مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة العشرين.. “لا غالب ولا مغلوب”؟

swissinfo.ch

كانت الألوان، على اختلاف أطيافها من الرمادي إلى الأبيض، مرورا بالأسود والأخضر والوردي، الخيط الرابط بين الصحف السويسرية الصادرة يوم الجمعة 3 أبريل، حيث تراوحت تعاليقها بين الارتياح والغضب وانقسمت بين المتشائمين، الذين لا يلحظون إلا النصف الفارغ من الكأس، والبقية...

“نظام عالمي جديد”، عنوان متفائل، اختارته صحيفة لوتون، الصادرة في جنيف بالفرنسية، لليوم الموالي لقمة الـ 20، التي خشِـي الجميع أن تتمخّـض عن فأر، لكن الرمادي (وهو لون لبعض الفئران تحديدا)، سيكون لون القائمة التي أدرِجت عليها سويسرا، بعد أن تحوّلت إلى أشبه بـ “مَـطهَـر جبائي”، على حد تعبير صحيفة لاليبيرتي، تصدر بالفرنسية في فريبورغ.

من لوغانو جنوبا، اعتبرت صحيفة كورييري ديل تيتشينو (تصدر بالإيطالية)، أن قمّـة مجموعة الـ 20، كانت “نجاحا كبيرا” تجاوز “التوقّـعات الأكثر وردية”، في حين ذهبت منافستها جورنالي ديل بوبـولو، إلى أن اجتماع كبار العالم، لم “يُـخرِج أرنبا من تحت قبّـعته”، أي أنه لم يتمخض عن حلول سحرية.

القمّـة قررت توفير أكثر من 5000 مليار دولار، لتنشيط الاقتصاد العالمي وتوفير وسائل التحرّك والتنظيم للمؤسسات المالية الدولية، لكن هذه الأرقام “التي تُـصيب بالدّوران”، أليست من “الضخامة بمكان، بما يحُـول دون تحوّلها إلى حقيقة واقعة”؟ الجواب بالنسبة لصحيفة لوتون لا يحتمل الشك، فهي ترى أن الأمر يتعلّـق بمُـنعرَج سياسي حقيقي، فقد “تغيّـرت الساحة تماما وأصبح (باراك أوباما) قاطِـرة واعِـدة لها، بفضل الروح الإرادية الأمريكية، التي يُـجسِّـدها”.

وفاة الرأسمالية

صحيفة لاتريبون دو جنيف، الصادرة بالفرنسية في جنيف وشقيقتها في لوزان 24 ساعة، اعتبرتا أن “قمّـة مجموعة الـ 20، نجحت في الدخول إلى التاريخ”، خصوصا وأن أصحاب القرار في العالم، “تجنّـبوا بعناية فائقة ترك المجال لخلافاتهم، كي تتغلّـب عليهم” وتمخّـض اجتماعهم عن نصٍّ نهائي “يريد أن يعتقد بأن الأزمة الحالية، لن تُـشبه تلك التي حدثت في عام 1929”.

صحيفة تاغس أنتسايغر، الصادرة بالألمانية في زيورخ، استنتجت أن “رأسمالية العشريات الأخيرة، قد ماتت، لأنها لم تعُـد مُـربحة” ورحّـبت بميلاد “مرحلة جديدة بقواعد لُـعبة جديدة” وأكّـدت أن “المستفيدين السابقين، بمن فيهم سويسرا، لم يعودوا يملكون جميع الأوراق بأيديهم”، ولا تُـخفي اليومية، الواسعة الانتشار، ابتهاجها بهذا التطوّر، الذي لم يكُـن متخيّـلا بالمرة قبل فترة وجيزة جدا.

بشيء من التحفّـظ والحِـرص على التوازن، توصّـلت صحيفة لاليبرتي إلى خلاصة مفادُها، أنه “لا غالب ولا مغلوب” في لندن، لأن التحدِّيات التي كانت مطروحة، ضخمة جدا، واعتبرت أن “البلدان الأعضاء في مجموعة الـ 20، قامت ببلورة وثيقة سميكة يجد فيها كل طرف مُـبتغاه”، وهو ما يعني بكلمة أخرى، أن كل بلد أو كتلة اقتصادية، يُـمكن أن يقرأه بطريقته الشخصية في نهاية المطاف.

الصحيفة الصادرة في فريبورغ تساءلت أيضا: هل يُـمكن الحديث عن خُـطوة أولى في مسار يُـهيِّـئُ لحُـكم رشيد عالمي؟ لكنها توقّـفت عن الإجابة، نظرا للشك الكبير الذي لا زال يُـحيط بمآل الأزمة الحالية.

وتُـشاطر صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، الصادرة بالألمانية في زيورخ، هذا التشاؤم، مشيرة إلى أنه “لم يتمّ العثور على علاج يُـمكن الاطمئنان إليه فعلا” في لندن. في المقابل، اختارت صحيفة بليك الشعبية الواسعة الانتشار، الأسلوب المباشر، ولخّـصت وصفة مجموعة الـ 20 في جملة واحدة: “جميعا معا، بدلا من مواجهة البعض للبعض الآخر”، وأضافت أن “هذا ما فهِـمه أوباما والآخرون”.

أبيض.. رمادي فاتح.. رمادي غامق…

بعد أن أدرِجت سويسرا على قائمة رمادية، فصّـلت صحيفة لوماتان، الصادرة في لوزان، قائمة البلدان الثلاثين، الذين يُـرافقون الكنفدرالية عليها، في حين أن القائمة السوداء للجنان الضريبية، تقلّـصت إلى أربعة بلدان فقط “لم تتعهّـد بعدُ باحترام المقاييس الدولية”.

وإذا كانت سويسرا تريد أن يُـزال اسمها من هذه القائمة الرمادية، فيجب عليها أن تُـبدي أكبر قدر من الشفافية في مجال الجباية. ولعل المبعوث الخاص لصحيفتيْ تريبون دو جنيف و24 ساعة إلى لندن، نجح في نقلِ صورة الموقف، عندما قال “لقد كانت سويسرا تحلُـم بنفسها بيضاء، فوجدت أنها رمادية وخضراء إلى حدٍّ ما، من شدّة الغضب”.

على كلٍّ، من الأفضل في مثل هذه الأوقات، أن يكون التصنيف رماديا بدلا من أسود، مثلما تقول السلطات الفدرالية، لكن الصحيفتين تعتقدان بأنه “لم يبق لسويسرا إلا أن تنتقل من الرمادي إلى الأبيض، عبر تكثيف المساعي، لإعادة النظر في جميع اتفاقياتها الثنائية المتعلقة بالازدواج الضريبي، على ضوء القرار الذي اتخذته يوم 13 مارس”.

بداية النهاية

لاشك في أن سويسرا أفلتت من القائمة السوداء، لكنها لم تُـحقِّـق إلا نصف انتصار، لأنها افتقرت إلى “أصدقاء جيِّـدين داخل الاتحاد الأوروبي، الذي كان يُـمكن لها أن تعقِـد معهم صفقة”، حسب رأي صحيفة بازلر تسايتونغ، الصادرة في بازل، التي لا تُـخفي أسفها لما حدث، وتقول “يجب على سويسرا الآن أن تُـرتِّـب أمورها”.

من ناحيتها، تُـذكِّـر صحيفة لوتون أن الحديث عن القواعد، يعني الحديث عن القانون، وتذهب إلى أن “سويسرا، التي أثمرت الجهود التي بذلتها أخيرا، لن تكسِـب شيئا إذا ما فسّـرت هذه الرقابة (التي ستخضع لها، بحُـكم إدراجها على القائمة الرمادية)، على اعتبار أنها توجيه لأصابع الاتهام”، لكن الصحيفة تُـقِـرّ بوجود “توجّـس ملموس” ضمن البلدان الأوروبية الأعضاء في مجموعة الـ 20 تجاه سرها المصرفي.

وفيما تُـصِـرّ لوتون على اختيار رؤية النصف الملآن من الكوب، معتبرة أن “إرادة الشفافية الجديدة على المستوى الدولي، تُـوفِّـر سلاحا مُـتاحا للكنفدرالية أيضا، لتطالب بدورها بالعدل والمساواة”، ترى لاليبرتي أنه على الرغم من أن سويسرا أفلتت من السيناريو الأسوأ، فإنه يجب عليها أن تُـثبِّـت في رأسها كلمات رئيس الوزراء البريطاني، الذي قال: “فيما يتعلّـق بالجنان الضريبية، إنها بداية النهاية…”.

سويس انفو – إيزابيل أيشنبرغر

في أعقاب قمة لندن، نشرت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على موقعها على شبكة الإنترنت قائمتين. الأولى “سوداء” وتضم الدول والأقاليم التي لم تلتزم باحترام المعايير الدولية والثانية “رمادية” تشمل البلدان التي أعلنت عن قبولها بمعايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لكن لم تنفذها رسميا بعدُ.

“القائمة السوداء” (4)
كوستاريكا، وماليزيا (جزيرة لابوان) والفلبين وأوروغواي.

القائمة الرمادية (39)
النمسا، وبلجيكا، وسلطنة بروناي، وشيلي، ولوكسمبورغ، وسنغافورة، وسويسرا، وأندورا، وأنجويلا، وأنتيغا وباربودا، وأروبا، وباهاماس، والبحرين، وبليز، وبرمودا، والجزر العذراء البريطانية، وجزر كايمان، وجزر كوك، ودومينيكا، وجبل طارق، وغرناطة، وليبيريا، وإمارة الليختنشتاين، وجزر مارشال، وموناكو، ومونتسرات، وناورو، وجزر الأنتيل الهولندية، ونييوي، وباناما، وسانت كيتس ونيفيس، وسانت لوسيا-سانت فانسون وغرونادين، وساموا، وسانت مارتان، وجزر تركس وكايكوس، وفانواتو.

أنشئت هذه المجموعة سنة 1999، في أعقاب الأزمتيْن الماليتين اللتيْن ضربتا نهاية القرن العشرين روسيا وبلدان جنوب شرق آسيا، وهي عبارة عن منتدى للحوار بين الدول المتقدمة والاقتصاديات الناشئة بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد العالمي، وتعززت أهمية هذا الدور، في ظل الأزمتيْن المالية والاقتصادية الحاليتيْن.

منذ اندلاع الأزمة المالية والإقتصادية الحالية، تعقد هذه المجموعة مؤتمرها الثاني بلندن بعد قمتها الأولى التي التأمت بواشنطن في 15 نوفمبر 2008، وتترأسها هذه السنة المملكة المتحدة.

قررت مجموعة الـ 20 الاجتماع مجددا في سبتمبر القادم في نيويورك، إثر انعقاد الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة.

تضم مجموعة العشرين كلا من جنوب إفريقيا وألمانيا الاتحادية والمملكة العربية السعودية والأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والهند، وإيطاليا واندونيسيا واليابان والمكسيك والمملكة المتحدة وروسيا وتركيا.

يتشكّـل العضو الـ 20 في المجموعة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنك المركزي الأوروبي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية