مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كاسبار فيليغر يغادر الحكومة الفدرالية

الوزير كاسبار فيليغر وهو يعلن رسميا عن استقالته من منصبه أمام وسائل الإعلام في برن يوم الثلاثاء 16 سبتمبر 2003 Keystone

أعلن رسميا في برن أن وزير المالية كاسبار فيليغر الذي يبلغ 62 عاما من العمر سيغادر الحكومة الفدرالية في موفى العام الجاري.

وكان فيليغر وهو من الحزب الراديكالي قد انضم إلى الحكومة في عام 1989 وتقلد حقيبتي الدفاع ثم المالية منذ عام 1995.

صبيحة الثلاثاء وفي مفتتح جلسات البرلمان في برن أعلن السيدان إيف كريستن وجان ريتو بلاتنر رئيسا مجلسي النواب والشيوخ تلقيهما مساء الإثنين لرسالة من السيد كاسبار فيليغر يعلمهما فيها باستقالته من الحكومة الفدرالية.

وذكّـر وزير المالية في رسالته أنه أعلن قبل سنة من الآن عن اعتزامه الإستقالة من الحكومة الفدرالية في موفى الفترة التشريعية(التي تنتهي بعد ثلاثة أسابيع).

وقال في نص الرسالة التي حررها بالألمانية “لقد حظيت بشرف تقلد منصب قيادي في خدمة وطننا وشعبنا طيلة عدة أعوام، لقد مثل وجودي في خدمة المجموعة الكثير بالنسبة لي”. كما شكر البرلمانيين على الثقة التي منحوها إياه.

استقامة ونزاهة

ويمكن القول بدون مبالغة أن الصورة التي ستظل راسخة في الأذهان عن الوزير الذي انضم إلى الحكومة السويسرية قبل 15حوالي عاما تتلخص في كلمتين: الإستقامة والنزاهة.

فمن خلال أسلوب هادئ ومتحفظ وحرصه على اتخاذ قرارات توافقية، تمكن فيليغر الذي كان رجل أعمال ناجح في مجالي صنع الدراجات الهوائية والسيجار من الإحتفاظ بشعبية مرتفعة في استطلاعات الرأي العام الدورية.

ومن المتوقع أيضا أن يظل اسمه مقترنا بأدائه الصارم والحكيم على رأس وزارة المالية إلا أنه – وعلى الرغم من كل ما بذل من جهد – فانه سيترك وراءه عجزا هائلا في المالية الفدرالية يفوق ما خلّفه سلفه الإشتراكي أوتو شتيخ بكثير.

فخلال فترة إشرافه على وزارة المالية السويسرية – وباستثناء فترات محدودة جدا– ارتفعت مديونية الكنفدرالية بحوالي 35 مليار فرنك لتصل إلى 122 مليار في موفى عام 2002.

وعلى الرغم من أن كاسبار فيليغر دافع باستمرار عن سجله بالتأكيد على أن هذا التدهور الذي عرفته التوازنات المالية للكنفدرالية نجم عن تغييرات في كيفية مسك الحسابات العامة بالأساس، إلا أن هذا لم يحُـل دون اعترافه بأن عجز الميزانية المرتقب لعام 2004 يقدر بأكثر من 3 مليارات ونصف المليار من الفرنكات!

ويرى عدد من المراقبين في برن أن قرار فيليغر مغادرة الحلبة السياسية في موفى هذه السنة جاء في وقت غير ملائم، إذ لو أنه استقال في موفى عام 2000 مثلا لتمكن من الإفتخار بأنه حقق فائضا استثنائيا في الموارد المالية بقيمة 4،5 مليار فرنك!

انتصار .. وخيبات

في المقابل، يحق لكاسبار فيليغر أن يفخر بنجاحه الباهر في إنقاذ السر المصرفي في سويسرا. فعلى الرغم من كل الضغوط الدولية والإقليمية التي مُورست على الكنفدرالية في الفترة التي تقلد فيها مسؤولية المالية إلا أنه لم يتزحزح عن موقفه قيد أنملة.

ويمكن القول بدون تردد أن أجمل مكافأة له تمثلت في الإتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه في شهر يونيو الماضي بين سويسرا والإتحاد الأوروبي فيما يتعلق بملف جباية المدخرات وهو اتفاق يحمي السرية المصرفية بشكل تام.

وقد واجه كاسبار فيليغر العديد من الأزمات خلال تقلده لمنصب وزير المالية في الحكومة الفدرالية السويسرية. ففي عام 2001 تعرض إلى وابل من الإنتقادات بسبب أسلوبه في إدارة ملف مكافحة تبييض الأموال المتأتية من مصادر غير مشروعة.

وفي نفس السنة، واجه كارثة انهيار شركة الطيران سويس اير بشيء من التردد حيث رفض في البداية ضخ أموال عمومية لإنقاذ مؤسسة خاصة لكنه عاد ووافق على تقديم الأموال الضرورية لإخراجها من الأزمة التي تردت فيها. ومع هذا تحولت الشركة (التي أصبح آسمها سويس) إلى صداع دائم للمالية الفدرالية.

أما في عام 2002 فقد عارض الناخبون الحل الوسط الذي توصل إليه فيليغير بعد مفاوضات مضنية مع كل الأطراف لكيفية استعمال الأموال المتأتية عن بيع فائض كميات الذهب في البنك المركزي وإنشاء مؤسسة سويسرية للتضامن.

رئاستان وحدثان

وخلال العامين اللذين تقلد فيهما رئاسة الكنفدرالية شهد كاسبار فيليغر حدثين بارزين. ففي عام 2002 ألقى خطاب قبول سويسرا عضوا كاملا في منظمة الأمم المتحدة أمام الجمعية العامة المنعقدة في نيويورك.

أما في عام 1995 – أي عند تقلده لمنصب رئيس الكنفدرالية للمرة الأولى – فقد تميز أداؤه بتقديمه آعتذارا علنيا لليهود عن سياسة سويسرا في مجال اللجوء أثناء فترة الحرب العالمية الثانية.

يُشار أخيرا إلى أن الرجل الذي انتُخب في ربيع عام 1989 لخلافة الوزيرة إليزابيث كوب سيُـكـرّم من طرف البرلمان الفدرالي في العاشر من شهر ديسمبر المقبل قُبيل انتخاب خلفه المرتقب.

سويس إنفو

كاسبار فيليغر متزوج وأب لولدين. أدار رفقة أحد أشقائه لسنين طويلة مؤسسة العائلة التخصصة في صناعة الدراجات والسيجار الرفيع.

بعد آنتخابه من طرف البرلمان عضوا في الحكومة الفدرالية في عام 1989 غادر الشركة العائلية من أجل التفرغ للعمل الحكومي.

تقلد في البداية حقيبة الدفاع ثم استلم منذ عام 1995 وزارة المالية

شغل منصب رئيس الكنفدرالية مرتين خلال الأربعة عشر عاما الماضية. في عام 1995 وفي عام 2002

ينحدر السيد فيليغر من ريف كانتون لوتسيرن (وسط) وهو متحصل على شهادة مهندس في الميكانيك

تابع المسيرة التقليدية للساسة السويسريين التي تشمل المجال العسكري (وصل إلى مرتبة قائد كتيبة) والسياسة المحلية (انتخب في البرلمان المحلي لكانتون لوتسيرن في عام 1972) ثم الوطنية(انتخب عضوا في مجلس النواب في عام 1982 ثم عضوا في مجلس الشيوخ في عام 1987) قبل أن يُنتخب من طرف البرلمان وزيرا في الحكومة الفدرالية.

بعد 14 عاما من العمل الحكومي أعلن كاسبار فيليغر (62 عاما) يوم 15 سبتمبر عن قراره الإستقالته من منصبه في موفى عام 2003.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية