مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة العشرين: سويسرا تُوضع على قائمة رمادية للملاذات الضريبية

Keystone

في خطوة أثارت استياء سويسرا، أعلنت مجموعة العشرين خلال قمة لندن يوم الخميس 2 أبريل الجاري وضع الكنفدرالية على قائمة رمادية للجنان الضريبية في انتظار إنجاز برن في أسرع أجل للتدابير التي أعلنت عنها في شهر مارس الماضي لتبادل المعلومات في إطار تخفيفها لقواعد السر المصرفي.

وكان رئيس الوزراء البريطاني قد أعلن في ختام القمة عن قيام “الاتحاد العالمي ضد الكساد” وعن “ونهاية الملاذات الضريبية غير المتعاونة”.

“تسوية تاريخية لأزمة استثنائية”..هكذا وصفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، في مؤتمر صحفي، الاتفاق الذي توصلت إليه قمة العشرين في لندن، حيث أقرّ زعماء دول مجموعة العشرين ضخ تريليون دولار إضافية في الاقتصاد العالمي المضطرب من خلال تمويل إضافي لمؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، بحيث تقرر تخصيص تمويل إضافي قدره 500 مليار دولار لصندوق النقد الدولي، و250 مليار دولار لزيادة حقوق السحب الخاصة في الصندوق، و250 مليار دولار لدعم التجارة.

ولإيجاد الأموال الضرورية لإنعاش الاقتصاد العالمي، تعتزم الحكومات اتخاذ جملة من الإجراءات من أبرزها إعداد قوائم سوداء للملاذات الضريبية، وتشديد القواعد المالية، وإخضاع صناديق التحوط ووكالات التصنيف الائتماني للرقابة.

وصرحت المستشارة الألمانية خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب اختتام أعمال قمة العشرين في لندن بأن المفاوضات بين زعماء المجموعة كانت “صعبة”، خاصة بسبب الخلافات في وجهات النظر بين الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان من جهة، وبين فرنسا وألمانيا من جهة أخرى، حول زيادة قيمة خطة الإنعاش المالي التي حظيت بتشجيع الفئة الأولى وقوبلت برفض الفئة الثانية.

غير أن السيدة أنغيلا ميركل أضافت بأن المحادثات اتسمت أيضا بـ “رغبة في التوصل إلى تسوية” وبـ “روح زمالـة حقيقية”.

ستة التزامات

وقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون خلال مؤتمر اختتام قمة العشرين التي استضافها: “اليوم، اتحد العالم لمكافحة الكساد العالمي، ليس بالكلمات بل بخطة للانعاش العالمي والإصلاح وفقا لجدول زمني واضح”.

ورغم إقرار براون بعدم وجود “حلول سريعة”، فإنه شدد على أنه “بفضل الالتزامات الستة التي اتخذناها اليوم، سنستطيع تقصير أمد الكساد وإنقاذ الوظائف”.

وفي بيانها الختامي، التزمت مجموعة العشرين بـ “ببذل الجهود الضرورية” لـ:

1- استعادة الثقة والنمو والشغل.
2- إصلاح النظام المالي لإتاحة إنعاش قطاع الإئتمان.
3- تعزيز القواعد المالية لإستعادة الثقة.
4- تمويل وإصلاح المؤسسات المالية الدولية لتجاوز هذه الأزمة وتفادي أزمات في المستقبل.
5- تشجيع التجارة الدولية والاستثمار ورفض السياسات الحمائية.
6- بناء إنعاش تام وبيئي ومُستدام.

“نهاية السر المصرفي” و”قائمتان رماديتان”

وصرح براون: “لقد اتفقنا على وضع حد لعدم تعاون الملاذات الضريبية التي لا تبلغنا بالمعلومات عندما نطلب منها ذلك. يجب أن ينتهي السر المصرفي الذي كان قائما في الماضي”. وأكد رئيس الوزراء البريطاني النهاية الوشيكة للسر المصرفي الذي كان من أبرز مواضيع قمة العشرين التي أصرت كل من فرنسا وألمانيا على التوصل إلى اتفاق ملموس بشأنها.

كما طالب زعماء دول وحكومات مجموعة العشرين وزراء المالية بوضع قائمة عقوبات خاصة بالدول غير المتعاونة.

وفضلا عن القائمة السوداء، نشرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أيضا مساء الخميس قائمتان “رماديتان” (“رمادية فاتحة” و”رمادية قاتمة”) تتضمنان البلدان التي قالت إنها قبلت معايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لكن لم تنفذها رسميا بعد.

وحسب وثيقة توصلت وكالة رويترز بنسخة منها، تضم “القائمة السوداء” الدول والأقاليم التي لم تلتزم باحترام المعايير الدولية، وهي كوستاريكا، وماليزيا (جزيرة لابوان) والفلبين وأوروغواي.

أما القائمة الرمادية “الفاتحة اللون”، فتضم النمسا، وبلجيكا، وسلطنة بروناي، وشيلي، ولوكسمبورغ، وسنغافورة، وسويسرا. بينما وضعت على القائمة الرمادية “القاتمة اللون” 32 دولة وإقليم سبق تحديدها من قبل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في عام 2000، وهي: أندورا، وأنجويلا، وأنتيغا وباربودا، وأروبا، وباهاماس، والبحرين، وبليز، وبرمودا، والجزر العذراء البريطانية، وجزر كايمان، وجزر كوك، ودومينيكا، وجبل طارق، وغرناطة، وليبيريا، وإمارة الليختنشتاين، وجزر مارشال، وموناكو، ومونتسرات، وناورو، وجزر الأنتيل الهولندية، ونييوي، وباناما، وسانت كيتس ونيفيس، وسانت لوسيا-سانت فانسون وغرونادين، وساموا، وسانت مارتان، وجزر تركس وكايكوس، وفانواتو.

وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد أعلن في ختام قمة لندن أن سويسرا ستوضع على “القائمة الرمادية”، مطالبا برن بتنفيذ إجراءات تخفيف السر المصرفي، وموضحا بأن “سويسرا ستكون على هذه القائمة لأنها أعلنت عن اتخاذ تدابير “لتخفيف السر المصرفي، وإذا ما أنهت التحرك، فإنها ستصعد للقائمة البيضاء، وإلا سيتم وضعها في القائمة السوداء” للملاذات الضريبية.

وأضاف نيكولا ساركوزي: “يجب أن تُترجم هذه التدابير إلى أفعال”. وكانت برن قد أعلنت خلال الأسابيع الماضي تخفيف السر المصرفي، لكن عملية التنفيذ، التي تمر عبر إعادة التفاوض حول عشرات الاتفاقيات الثنائية، قد تتطلب بعض الوقت.

وأوضح الرئيس الفرنسي أن بلدان القائمة السوداء تتعرض لعقوبات مثل تثقيل الإجراءات الإدارية، كما أنها لن تتمكن بعد ذلك من إيواء الأموال القادمة من المنظمات الدولية.

من جهته، قال وزير المالية الألماني بير شتاينبروك إنه لا يكفي أن تطبق برن التدابير المعلنة في ظرف أربعة أو خمسة أعوام، مؤكدا أنه ينتظر بفارغ الصبر المقترحات التي ستتقدم بها سويسرا في هذا الإطار.

سويسرا كانت تتوقع القرار، ولكن..

رد فعل رئيس الكنفدرالية ووزير المالية السويسري هانس-رودولف ميرتس إزاء إعلان مجموعة العشرين اتسم بالهدوء في بداية الأمر، بحيث صرح للتلفزيون السويسري الناطق بالألمانية SF: “كان علينا أن نتوقع الظهور على قائمة من هذا القبيل”، لذلك قررت الحكومة السويسرية اعتماد معايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في 13 مارس الماضي.

وأعرب السيد ميرتس عن اعتقاده أن ذلك القرار هو الذي سمح بتخفيف الضغوط على سويسرا، وأنه يتعين الآن الحرص على احترام الإجراءات الديمقراطية خلال عملية تطبيق القرار. ونوه رئيس الكنفدرالية إلى أن العالم أبدى دائما قدرا كبيرا من التفهم للديمقراطية المباشرة السويسرية، قائلا: “أنا مقتنع بأن (العالم) سيفهم أننا نحتاج لبعض الوقت”.

وفي تصريحات للقناة الروماندية (الناطقة بالفرنسية)، أوضح السيد ميرتس أن وزارته تدرس “بعناية” قوائم منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وموقف مجموعة العشرين إزاء الساحات المالية الأخرى مثل جزيرة جيرسي البريطانية أو جزيرة مان (الواقعة بين بريطانيا وأيرلندا).

لكن في البيان الرسمي الصادر عنه مساء الخميس في برن، أعرب السيد ميرتس عن معارضته للمعايير التي استُخدمت لوضع القائمة، مؤكدا أن “سويسرا ليست ملاذا ضريبيا في واقع الأمر” وتلتزم دائما بتعهداتها وتبدي دائما استعدادا للحوار. لذلك يرى أنه من الغريب جدا عدم إشراك سويسرا، رغم أنها عضو مؤسس لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، في المناقشات التي أدت إلى وضع تلك القائمة.

وأكد البيان أن “الحكومة الفدرالية لا تدلي بتصريحات لا تليها أفعال. فعندما قررت، يوم 13 مارس، رفع التحفظ الخاص بالمادة 26 من معاهدة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أقرنت أيضا الفعل بالقول. كما أعربت عن عزمها فتح مفاوضات بشكل سريع مع الدول التي ترغب في ذلك، بشأن مراجعة المعاهدات ضد الإزدواج الضريبي”.

وشدد السيد ميرتس في بيانه أن الحكومة السويسرية ستواصل محاولاتها لتتأكد من تحسين دول أخرى لمستوى شفافية أسواقها المالية، خاصة فيما يتعلق بالأدوات التي لم تؤخذ بعين الاعتبار أثناء وضع قائمة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

خيبة أمــل

في المقابل، أعرب رئيس الكنفدرالية عن شعوره بنوع من الخيبة إزاء الإعلان الذي قام به الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وعن الأسف لعدم إتاحة أي إمكانية لسويسرا لإسماع صوتها رغم أنها عضو في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وواصفا هذا الموقف بـ “المفتقر للأناقة”.

من جانبها، عبرت وزيرة العدل والشرطة السويسرية إيفلين فيدمر-شلومبف عن “بالغ دهشتها” وعن “خيبة أملها العميقة”، قائلة: “ليس هنالك أي سبب لإلقاء اللوم على سويسرا”، منوهة إلى أن برن أبدت تعاونها واستعدادها لإعادة التفاوض حول اتفاقياتها الخاصة بالإزدواجية الضريبية. وأضافت في هذا السياق بلهجة مُستاءة: “لا أعرف ما الذي يستدعي أن نُلام عليه بشكل ملموس”.

وفي تصريح لسويس انفو، قال البروفيسور سيرجيو روسي، أستاذ الاقتصاد في جامعة فريبورغ في تعليقه على وضع سويسرا على القائمة الرمادية: “إنها ليست بمفاجئة، لكنها خطوة مُخيبة للآمال. لقد أبدت سويسرا رغبتها في التحرك، ولئن كان لا يزال عليها التنفيذ والتفاوض حول زهاء 70 اتفاق”.

وأضاف الخبير روسي: “إنه لمخيب للآمال استنتاج أن الملاذات الضريبية الحقيقية مثل جيرسي لا تؤخذ بعين الاعتبار، لكن ذلك ليس مفاجئا، في واقع الأمر، خاصة إذا ما علمنا أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يخضعان لسيطرة الامريكيين، والتأثير الأنغلوساكسوني قوي داخل (المؤسستين)”.

سويس انفو مع الوكالات

أوضح البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين يوم الخميس 2 أبريل 2009 أن إجراءات منسقة تعهدت بها دول المجموعة ستزيد الانتاج العالمي بنسبة 4% بحلول نهاية العام القادم.

وأضاف البيان: “إننا نتخذ إجراءات منسقة لم يسبق لها مثيل للتوسع المالي ستنقذ أو تخلق ملايين الوظائف … وستصل قيمتها بحلول نهاية العام القادم إلى 5 تريليونات دولار مما سيرفع الانتاح بنسبة أربعة في المئة ويسرع عملية الانتقال إلى اقتصاد متوافق مع البيئة.”

وقال البيان “إننا ملتزمون باتخاذ اجراءات مالية متواصلة وبالحجم الضروري لاستعادة النمو.”

كما شدد أيضا على أن البنوك المركزية في مجموعة العشرين تعهدت بمواصلة سياسات للتوسع في الائتمان مادام ذلك ضروريا واستخدام جميع ادوات السياسة النقدية المتاحة.


(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 2 أبريل 2009)

في أعقاب قمة لندن، نشرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت قائمتين. الأولى “سوداء” وتضم الدول والأقاليم التي لم تلتزم باحترام المعايير الدولية والثانية “رمادية” تشمل البلدان التي أعلنت عن قبولها بمعايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لكن لم تنفذها رسميا بعدُ.

“القائمة السوداء” (4)
كوستاريكا، وماليزيا (جزيرة لابوان) والفلبين وأوروغواي.

القائمة الرمادية (39)
النمسا، وبلجيكا، وسلطنة بروناي، وشيلي، ولوكسمبورغ، وسنغافورة، وسويسرا، وأندورا، وأنجويلا، وأنتيغا وباربودا، وأروبا، وباهاماس، والبحرين، وبليز، وبرمودا، والجزر العذراء البريطانية، وجزر كايمان، وجزر كوك، ودومينيكا، وجبل طارق، وغرناطة، وليبيريا، وإمارة الليختنشتاين، وجزر مارشال، وموناكو، ومونتسرات، وناورو، وجزر الأنتيل الهولندية، ونييوي، وباناما، وسانت كيتس ونيفيس، وسانت لوسيا-سانت فانسون وغرونادين، وساموا، وسانت مارتان، وجزر تركس وكايكوس، وفانواتو.

أنشات هذه المجموعة سنة 1999، بعد الأزمتيْن الماليتين اللتيْن ضربتا نهاية القرن العشرين روسيا وبلدان جنوب شرق آسيا. وهذه المجموعة عبارة عن منتدى للحوار بين الدول المتقدمة والإقتصاديات الناشئة بهدف تحقيق إستقرار الإقتصاد العالمي. وتعززت أهمية هذا الدور في ظل الأزمتيْن المالية والإقتصادية الحاليتيْن.

ومنذ اندلاع الأزمة الحالية، تعقد هذه المجموعة مؤتمرها الثاني بلندن بعد قمتها الأولى التي التأمت بواشنطن في 15 نوفمبر 2008. وتترأسها هذه السنة المملكة المتحدة.

تضم مجموعة العشرين كلا من جنوب إفريقيا، وألمانيا الإتحادية، والمملكة العربية السعودية، والأرجنتينن، وأستراليا، والبرازيل، وكندا، وكوريا الجنوبية، والولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، والهند، وإيطاليا، واندونيسيا، واليابان، والمكسيك، والمملكة المتحدة، وروسيا، وتركيا. هذا بالإضافة إلى البنك الدولي، والبنك المركزي الأوروبي.

لا زالت سويسرا تبحث عن منفذ للدخول إلى هذه المجموعة، من خلال المشاركة على الأقل في الأعمال التحضيرية لمؤتمرات هذه المجموعة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية