مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

غزة لمصر والضفة للأردن.. أفكار إسرائيلية هل تتحقق؟

في بيت لحم، جنود إسرائيليون يقفون وراء متاريس ملتهبة بعد مواجهات مع شبان فلسطينيين (يوم 4 مارس 2008) Keystone

يرى الخبير السويسري باسكال دو كروزا أنه في صورة عدم التوصل لاتفاق سلام، فإن إسرائيل قد تسعى للتخلص من المشكلة الفلسطينية وتُـلقي بأعبائها على مصر والأردن، وهي فرضية تتّـسم بقدر من المعقولية، حسب رأيه.

ويذكّـر دو كروزا بأن هذا الاحتمال قد أثير مؤخرا من طرف إسرائيل بخصوص قطاع غزة.

في جنيف، عقد مجلس حقوق الإنسان يوم الخميس 6 مارس جلسة خاصة حول الأوضاع في غزة، استجابة لطلب تقدمت به بلدان إسلامية والمجموعات الإفريقية والعربية ودول عدم الانحياز. وأدان المجلس التدخل العسكري الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة بأغلبية 33 صوتا مقابل صوت واحد.

وبعد أن صوّت المجلس على مشروع قرار تقدّمت به منظمة المؤتمر الإسلامي حول الهجوم الإسرائيلي على غزة، حلِّـل باسكال دو كروزا، الخبير السويسري في شؤون الشرق الأوسط، في حديث مع سويس انفو نتائج هذه الحملة العسكرية ومخاوف بعض الحكومات في الشرق الأوسط من احتمال تبدّد الآمال بالتوصل في يوم ما إلى حلِّ الدولتين في فلسطين.

سويس انفو: هل تعتقد أن الحكومة الإسرائيلية حساسة للانتقادات التي يُـمكن أن تصدُر عن مجلس حقوق الإنسان؟

باسكال دو كروزا: في الرؤية الإسرائيلية للعالم، هناك دائما الفكرة القائلة بأن جزءً لا بأس به من البلدان معادٍ لها وأن حكومتها يجب عليها أن تهتم قبل كل شيء بمصالح سكانها، أما احترام القانون الإنساني، مثلما يُـفهم من طرف الخارج، فيمُـر إلى مستوى ثانوي.

لكن هناك أيضا بعض التخوّف من أن تجد إسرائيل نفسها في يوم من الأيام في وضعية صربيا خلال حرب البوسنة وأن تتم إدانة عسكريين إسرائيليين أو أصحاب قرار سياسيين من طرف العدالة الدولية، وذلك في الوقت الذي يطالب فيه جزءٌ من السكان الإسرائيليين باتخاذ إجراءات قصوى، مثلما يحدُث هذه الأيام تجاه غزة.

سويس انفو: ألا تعتقد أن هجوم الأيام الأخيرة يُـلقي بالشكّ على إرادة إسرائيل الحقيقية في العثور على اتفاق سلام؟

باسكال دو كروزا: يتمثل الانشغال الأول للحكومة في الاستجابة لانتظارات الإسرائيليين في مجال الأمن. فعمليات إطلاق الصواريخ الفلسطينية – حتى وإن كانت لا تتسبب إلا في سقوط عدد قليل من الضحايا والأضرار – تضع الحكومة في وضعية لا يُـمكن تحمّـلها، ويأتي هذا في الوقت الذي كانت فيها شعبيتها متدنيّـة أصلا.

عمليات إطلاق الصواريخ هذه، تُـحدث جزعا كبيرا في صفوف السكان ولا يُـمكن لأية حكومة في العالم أن تظل مكتوفة الأيدي بوجه هذا الصِّـنف من الاعتداء، لذلك، انخرطت إسرائيل في ردة فعل ضخمة ومدمِّـرة، بالرغم من أن العملية لا تؤدّي إلى أية نتيجة عسكرية ملموسة.

لكن هذه العملية لا تكشف عن أي شيء بخصوص رغبة إسرائيل في التفاوض، فمثلما قال رئيس الوزراء الراحل إسحاق رابين، يتعلق الأمر بالتفاوض على السلام، وكأنه لا وجود لعُـنف، ومكافحة أعمال العنف هذه، وكأنه لا وجود لأية مفاوضات. فالحكومة الإسرائيلية تجد نفسها الآن، في منطق من هذا القبيل.

مع هذا، يعارض البعض داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها التنازلات الضرورية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام، مثل منح سيادة فلسطينية على الأحياء العربية في القدس. فمن المحتمل أن يتفكك التحالف الحاكم (حاليا في إسرائيل)، إذا ما قدِّمت مثل هذه التنازلات، والسؤال الذي يطرحه الإسرائيليون على أنفسهم: ما هو الثمن الذين هم على استعداد لدفعه، مقابل اتفاق سلام؟

سويس انفو: تُـساور الشكوك الجهات العربية حول التوصل إلى اتفاق سلام، ويعتقد بعضها أن إسرائيل قد تكون تسعى بالفعل للتخلص من قطاع غزة بإحالته إلى المصريين والضفة الغربية إلى الأردنيين. ما هي المصداقية التي يُـمكن منحها لهذه الفرضية؟

باسكال دو كروزا: هذا التفسير لا يفتقر إلى المنطق، هناك أولا واقع موضوعي، فالطريقة التي قادت بها إسرائيل عملية السلام السابقة وكيفية إدارتها بعد ذلك للانتفاضة الثانية، أدّى إلى تذرير شامل وتدمير عملي لسلطة فلسطينية لم تكن على تمام الاستعداد للسيطرة على عناصرها الراديكالية، المعارضة لعملية السلام. فالسياسة التي انتُـهجت (من طرف إسرائيل) ضد ياسر عرفات، لم تتغيّـر بالمرة.

انطلاقا من هنا، كان من السهل جدا على جميع أولئك المعارضين في إسرائيل للثمن الذي يتوجّـب دفعه من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، القول بصوت عالٍ، بأنه لا وجود لشريك فلسطيني يقدر على فرض احترام اتفاقات محتملة. فاليوم، لا يمثل محمود عباس، عمليا، إلا نفسه وعددا قليلا من الأوفياء له، كما أن سلطته لا تمتدّ بتاتا إلى أبعد من حدود مكتبه أو رام الله.

مع ذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية على قناعة بأن الجمود الحالي لا يُـمكن أن يستمر طويلا، ويعود مردّ هذا إلى أسباب ديموغرافية. ففي مرحلة أولى، فكّـر في القيام بعمليات انسحاب من جانب واحد، مثلما حدث في غزة (في عام 2005)، لكن ومع عمليات إطلاق الصواريخ على إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، نرى اليوم جيدا أنه بدون اتفاق سلام، فإن هذه الانسحابات لا تحلّ أي مشكلة، لذلك، فإن الإغراء كبير لإسرائيل، كي تلتفت إلى الدول المجاورة (مصر، فيما يتعلق بقطاع غزة والأردن بالنسبة للضفة الغربية)، ليعيد تسليم مفاتيح هذه المناطق إليهما.

إن هذه المراوحة للسياسة الإسرائيلية بين حلّ حُـكم ذاتي للفلسطينيين والتخلص من المشكلة بإحالتها على الدول المجاورة، تعود في واقع الأمر، إلى عام 1967، أي عند بداية احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة من طرف إسرائيل في أعقاب حرب الأيام الستة.

يبقى أنه من غير المؤكّـد (من المستبعد جدا) أن ترغب مصر والأردن في الانخراط في هذه اللعبة.

سويس انفو – فريديريك بورنان – جنيف

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

“.. تطالب سويسرا بنهاية فورية للعملية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، والتي تسببت بالخصوص في سقوط ضحايا مدنيين، بمن فيهم أطفال، كما تطالب بوضع حد لعمليات إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية..”، “.. طريق التفاوض وحده، سيسمح بضمان السِّـلم والأمن وحياة عادية للسكان المدنيين، لذلك، تدعو سويسرا الطرفين إلى التحفظ وإلى استئناف الحوار وإلى احترام القانون الدولي الإنساني..”.

“.. إن وضع السكان المدنيين في قطاع غزة، غير قابل للاحتمال. بشكل عام، يجب أن يوضع حدّ للهجمات غير التمييزية ضد مدنيين وتجميد أي تطوير لمستوطنات الإسكان واحترام حرية التنقل”.

“.. الاتفاق الذي ينظم التحركات والعبور المؤرخ في 15 نوفمبر 2005، يظل الوثيقة المرجعية لإدارة الدخول، ويتوجّـب إعادة تنشيطه بأسرع وقت..”، “.. تعتبر سويسرا أنه يعود إلى هذا المجلس النظر في الوضعية، لأنها خطيرة وتستوجب كامل اهتمامنا..”.

(المصدر: من الكلمة التي ألقتها السيدة ميشلين كالمي – ري وزيرة الخارجية السويسرية في الجلسة الافتتاحية للدورة السابعة لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف يوم 3 مارس 2008).

لندن (رويترز) – قالت جماعات معنية بالإغاثة وحقوق الإنسان يوم الخميس 6 مارس، إن الحصار الإسرائيلي لغزة خلق أسوأ أزمة إنسانية منذ الاحتلال الإسرائيلي للقطاع في عام 1967. وأفاد تقرير أصدره ائتلاف جماعات إغاثة بريطانية، بأن نقص الغذاء وتداعي الخدمات الصحية والمياه ونظام الصرف الصحي، كلها جزء من معاناة 1.5 مليون فلسطيني في القطاع، الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال جيفري دينيس، رئيس منظمة كير انترناشونال، وهي واحدة من ثمان منظمات غير حكومية أصدرت التقرير “بينما نحن نتحدث تتدفق مياه الصرف فعليا في الشوارع”، وأضاف “على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية، لم نتمكن إلا من إرسال غذاء ودواء ويتزايد الاعتماد على المعونة”.

وفرضت إسرائيل قيودا على تنقل الناس والبضائع وجمّـدت بالفعل النشاط الاقتصادي في يونيو الماضي، حينما سيطرت الحركة على غزة. وشدّدت إسرائيل حصارها في يناير، مقيِّـدة البضائع والوقود وغيرها في إطار ما وصفته بأنه رد على الصواريخ التي تنطلق فوق الحدود لتستهدف مدنا إسرائيلية قريبة.

ورسم التقرير صورة للقطاع، وهو رهينة بيد الحصار، وقال إن ذلك زاد من الفقر والبطالة وعطل خدمات التعليم وجعل 1.1 مليون شخص – أي نحو 80% من سكان القطاع – معتمدين على المعونة الغذائية. وتابع التقرير، أن النظام الصحي متداع وتتعرض المستشفيات لانقطاع يومي للتيار الكهربائي يستمر ما بين 8 ساعات و12 ساعة، بسبب القيود على الوقود والكهرباء. وقال إن نحو 18% من المرضى الذين سعوا للعلاج الطارئ خارج غزة، منعوا من ذلك.

وحذر مسؤول رفيع في الأمم المتحدة من أن الظروف القاسية التي يشير إليها التقرير ستزداد سوءا جراء أي تصعيد للعمل العسكري الإسرائيلي، ردا على الهجمات الصاروخية العشوائية التي تنطلق من غزة.

وقال جون جينج، مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لرويترز في اتصال هاتفي، “سيكون الأمر مروعا”، وأضاف “البنية الأساسية في حالة انهيار.. سواء كان ذلك في مجال المياه أو الصرف أو حتى الخدمات الطبية.. إذا كان هناك هجوم عسكري آخر، فسيضيف ذلك ويضاعف هذا الوضع اليائس بالفعل”.

ووصفت جماعات حقوقية وخبراء قانونيون الحصار، الذي تفرضه إسرائيل، بأنه غير قانوني بسبب القانون الدولي، لأنه يشكل “عقابا جماعيا” للسكان بأكملهم. وقال جيفري بايندر، خبير القانون الدولي في لندن لرويترز “هذا أمر غير متناسب بشكل هائل..إن الذي نتعامل معه هناك، هو بضعة صواريخ تأتي من زاوية صغيرة في غزة، والرد هو حصار وتدمير لمئات الأرواح وإفقار المنطقة بأسرها”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 6 مارس 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية