مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

شكوى جنائية في مزاعم فساد داخل كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية

في برن، انطلقت التحقيقات في بعض الشبهات المُحيطة بطريقة إسناد عقود من طرف كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية إلى عدد من الشركات الخاصة. Keystone

تهزّ فضيحة فساد مالي وإداري قسم المعلوماتية في كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية التي تقدمت بدعوى قضائية وفتحت تحقيقا إداريا للتأكّد من صحة المزاعم بارتكاب تجاوزات في منح عقود مقابل طلبيات بطريقة مخالفة للقوانين الجاري العمل بها.

في الأسبوع المنقضي، تلقت كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية إخطارا بوجود شكوك حول عملية فساد في إدارتها. ووفقا لرودولف كريستن، الناطق الرسمي باسم وزارة الإقتصاد، فقد أمر الوزير يوهان شنايدر –أمّان مباشرة بفتح تحقيق إداري في هذا الغرض. ويوم الخميس 30 يناير 2014، جاء مقالان نشرتهما صحيفتا “تاغس أنتسايغر” و “در بوند” ليُؤكّدا الشكوك المتداولة في العاصمة الفدرالية حول حصول مخالفات قانونية في منح صفقات عمومية داخل إدارة كتابة الدولة للشؤون الاقتصادية.  

على إثر نشر المقاليْن المذكوريْن، تقدمت الجهات المسؤولة في كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية بدعوى قضائية لدى النائب العام الفدرالي، وفتحت تحقيقا إداريا داخليا. من جهتها، أكّدت ماري آفيت، الناطقة باسم كتابة الدولة أنه “لا يُمكنها استبعاد أن تكون هناك أفعال إجرامية يعاقب عليها القانون قد ارتكبت”، كما أعلنت أن الموظّف الذي تحوم حوله الشكوك “قد أوقف عن العمل في انتظار إستكمال التحقيقات”.

المخالفات القانونية المزعومة

وفقا لما نشرته صحيفتا “تاغس أنتسايغر” و”در بوند” (تصدران بالألمانية في زيورخ وبرن على التوالي)، تبين أن كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية (SECO) منحت العديد من عقود التكليف لشركات خاصة دون إجراء مناقصات عامة ما بين عامي 2009 و2011 بقيمة إجمالية قدرها 34 مليون فرنك. وفي كل مرّة، كانت قيمة العقد تتجاوز الحد الأدنى المسموح به قانونيا لمنح عقود من دون المرور بمناقصات عامة.

وطبقا لما هو معمول به منذ عام 2010، يُجبر القانون الفدرالي المؤسسات العمومية في سويسرا على الإعلان عن مناقصة عامة بشأن الخدمات المطلوبة في الحالات التي تتجاوز فيها قيمة العقد 230000 فرنك، إلا أنه اتضح، وفقا للصحيفتين دائما، أن بعض الأطراف داخل كتابة الدولة انتهكت القانون عبر إبرام 43 عقدا وطلبيات خدمات تتجاوز قيمة كل واحد منها الحد الأدنى المسموح به قانونيا ما بين عامي 2009 و2011، من دون إجراء مناقصات عامة معلنة.

وبفضل ما يُتيحه القانون الفدرالي للشفافيّة، تمكنت الصحيفتان من نشر قائمة مفصلة بهذه العقود التي أبرمت كلها بين قسم المعلوماتية في كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية وعدد من الشركات الخاصة.

قررت السلطات الضريبية في كانتون برن فتح تحقيق بشأن المجموعة الصناعية المتخصصة في صناعة الآلات المملوكة لعائلة يوهان شنايدر – أمّان، وزير الإقتصاد في الحكومة الفدرالية. ويتركّز التحقيق بالأساس حول فرع لهذه الشركة يوجد مقره في جزيرة جيرسي المتمتعة بالحكم الذاتي في ظل سلطة المملكة المتحدة.

في سياق مداخلة له ضمن البرنامج الإخباري “روندشاو” “Rundschau” الذي يبثه التلفزيون العمومي السويسري الناطق بالألمانية SRF، أكّد برونو كنوسّل، مدير إدارة الضرائب في كانتون برن، جدّية هذه الشكوك وقال: “لدينا مؤشرات على أن هناك شيئا ما لم يحدث بطريقة صحيحة وسليمة”. في الأثناء، تعتزم إدارة الضرائب في كانتون برن إعادة دراسة وثائق هذه الشركة للتأكّد ما إذا كانت كل الإجراءات قد تمت على الوجه القانوني.

 البرنامج التلفزيوني “روندشاو”، ذكر أيضا – استنادا إلى الوثائق الموجودة بالملف الضريبي – أن مجموعة أمّان الصناعية قامت ولسنوات بإيداع جزء من أصولها في كل من جزر جيرسي (أحد أهمّ الملاذات الضريبية في العالم)، واللكسمبورغ، ربمّا للتهرّب من دفع الضرائب المستحقة عليها.

في موفى عام 2008، بلغت قيمة ثروة فرع الشركة الذي يتخذ من جيرسي مقرا له حوالي 264 مليون فرنك، إلا أن هذه الأموال أعيدت في نهاية المطاف إلى سويسرا في عام 2009، أي قبل سنة من انتخاب البرلمان الفدرالي يوهان شنايدر – أمّان لعضوية الحكومة الفدرالية.

الإحتفاظ بأسماء الشركات

تتراوح قيمة هذه العقود التي تفتقر إلى الشفافية المطلوبة ما بين 230000 فرنك و4 ملايين فرنك، لكن القائمة التي نشرتها الصحيفتان لم تكشف عن أسماء الشركات المستفيدة، رغم تأكيدها أن نصف تلك العقود كان من نصيب شركة واحدة بعينها بقيمة إجمالية ناهزت 26 مليون فرنك.

من العقود التي حازت عليها هذه الشركة في عام 2009، عقد تتكفّل بموجبه بصيانة نظام المعلوماتية بقسم التأمين ضد البطالة. وفي العام الموالي مباشرة، مُنحت نفس الشركة عقدا آخر تبلغ قيمته ثلاثة ملايين من الفرنكات تحت عنوان “عقد لصيانة نظام المعلوماتية بقسم التأمين ضد البطالة”.

في معرض ردها، حاولت كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية تبرير إبرامها للعديد من هذه العقود وأكدت أنها تتعلّق بصيانة الحواسيب والنظم المعلوماتية المُعتمدة في قسم التأمين ضد البطالة، وهي طلبيات لا توجد منافسة كبيرة في مجالها، لذلك “لم تكن هناك ضرورة لإعلان مناقصات عامة بشأنها”، حسب رأيها.

في الأثناء، أكّدت كتابة الدولة أنها غيّرت بعدُ طريقة العمل. ومنذ بداية سنة 2012، باتت العقود تمر عبر مناقصات عامة مُعلنة على الملأ، حتى وإن كان من المتأكد عدم وجود منافسين في المجال. ومع الإقرار بأن الأسلوب الجديد يُضفي المزيد من الشفافية على عملها إلا أنه “مُكلفٌ أيضا” حسب تأكيداتها.

سوابق أخرى

كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية ليست الإدارة الفدرالية الوحيدة التي تتعرّض لفضيحة فساد. ففي عام 2012، أثار فشل مشروع المعلوماتية Insieme في الإدارة الفدرالية للمكلّفين بدفع الضرائب الكثير من الجدل وأسال الكثير من الحبر.

وقد تسببت تلك الفضيحة بإعفاء رئيس قسم المعلوماتية من وظيفته بعد أن أدين بسوء الإدارة والإضرار بالمصلحة العامة. وكانت تلك الفضيحة قد كلفت خزينة الفدرالية عشرات الملايين من الفرنكات. وعقب هذه الحادثة، اتخذت الحكومة الفدرالية العديد من الإجراءات لتشديد الرقابة على مشتريات الإدارات التابعة لها.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية