق معه.

وقال السناتور شومر، إن الصلة بين البيومي والمختطفين هي أفضل دليل حتى الآن على أن جانبا من المسؤولين السعوديين ربما كان لهم ضلع في هجمات سبتمبر الإرهابية. وأضاف شومر أنه إذا كانت الأسرة السعودية الحاكمة ملتزمة بالفعل بمكافحة الإرهاب كما يحلو لها أن تقول، فيجب أن تسارع بتسليم عمر البيومي للمسؤولين الأمريكيين فورا لتتمكن الولايات المتحدة من التأكيد من حقيقة دوره ومدى صلاته بتنظيم القاعدة.

التذمّـر السعودي

غير أن السفير السعودي في واشنطن، الأمير بندر بن سلطان أعرب عن ثقته بأن حجب الصفحات الثمان والعشرين من تقرير الكونغرس عن هجمات سبتمبر، يعود إلى أن المعلومات التي تضمّـنتها تلك الصفحات لا تحتوي على ما يُـساندها من أدلة.

وأضاف الأمير بندر، إنه ليس لدى المملكة العربية السعودية ما تخفيه، ولكنها لا تستطيع الرد على الصفحات الخالية، ووصف الجدل الدائر عن دور مفترض للمملكة العربية السعودية في مساعدة منفذي هجمات سبتمبر بأنه خطأ فادح، حيث أن المملكة كانت من أكثر الدول مساهمة وفعالية في الحرب على الإرهاب بشهادة الرئيس بوش وكبار المسؤولين في حكومته، كما أن تنظيم القاعدة استهدف المملكة العربية السعودية قبل أن ينفذ هجومه على الولايات المتحدة، ولا يعقل أن تمد المملكة يد المساعدة لتنظيم يسعى لتدمير وتقويض الحكومة السعودية ونظام الحكم في المملكة.

وقد لا يبقى التكتّـم على الصفحات الثمان والعشرين في تقرير الكونغرس عن هجمات سبتمبر فترة طويلة. فقد تعهّـد النائب الجمهوري بورتر جوس، رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب والرئيس المناوب للجنة تحقيق الكونغرس في تلك الهجمات، بأنه سيتم الكشف عن معظم ما جاء في تلك الصفحات بمجرد انتهاء التحقيق المستقل في دور الدول الأجنبية في تسهيل مهمة الإرهابيين الذين روعوا الولايات المتحدة بهجماتهم الإرهابية في 11 سبتمبر 2001.

وقال بورتر جوس، “إن السبب الحقيقي في إسدال ستار من السرية على تلك الصفحات، هو توصية من أعضاء لجنة التحقيق بعدم الكشف عن فحواها لتلافي إفشال مهمة التوصل إلى الحقائق حول دور الدول الأجنبية، وليس دولة واحدة فقط في تمكين الإرهابيين من شن تلك الهجمات، التي راح ضحيتها حوالي ثلاثة آلاف شخص”.

محمد ماضي – واشنطن

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية