مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مخاوف المسلمين في سويسرا

يزيد تعداد الجالية المسلمة في سويسرا عن 300 الف شخص (الصورة: مصلون في فناء جامع جنيف يوم الجمعة 21 مارس 2003) Keystone

أعرب عدد من المسلمين في سويسرا عن خشيتهم من أن تتعرض جاليتهم التي يزيد تعدادها عن 300 ألف شخص إلى "حملة شعواء".

أطلق المسلمون ذلك النداء بعد أن كشفت أوساط حكومية في برن أن أعضاء في عدد من الحركات الإسلامية المتطرفة ينشطون بصورة سرية أو شبه سرية في الكنفدرالية.

كان المكتب الفدرالي للاجئين قد أكد يوم الثلاثاء ما ورد في تقرير نشرته جريدة لوتون (Le Temps) الصادرة في جنيف باللغة الفرنسية، والذي أشار إلى أن أعضاء في عدد من التنظيمات الإسلامية مثل الجبهة الإسلامية التونسية وحركة حماس الفلسطينية وحزب التحرير الإسلامي إضافة إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية ينشطون على الأراضي السويسرية.

وصرح متحدث باسم المكتب في حديث مع سويس إنفو بأن مكتبه يعمل بصورة مكثفة مع المكتب الفدرالي للشرطة لمراقبة الوضع.

وقال السيد دومينيك بوايا: “نحن مسؤولون عن طالبي اللجوء، وإذا اشتبهنا أن بعض الناس قد يمثلون خطرا على أمن هذه الدولة فإن علينا أن نُبلغ عن ذلك، وعندها يتم وضعهم تحت مراقبة الشرطة”.

وأردف موضحاً: “في بعض الأحيان يكون هؤلاء الأشخاص على علاقة مع جماعات إرهابية، أو قد تتصل بهم هنا في سويسرا جماعات إرهابية ويتم استخدامهم لاحقاً لتهريب السلاح”.

الشرطة .. تراقب!

كان لنشر خبر وجود هؤلاء الأفراد وعمليات مراقبة الشرطة لهم صداه القوى لدى الجالية المسلمة، التي عبرت عن مخاوفها من أن تصبح هدفاً مستباحاً للتشويه والإعتداء.

أذكى من هذه المخاوف إلقاء الشرطة السويسرية في شهر يناير من هذا العام القبض على ثمانية أجانب يُشتبه في وجود علاقة بينهم وبين الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة السعودية الرياض في شهر مايو من العام الماضي. وعلى الرغم من إفراج السلطات عن عدد منهم في الآونة الأخيرة، إلا أن التكتم الشديد الذي أحاط بالموضوع أفسح المجال لتأويلات مزعجة.

وقد أعرب السيد عبد الحفيظ الورديري المتحدث باسم المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف عن “رعبه” من أن يبدأ الناس في الربط خطأً بين الإسلام والتطرف، وقال “لقد بدأ الأمر يصبح غير محتمل. سيخلط الناس بين فئة قليلة وبين الأغلبية العظمى من المسلمين”.

وأكمل قائلا “إذا صح وجود هذه الفئة المتطرفة فإنها ستضر الأغلبية”، لكن يجب أولاً إثبات أن مثل هؤلاء الأفراد يعملون بالفعل في سويسرا.

وتقول السيد نادية كرموص رئيسة الجمعية الثقافية للنساء المسلمات في سويسرا إنها “اندهشت” عندما سمعت بوجود جماعات متطرفة نشطة في البلاد. وأردفت: “فيما يتعلق بنا لا نعتقد أن هناك تصاعداً في التطرف الإسلامي، بل هناك تصاعد في الواقع في الإسلاموفوبيا(أي موجة خوف وكراهية للإسلام)”.

يُشار إلى أن سلطات فرنسا المجاورة أطردت في الأيام الأخيرة إمامين مسلمين أعربا عن أراء وصفتها السلطات بأنها مثيرة للعنف. كما حظرت باريس ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية بدءا من شهر سبتمبر القادم.

أوضاع تحت السيطرة

بيد أن السيد بوايا الذي أنكر أن تكون السلطات السويسرية متورطة في استهداف متعمد ومنظم لمسلمي سويسرا، أقر بأن بـرن أصبحت أكثر حساسية لأي تهديدات محتملة بعد أحداث 11 سبتمبر الإرهابية.

وقال موجها حديثه إلى المسلمين المقيمين في سويسرا: “نود أن نطمئن الجالية المسلمة بأن السلطات لا تشن حملة عشواء”، ثم أردف: “الانطباع الذي يتلقاه الرأي العام هو أن هناك مشكلة حقيقية – وهذا غير صحيح. نحن نخشى من جماعة صغيرة جداً جداً في العدد، ولدينا المقدرة على السيطرة (عليهم)”.

وعلى صعيد متواز، يرفض الدكتور أحمد بناني من جامعة لوزان الحديث عن حملة شعواء تستهدف المسلمين في سويسرا. ويقول إن دولاً عربية مثل سوريا والأردن استخدمت مسألة “الحرب ضد الإرهاب” إلى أقصى درجة، و بلا أدنى احترام لحقوق الإنسان.

أما في أوروبا على حد قناعته، فأن الحالة فيها تختلف. هذا عدا أن “سويسرا دولة قانون”. فعندما يتم القبض على شخص فإن له الحق في الحصول على محاكمة وتمثيل قانوني عادلين.

رسالة .. خاطئة!

على نفس الصعيد، يعتقد البروفسور راينهارد شولتزه مدير معهد الدراسات الإسلامية والشرقية بجامعة برن أن الوضع تم تضخيمه بصورة تتعدى حجمه الفعلي.

فهو يرى أن من بين سكان سويسرا المسلمين البالغ عددهم 300 ألف شخص قد يكون هناك متطرف أو متطرفان لهما علاقة بالجماعات الإرهابية. أما أغلبية من تضعهم السلطات الأمنية تحت المراقبة فهم لا يشكلون أي خطر.

ويفسر البروفسور شولتزه ذلك بالقول: “هؤلاء الناس لا يمثلون خطراً على سويسرا لأنها ليست هدفاً لهذه الجماعات. فهم يعتبرون سويسرا مكاناً للجوء لا مكاناً للقيام بعمليات فيه”.

ذرائـع ومبررات

يتفهم البروفسور شولتزه مخاوف المسلمين من أن يتم “شيطنة” جاليتهم وتصويرها بصورة مرادفة للإرهاب. ويقول “هذا أمر مفهوم. حتى لو كان هناك شخص أو اثنان لهم صلة بمنظمات إرهابية فإنهم لا يمثلون الجالية الإسلامية ككل. أنت لا تستطيع أن تلوم الجالية بأسرها”.

أما انطباعه فهو أن “المسؤولين يبالغون في الوضع قليلاً وربما يساهمون في الانطباع بأن هناك حملة شعواء جارية. أنا أستطيع أن افهم سبب قلق الجالية المسلمة من هذا الأمر”.

وقد أيد وجهة النظر هذه السيد يورج شيرتينلايب المتحدث بإسم المجلس السويسري للاجئين (وهي منظمة غير حكومية تعمل في مجال حماية حقوق اللاجئين) الذي يقول إن السلطات على حق في اتخاذ الخطوات اللازمة عندما يكون هناك خطر واضح ومحدد. لكنه حذر من إعطاء الانطباع بأن سويسرا أصبحت مرتعاً للإرهاب الإسلامي.

ويضيف السيد شيرتينلاب: “لا يجب أن ننسى أن هناك عدداً من الدول التي تستخدم فيها السلطات ذريعة الإرهاب كي تبرر القمع”.

سويس إنفو

يقدر عدد المسلمين في سويسرا بأكثر من 300 ألف شخص معظمهم قدموا من تركيا ودول البلقان. أما المسلمون العرب فلا يتجاوز عددهم 38 ألف شخص
بعد أحداث 11 سبتمر 2001، عززت سويسرا، كغيرها من البلدان، إجراءات محاربة المتطرفين الإسلاميين
تعرفت السلطات السويسرية على حوالي ست مجموعات متطرفة لها خلايا في الكنفدرالية
تضم كل مجموعة عددا من النشطاء الذين يتراوح عددهم بين خمسة وعشرة أشخاص
يخشى بعض المسلمين في سويسرا من إطلاق السلطات لحملة شعواء ضدهم
أما سلطات الكنفدرالية والمتخصصون في الإسلام فيُقللون من شأن هذه المخاوف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية