مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مؤتمر جنيف: تحسيس بأزمة معلومة أم إعـداد لما هو قادم؟

المفوض السامي لشئون اللاجئين أنطونيو جوتيريس أثناء الندوة الصحفية الختامية لمؤتمر اللاجئين العراقيين في جنيف 18 أبريل 2007 Keystone

اجتماع جنيف حول الاحتياجات الإنسانية للاجئين والمرحلين العراقيين، يتجنب الخوض في المسئوليات ويكتفي بتعهدات عامة.

الحكومة العراقية تعهدت بمبلغ 25 مليون دولار في حين تمسكت الولايات المتحدة بمساهمتها في النداء العاجل ب 18 مليون دولار مع التركيز على حماية المتعاونين مع الجيش الأمريكي.

منذ أشهر والمفوضية السامية لشئون اللاجئين تعد لتنظيم مؤتمر دولي ” للتحسيس” بعمق أزمة اللاجئين والمرحلين العراقيين الذين فاق عددهم أربعة ملايين مرحل ولاجئ. وهي الأزمة التي لم تسترع الاهتمام المطلوب من قبل المفوضية والمجموعة الدولية إلا بعد تفاقم أزمة الاستقبال في كل من سوريا والأردن وتهديد السلطات السورية بإجبار اللاجئين العراقيين على العودة للعراق من أجل تجديد تراخيص إقامة لفترة مؤقتة.

وعلى عكس ما كان متوقعا عرف الاجتماع الذي حضرته وفود أكثر من ستين دولة تمثيلا في أغلبه على مستوى السفراء او اقل من ذلك مما يترك انطباعا أن الغالبية أتت لتستمع لا غير.

إجتماع تحسيسي؟

لربما لتفادي الانتقاد عن هذا التحرك المتأخر للإهتمام بأزمة اللاجئين والمرحلين العراقيين، ولاستباق نذرة الوعود المالية والإجرائية التي قد تتمخض عن هذا الإجتماع، شدد المسئولون في تدخلاتهم على أن الهدف من الاجتماع الذي شهده قصر الأمم يومي 17 و 18 ابريل هو بالدرجة الأولى “تحسيسي”.

وحتى المفوض السامي لشئون اللاجئين انطونيو جوتيريس في افتتاحه للمؤتمر اشار الى ” أن الصراع في العراق هو اليوم من أكثر الصراعات في العالم تغطية إعلامية”. ولكنه يعترف أيضا ” بان الأزمة الانسانية العراقية من اقل الأزمات التي تحظى بتسليط الأضواء، ,ان أزمة اللاجئين والمرحلين تتعاظم في الظل”.

وفي رده على سؤال لسويس إنفو عما إذا كان هذا التحرك للتحسيس بمعاناة اللاجئين والمرحلين العراقيين يأتي متأخرا نوعا ما ، رد المفوض السامي لشئون اللاجئين ” إذا كانت جوانب الأمن والعنف معروفة بما فيه الكفاية من قبل الرأي العام، فإن الجوانب الإنسانية وتفاصيل معاناة المرحلين واللاجئين غير معروفة بما فيه الكفاية، لذلك يجب جلب انتباه المجموعة الدولية وبالأخص انتباه الدول التي عليها أن تعرب عن تضامنها ليس فقط مع العراقيين بل أيضا مع الدول التي تحتضن هؤلاء العراقيين والتي تقدم مجهودا كبيرا بدون دعم من المجموعة الدولية”، في إشارة الى سوريا والأردن بالدرجة الأولى اللذان يأويان أكثر من مليوني عراقي ، ثم بلدنا مثل لبنان وتركيا ومصر.

ولكن بدون مشاركة الإعلام

إذا كان اجتماع جنيف للتعريف بأزمة اللاجئين والمرحلين العراقيين هو بالدرجة الأولى للتحسيس بعمق هذه الأزمة التي تطورت بعيدا عن اهتمام المنظمات الدولية وعن اهتمام الرأي العام، فكيف يفسر أن أبواب المؤتمر أغلقت في وجه الإعلام بعد الساعة الأولى من بداية الأشغال، وأن بعض المسئولين حاولوا إبعاد الصحفيين حتى من الكواليس؟

تصرف ترى رئيسة الوفد الأمريكي باولا دوبريانسكي نائبة وزيرة الخارجية لقضايا الديمقراطية والشئون العامة، في ردها على أحد الصحفيين ” أنه من مسئولية المنظمين” أي المفوضية السامية لشئون اللاجئين. والتي أضافت ” إذا كان السؤال عما إذا كنا نفضل اجتماعا مفتوحا للجميع، فالجواب نعم “.

لكن المفوض السامي لشئون اللاجئين في رده على هذا السؤال علل ” بأن قرار إجراء النقاش وراء ابواب مغلقة هو قرار تم بتوافق آراء الجميع من منطلق السماح لممثلي الدول بالحديث بدون أية مشاكل أو عراقيل، والتمكن من خلق الظروف الملائمة للتوصل الى إجماع عملي بشأن مسار يعتبر ضروريا في ظروف سياسية تتضارب فيها المواقف والتي تتطلب فيها الظروف الإنسانية توافقا في الآراء”. تعليل لم يكن مقنعا في نظر العديد من ممثلي وسائل الإعلام بالطبع.

التعهدات المعلنة

على الرغم من التركيز على ان الاجتماع ” تحسيسي” بالدرجة الأولى فإن نتائجه ستقيم بمدى جدية الوعود والتعهدات التي ستنجم عنه.

ولكن المفوض السامي إكتفى في ختام أشغال المؤتمر بتعداد الإلتزامات العامة من تحليل وفهم جيد للوضعية الإنسانية ، والتعبير عن القلق من الوضع الداخلي ومطالبة الحكومة العراقية وجميع الأطراف بضرورة إيجاد حل دائم قائم على أساس المصالحة الوطنية، والتعبير عن الارتياح لتعهد الحكومة العراقية بتزعم الجهات المهتمة بمشكلة اللاجئين والمرحلين وبالاخص الالتزام المالي المقدر بتخصيص 25 مليون دولار لتحسين ظروف عيش المليوني عراقي في كل من الأردن وسوريا.
كما عبر المؤتمر عن القلق تجاه أوضاع بعض الفئات من اللاجئين الموجودين في العراق مثل الفلسطينيين، ووجه دعوة للدول من أجل بذل مجهود لاستقبال اللاجئين نظرا لكون استيعابهم في الدول المضيفة مثل سوريا والأردن غير ممكن.

وناشد المؤتمر منظمة الأمم المتحدة بالإسراع في تطبيق المخطط الذي أعدته المنظمة الدولية مؤخرا لإعادة تنشيط دورها في العراق والسهر على تنسيق عمل المنظمات المختلفة هناك. وعود عامة في الحقيقة قد لا تقدم أجوبة آنية على تساؤلات وتطلعات وتخوفات اللاجئ والمرحل العراقي.

تعهد عراقي ب 25 مليون دولار

وصف المفوض السامي تعهد الحكومة العراقية بتقديم 25 مليون دولار لدعم مرافق استقبال اللاجئين العراقيين في كل مكن سوريا والأردن، وتعهدها بتولي الريادة في ملف اللاجئين والمرحلين العراقيين ، بأنه أكبر إنجاز في هذا المؤتمر.

وهو ما شدد عليه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بقوله ” أنه يعتبر خطوة أولى وأن العراق سيدعم البنية التحتية لاستقبال اللاجئين العراقيين في الدول المجاورة وبالأخص في قطاعات الصحة والتربية والتعليم”.

ولكن هذا التعهد بتخصيص 25 مليون دولار لدعم آليات استقبال اللاجئين العراقيين في كل من سوريا والأردن يرى فيه صحفي عراقي “قد يتحول الى وسيلة لتشجيع العراقيين من الداخل على اللجوء الى هذه البلدان” نتيجة لتدهور الوضع الداخلي وتحسن ظورف الاستقبال في دول الجوار. وهو ما رد عليه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بالقول” أن ما نقوم به لدعم الدول المضيفة هو لصالح مواطنينا وحبايبنا واخوتنا الذين ا ضطروا للجوء، وهو من منطلق الإحساس بمسئوليتنا كحكومة للتخفيف من معاناتهم ومن العبء الذي تتحمله الدول المضيفة”.

وعما إذا كان تلميح بعض المسئولين الأمميين الى تشبيه وضع اللاجئين العراقيين بوضع اللاجئين الفلسطينيين، وتعزيز هذا التواجد لهم في دول الجوار معناه التحضير لكي يصبح وضعا مزمنا كوضع اللاجئين الفلسطينيين، رد الوزير العراقي ” بأن ذلك لم يكن بقصد تشبيه هذه الحالة بتلك بل فقط لأنها أكبر هجرة من المنطقة منذ عام 1948″ . كما أضاف بأن هذا التواجد مؤقت.

تجنب الإشارة الى المسئولية الأمريكية

ما تم تحاشيه قدر المستطاع في هذا المؤتمر هو الإشارة الى المسئولية الأمريكية او مسئولية قوات التحالف فيما يعاني منه العراقيون اليوم كمرحلين داخليين او لاجئين في الخارج.

وحتى عند توجيه السؤال للمفوض السامي لشئون اللاجئين، اكتفى السيد جوتيريس بالإجابة “نحن منظمة إنسانية ومن صلاحياتنا معالجة المشاكل الانسانية فقط”. ولكنه أضاف ” لكن يجب الاعتراف بأن المشكلة في العراق سياسية تتطلب حلا سياسيا”.

وعما إذا كان قد طالب الحكومة الأمريكية بتعهدات عملية بوصفها المسئولة الأولى كقوة محتلة، اكتفى بالرد ” طالبنا جميع الدول بتقديم التزامات أكثر”.

اما الوفد الأمريكي فقد شرح أمام وسائل الاعلام كيفية رؤيته لمشكلة اللاجئين والمرحلين العراقيين على ” أنها تعود في معظمها الى عهد صدام حسين ، وانها تعاظمت بعد قصف المراكز الدينية في سامراء في فبراير 2006″.

ومن الالتزامات التي عددتها رئيسة الوفد الأمريكي، باولا دوبريانسكي كمجهود ستقوم به الحكومة الأمريكية للتخفيف عن اللاجئين والمرحلين الإسهام بحوالي 18 مليون في النداء العاجل للمفوضية المقدر ب 60 مليون دولار.

كما عددت تقدم إدارة الرئيس بوش بمشروع قانون للكونغرس بخصوص السماح لوزارة الخارجية في ظروف استثنائية منح تأشيرات هجرة للولايات المتحدة الأمريكية.

وهو المشروع الذي يهدف الى السماح لحوالي 15 الف مترجم يعمل مع القوات الأمريكية
في العراق وأفغانستان بالاستفادة من هذه الإجراءات.

أونروا جديدة للاجئين العراقيين ؟

المثير للانتباه في هذا المؤتمر هو التركيز الكبير على وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق المقدر عددهم بحوالي 15 ألف لاجئي عراقي والذين يتعرضون لكافة أشكال الانتهاكات بما في ذلك القتل والطرد في الوقت الذي لا ترغب أية دولة حتى العربية منها السماح لهم بدخول أراضيها.

حتى رئيسة الوفد الأمريكي شددت على “أن من بين 40 الف أجنبي لاجئ في العراق، تعتبر وضعية 15 ألف فلسطيني أكثر الأوضاع تعاسة”. والتي قالت “إننا نبحث مع المفوضية ومع دول أخرى كيفية تحسين اوضاعهم، ونناشد دول الجوار بمنح هؤلاء الفلسطينيين حق اللجوء المؤقت في الوقت الذي تبحث فيه المفوضية على حلول دائمة”.

بعض المصادر من كواليس المؤتمر اشارت الى تقدم بعض الأطراف باقتراحات تسير في اتجاه إقامة نظام لحماية اللاجئين العراقيين على غرار وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”. وفيما أكد مسؤول في مفوضية اللاجئين تقدم جهات خاصة باقتراحات في هذا الصدد، لكنه شدد على “رفض تبني المفوضية لمثل تلك الأفكار، لأننا لا نريد تكرار ما يتعرض له اللاجئون الفلسطينيون من فقدان للحماية”.

أما المفوض السامي لشئون اللاجئين الذي وجه له السؤال بصراحة في الندوة الصحفية التي عقدها في ختام المؤتمر بخصوص وجود محاولات لتوطين الفلسطينيين في كردستان العراق وتشكيل “أونروا” لتوطين اللاجئين العراقيين في الأردن وسوريا، فقد رد على ذلك بقوله “نحن لا نعتبر التوطين حلا شاملا للاجئين العراقيين، بل انه قد يطبق على الحالات والفئات الأكثر عرضة للخطر”. ونفى السيد جوتيريس “أن تكون هناك مخططات لإعادة توطين واسعة، أو أن تكون هناك صلة بين وضع اللاجئين العراقيين ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين”. أما الوزير العراقي هوشيار زيباري فقد اكتفى في رده بالقول: “إنه يوافق السيد جوتيريس الرأي 100%”.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

تقدر المفوضية عدد اللاجئين والمرحلين العراقيين بحوالي 4 مليون شخص من بينهم 1،9 مليون مرحل داخلي

اما توزيعهم حسب الدول المضيفة فكالتالي :
سوريا: 1،2 مليون – الأردن : 750 الف – مصر: 100 ألف- إيران: 54 الف- لبنان: 40 ألف- تركيا: 10آلاف- دول الخليج: 200 الف.

وفي الدول الغربية
ألمانيا: 52 الف – المملكة المتحدة: 22300- هولندا: 21 الف- السويد: 21 ألف- استراليا: 11ألف – الدنمارك: 10700 – النرويج: 8500 – الولايات المتحدة الأمريكية:6000 – سويسرا : 5000 – كندا : 4000 فنلندا: 1600 – إيطاليا : 1300 – فرنسا : 1300- المجر: 1200 – النمسا : 1200- اليونان 820 – نيوزيلاندا: 820 – أرمينا 460- رومانيا : 450 – ايرلندا: 340.

من بين التعهدات المالية التي تم التعرف عليها خلال هذا المؤتمر
الولايات المتحدة ستساهم ب 18 مليون دولار في النداء العاجل للمفوضية بخصوص اللاجئين العراقيين المقدر بحوالي 60 مليون دولار.

سويسرا قررت مضاعفة مساعداتها السنوية للاجئين العراقيين من 2 مليون فرنك الى 4 مليون فرنك.

لم تعلن الدول العربية عن أية مساهمة مالية خلال الاجتماع

في حين تقدمت سوريا بملف عن الاحتياجات قد يصل الى 200 مليون دولار للعامين القادمين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية