مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة مونترو الفرنكفونية تخلف وراءها “كلمات مُـنـمّـقـة”

"صورة عائلية" التُـقطت يوم السبت 23 أكتوبر 2010، لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكفونية، المشاركين في قمة مونترو. Keystone

اختَـتمت القمة الثالثة عشرة للفرنكفونية أشغالها بعد ظُـهر الأحد 24 أكتوبر في منتجع مونترو غرب سويسرا بالتوقيع على وثيقة "إعلان مونترو" واعتماد تسعِ قرارات. إضافة إلى ذلك، تمّ قبول خمسة بلدان جديدة كمراقبين ضِـمن المنظمة الدولية للفرنكفونية.

هذه البلدان هي: إستونيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وجمهورية الدومينيك ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبذلك، يرتفع عدد الدول التي تتشكّـل منها المنظمة الدولية للفرنكفونية من 70 إلى 75 دولة.

من جهته، عبّـر عبدو ضيوف، الذي جُـدِّد انتخابه في منصب الأمين العام للفرنكفونية، لفترة ثالثة، عن ابتهاجه بـ “الإنخراط المُـثمِـر” لسويسرا عبْـر تنظيمها للقمة.

نفس الحماسة، عبّـر عنها جوزيف كابيلا، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، البلد المنظم للقمة المقبلة في عام 2012، حيث شكَـر طويلا سويسرا لتنظيمها “واحدة من القِـمم الأكثر استذكارا في تاريخ منظمتنا”، كما جدد “تعهده بتعزيز قِـيم الفرنكفونية” في بلاده.

“كلّـنا هايتيون”

في سياق آخر، أشار عبدو ضيوف إلى أن “جميع الفرنكفونيين، هُـم الآن هايتيون”، وذلك في الوقت الذي يواجِـه فيه البلد الفقير، الذي دمّـره زلزال مـُروِّع في يناير الماضي، منذ بضعة أيام، بداية انتشار لوباء الكوليرا في صفوف سكانه.

وفيما حظِـي الوضع في هايتي باهتمام كبير في مونترو، أكد الأمين العام على التزام الدول العضاء في المنظمة وقال: “نريد أن نساعد هايتي على إعادة التأسيس. إنها تُـمثل أولوية الأولويات ضِـمن الفرنكفونية، على المستوى الجغرافي والجغرا – سياسي، في الوقت الحاضر”.

اللغة الفرنسية

في المؤتمر الصحفي الختامي، تحدّث عبدو ضيوف، بطبيعة الحال، عن الفرنسية وأشار إلى أنها ليست لغة الفن والثقافة فحسب، بل لغة العلوم والتقنيات أيضا. وقال: “إن بإمكان الفرنسية أن تعبِّـر عن جميع أوجُـه الإبتكار الإنساني”، مُنوِّها إلى أن ذلك لا يحدُث في سياق مُعارض للإنجليزية أو لأي لغة أخرى، ولكن في إطار التنوّع.

كريستيان رييو، مراسل صحيفة “لودوفوار” Le Devoir، الصادرة في مونتريال بكندا والمتعوِّد منذ سنوات عديدة على تغطية قمم الفرنكفونية، اعتَـبر أن “القمة ناجحة”، لكنه عبّـر عن أسفه لوضعية فرنسا “المعقَّـدة”، بسبب ماضيها الاستعماري، مشيرا إلى أن هذا البلد، لم ينجَـح بعدُ في “قرْن الفِـعل بالقول، حسب رأيه”.

من ناحيته، اعتَـبر ديديي بيربيرا، الذي يترأس إحدى اللجان الأربع، التابعة للجمعية البرلمانية للفرنكفونية، أن النقاشات التي دارت حوْل التنمية المستديمة ومسألة التغيّـر المناخي، كانت “شديدة الأهمية”، كما وفّـرت لعُـضو مجلس الشيوخ السويسري، فرصة للاطِّـلاع على “المخاوف الكبيرة” لبلدان الجنوب، وخصّ بالكر منها جُـزُر السيشيل والتشاد.

ويرى البرلماني السويسري أن “هذه القِـمم، لا تتمخّـض دائما عن نتائج ملموسة وفورية، لكن الكثير من الأشياء قيلَـت وكشفت عن وعيٍ حقيقي” بالمسألة المناخية، ومن المُـنتظر أن يتمخض عن ذلك بروز “جبهة فرنكفونية موحّـدة”، قبل انعقاد قمة كانكون حول المناخ في ديسمبر القادم.

المستقبل اسمُـه “إفريقيا”

في الندوة الصحفية الختامية، ذكّـر عبدو ضيوف أيضا بحقيقة تكرّر الحديث عنها خلال هذه القمة، خُـلاصتها أن مستقبل الفرنكفونية سيتوقّـف كثيرا على إفريقيا. وأشار بارتياح كبير إلى “التعابير اللامِـعة”، التي استخدمها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى تطرُّقِـه في خطابه إلى ما أسماه “التجديد الضروري للحوكمة العالمية”.

وكان ساركوزي تساءل يوم السبت 23 أكتوبر عن سبب غياب إفريقيا عن العضوية الدائمة لمجلس الأمن الدولي واعتبر أن عدم وجود ممثل دائم للأفارقة، الذين سيصل تِـعدادهم خلال 30 عاما إلى ملياري نسمة، يُـمثِّـل “فضيحة”، على حد تعبيره.

في السياق نفسه، طلبت الرئيسة السويسرية دوريس لويتهارد من الفرنكفونية، أن تعمل على ممارسة التأثير على المنتديات الدولية الكُـبرى، مثل مجموعة الثمانية أو مجموعة العشرين، وخاصة فيما يتعلّـق بإصلاح مجلس الأمن (الذي تترأسه فرنسا هذا العام).

الصحفية الكامرونية، دونية أيبوتي، العاملة في قناة TV 5 Monde التلفزيونية، اعتَـبرت أن موقِـع إفريقيا في عالم اليوم، كان النقطة البارزة في قمة مونترو، وقالت: “إن أهمّ شيء بالنسبة لي، هو إعادة التأكيد على أن مسيرة العالم لن تتِـمّ دون تشريك إفريقيا، وأنه ليس بالإمكان، بعدَ الآن، الحديث مكانها”.

في المقابل، أثار اختيار كنشاسا لاحتضان القمة المقبلة للفرنكفونية في عام 2012، بعض الجدل، لكن فرانك سالان، رئيس تحرير مجلة Afrik.com الألكترونية، لا يُـخفي تأييده للقرار ويقول: “إن الأفارقة يُـقيِّـمون المسألة بشكل إيجابي جدا، لأن قمة بهذه الأهمية، تظل دائما أمرا جيِّدا للقارة. أما الآن، فنحن ننتظِـر أن نرى كيف سيتِـمّ إعدادها ونأمل في أن تشهَـد منطقة البُـحيرات الكُـبرى، من الآن وإلى عام 2012، عودة الهدوء إليها تدريجيا”.

“كلمات جميلة” ثم ماذا بعد؟

الصحافة السويسرية الصادرة يوم الاثنين 25 أكتوبر، لم تتضمّـن الكثير من التعليقات على القمة الثالثة عشرة للفرنكفونية، ولم تخصّـص معظم الصحف سوى مقالات داخلية، اكتفت بالإعلان عن نهاية الإجتماع وتسجيل حُـسن سيْـره ونقل أهمّ ما ورد في البيان النهائي الصادر عنه.

في المقابل، ركزت المقالات التحليلية القليلة اهتمامها على عنصريْـن. يتعلق الأول بالسيْـر الممتاز لأشغال هذه القمة، التي انعقدت على ضفاف بُـحيرة ليمان، واعتبر المعلقون أن هذا الإجتماع، الذي ضم الدول الفرنكفونية، سمح لسويسرا بأن تُـعرِّف بنفسها وبجودة أدائها.

إضافة إلى ذلك، وفرت هذه القمة لسويسرا أيضا فرصة لنسج المزيد من العلاقات على الساحة الدولية. ولاحظت صحيفة “لوماتان”، الصادرة بالفرنسية في لوزان، أن “ميشلين كالمي – ري ودوريس لويتهارد، تمكّـنتا من تشبيك أقصى قدر من الإتصالات على هامش الحدث، وأكّـدت الكنفدرالية أن عشرة لقاءات ثنائية عُـقِـدت مع رؤساء دول ووزراء، ولا عزاء لنيكولا ساركوزي، الذي لم يجد الوقت للحديث معهما على انفراد”.

العنصُـر الثاني الذي لفت انتباه المعلِّـقين، كان غياب النتائج الملموسة للقمة. ومن بين الصحف التي اهتمّـت بالمسألة، استخدمت “لوتون”، الصادرة باللغة الفرنسية في جنيف، نبرة صارمة جدا، حيث وصفت المنظمة الدولية للفرنكفونية بـ “آلة لإطلاق الوعـود”.

وأضافت الصحيفة “منذ عشرة أعوام، ورؤساء الدول الفرنكفونية يُـضاعفون التعهّـدات كل عامين، ولا يتوقفون عن توسيع مجال طموحاتهم المُـعلنة، والقائمة طويلة.. الديمقراطية وحقوق الإنسان واستقلالية السلطات القضائية الوطنية أو وسائل الإعلام وتسوية الأزمات ومكافحة أشكال التمييز والدفاع عن النساء وتعزيز دورهن.. إنها تحديات وآمال لا مجال لرفضها أو انتقادها في المُـطلق، لكن المفارقة مع الواقع القائم، تتفاقم يوما بعد يوم”.

صحيفة “تاغس أنتسايغر”، الصادرة في زيورخ بالألمانية، شاطرت “لوتون” الروماندية في التحليل وكتبت تقول في تعليقها، الذي عنونته “كثير من الكلمات المُـنمّـقة”: “إذا نظرنا إلى البُـعد السياسي، فإن نتيجة القمة ضئيلة. ففي (إعلان مونترو)، أكد رؤساء الدول والحكومات مجددا نفس النوايا، التي سبق أن أطلقوها هُـم أو ممثلوهم في سبتمبر الماضي في نيويورك بخصوص أهداف الألفية التنموية”..

كانت القمة التي انعقدت في منتجع مونترو، غرب سويسرا من 22 إلى 24 أكتوبر 2010، مناسبة جمَـعت ممثلين من 70 بلدا، تتشكّـل منها المنظمة الدولية للفرنكفونية، منهم 40 رئيس دولة وحكومة.

اختارت سويسرا أن يكون المِـحور الرئيس للقمة “تحديات ورؤىً مستقبلية للفرنكفونية“، وقد تمّ تقسيمه إلى 3 موضوعات، وهي:
• الحوكمة العالمية والديمقراطية والحريات والحقوق الإنسانية.
• التنمية المُـستدامة: الأمن الغذائي والمناخ.
• اللغة الفرنسية بين التنوّع الثقافي والتجديد.

تضم المنظمة الدولية للفرنكفونية في صفوفها 7 دول عربية وهي: تونس والمغرب ولبنان ومصر وموريتانيا وجيبوتي وجزر القمر.

وفي قمة مونترو، تم قبول دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة مراقب.

يوم السبت 23 أكتوبر، أعيد انتخاب السنغالي عبدو ضيوف (75 عاما)، الذي يشغل منصب الأمين العام للفرنكفونية منذ ثمانية أعوام، لفترة أخرى في منصبه.

وكانت الكاتبة الفرنسية الكمرونية كاليكست بببيالا، قد أعلنت عن رغبتها في خلافة عبدو ضيوف، لكن ترشُّـحها لم يُـعتمَـد، لأنها لم تحصُـل على دعم أي بلد.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية