مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

متى تأسيس أولى الشركات لاستنساخ البشر؟

الدكتور الايطالي سيفيرينو انتينوري Keystone

فاجأ الطبيب النسائي الإيطالي سيفيرينو أنتينوري العالم خلال ندوة علمية في الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي بالإعلان عن أن سيدة تحمل منذ ثمانية أسابيع طفلا تم توليده بالاستنساخ وليس بالإخصاب الاصطناعي.

وقد أثار هذا الخبر موجة من الاستنكار في الأوساط العلمية والأخلاقية في سويسرا والخارج على حد سواء.

رفضت العيادة الطبية التي يرأسها الطبيب الإيطالي سيفيرينو أنتينوري في روما والعيادة الحليفة التي يرأسها الطبيب بانايوتيس زافوس بمدينة ليكيسنغتون بولاية كينتاكي الأمريكية، تأكيد أو نفي هذا الخبر الذي يتواجد في موقع الانترنت الخاص بالمجلة العلمية الجديدة (New Scientist) والذي أذاعته وكالة أنباء الخليج يوم الأربعاء الموافق للثالث من ابريل ـ نيسان الجاري.

فالمعروف هو أن الطبيبين المذكورين ينتميان إلى فريق دولي يضم أكثر من عشرة أطباء وعلماء متخصصين بفنون الإخصاب البشري، وأن هذا الفريق الذي يُشكل ما يوصف “بمجمّع” دولي للإخصاب البشري قد أعلن في مطلع عام ألفين وواحد، أنه ينوي استنساخ البشر في أقرب وقت ممكن.

القانون قد يمنع.. لكنه لا يردع

ويؤكد الدكتور أنتينوري البالغ من العمر ستة وخمسين عاما والذي يُعول في هذه الأبحاث تعويلا كبيرا على قرينته وعالمة البيولوجيا كاترينا فيرساتشي، أن الجنين المستنسخ قد تم في إطار الشرعية التامة وفي إطار الاحترام التام للحياة الإنسانية والأحكام المهنية.

ويؤكد ذلك على الرغم من أن القوانين الإيطالية والقوانين في العديد من البلدان الأخرى التي عالجت الأوجه الشرعية لاستنساخ البشر تمنع هذه الطريقة للإخصاب منعا باتا.

وفي سويسرا على سبيل المثال، تمنع القوانين التي تتحكم بما يوصف بالإخصاب البشري الطبيّ إجراء أي تعديل على المادة التناسلية البشرية بهدف تحقيق عملية الإخصاب عند الراغبات في الحمل مباشرة أو بمساعدة الإخصاب في الأنابيب. إضافة إلى ذلك يعكف خبراء الأمم المتحدة منذ شباط ـ فبراير على مشروع ميثاق دولي يقال إنه سيُحرّم الاستنساخ البشري.

الممنوع متبوع وأسواقه السوداء كبيرة

لكن الأوساط العلمية التي تعارض هذه الوسيلة للإخصاب البشري لسبب أو لآخر، لا تجد أية جدوى من أي وازع قانوني، ما دامت هنالك أعداد من العلماء “المنحرفين” لا تستطيع مقاومة مغريات الاستنساخ البشري ولا تتردّد في “التسويق” لهذه الفنون التقنية التناسلية، كوسيلة للإخصاب أو لتحقيق الحلم الإنساني القديم، أي الحياة الأبدية على وجه هذه البسيطة.

وعلى هذا الصعيد الأخير بالذات تتضارب آراء الأوساط العلمية حول إمكانية تحقيق التطابق التام بين المنسوخ والمُستنسخ من البشر في هذه المرحلة بالذات من التقدم في مجال التقنيات الأحيائية والتناسلية.

وتلاحظ هذه الأوساط أن الكائنات التي تم توليدها بهذه الطريقة حتى الآن لم تظهر عيوبا وشوائب طبية وصحية جوهرية وحسب، وإنما عيوبا ظاهرية أيضا لأنها لم تكن مطابقة تماما في الشكل والهيئة والمعالم، للكائنات التي قصدتها عمليات النسخ هذه.

المسألة تبدو مسألة وقت ليس أكثر

ولدى متابعة الجدل بين علماء التناسليات والإخصاب الاصطناعي في سويسرا والخارج، يخرج الإنسان بالانطباع لا محالة أن المسألة هي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل، حتى يتم إتقان فنون الاستنساخ البشري إتقانا تاما وحتى تقبل الأوساط السياسية والتشريعية أو غيرها بهذه الفنون كوسيلة من وسائل الإخصاب أو كوسيلة للاحتيال على الفناء أو الزوال المكتوب في المادة التناسلية لجميع الكائنات الحية.

وعلى الرغم من ذلك، هنالك بعض العلماء من يتمسك بالمبادئ الفلسفية والأخلاقية التي ليست في صالح استنساخ البشر على الإطلاق، ذلك لأسباب عديدة. ومن بين هذه الأسباب تأتي الإشارة غالبا لضرورة عدم المس بالحساسيات الطبيعية أي عدم التلاعب بالتوازن الطبيعي البيولوجي المرهف والمعقد للغاية.

ويستنكر البعض ما يصفه بمحاولات التخريب على الطابع الشخصي الفريد لكل إنسان من الناس، لصالح “إنتاج” البشر بالجملة دون ملامح أو مميزات ودون فوارق تميّز بينهم، لأن ذلك سيعني نهاية الشخصية ونهاية الفرد كفرد لا ثاني له إلا في حالات استثنائية نادرة.

لكن السؤال الحاسم الذي يبقى هو: ما إذا كانت هذه الاعتبارات الفلسفية والأخلاقية وغيرها ستغلب الاعتبارات الاقتصادية التي تستهدف أسواقا لا تفيض بمليارات الراغبين في الإنجاب وحسب وإنما بمليارات الحالمين في الخلود والحياة الأبدية أيضا.

جورج أنضوني/ سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية