مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مزيد من الأجانب يمارسون حق التصويت

Keystone

يوم الأحد 8 فبراير الجاري، سيـُمارس 11 ألف أجنبي يقيمون في كانتون فو لأول مرة حق التصويت على المستوى البلدي.

لكن المساعي التي يبذلها هذا الكانتون من أجل إدماج الأجانب في الحياة السياسية المحلية لم تنتشر بعدُ في مختلف أنحاء سويسرا.

من أوجه الديمقراطية المباشرة التي يتمتع بها الشعب السويسري منحُ الناخبين فرصة الحسم في جُملة من المُبادرات والاستفتاءات التي تُطرح على المستويين الفدرالي والمحلي في مواعيد مختلفة على امتداد العام.

وقد حُدّد أول موعد للتصويت هذا العام يوم الأحد 8 فبراير الذي من المفترض أن يقرّر مصير ثلاث ملفات وطنية رئيسية، بالإضافة إلى سلسلة من المبادرات المتعلقة بالشؤون المحلية في عدد من الكانتونات والبلديات.

وتتصل المبادرات الوطنية الثلاث بمشروع مضاد لبادرة “أفانتي” التي تطالب بتوسيع الشبكة الطرقية لتفادي اختناق الطرق السيارة. فيما تدعو المبادرة الثانية إلى تحديد رفع أسعار التأجير وفقا لنسبة رهن عقاري تُحتسب لمدة لا تقل في المعدل عن خمسة أعوام. بينما تطالب المبادرة الثالثة بالإبقاء على المجرمين الخطرين، المتورطين في جرائم العنف والجنس، في السجون مدى الحياة.

“تغطية عجز ديمقراطي”

أما عمليات التصويت على المستوى المحلي، فتتميز في سويسرا هذا العام بشروع الأجانب المقيمين في مختلف بلديات كانتون فو في الإدلاء بأصواتهم لإبداء الرأي في الشؤون المحلية.

فبعد كانتونات نوشاتيل وجورا وغريزون وأبنزل رود-إكستريور، جاء دور كانتون فو لفتح مكاتب التصويت أمام الأجانب المقيمين فوق ترابه.

وقد أصبح حوالي 80 ألف أجنبي مقيم في فو يتمتع بحق التصويت والترشح على المستوى البلدي منذ بداية العام الجاري. وسيمارس 11 ألف منهم هذا الحق يوم الأحد 8 فبراير في عمليات الاقتراع التي تجري في 22 بلدية تابعة للكانتون مثل رونون (Renens) في ضاحية لوزان.

وتقول رئيسة بلدية رونون آن ماري دُوبْوَازيي: “بالنسبة لبلديتنا التي يقطن بها 52% من الأجانب، يغطي هذا الحق عجزا ديمقراطيا…في السابق، كانت السلطات البلدية تُنتخبُ بأقلية من الأقلية السويسرية. أما الآن فأصبح بإمكان 5000 أجنبي التأثير في سياسة بلديتنا، بالإضافة إلى أكثر من 7000 سويسري بلغوا سن التصويت”.

في مرحلة أولى، لا يُتوقعُ أن يُحدثَ هذا العدد الإضافي من الناخبين الأجانب تغييرا مثيرا في المشهد السياسي لكانتون فو. هذا ما يعتقده على الأقل ساندرو كاتاسان، رئيس المنتدى السويسري لدراسة حركات الهجرة والسكان التابع لجامعة نوشاتيل.

ويقول السيد كاتاسان: “إن الدراسات التي أنجزت في كانتون نوشاتيل (حيث حصل الأجانب على حق التصويت منذ عام 1849) تظهر أن السلوك الانتخابي للسويسريين والأجانب يتشابه”. ويضيف الباحث أن هاتين الفئتين من السكان تصوتان وفقا لمستواها الإجتماعي والثقافي.

الأجانب والأحزاب السياسية

وتوضح تجربة كانتون نوشاتيل أيضا أن نسبة المشاركة في عمليات التصويت ضعيفة أكثر في أوساط الأجانب مقارنة مع السويسريين.

لكن رغم ذلك، بدأ إدماج الأجانب في الحياة السياسية المحلية لكانتون فو- الذي يعد من أكبر الكانتونات السويسرية من ناحية الكثافة السكانية- يثير اهتمام ومتابعة التشكيلات السياسية.

وفي هذا السياق، لاحظ رئيس “منتدى إدماج المهاجرين في سويسرا” أنطونيُو داكُونْها أن “الأحزاب بدأت تقيم اتصالات مع جمعيات الأجانب، وأصبحت تهتم بمشاكلهم واحتياجاتهم”. وشدد السيد داكُونْها على أن الأجانب هم عامة أكثر فقرا من المواطنين السويسريين.

ويعتقد مدير منتدى إدماج المهاجرين أن نسبة البطالة في أوساط المليون أجنبي المقيمين في سويسرا تزيد بثلاثة أضعاف عن معدل البطالة في أوساط السويسريين. ولذلك يرى السيد داكُونها أنه لا يمكن تجاهل هذه الحقيقة الإجتماعية التي يمكن أن تغير على المدى المتوسط أو البعيد موازين القوى السياسية، خاصة إذا أخذ بعين الاعتبار أن الأجانب أصبح لهم الحق أيضا في الترشح.

من ناحيته، يُذكِّرُ السيد ساندرو كاتاسان أنه منذ بداية الثمانينات، تضاعفت في مختلف أنحاء سويسرا المبادرات الداعية إلى منح الحقوق السياسية للأجانب. لكن، يضيف الباحث، “رفض السويسريون معظم هذه المبادرات. غير أن نسبة الرفض بدأت تنخفض مع مرور السنين”.

حق التصويت لا يروق للجميع!

هذا التطور لا يثير استغراب رئيس منتدى إدماج المهاجرين في سويسرا أنطونيو داكونها الذي يقول: “إن سكان سويسرا، على غرار سكان أوروبا، أصبحوا مختلطين بشكل كبير، وبات مفهوم المواطنة يتحدد بصورة متزايدة على أساس مكان الإقامة”.

ولم يعد الحصول على جنسية البلد المضيف شرطا لازما للحصول على الحقوق السياسية على المستوى المحلي. وحسب السيد داكونها، بدأت هذه الفكرة تتعزز في الأوساط التي تهتم بسياسات إدماج الأجانب. لكنها لم تحصل بعدُ على إجماع مختلف الفاعلين السياسيين. ففي سويسرا، مازال حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد يعارض رسميا هذا التوجه.

ويعتقد إيفان بيران، النائب الجديد لحزب الشعب السويسري في البرلمان الفدرالي أن “حق التصويت والترشح يعد تتويجا لمسار اندماج الأجانب”. ويوضح أن هذا الاندماج يمر أولا عبر الحصول على الجنسية.

ويجهلُ لحد الآن ما إذا كان هذا الحزب اليميني -الذي أصبح أقوى تنظيم سياسي في سويسرا بعد انتخابات أكتوبر الماضي- سيواصل معارضة منح الأجانب المزيد من الحقوق السياسية.

رئيس المنتدى السويسري لدراسة حركات الهجرة والسكان لا يستبعد ذلك. لكنه ينوه في المقابل إلى أن التوجه العام في سويسرا يسير نحو تشديد الإجراءات إزاء المهاجرين الجدد، مع تسهيل عملية الإندماج لفائدة الأجانب المقيمين في الكنفدرالية منذ فترة طويلة.

سويس انفو

يعيش قرابة مليون ونصف المليون أجنبي في سويسرا التي يناهز إجمالي سكانها 7 مليون نسمة
75% من هؤلاء الأجانب يقيمون في سويسرا منذ أكثر من 8 سنوات أو ولدوا فيها.
تمنح 5 كانتونات سويسرية للأجانب حق ممارسة الحقوق السياسية على المستوى البلدي أو المحلي
يوم الجمعة 6 فبراير 2004، حصلت المبادرة الشعبية في كانتون نوشاتيل- الداعية إلى منح حق الترشح للأجانب على مستوى الكانتون- على التوقيعات اللازمة لتطرح في استفتاء شعبي محلي مستقبلا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية