مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مرشحون عرب لبرلمان جنيف

swissinfo.ch

تستعد دويلة جنيف لخوض انتخابات البرلمان المحلي يوم 9 أكتوبر وسط أجواء تضارب بين مؤيدي الإنفتاح وبين الذين يرون فيه خطرا على مواطن الشغل وعلى مستوى المعيشة.

الملفت هذه المرة مشاركة عدد مقدر من المرشحين من ذوي الأصول العربية أو الإسلامية في السباق الإنتخابي في ظل تعدد الدوافع واختلاف التطلعات.

وسط أجواء جدل حاد حول إيجابيات وسلبيات انفتاح سويسرا على دول أوربا، جديدها وقديمها، في إطار تطبيق الشق الثاني من الاتفاقيات الثنائية بين دول الاتحاد الأوربي وسويسرا، يستعد الناخبون في كانتون جنيف لخوض الحملة الانتخابية لتجديد أعضاء البرلمان المحلي.

والمثير للانتباه في حملة هذا العام، وجود عدد من المرشحين من أصول عربية أو شرق أوسطية على قوائم الأحزاب والتشكيلات المتنافسة. وهو ما يستحق التوقف عنده لتحديد دوافع وأسباب وحظوظ ترشيح وفوز هؤلاء المرشحين من أصول عربية وإسلامية.

13 من 376

يبلغ عدد المرشحين لخوض الانتخابات البرلمانية في دويلة جنيف 376 مرشح ومرشحة يدخلون حلبة السباق من أجل تمثيل سكان جنيف في المجلس النيابي المحلي، فيما ينحدر 13 منهم من أصول عربية أو شرق أوسطية.

حزب الخضر تصدر الترتيب من خلال تقديمه لثلاثة مرشحين (هم بلغول بنعودة، وبوزغوت بيرم، وساساميجاد بنهال)، متبوعا بكل من الحزب الإشتراكي السويسري بمرشحين (سامي كنعان، وتينل محرم)، وتحالف اليسار بمرشحتين ( سليكة فينجر، وفرجاوي نجوى)، وحزب التضامن بمرشحين ( سهيل مهنا وساهين غازي). وفي المرتبة الأخيرة نجد كلا من الحزب الراديكالي بترشيحه زاري شهرة، وحركة مواطني جنيف بترشيحها عادل بندات، والحزب الإشتراكي بدعمه للمرشح اوزدمير محمد.

دوافع متعددة

من الدوافع التي جعلت هؤلاء المرشحين ينخرطون في الحياة السياسية على مستوى جنيف هناك ما هو راجع إلى اهتمام بملفات عملية مثل الدفاع عن تحسين ظروف التعليم في القطاع العمومي بالنسبة لمرشحة تحالف اليسار السيدة نجوى فرجاوي.

هذه التونسية المقيمة في جنيف منذ عشرين عاما عبرت في حديث لسويس إنفو عن “حرصها على ضمان مستقبل أحسن لأجيال القادمة” من خلال الدفاع عن تحسين التعليم العمومي، والتخفيف من البطالة وتدعيم المكاسب الإجتماعية في مجتمع “أصبح فيه الغني يزداد غنى والفقير يزداد فقرا”، على حد تعبيرها.

أما بلغول بن عودة المنحدر من أصول جزائرية والمنخرط في قائمة حزب الخضر، فيشير إلى أنه انخرط في العمل السياسي من أجل “محاولة إقامة جسور وقنوات حوار”. ويقول بلغول بن عودة إن “الجزائر شهدت ولادته، وسويسرا سمحت له بالتفتح وبأن يصبح ما هو عليه”. ويعتبر أن المواطن من أصل مغاربي الذي اختار أن يصبح حاملا للجنسية السويسرية “قد اختار ذلك طواعية وبتمعن”، لذلك “علينا أن نسير في هذا الدرب مع الآخرين إلى النهاية”، حسب رأيه.

التزام محلي أم جسور حوار؟

وإذا كانت نجوى فرجاوي، مرشحة تحالف اليسار ترغب في التركيز على الملفات المطروحة للنقاش والتي تهم جميع أنصار حزبها مثل التعليم العمومي، ومحاربة البطالة، ومحو الفوارق الاجتماعية، فإن مرشح الخضر بلغول بن عودة يرى في التزامه السياسي فرصة لربط الجسور بين مجتمعه الحالي وبلده الأصلي الجزائر، نظرا لأن جنيف “لعبت دورا فعالا في مفاوضات إيفيان التي أدت إلى استقلال الجزائر”.

ورغم ذلك يرى بلغول بن عودة أن مرشحا من أصول مغاربية بإمكانه أيضا “أن يجلب الانتباه إلى وجود جالية من أصول مغاربية قادرة على الاندماج ومشاركة الطوائف الأخرى في جو تضامني وقادرة على تقديم مساهمة ونظرة جديدة في قضايا مثل العائلة او حول حوار الحضارات وغيره من قضايا الساعة”.

ويرى مرشح الخضر أن الخبرة والتجربة المكتسبة على مستوى برلمان جنيف المحلي قد تفيد البلدان الأصلية أيضا من خلال “محاولة التوعية بما يطبق هنا من برامج محافظة على البيئة وبرامج التنمية المستدامة”، على سبيل المثال.

أسباب الإختيار

وعن أسباب اختيار الحزب الملائم لتحقيق هذه الرغبة وهذه التطلعات تجيب نجوى فرجاوي، مرشحة تحالف اليسار أن استطلاعها لبرامج مختلف الأحزاب أوصلها إلى تحالف اليسار الذي تجد فيه “المكان المناسب للتعبير عن كل هذه التطلعات”، حسب قولها.

أما بلغول بن عودة فيرى أن حزب الخضر “ليس فقط حزبا مدافعا عن البيئة، بل مدرسة تؤمن بأن الديمقراطية يجب أن تطبق على مستوى الحي السكني والعائلة وبإدماج كل شرائح المجتمع بما في ذلك الطوائف الأجنبية” .

ومن بين الأسباب الأخرى التي جعلت بلغول بن عودة يختار الترشح على قائمة حزب الخضر تجربته الشخصية في العمل في عدة جمعيات ثقافية (آخرها جمعية “الجزائر سويسرا هارموني”)، وطموح الحزب للتعبير عن التضامن مع بلدان الجنوب من خلال التشجيع على إقامة مبادلات تجارية نزيهة وعادلة، وسعيه إلى تفادي تصدير النفايات والتكنولوجيا غير النظيفة إلى بلدان الجنوب.

وعي متزايد لدى الجالية

وإذا كانت المرشحة نجوى فرجاوي، المبتدئة في هذا الميدان السياسي، تتجنب التركيز في حملتها على الجالية المغاربية او العربية وتفضل الاهتمام بملفات تخدم كل سكان جنيف بغض النظر عن أصولهم، فإن بلغول بن عودة يراهن على لعب حلقة الوصل بين هذه الجالية والمحافل السياسية في هذا البلد.

ويرى بلغول بن عودة أن أحداث العالم المتداولة في وسائل الإعلام والتي تحتل فيها أحداث العالمين العربي والإسلامي مكانة بارزة، “تفرض اهتماما متزايدا بالجاليتين العربية والإسلامية”. وهو ما يفسر “تنامي إقبال الأحزاب السياسية في جنيف على إدماج مرشحين من أصول مغاربية أو عربية وإسلامية بين صفوفها”.

ويقول مرشح الخضر في معرض وصفه للجالية المغاربية الموجودة في جنيف وضواحيها: “إنها جالية قررت الإستقرار في جنيف ولم تعد مهاجرة”. وخير دليل على ذلك النقاش الدائر في صفوفها حول إمكانية تخصيص حيز خاص بالمسلمين في مقابر المدينة، وهو ما يعني “أن من يرغب في أن يدفن في هذا البلد معناه أنه مرتاح فيه ويشعر بأنه هو بلده”، حسب رأيه.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية