مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

فيروس صغير يهزم الحكومة البريطانية

الفيروس القاتل تسبب في عزلة بريطانيا اوروبيا و دوليا swissinfo.ch

أدت أزمة الحمى القلاعية، التي أعلن رسمياً عن اكتشافها منذ عشرة أيام في بريطانيا، إلى حالة شلل عمت البلاد وعطلت حركة انتقال مئات آلاف الأشخاص في مختلف أنحاء بريطانيا وهددت بحدوث أزمة غذائية خانقة.

إلا أن الحدث الأبرز الذي تركته هذه الأزمة، التي يقف وراءها فيروس صغير، يتمثل في تعطيل الحياة السياسية في بريطانيا في وقت بات من المؤكد أن رئيس الحكومة توني بلير قرر تأجيل الدعوة إلى إجراء انتخابات عامة كان موعدها المقرر: الخامس من شهر أبريل (نيسان) المقبل، إلى موعد لاحق.

وفرضت السلطات البريطانية حظراً واسعاً لمدة ثلاثة أسابيع على انتقال المواشي والقطعان، وأغلقت المسالخ التي تورد اللحوم إلى المتاجر والمجمّعات الاستهلاكية الكبرى. كما منعت تنظيم مباريات سباق الفروسية ومباريات كرة القدم وفرضت عقوبات باهظة للغاية على من يخرق قانون حظر التجول في المناطق الريفية خشية انتقال العدوى. وضربت حصاراً كبيراً ضمن دائرة شعاعها عشرة كيلومترات حول سبع وعشرين منطقة في البلاد، اكتشفت فيها حالات “الحمى القلاعية”.

وتحفل المملكة المتحدة بمنتزهات ومحميات طبيعية كثيرة تسرح فيها الحيوانات الطبيعية وقطعان الأيائل والغزلان بكل حرية. إلا أن السلطات البيطرية المتخوفة من أن تنقل الغزلان والسناجب والظربان والفئران والقنافذ وغيرها من الحيوانات البرية الفيروس القاتل منعت دخول المنتزهين إلى هذه المنتزهات، علماً أن بعضها تقارب مساحته عشرة آلاف كيلومتر مربع.

وقرر المسؤولون في وزارة الزراعة إعداد خطط ينتظر أن يُعهد بها إلى قوات الجيش لتنفيذها، وتتضمن القضاء على قطعان الحيوانات البرية والقوارض التي تعيش في الغابات، وإحراق جثثها كما حدث مع آلاف رؤوس الماشية والخنازير والضأن التي تذهب كل يوم طعما للنيران في المزارع الموبوءة، في محاولة لدرء انتشار الوباء.

وأدى الشلل الذي أصاب المناطق الريفية التي اكتشف فيها الوباء إلى منع عشرات ألوف الطلاب والمعلمين من التوجه إلى المدارس. كما أدى إلى تعطل الحياة الاقتصادية وتفاقم المشاكل التي يواجهها المزارعون ومربو الماشية الذين تراجعت أوضاعهم المعيشية في السنوات الأخيرة، في وقت بات قرابة مائة ألف عامل زراعي من دون عمل…مرة أخرى.

وإزاء هذا الوضع اضطر مسئولو الحزب العمالي الحاكم إلى إلغاء حملتهم الانتخابية المقررة، والقبول بتأجيل موعد الانتخابات المقبلة، الأمر الذي من شأنه أن يمنح حزب المحافظين الفرصة لالتقاط أنفاسه، بعدما كانت استطلاعات الرأي العام تشير إلى احتمال هزيمته في شكل واضح.

ويراهن المحللون على أن الخيار المحتمل لعقد الانتخابات يتمثل في موعدين أحدهما مطلع شهر مايو (أيار) المقبل أو مطلع الخريف المقبل. وفي كلا الحالتين فان الحزب العمالي سيجد نفسه أمام أزمة سببها فيروس صغير أدى إلى الإخلال بالقواعد السياسية.

وما يزيد من الصعوبات التي تواجهها الحكومة البريطانية الاستياء الكبير الذي يعم أوروبا من تكرار وباء مدمر في قطاع الإنتاج الزراعي مصدره بريطانيا مرة أخرى. وهو الأمر الذي أدى إلى حظر دول الاتحاد الأوروبي وسويسرا والدول العربية استيراد اللحوم البريطانية حتى إشعار آخر.

إبراهيم الشريف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية