مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كاديما تتراجع والليكود يتقدم.. ومواجهة حامية في الأفق بين ليفني ونتنياهو

غطت صور تسيبي ليفني، زعيمة حزب كاديما شوارع إسرائيل استعداد لانطلاق الحملة الإنتخابية المقبلة. Keystone

حسب الأجواء السائدة حاليا في الدولة العبرية، يُتوقع أن تبدو الخارطة السياسية الاسرائيلية بعد الانتخابات القادمة مختلفة بشكل جوهري عما هي عليه الآن.

ووفق استطلاعات نشرت موفى الأسبوع الماضي في إسرائيل، سيحصل الليكود على ما بين 32 و34 عضو في الكنيست أما كاديما فستتراوح حصيلته ما بين 26 و28 مقعدا، في حين لن يزيد حزب العمل عن 8 إلى 10 أعضاء. أما زعيم الليكود بنيامين نتنياهو، فسيكون – وفقا لنفس الإستطلاعات – رئيس الحكومة القادم في إسرائيل في أعقاب الانتخابات القادمة.

المحللون السياسيون في إسرائيل شددوا على أن الاستطلاعات تعكس بالأساس الأجواء وسط المستطلعين لحظة إجراء الاستطلاع، وليس بالضرورة نتائج الانتخابات الحقيقية، ولكن على ما يبدو، بدأ نتنياهو في حصاد نتائج فشل كاديما خلال السنوات الأخيرة وتحديدا إخفاق رئيس حكومة في حرب لبنان الثانية.

نتنياهو يُرتب أوراقه

الأزمة الاقتصادية بدأت تخدم هي أيضا رئيس المعارضة في إسرائيل على الرغم من أن صورته داخل المجتمع الإسرائيلي اقترنت إلى وقت قريب بالإتهامات الموجهة إليه بالمسؤولية عن تدهور الأوضاع الاقتصادية للطبقات الضعيفة من خلال الإصلاحات الاقتصادية التي مرّرها خلال فترة توليه لوزارة المالية في اسرائيل في عهد اريئيل شارون. واليوم يحاول نتنياهو تقديم نفسه في ظل الأزمة المالية الدولية في صورة المنقذ للاقتصاد الاسرائيلي من خلال تلك الاصلاحات والتصريح بأن الازمة لم تضرب بعدُ الاقتصاد الاسرائيلي بقوة بسبب الخطوات “الذكية” التي قام بها في تلك الفترة .

نتنياهو استطاع خلال الاسابيع الماضية تعزيز صفوف حزبه من خلال اعادة د. بيني بيغن ابن الزعيم التاريخي للحزب مناحيم بيغين وأحد أبرز الوجوه اليمينية السابقة في الحزب والذي ترك الليكود احتجاجا على اتفاق الخليل الذي وقّعه بنيامين نتنياهو. ويعود بيني بيغن رافعا لشعارات النظافة السياسية والتشبت بالمبادئ التاريخية للحزب، وحاملا معه أصوات الجمهور التقليدي للحزب.

نتنياهو أعاد ايضا دان مريدور الذي يعكس صورة نظيفة للسياسيين في اسرائيل. فعلى إثر التحقيقات الجنائية المتواصلة مع ايهود اولمرت (وقبله ارئيل شارون ومجموعة كبيرة من الساسة الإسرائيليين)، فقد الجمهور ثقته برجال السياسة وباتت “نظافة اليد” أحد العوامل الأساسية في معركة الانتخابات القادمة، وهي سلعة نادرة بدت تسيبي ليفني خلال الاشهر الماضية كمن يحتكرها وعلى ما يبدو فإنها ستبني حملتها الانتخابية عليها أيضا.

نتنياهو استطاع أيضا استقدام وجوه جديدة للحزب، كقائد هيئة الاركان الاسرائيلية السابق الجنرال بوغي يعلون. ومن المفترض أن يُحقق الفريق المرافق لرئيس حزب الليكود نجاحا انتخابيا للحركة من خلال عرض الملف الأمني والاقتصادي والتشديد على “السياسة النظيفة” خلال المعركة الانتخابية بما يعني الاستجابة لطموحات الناخب المتوسط المتواجد عادة في منطقة تتراوح بين اليمين المعتدل والوسط في إسرائيل .

ليفني.. خصم أساسي لنتنياهو

تسيبي ليفني لم تبدأ حملتها الانتخابية بشكل جدي حتى اللحظة فيما حملت لافتات انتشرت في شوارع البلاد صورة لوجه وزيرة الخارجية مرفوقة بجملة تقول “ليفني الأفضل لإسرائيل”.

لكن وزيرة الخارجية الحالية قد تُعاقب من طرف الناخبين على خسارة حزبها للحرب في لبنان وعلى الفساد، وربما أيضا على تبعات الأزمة المالية العالمية وارتداداتها على الاقتصاد الإسرائيلي. على الرغم من إجماع كل من يتابع المعركة الانتخابية على أن الموضوع ليس محسوما بعد لصالح نتنياهو واليمين وان حظوظ ليفني لرئاسة الحكومة بعد انتخابات 10 فبراير 2009 ما زالت قوية.

ليفني ما زالت الند الاساسي لنتنياهو خصوصا بعد تدهور شعبية حزب العمل الاسرائيلي برئاسة ايهود براك، الذي تتهمه الاصوات داخل الحزب بالمسؤولية الأساسية عن الوضع الذي آل إليه الحزب وتدهوره خصوصا في ظل التراجع المسجل في شعبيته.

ويبدو أن هروب مصوتيه سيتفاقم في ظل الحديث عن إنشاء حزب يساري جديد يعتمد على بنية حزب ميرتس، يطمح لوراثة مكانة حزب العمل التاريخية من خلال عرض أجندة سياسية يسارية تستقطب مصوتي اليسار العلمانيين في اسرائيل.

كتلة اليمين وكتلة اليسار

حصول حزب اولمرت او حزب ليفني على اكبر عدد من اعضاء في الكنيست الجديدة قد لايعني الكثير، حيث أن المعطى الأهم يتمثل في حجم الأصوات مجتمعة التي ستحصل عليه كتلة اليمين وكتلة اليسار في الإنتخابات الإسرائيلية.

حصول كاديما على المزيد من الأعضاء في الكنيست القادمة مع تحطم حزب العمل وقوى اليسار تعني ان كاديما لن تستطيع تشكيل الحكومة بمفردها. الاستطلاعات أظهرت حتى الأسبوع الماضي نوعا من التعادل بين الكتلتين. وفيما كشفت نفس الاستطلاعات أن كاديما باتت تستقطب عددا أكبر من المصوتين التقليديين لحزب العمل، إلا أنها أبانت في الوقت نفسه عن فقدانها لجزء من ناخبيها لفائدة الليكود، وباتت تشكل “الجسر” الذي يتنقل عليه المصوتون المتأرجحون بين الكتلتين.

ومن هنا فإن التحدي الأساسي لكاديما أصبح يتمثل في الحفاظ على ناخبيها من جهة واستقطاب الجمهور المتردد بين التصويت لكاديما وبين التصويت لليكود، لذلك فإن مسؤولية خرق التوازن بين كتلة اليمين وكتلة اليسار هو الذي سيحسم هوية من سيكون رئيس الحكومة القادم في اسرائيل.

حنان كريستال أبرز المحللين الساسيين في اسرائيل قال لسويس نفو: “إن اليمين الاسرائيلي يتمتع بأغلبية بنيوية بين الجمهور الاسرائيلي منذ الانقلاب السياسي في انتخابات 1977 حين وصل الليكود للمرة الأولى لرئاسة الحكومة في اسرئيل” وأضاف قائلا: “اليسار في اسرائيل استطاع بعدها الوصول لرئاسة الحكومة مرتين عام 1992 و1999 مرة برئاسة اسحق رابين ومرة برئاسة ايهود براك. وفي كلتا الحالتين دار الحديث عن جنرالات ذوي ماض عسكري وأمني وتوجه سياسي قريب من اليمن (وهي) توليفة استطاعت سحب جزء من مُصوتي اليمين وإيصال اليسار للحكم”.

اليمين الإسرائيلي المتطرف حاول قبل أسابيع اغتيال البروفيسور شترنهل، الاستاذ في الجامعة العبرية في القدس وأحد مؤسسي حركة “السلام الآن”، وقبلها ضرب بعض القرى الفلسطينية بالقرب من نابلس بقاذفات صاروخية واعتدى بالضرب على جنود إسرائيليين وقام بمهاجمة الفلسطينيين المتجهين لقطاف الزيتون وأقدم على بناء بُـؤر استيطانية جديدة وهو يهدد بإطلاق ما يشبه الحرب الأهلية في حالة التوصل لاتفاق سياسي مع الفلسطينيين أو في صورة اتخاذ قرار بإخلاء المستوطنات (في الضفة الغربية). فأرض اسرائيل “هي أرض الميعاد التي وهبها الله لبني اسرائيل، وهي غير قابلة للتداول بأي مصطلحات سياسية دنيوية ولا يمكن تقسيمها”، على حد تعبيرهم.

ومن المحتمل جدا أن أي رئيس حكومة قادم في اسرائيل ربما لن يكون قادرا على تطبيق حل قائم على مبدإ الفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإخلاء مستوطنات في الضفة الغربية في ظل وجود مجموعات يمينية كهذه تحظى بدعم سياسي في الكنيست وبدعم شعبي في الشارع الإسرائيلي.

الفلسطينيون في إسرائيل

في سياق متصل، تفيد الاستطلاعات الأخيرة بأن الأحزاب العربية ستزيد من قوتها في الكنيست القائمة من 10 إلى 11 عضوا. وتُنهي الأحزاب الرئيسية (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والتجمع الوطني الديمقراطي والقائمة العربية الموحدة) هذه الأيام معركتها الانتخابية للسلطات المحلية. ومع أن النتائج بدت جيدة والاستطلاعات للكنيست بدت مُبشّرة، إلا أن سقف المشاركة السياسية للفلسطينيين في الداخل تظل محدودة في الكنيست.

فالأحزاب العربية أقصيت تاريخيا من المشاركة في أية حكومة في إسرائيل وليس هناك علامات تفيد بأنها ستكون جزءا من أي ائتلاف قادم، لذلك فإن إنجازها الأكبر قد يتمثل في الحيلولة دون وصول نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية القادمة باعتبارها جزءا من كتلة اليسار في الكنيست، إلا أن هذا قد يعني إجبار زعيم الليكود على الدخول في حكومة وحدة وطنية برئاسة ليفني أكثر مما سيدفع إلى رفع مستوى المشاركة السياسية والتأثير (مهما كان محدودا وضئيلا) على مراكز اتخاذ القرار في إسرائيل.

قاسم الخطيب – القدس

القدس (رويترز) – كشفت استطلاعات للرأي نشرت يوم الخميس 20 نوفمبر، قبل نحو ثلاثة اشهر من الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية، تقدم حزب ليكود بزعامة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل الاسبق، على حزب كديما الوسطي الحاكم.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت في عنوانها “بيبي متقدم”، مستخدمة اسم الشهرة لنتنياهو. واعطى استطلاع ليديعوت/داحاف الليكود 32 مقعدا في البرلمان الاسرائيلي (الكنيست)، المكون من 120 مقعدا وحزب كديما الذي تتزعمه وزيرة الخارجية تسيبي ليفني 26 مقعدا.

وتوقع استطلاع نشر في صحيفة هاراتس فوز الليكود بما يصل الى 34 مقعدا مقابل 28 لكديما في الانتخابات التي تجري في العاشر من فبراير القادم، بعد ان اضطر ايهود أولمرت، رئيس الوزراء للاستقالة بسبب فضيحة فساد وفشلت ليفني في تشكيل حكومة ائتلافية.

وكانت استطلاعات الرأي التي نشرت الشهر الماضي، أظهرت سير الليكود وكديما كتفا بكتف. وكان حزب كديما قد حصل على 29 مقعدا في الانتخابات التي جرت عام 2006 مقابل 12 لليكود.

وأرجعت التعليقات المصاحبة لاستطلاعات الرأي، تقدم الليكود الى ضمه مؤخرا لعدد من الشخصيات التي تلقى احتراما كبيرا في اسرائيل، منها ابن رئيس الوزراء الاسبق مناحيم بيغن ورئيس اركان متقاعد للقوات المسلحة.

كما تحدث نتنياهو كثيرا عن رؤيته المستقلبية لمحادثات السلام مع الفلسطينيين قائلا، انه سيركز على سبل بناء اقتصادهم، لا على القضايا المتعلقة بالارض.

وأظهرت استطلاعات الرأي الاخيرة استمرار تراجع فرص حزب العمل، الذي يقوده وزير الدفاع ايهود باراك.

وتوقعت استطلاعات الرأي ان يشغل حزب العمل، الذي قاد من قبل الكثير من الحكومات الائتلافية، ما يتراوح بين 8 و11 مقعدا وكان قد شغل في الانتخابات السابقة 19 مقعدا.

وشمل الاستطلاع نحو 500 شخص ويصل هامش الخطأ فيه إلى نحو 4.5%.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 20 نوفمبر 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية