مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استعادة أموال بن علي المودعة في سويسرا “يتطلب بعض الوقت”

الرئيسة السويسرية ميشلين كالمي- ري برفقة المولدي كافي وزير الخارجية التونسي يوم الإثنيْن 2 مايو 2011 في تونس. Keystone

تطرقت وزيرة الخارجية السويسرية خلال ندوة صحفية عقدتها بتونس إلى سياسة بلادها في منطقتيْ شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وإلى قضيّتيْ استعادة أموال بن علي، والمهاجرين التونسيين غير الشرعيين في أوروبا.

نظمت هذه الندوة على هامش المؤتمر الإقليمي الذي عقده سفراء سويسرا في البلدان العربية في الفترة المتراوحة بين 1 و3 مايو 2011، بهدف وضع إستراتيجية لدعم الإنتقال الديمقراطي في هذه البلدان.

 و”كم من الوقت تعتقدين سوف تستغرق عملية استعادة أموال أسرة بن علي إلى تونس؟”، تساءل صحفي تونسي خلال لقاء الرئيسة السويسرية مع ممثلي وسائل الإعلام، والذي عقد بنزل موفامبيك في إحدى ضواحي تونس.

لم يتضمّن جواب وزيرة الخارجية السويسرية تاريخا دقيقا لكنها قالت: “سوف نحترم القواعد المعمول بها في بلادنا التي هي دولة قانون”. ويتعلق الأمر هنا بستين مليون فرنك (90 مليون دينار تونسي) مجمّدة في البنوك السويسرية، (قدرت هذه الودائع في البداية ب 555 مليون فرنك سويسري). ويجب على الحكومة التونسية الإسراع في تقديم المساعدة القانونية إلى سويسرا لتحديد طبيعة مصدر هذه الأموال. وستكون الكلمة الأخيرة في هذه القضية إلى القضاء السويسري.

وتضيف ميشلين كالمي: “إن الأمر ليس بالبساطة التي تتصوّرون. لا يتعلق الأمر فقط بحسابات مصرفية بإسم السيد بن علي، أو بإسم زوجته. هذه الأموال مودعة في مؤسسات مالية متشابكة”. وبحسب التجارب السابقة، استغرقت معالجة الحالات المشابهة، وفي أقل تقدير، أربع سنوات.

وتشير كالمي –ري إلى أن مبلغ الستين مليون فرنك الذي يتم تداوله، أقلّ بكثير مما كان يتوقعه البعض. ومقارنة بودائع القذافي (حوالي 360 مليون فرنك)، وودائع حسني مبارك (حوالي 400 مليون)، فإن ودائع أسرة بن علي أقلّ من ذلك بكثير.

وقالت كالمي –ري متوجهة بكلامها إلى وسائل الإعلام: “تعتمد سويسرا من ناحية، قواعد متشددة جدا في مجال تبييض الأموال، ومن ناحية أخرى، وكما هو معلوم، لم تكن لدينا علاقات جيّدة بنظام بن علي”. وذكّرت في هذا الشأن بما حدث في عام 2005، وتحديدا خلال قمة مجتمع المعلومات بتونس، حينما أغضب الرئيس السويسري آنذاك سامويل شميد نظيره التونسي، حينما دعا تونس إلى احترام حرية التعبير”.

اتفاقيات شنغن

كذلك تطرقت الوزيرة خلال المؤتمر الصحفي إلى الموقف السويسري من اللاجئين القادمين من شمال إفريقيا. وهنا لا يحتمل الأمر غموضا بالنسبة لكالمي – ري: “لسنا بصدد لاجئين بالمعنى الدقيق للكلمة، بل هم أشخاص جاؤوا إلى سويسرا يبحثون عن فرص للعمل”.

وذكّرت المسؤولة السويسرية أن بلادها وقعت اتفاقيات شنغن، وسوف تلتزم بها في المستقبل. وأما بالنسبة للمساعدات الإنسانية، فقد ساعدت سويسرا المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا، وهي تخصص أموالا للمنظمات الدولية، “لكن خطتنا الرئيسية تتمثّل في تقديم العون لهؤلاء في بلدانهم الأصلية”.

وتنوي سويسرا، بالتعاون مع الحكومة التونسية المؤقتة، فتح مكتب في تونس. وهي تدعم عملية الانتقال الديمقراطي في كل من تونس ومصر، وتضع في هذا الإطار خبرتها تحت تصرفهما. ويتركّز الأمر على وجه الخصوص، في إقامة مؤسسات ديمقراطية من أجل الحد من الفساد، وتعزيز التنمية الاقتصادية.  

وذكّرت وزيرة الخارجية بأن “الشركات السويسرية توظّف حاليا 14.000 موظفا في تونس”. مع الإشارة إلى أن يوهان شنايدر- أمّان، وزير الإقتصاد السويسري سوف يزور تونس خلال النصف الثاني من هذا العام للإطلاع على الفرص الجديدة للإستثمار في البلاد.

من ناحية أخرى، لفتت كالمي –ري الأنظار إلى أن وزير الداخلية التونسي، سبق أن دعا السياح السويسريين إلى العودة إلى تونس.. وقبل اندلاع الأحداث التي شهدتها البلاد بداية هذه السنة، كان عدد السياح السويسريين الذين يزورون  تونس كل سنة يتجاوز 100.000 سائح. 

المشاركة والديمقراطية

حول الخطوط العريضة للإستراتيجية السويسرية بشان دعم الإنتقال الديمقراطي في البلدان العربية، وهو المحور الرئيسي للمؤتمر الإقليمي للسفراء السويسريين في بلدن شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لم تستطع ميشلين كالمي –ري تقديم توضيحات كافيةـ واكتفت بالتذكير: “لدينا إمكانات محدودة”، والمؤتمر الذي نحن بصدد تنظيمه يهدف بالأساس إلى تحديد الأهداف التي سوف تنصبّ عليها جهودنا في المستقبل.

وحول الوضع الذي سوف تكون عليه الهيئات والمؤسسات الجديدة في كل من تونس ومصر في علاقة بالحركات الإسلامية في المستقبل: “الإنتخابات هي التي سوف تحدد ذلك”، بحسب وزيرة الخارجية السويسرية.

وبالنسبة لأوروبا، يمثّل الإسلاميون بلا شك تهديدا. لكن تضيف الوزيرة السويسرية: “ليس الإسلاميون المطالبون بتطبيق الشريعة من نزلوا إلى الشوارع،  بل أولئك الذين ينادون بالحوار، ويدعون إلى الديمقراطية”.

يعقد المؤتمر الإقليمي للسفراء السويسريين في شمال إفريقيا والشرق الأوسط ما بين 1 و3 مايو 2011، وحضرت رئيسة الكنفدرالية أشغال اليوميْن الأوّليْن منه.

يهدف هذا المؤتمر في الأساس إلى وضع الخطط العملية لتنفيذ التوجهات التي اتخذتها الحكومة الفدرالية والهادفة إلى دعم ربيع الديمقراطية العربية، كالمساعدة في تنظيم الانتخابات، والدفاع عن حقوق الإنسان، وتحقيق النمو الاقتصادي، والتحكم في تدفق المهاجرين.

دخل القانون الفدرالي الجديد المتعلّق بإعادة الودائع غير المشروعة حيّز النفاذ في بداية شهر فبراير 2011.

هذا القانون يسمح للمحكمة الإدارية الفدرالية بمصادرة الأصول المجمدة التي تم الحصول عليها بصورة غير مشروعة إذا كانت البلدان الأصلية المعنية قد أخفقت في إجراء الملاحقات القضائية.

بموجب القانون الجديد، بات يتوجب على المُودع إثبات مشروعية كسب الأموال، وليس فقط على المدعي أن يثبت بأن الأموال قد سُرقت.

 أصبحت الحاجة إلى هذا القانون واضحة بعد عجز حكومتي هايتي، والكونغو الديمقراطية في توفير الأدلة القانونية الكافية لإستعادة أموال رئيسيْهما السابقيْن: جون كلود دوفاليي، بالنسبة للأولي، وموبوتو سيسي سيكو، بالنسبة للثانية.

وفي هذه الحالة، تُستخدم الأصول لتمويل برامج يستفيد منها سكان البلدان المعنية، لتحقيق المنفعة العامة.

(نقله من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية